قصة سيدنا نوح للأطفال
بعثة نوح عليه السلام
أرسل الله -سبحانه- سيّدنا نوح -عليه السّلام- إلى قومه يدعوهم إلى توحيد الله؛ لانتشار الكفر في زمانهم، وجاء في الخبر الصّحيح عن ابن عباس -رضيَ الله عنهما-: (كان بين نوحٍ وآدمَ عشرةُ قرونٍ كلُّهم على شريعةٍ من الحقِّ فاختلَفوا فبعث اللهُ النبيين مُبشِّرينَ ومُنذرِين).
وقد ذُكر أنّ أُناساً زمن سيّدنا نوح -عليه السّلام- كانوا صالحين، وهم: ودّ، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر، وقد ثبت في صحيح البخاريّ أنّهم: (أسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِن قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أوْحَى الشَّيْطَانُ إلى قَوْمِهِمْ: أنِ انْصِبُوا إلى مَجَالِسِهِمُ الَّتي كَانُوا يَجْلِسُونَ أنْصَابًا، وسَمُّوهَا بأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَلَمْ تُعْبَدْ، حتَّى إذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وتَنَسَّخَ العِلْمُ عُبِدَتْ).
أي إنّ هؤلاء الصّالحين لمّا ماتوا، وكانت وفاتهم متقاربة، قام قومهم باقتراح تجسيدهم؛ ظنّاً منهم أنّ ذلك سيجعلهم متشوّقين للعبادة، فلمّا طال بهم الزمن، وجاء الأحفاد من بعدهم، أوحى لهم الشّيطان أنّ آباءكم كانوا يأتون إلى هذه الصّور، ليطلبوا منها المطر والسقيا، ويقومون بالدّعاء بين أيديهم، فعبدوهم من دون الله -سبحانه- ومن هنا دخل الشّرك إلى قوم نوح -عليه السّلام-.
دعوة نوح عليه السلام لقومه
كان سيّدنا نوح -عليه السّلام- شديد الحرص على دعوة قومه، يدعوهم لعبادة الله -سبحانه- مستخدماً عدّة أساليب، فدعاهم باللّيل والنّهار، وبالسرّ والإجهار، جامعاً بين الجدّ والترغيب، وتبليغ الرّسالة والتحذير، وقد خلّد القرآن الكريم هذا الأمر في سورة سُمّيت باسمه.
قال -تعالى-: (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً* فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلَّا فِرَاراً* وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً)، فاستمرّ بالعمل والدّعوة -عليه السّلام- ولم يتكاسل في ذلك، فلبث فيهم ألف سنة إلّا خمسين عاماً، لم يقصّر فيها بين دعوة فرديّة وجماعيّة، متيقّنا أنّ طريق الدعوة ليس ممهداً.
تكذيب قوم نوح لدعوته
قابَل قوم نوح -عليه السّلام- دعوته بالاستهزاء، والتكذيب، والصدّ، حتى يئس من إيمانهم، واستجابتهم له، وأوحى له الله تأكيد وقوع العذاب عليهم، مرشداً له -سبحانه- بعدم الحزن والبؤس، فقد انتهى وقت الدعوة، وجاء وقت الحساب، وأمره الله ببناء سفينة؛ استعداداً لشأن الإغراق، وحتى ينجو المؤمنون، فلم يعد الدفاع عنهم نافعاً، وقد حُكم عليهم بالغرق المحتم.
بناء السفينة
يستجيب سيّدنا نوح -عليه السّلام- لأمر الله -تعالى- ببناء السفينة ، فيُلهمه بكيفية صنعها، فيمر عليه قومه يسخرون منه، ليرد عليهم بأنّ السّخرية الحقيقيّة ستكون عند رؤية العذاب والهلاك، وقد رُوي أنّ السّفينة كانت ضخمة جداً فيها عدّة أقسام، قسم للوحوش والسّباع، وقسم للأنعام والحيوانات الأخرى، والقسم الأعلى للمؤمنين من النّساء والرّجال، والزاد والغذاء.
حدوث الطوفان ونجاة المؤمنين
جعل الله لسيّدنا نوح -عليه السّلام- علامة تخبره بقرب وقوع العذاب، وهي هطول المطر من السّماء بصورة متواصلة، وتفجّر الأرض عيوناً من الماء، وبالفعل خرج من مكان النيران "التّنور" ماءً متدفّقا بقوّة، فخرج سيّدنا نوح ومن معه إلى السّفينة، مستثنياً كلّ كافر مكذّب، فركبوا فيها، مبتدئين باسم الله في جريانها وفي سيرها، فكانت تسير السفينة على الأمواج الكبيرة كأنّها جبال، وأحاطهم الماء من كل جانب.
وقد أخبر القرآن الكريم بأنّ أحد أبناء سيّدنا نوح كان ممّن غرق في الطّوفان، إذ دعاه والده نوح إلى السّفينة، لكنّه رفض وادّعى نجاته باللّجوء إلى جبل مرتفع، فاشتد الموج وحال بينهما، فغرق الابن، وحزن سيّدنا نوح لذلك، فأخبره الله أنّه ليس من أهله، بل هو من الكافرين.
الدروس المستفادة من قصة سيدنا نوح
يُستنتج من قصة سيّدنا نوح -عليه السّلام- عدد من الدروس المستفادة، منها ما يأتي:
- الدّعوة إلى الله مشروع جهاد، يحتاج إلى الصّبر والثبات.
- تنوّع أساليب الدّعوة، بحيث تكون مناسبةً لحال المدعوين.
- الهداية من الله -تعالى- ومن ثم إرادة الإنسان لذلك، فالمسلم لا يملك هداية من يحب بالإجبار.
- وعد الله حقّ لا يُخلف.
- نهاية التكذيب والعصيان وخيمة على أصحابها.