قصة أصحاب السبت في سورة البقرة
قصة أصحاب السبت
تكرر عرض هذه القصة في مواضع كثيرة في القرآن الكريم، وبينت الآيات أن الله -تعالى- جعلهم قردة خاسئين ؛ وذلك لأنهم كانوا يفعلون المنكر، ويتهاونون بالنصيحة، فكانت النهاية أنّ الله -تعالى- أنجى الذين ينهون عن السوء، وعذّبََ الذين ظلموا عذاباً شديداً بما كانوا يفسقون.
وكانت قصة أصحاب السبت عبرةً للذين عاشوا معها ومع أحداثها، وعبرةً كذلك لمن جاء بعدهم من أقوام يقرأون أحداثها ومواقفها، قال -تعالى- في كتابه الكريم: (فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ)، وقد عرض القرآن الكريم قصصاً كثيرة ينبه فيها الغافلين ويذكيرهم بمصير الظالمين .
أحداث القصة
أمر الله -عز وجل- اليهود بأن يكون عيدهم في يوم الجمعة في كل أسبوع؛ فرفض اليهود يوم الجمعة وأرادوا يوم السبت، فأجاب الله -تعالى- لمطلبهم وأراد منهم أن يتفرغوا فيه لعبادته -عز وجل-، وحُرِّم عليهم صيد السمك في هذا اليوم، وبعدها ابتلاهم الله -تعالى- فكانت الحيتان والأسماك تأتي يوم السبت قريبة من الشاطئ وهم ينظرون إليها فقط.
وعندما يأتون في اليوم التالي لا يبقى للأسماك والحيتان أي أثر، وعند قدوم يوم السبت ترجع الأسماك والحيتان وبقوا على هذا الأمر صابرين لفترةٍ طويلة، ولم يمضِ ذلك إلا بنفاذ صبرهم على طاعة أوامر الله -تعالى- ورفض ما كتبه لهم؛ فقاموا بحيلة يملؤها الخداع والمكر، فقد قال الله -تعالى-: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)،
وكان بعضهم يقومون بعمل أحواض يضعون فيها حواجز بين الحوض والبحر فعندما تأتي الأسماك تقع في الحوض وتمنعهم الحواجز من الخروج، وبعدها يقومون بإخراجها يوم الأحد، وكان البعض الآخر يقوم بوضع الشباك والمصائد في يوم السبت فيقع فيها السمك ولا يخرجونها إلا يوم الأحد تحايلاً منهم وخداعاً.
وكان بعضهم يقوم بإمساك الحوت وثقب أنفه وبعدها يربط فيه خيط قد ضرب له في البر وتداً ثم يُلقي به في البحر، فإذا جاء صباح يوم الأحد قام بإخراجها، وكل هذه القصص وردت عنهم، وتبيّن كمية الحيل والخدع التي قاموا بها.
ما يتجلى في قصة أصحاب السبت
جاءت قصة أصحاب السبت في سورة البقرة وذلك في قوله -تبارك وتعالى-: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ* فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ)، قام الله -تعالى- في هاتين الآيتين بذكر المعصية التي قام بها أصحاب السبت.
وقد كانت سراً من الأسرار لا يعلم بها أحد إلا أصحاب السبت أنفسهم لما فيها من خزي وعار شديدين، فجاءت قصتهم معجزة من معجزات الرسول -صلى الله عليه وسلم- حيث قام بإخبارهم بأمرٍ لم يعلمه أحد وذلك بإذن الله -تعالى-، وقد اشتهر اليهود بانحرافهم وحيلهم وتمردهم على ما أمره الله -تبارك وتعالى- وعصيانهم لأوامر الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام.