قصة الحضارة
تعريف حول كتاب قصة الحضارة ومضمونه
كتاب قصّة الحضارة هو موسوعة تاريخيّة من تأليف الفيلسوف والمؤرّخ الأمريكي "ويل ديورانت" وزوجته "أريل ديورانت"، ويقع هذا الكتاب في أحد عشر جزءًا، يتحدّث فيه عن تاريخ الحضارات البشرية منذ بدايتها وحتى القرن التاسع عشر.
يأتي الحديث عن الحضارات في هذا الكتاب بأسلوبٍ علميٍّ موضوعيٍّ بعيد عن الذّاتيّة، فيُعَدّ هذا الكتاب المُحاولة الأكثر شُمولًا لدراسة التّاريخ البشريّ والإلمام به، فقد قضى كاتبه سنواتٍ عدّة في البحث والتقصي في سبيل الوصول إلى هذا المستوى من المعرفة، فقرأ العديد من المؤلّفات، وزار الكثير من البلدان ليتمكّن من تكوين صورة صحيحة عن الحضارات البشرية في كلّ مكان.
كانت مُجلدات الكتاب في بادئ الأمر خمسة، ثمّ امتدّت إلى سبعة مُجلدات، ثمّ إلى عددها الحاليّ في أحد عشر مُجلدًا، وقد استمرّ ديورانت في كتابته نحو أربعين عامًا، وذلك مُنذ عام 1935م إلى عام 1975م، وصدرت النسخة العربية منه في 42 مجلدًا عن دار الجيل في بيروت، وعن المُنظّمة العربيّة للتربية والثقافة والعلوم التابعة لجامعة الدول العربية.
سبب كتابة قصة الحضارة
كتب ديورانت (قصة الحضارة) وهو بمنزلة اعتراف ضمني بفضل الحضارات الشرقيّة، وتأثيرها الكبير في الحضارة اليونانيّة واللاتينيّة، اللتين يعتقد أكثر المؤرّخون أنّهما بداية الحضارة، وأنّ الإنسان خُلق مع الحضارة اليونانيّة، ويأتي الكتاب بعد إهمالٍ ملحوظٍ لكلّ الروائع الفكريّة في الفلسفة، والهندسة، والعمارة، والطب، والفنون، والعلوم لدى الحضارات الأخرى.
وكذلك فإنّه لمّا بدأ "ويل ديورانت" بتأليف كتابه رأى أنّه من التقصير بحقّ التّاريخ تقسيمه إلى أقسامٍ مُتعدّدة، فكان هناك علم التّاريخ السياسيّ، وعلم التّاريخ الاجتماعيّ، و علم تاريخ الفلسفة ، وعلم تاريخ اللغة، وغيرها، فرأى ديورانت أنّه ينبغي تأليف كتاب تاريخ شامل لجميع نواحي الحياة، يدرس تطوّر مسيرة الحضارة البشريّة مُنذ ولادتها إلى الوقت الذي انتهى به الكاتب.
مُجلّدات كتاب قصة الحضارة
كتاب قصة الحضارة بلُغته الأصلية كما وضعه ويل ديورانت جاء في 11 مجلَّدًا، ويأتي الحديث موجزًا عمَّا جاء في أهمّ مجلّداته:
- نشأة الحضارة
يتحدّث الكاتب في هذا الباب عن عوامل الحضارة وتعريفها، ويُبيّن العناصر الاقتصاديّة في الحضارة والسّياسيّة، والخُلقيّة، والعقلية ويبدأ الحديث عن الدين، وعن بدايات المدنيّة في العصور القديمة.
- الشّرق الأدنى
يتحدّث الكاتب في هذا الباب عن الحضارات الشّرقيّة القديمة، وأثرها في الحضارات الغربيّة، فيتناول السومريين ، ومصر، وبابل، وأشور، واليهود، وفارس، وخليط من الأمم الأخرى.
- الهند وجيرانها
يتحدّث الكاتب في هذا الباب عن الهند وأهمّ التفاصيل التي تتعلّق بها، ثمّ يتحدّث عن بوذا، ويتّصل الحديث عن الفترة الزمنيّة مُنذ الإسكندر إلى أورانجزيب، ويتناول حياة الناس والآلهة "فردوس"، والحياة العقليّة والأدب المُنتشر بينهم والفنّ الهنديّ أيضًا، ثمّ يختم بالمسيح منهم.
- تمهيد في حضارة بحر إيجه العصر الذهبي
يتحدّث الكاتب في هذا الباب عن كريت، وأجامِمنون، وعصر الأبطال، ثمّ نهضة بلاد اليونان في إسبرطة، وأثينا ثمّ الهجرة الكبرى، وغير ذلك ممّا يتعلّق باليونان.
- العصر الذهبي
يتحدّث الكاتب في هذا الباب عن كل من باركليز، والتجربة الديمقراطيّة، والثروة في أثينا، وأخلاق الأثينيين وآدابهم، والفنّ اليوناني في عصر باركليز، والعلوم في هذا العصر، والفلسفة، والفنّ أيضًا.
- انتشار الهلنستيّة
يتحدّث الكاتب في هذا الباب عن بلاد اليونان ومقدونيا، والثقافة في العصر الهلينستي الذي يُعَدّ ذروة النفوذ اليوناني، والهيلنيّة والشرق، وحال مصر والغرب، والكُتب والفنّ في عهد التشتت، وذروة مجد العِلم اليونانيّ، واستسلام الفلسفة.
