قصة سيدنا زكريا كاملة
قصة نبوته
اختار الله -تعالى- لبني إسرائيل عدداً من الأنبياء والرسل كان آخر ثلاثة منهم؛ زكريا وابنه يحيى وعيسى -عليهم السلام-، وجميعهم من آل عمران؛ ذلك لأنّ امرأة عمران أنجبت بنتين؛ إحداهما تزوجها زكريا -عليه السلام- وأنجبا يحيى -عليه السلام-، والثانية هي مريم التي أنجبت عيسى -عليه السلام-.
وقد سمى الله -تعالى- سورة آل عمران نسبة إليهم، وقال الله -تعالى- فيها عنهم: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ* ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم).
وينتسب زكريا -عليه السلام- إلى نبي الله داود -عليه السلام-، وكان يعمل سيدنا زكريا في النجارة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كانَ زَكَرِيَّاءُ نَجَّارًا).
قصة كفالته لمريم
ذكرت سورة آل عمران قصّة حمل امرأة عمران بالسّيدة مريم، فلمّا حملت نذرت نذراً شكراً لله -تعالى- على هذه النّعمة، قال الله -تعالى-: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، حيث إنّها نذرت أن تهب ما في بطنها خالصاً لخدمة الله -تعالى-، وخدمة بيت المقدس والتّعبد فيه.
ولكن المفاجأة كانت عندما ولدت، فقد كانت المولودة أنثى وليس ذكراً، فكيف لها أن توفي بالنّذر؟ فحزنت لذلك حزناً شديداً؛ لأنّ الأنثى لا تَصلح أن تكون لخدمة بيت الله لضعفها، وأن تكون بين الذّكور الذّين وهبهم أهلوهم لذلك، قال الله -تعالى-: (لَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ)، فقالت ذلك على سبيل الاعتذار والتّحسّر، وكانت هذه المولودة هي السيدة مريم -عليها السّلام-.
واقترع القوم فيمن يكفلها، فوقعت القرعة على زكريا زوج أختها الكبرى، وأخذت مريم في العبادة، والجلوس في المحراب فنشأت نشأة صالحة، يقول -تعالى-: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
قصة ولادة يحيى
ودعا زكريا -عليه السلام- أن يرزقه الله ذرية طيبة، ولقد ذكر القرآن هذه القصة في ثلاثة مواضع؛ الأول بعد دخول زكريا على مريم في محراب عبادتها ووجد عندها رزقاً، قال -تعالى-: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ).
والموضع الثاني في مطلع سورة مريم؛ إذ وصف الله حال زكريا، وتضرعه في طلب الذرية، وكيف استجاب الله له رغم استحالة الأسباب؛ إذ كبر سنه وشاب شعر رأسه، وكانت امرأته عاقراً لا تنجب، لكن الله -تعالى- قال له: (قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً).
والموضع الثالث في سورة الأنبياء، في سياق الاستجابة لأدعية الأنبياء -عليهم السلام-، حيث قال -تعالى-: (وَزَكَرِيّا إِذْ نَادَىَ رَبّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىَ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ).