قصة سعد بن أبي وقاص مع أمه
قصة سعد بن أبي وقاص مع أمه
كان سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- يعرف ب كثرة بره بوالدته ، وكان يُضرب فيه المثل بذلك؛ وعندما أسلم وانتشر خبر إسلامه علمت والدته بذلك، وقد كانت كافرة، فقالت له في أحد الأيام أن الدين الذي أنت عليه يأمر ب الأخلاق الحسنة وصلة الرحم، فقالت له: "لن آكل الطعام، ولن أشرب الماء حتى ترجع عن دينك، وإذا مت سوف يعيرونك بوالدتك طول الدهر".
كما قالت له: "سيقولون لك يا قاتل أمك"، وقد كانوا إذا أرادوا إطعامها قاموا بفتح فمها بالعصا؛ لأنها لا ترضى أن تأكل ولا تشرب، فلما علم بذلك الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- ذهب إلى والدته؛ وقال لها: "يا أمي كُلي أو لا تأكلي لو أن لك مائة نفس، فخرجت واحدة بعد الأخرى لن أكفر بهذا الدين؛ الذي جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم-".
ولما يئست منه أكلت وشربت؛ فأنزل الله -سبحانه وتعالى-، قال -تعالى-: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
الصحابي سعد بن أبي وقاص
هو أبو إسحاق سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-؛ وهو أحد العشرة الذين بشّرهم النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بالجنة، وكان من السابقين في دخول الإسلام، وقد شهد بدر و الحديبية ، وأمه حمنة بنت أبي سفيان بن أبي أمية، وهو أحد الذين رُشّحوا للخلافة، ولكنه ترك الخلافة والملك وذهب إلى الصحراء لرعي الأغنام، توفي في المدينة المنورة في منطقة العقيق في عام 55 هـ، ودُفن في البقيع.
القرآن الذي نزل في سعد بن أبي وقاص
أنزل الله -سبحانه وتعالى- آية من القرآن الكريم في شأنه، وهي قوله -تعالى-: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ۖ وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۚ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
قال القرطبي: نزلت هذه الآية بِسعد عندما أراد أن يهاجر من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، إذ حلفت أمه أن لا تستظل بظل شيء حتى يرجع إليها، ويرجع عن دين الإسلام؛ فلما سمع بذلك الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، قال لوالدته: "لو أن لك مائة نفس فخرجت واحدة تلو الأخرى لن أكفر بهذا الدين".
وقال البغوي: "نزلت هذه الآية والتي في سورة لقمان والأحزاب في سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما أسلم وكان من السابقين الأولين وكان باراً بأُمِّه".