- قيصر والمسيح أو الحضارة الرومانية الإمبراطورية
يتحدّث الكاتب في هذا الباب عن إيطاليا وتمدين الغرب، وبلاد اليونان الرومانية، واليقظة الهلنستيّة، ورومة اليهوديّة، وشباب المسيحيّة، والرُّسل، ونموّ الكنيسة، وانهيار الإمبراطوريّة، وانتصار المسيحيّة.
- عصر الإيمان
يتحدّث فيه الكاتب عن الدولة البيزنطيّة في أوج مجدها، وانتصار البرابرة، وتقدُّم المسيحيّة، وتشكُّل أوروبا وجستنيان، والحضارة البيزنطيّة.
- عصر الإيمان
يتحدّث فيه الكاتب عن الحضارة الإسلامية ومُتعلقاتها، وعن النبي محمّد-صلى الله عليه وسلم-، والقرآن الكريم، وزمن الخلفاء الراشدين، وكل ما يتعلّق بحال الأمّة الإسلاميّة.
- عصر الإيمان
يتحدّث فيه الكاتب عن الأمور المتعلقة بالحضارة اليهوديّة من معتقدات وآثار وحوادث، كما يتناول العصور المُظلمة في التاريخ.
- النهضة
يتحدّث الكاتب في هذا الباب عن عصر بتراركا وبوكاتشيو، والبابوات في أفينون، والنهضة الفلورنسيّة.
- النهضة "الصّدع"
يتحدّث الكاتب في هذا الباب عن الثورة العقليّة، والانحلال الخُلُقي، والانهيار السياسيّ، وأفول نجم البندقيّة، وعهد النهضة.
- الإصلاح الديني
يتحدّث الكاتب في هذا الباب عن الإصلاح الديني، وتوجه مارتن لوثر ، وضم الكنيسة الكاثولوكية الرومانية، وعن إنجلترا، وتشوسر، والعِصيان الكبير.
- الإصلاح الدّيني
يتحدّث الكاتب فيه عن الصّقالبة الغربيين، والمدّ العثمانيّ، وحال البرتغال، وإسبانيا.
- الإصلاح الدّيني
يتحدّث الكاتب فيه عن الثورة الدّينيّة، والإصلاح الدينيّ في ألمانيا، والثورة الاجتماعيّة، والإصلاح الدينيّ في سويسرا.
آراء نقدية عن قصة الحضارة
لقد خضع كتاب قصة الحضارة لويل ديورانت للنّقد من قِبَل بعض الباحثين المُتخصّصين في علم التاريخ، فقال بعضهم إنّ كتاب قصة الحضارة وضعه رجل غير متخصّص في التاريخ، وقالوا إنّ هدف ديورانت من هذا الكتاب هو تحفيز غير المُتخصصين في التاريخ وغير المُثقفين على الاطّلاع على التاريخ ونَيل نصيبهم من الثقافة من خلال هذا الكتاب.
بل ذهب بعض الباحثين إلى أبعد من ذلك، وقالوا إنّ الهدف الرئيس من وضع ويل ديورانت لهذا الكتاب هو أن يكتسب جمهورًا وقرَّاءً، بعد أن انتشر اسمه قَبْل ذلك عندما أصدر كتابه ( قصة الفلسفة ) قالوا إنّ كثيرًا من المؤرخين العلماء حاولوا نشر مؤلفاتهم في مجال التاريخ ولم يُفلحوا، وكان لانتشار كتاب ويل ديورانت أثرًا بالغًا في عدم انتشار تلك الكتب.
أخذ أكثر النقّاد في مجال التاريخ على ويل ديورانت في كتابه قصة الحضارة عدّة مآخذ أهمّها:
- سطحيّة البحث التاريخي؛ فكلمات ديورانت كانت أكثر إثارةً وظهورًا من حقائقه ودلائله.
- اعتماد ديورانت على مصادر تاريخيّة ثانويّة مع وجود مصادر أصليّة أهمّ من حيث دقّة المعلومات ونحوها.
- قلة الدقّة والموضوعية عند تناول بعض الأحداث التاريخية، وهي -أي الموضوعيّة- الشرط الأكبر الذي يسعى إليه الباحثون، ومن دونها تكون قيمة المؤلَّف التاريخي مُنخفضة.
- إخفاق ديورانت في مواكبة التعليم الدراسيّ المعاصر له، مع وجود الحاجة لذلك.
أهميّة كتاب قصة الحضارة
تكمُن أهميّة كتاب (قصة الحضارة) بعرضه قصة الحضارة بوصفها حركة فكريّة مُتّصلة نتيجة تبادُل الخبرات، والسعي الإنسانيّ الجمعيّ، دون التمركُز حول حضارة بعينها، أو إنكار لفضل حضارات أخرى، ولأهميّة هذا الكتاب، فقد نُشر في قائمة أفضل 100 كتاب للتعليم، والذي نُشر في صحيفة أمريكيّة عام 1929م، وكذلك أُعيد نشره في "أعظم عقول وأفكار عبر التاريخ" عام 2002م.
اقتباسات من كتاب قصة الحضارة
ممّا جاء في كتاب قصة الحضارة لويل ديورانت:
- الحضارة نظام اجتماعي يُعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافيّ.
- تتألّف الحضارة من عناصر أربعة: الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخلقية، ومُتابعة العلوم والفنون.
- قيام الحضارة مشروط بطائفة من العوامل هي التي تستحث خطاها، أو تُعوّق مَسراها، وأوّلها العوامل الجيولوجيّة، وثانيها العوامل الجغرافيّة، والعوامل الاقتصاديّة أهم من ذلك.
- إن الثقافة لترتبط بالزراعة كما ترتبط المدنية بالمدينة.