قصة زيد بن حارثة
زيد بن الحارثة
زيد بن الحارثة بن شرحبيل بن عبد العزى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عبد ود بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، وهو مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد تبّناه رسول الله قبل البعثة، ولهذا التبني أطلق عليه زيد بن محمد، وأمه سعدى بنت ثعلبة.
قصة بيع زيد بن حارثة
في يوم من الأيام اصطحبت والدة زيد سعدى زيداً معها لزيارة أهلها، وأثناء هذه الزيارة تم خطف زيد بن الحارثة وبيعه في أحد الأسواق؛ وهو سوق عكاظ، وقد كان صغيراً، وتم شراؤه من قبل حكيم بن حزام، ومنحه لعمته السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، وقيل أنها اشترته من سوق عكاظ.
وبعد أن تزوجت السيدة خديجة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منحته هذا الغلام، وبعد مضي العديد من الأيام تمكن عدد من أقاربه من رؤيته والتعرف عليه في موسم الحج، وعند عودتهم من الحج ذهبوا إلى والده وأخبروه برؤيتهم له، فذهب مسرعاً لكي يسترده ويحرره، في الوقت الذي حظي به زيد بن حارثة على مكانة عالية جداً عند رسول الله، لدرجة أن كان ينادى بزيد بن محمد.
وقد علق بعض أهل العلم على صحة هذه القصة؛ وتحدثوا عن صحة إسنادها؛ فمنهم من قال أنها لا تثبت، ومنهم من قال أن قدوم قبيلته واسترداده لم يثبت.
تبني زيد بن حارثة
وعندما عاد أهل زيد للاسترداده، ذكر أن النبي قام بتخيير زيد بن الحارثة بينه وبين أهله؛ فوقع اختيار زيد على رسول الله، فغضب منه والده وقال له: "وَيْحَكَ يَا زَيْدُ، أَتَخْتَارُ الْعُبُودِيَّةَ عَلَى أَبِيكَ وَأُمِّكَ؟!"؛ فرد عليه بأنه وجد عند رسول الله معاملة حسنة لم يجدها من أحد قط، ففرح بذلك رسول الله، وتوجه إلى صخرة أمام الكعبة ووقف عليها قائلاً: "يَا مَعْشَرَ قُرَيْش، اشْهَدُوا أَنَّ هَذَا ابْنِي يَرِثُنِي وَأَرِثُه".
وعندما رأى والده وعمه التصرف الذي قام به رسول الله طابت نفسهما وعادوا من حيث أتوا، وبقي حال زيد بن حال على ما هو عليه لحين مجيء الإسلام؛ ونزول الآية الكريمة التي تقول: (ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا).
وهذه الآية أبطلت التبني وحرمته، ومنذ ذلك الوقت أصبح يدعى زيد بن الحارثة باسمه الأصلي، بالإضافة إلى إعادة نسب كل من تم تبنيه لأبيه الذي أنجبه.
قصة زواج النبي من زوجة زيد
زيد بن الحارثة من المقربين إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكان يلقب بحِبِ رسول الله؛ وقد ذكر اسمه صراحة في القرآن الكريم؛ حيث قال -تعالى-: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا)؛ وذلك لإلغاء أحكام الجاهلية في التبني، وما ينتج عنه من أحكام تتعلق بالزواج؛ فقد كان زيد بن حارثة -رضي الله عنه- متزوج من زينب بنت جحش -رضي الله عنها-.
حتى اختلفا وأراد زيد أن يطلقها؛ وشكى أمرها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فطلب منه النبي أن يتقي الله ويمسك على زوجه، ولا يطلقها، ثم أخبر الله -تعالى- نبيه في أمر زينب؛ بأن يخطبها -صلى الله عليه وسلم- حال طلقها زيد؛ فلما طلقها ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- لزيد، وطلب منه إخبارها؛ فقالت له: "مَا أنا بصانعة شيئاً حتى أؤمر رَبِّي عزَّ وجلَّ"، وقامت إلى مسجدها حتى نزل القرآن الكريم.
وتزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم- ليقضي على أحكام الجاهلية في التبني؛ والتي كانت تحرم زواج الرجل من زوجة مولاه المتبنى؛ فجاء الإسلام وأنهى هذه الأحكام؛ بزواج النبي من زينب؛ طليقة زيد بن حارثة -رضي الله عنهم جميعاً-.