قصة سيدنا زكريا
قصة سيدنا زكريا
لقد ذكر الله -تعالى- زكريا -عليه السلام- في القرآن الكريم في سياق حديثه عن الأنبياء الكرام في سورة الأنعام فقال: (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ ۖ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ).
ولقد أرسل الله -تعالى- زكريا -عليه السلام- إلى بني إسرائيل، وكان من آخر الأنبياء الذين أرسلوا إلى بني إسرائيل، وكان زكريا يعمل نجارّاً؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كانَ زَكَرِيَّاءُ نَجَّارًا).
يرجع نسب سيدنا زكريا -عليه السلام- إلى آل عمران الذين اصطفاهم الله وجعل منهم أنبياء؛ زكريا وابنه يحيى، وعيسى ابن خالة يحيى -عليهم السلام-، قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ* ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم).
قصة كفالة زكريا لمريم
تزوج زكريا -عليه السلام- من إحدى ابنتي امرأة عمران، ولم يكن لديه أولاد، وعندما علمت امرأة عمران أنّها حامل؛ نذرت ما في بطنها في سبيل الله، وخدمة بيت المقدس إن كان ولداً، ولكنها أنجبت بنتاً وهي السيدة مريم، وحزنت لذلك، ثم بدأت تبحث عن أحد ليكفلها ويرعاها، واجتمع القوم واقترعوا برمي أقلامهم في النهر؛ وفي ثلاث مرات كانت القرعة تقع على زكريا -عليه السلام-.
فكفلها وقام على رعايتها وشؤونها، وكان كلما يدخل عليها المحراب يجد عندها رزقاً؛ وقالوا أنّ هذا الرزق هو أنه كان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف، قال -تعالى-: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
فدعا ربّه لما رأى آثار قدرته في إحضار الرزق لمريم؛ وطلب منه أن يرزقه ذرية طيبة؛ قال -تعالى-: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ).
قصة استجابة الله لدعاء زكريا
لقد شاب شعر رأس سيدنا زكريا -عليه السلام- ووهن عظمه، وكبر سنه، ولم يرزقه الله بالولد، وقد خاف على بني إسرائيل من أن يتولاهم من لا يخاف الله فيهم، فدعا ربه أن يرزقه الله الولد، فاستجاب الله له وبشره بقدوم ولده يحيى -عليه السلام-، قال -تعالى-: (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا).
فاستغرب زكريا أشد الاستغراب، حيث كان كبيراً ولم تلد زوجته من قبل، فأخبره الله أن هذا الأمر هين جداً عند الله الخلاق القدير، قال -تعالى- (قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا* قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً).
وقد كان يحيى -عليه السلام- مؤكدًا على دعوة والده زكريا، وقد وصف الله نبيه يحيى بعدة أوصاف، منها: التقوى، وبر الوالدين، وعدم عصيانه لله، قال -تعالى-: (وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا* وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا).
وقد ذكر الله -تعالى- قصة طلب زكريا للذرية في سورة الأنبياء في سياق الاستجابة، فقال -تعالى-: (وَزَكَرِيّا إِذْ نَادَىَ رَبّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىَ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ).