قصة رحلة الإسراء والمعراج مختصرة للأطفال
قصة رحلة الإسراء والمعراج للأطفال
ما أجمل أن يحرص المُربّي عموماً -سواء كان أبا أو أما أو معلما- على تعريف الأطفال بقصة الإسراء والمعراج بطريقة تناسب أفهامهم! فذلك يغرس في قلوبهم محبة رسول الله والحرص على الاقتداء به، فقد أتت رحلة الإسراء والمعراج بعد عام الحزن؛ الذي توفي فيه أبو طالب وخديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، وعقب ذلك زيادة عدوان قريش على رسول الله.
بالإضافة لرحلة الطائف التي تمادى فيها أهل الطائف على رسول الله، وقد جعلوا صبيانهم يرمون الرسول بالحجارة حتى دميت قدماه، فأتت رحلة الإسراء والمعراج؛ بمثابة التخفيف عن رسول الله من الأوجاع، والصعاب التي واجهته منذ بدء الدعوة وخصيصًا منذ وفاة عمّه وزوجته.
قال -تعالى-: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، فقد حدثت رحلة الإسراء من مكة المكرمة، وتحديدًا من المسجد الحرام؛ حيث نزل جبريل -عليه السلام- إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحمله على دابةٍ يُطلق عليها اسم البراق ، وانطلق به إلى بيت المقدس، ورأى هنالك جميع الأنبياء وصلّى بهم جميعهم.
وبعد إتمام رحلة الإسراء، صعد جبريل -عليه السلام- برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من بيت المقدس إلى السماء، حتى وصل السماء السابعة، قال -تعالى-: (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى).
ماذا رأى النبي في رحلة المعراج
ثبت في السنة بعض ما رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تلك الليلة، فقد شاهد عدداً من الآيات الربانية في السماوات، ومنها ما يأتي:
- التقى -صلى الله عليه وسلم- بالأنبياء؛ آدم، ويوسف، وإدريس، وعيسى، ويحيى بن زكريا، وهارون، وموسى، وإبراهيم -عليهم السلام-.
- فُرضت الصلاة على المسلمين في رحلة المعراج، حيث كانت في بداية الأمر خمسين صلاة، ثم خُفّفت إلى خمس صلوات.
- سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صوت أقلام الملائكة وهي تكتب.
- رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سدرة المنتهى ؛ وهي آخر نقطة في السماء قبل الجنّة.
- رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيت المعمور؛ وهو كعبة أهل السماء.
- رأى -صلى الله عليه وسلم- نهر الكوثر في الجنّة، ورأى نعيم الجنة وما فيها من أنهار.
- رأى -صلى الله عليه وسلم- عذاب الناس الذين يستغيبون الآخرين.
ردة فعل أهل مكة من رحلة الإسراء والمعراج
صدّق المؤمنون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما حدث معه في تلك الليلة، وكذّب كفار قريش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما حدث معه، واستبعدوا أن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد سافر إلى بيت المقدس وعاد في ليلة واحدة، ففي المعتاد يحتاج السفر إلى بيت المقدس شهراً ذهابًا وشهراً إيابًا.
وبدأت قريش تسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيت المقدس لتختبره فيما ادّعاه، فحزن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينها؛ لأن وصوله إلى بيت المقدس كان ليلًا، فلم يكن قد أخذ وقته في النظر والتمعن في بيت المقدس، فلم يكن قد زاره من قبل.
وهنا أراه الله -تعالى- بيت المقدس، وأجاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن جميع أسئلتهم فيما يخص بيت المقدس وكأنه يبيّن الله المكان أمامهم من دقّة وصفه، ولما رأوا سمعوا ذلك اعترفوا بصحة إجاباته.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لقَدْ رَأَيْتُنِي في الحِجْرِ وقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عن مَسْرايَ، فَسَأَلَتْنِي عن أشْياءَ مِن بَيْتِ المَقْدِسِ لَمْ أُثْبِتْها، فَكُرِبْتُ كُرْبَةً ما كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، قالَ: فَرَفَعَهُ اللَّهُ لي أنْظُرُ إلَيْهِ، ما يَسْأَلُونِي عن شيءٍ إلَّا أنْبَأْتُهُمْ به).
تصديق الصحابي الجليل أبي بكر للنبي
بعد هذه الحادثة لُقّب الصحابي أبو بكر -رضي الله عنه- بالصدّيق؛ إذ جاءه -رضي الله عنه- بعض من الكفار، فقالوا له ما قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشأن رحلته إلى بيت المقدس في ليلة واحدة، فأجاب أبو بكر -رضي الله عنه- بتصديقه مباشرة دون أدنى تفكير.
واستنكروا عليه ذلك؛ إذ إنه أمر مستحيل، فأجاب أبو بكر بأنه قام بتصديقه -صلى الله عليه وسلم- بأمر السماء والوحي والنبوة، فَلِمَ لا يصدّقه فيما هو أقل من ذلك؛ ولهذا أُطلق عليه لقب الصدّيق.