قصة أبي الأسود الدؤلي مع علي بن أبي طالب
قصة أبي الأسود الدؤلي مع علي بن أبي طالب
أسس أبو الأسود الدؤلي علم النحو بعد حدوث اللحن في كلام العرب؛ نتيجة اختلاطهم بالموالي وغيرهم، وقد بيّن في مؤلفه الفاعل والمفعول والمضاف وحروف الجر والنصب والرفع والجزم، وقيل إنّ أبا الأسود الدؤلي أخذ علم النحو عن الإمام علي بن أبي طالب، وذلك عقب حادثة بينهم تتلخص فيما يأتي:
الرواية الأولى
دخل أبو الأسود الدؤلي على علي بن أبي طالب، فألقى عليه رقعةً من الجلد مكتوب فيها الكلام كله ثلاثة أشياء: اسم، وفعل، وحرف، فالاسم يُخبر عن المسمى، والفعل يُخبر عن حركة المسمى، والحرف يوجد معنى عن غيره، فقرأها أمير المؤمنين، وبيّن أنه كلام جيد، ثم تساءل ماذا يريد أن يفعل؟
فأخبره أبو الأسود أنّ هنالك لحنا كثيرا في كلام العرب ببلاد العراق، ويريد تأليف كتاب يُميز فيه بين كلام العرب وغيرهم، فدعا له أمير المؤمنين بالتوفيق نحو الصواب.
الرواية الثانية
دخل أبو الأسود الدؤلي على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهو يفكر، ثم سأله بم يفكر؟ فأخبره أمير المؤمنين أنه سمع لحنًا في كلام العرب ببلاد العراق، ويرغب بتأليف كتاب في أصول اللغة العربية، فشجعه أبو الأسود على فعل ذلك، وأخبره أنّ هذه الخطوة تُحيي العرب، وتُبقي اللغة العربية.
ثم عاد أبو الأسود إلى أمير المؤمنين بعد مرور ثلاثة أيام، وقد ألقى عليه صحيفة مكتوب فيها "الكلام: اسم، وفعل، وحرف، فالاسم ما أنبأ المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم أو فعل"، ثم أمره أن يزيد على كلام الصحيفة.
كما أخبره أن الأسماء ثلاثة: ظاهر، ومضمر، وشيء ليس بظاهر ولا مضمر، وأن العلماء يتنافسون في معرفة النوع الثالث من الأسماء، ثم نفذ أبي الأسود ما طُلب منه، ومن بين ذلك حروف النصب إنّ، وأنّ، وكأنّ، وليت، ولعلّ، فزاد عليها الإمام علي بن أبي طالب حرف النصب لكنّ.
الرواية الثالثة
جرى حوار بين أبي الأسود الدؤلي وابنته في يوم من الأيام، فقالت له: "ما أحسنُ السماءِ؟" فأجابها:"نجومها"، فأخبرته أنها لا تتساءل بل تتعجب، فقال لها: "إذا فقولي: ما أحسنَ السماءَ!"، وقد شاع اللحن في كلام العرب حتى قال أبو الأسود الدؤلي:"إني أجد للحن غمراً كغمر اللحم". [4]
فذهب أبو الأسود الدؤلي مسرعًا نحو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وقال له: "يا أمير المؤمنين، ذهبت لغة العرب لمّا خالطت العجم، وأوشك أن تطاول عليها زمان تضمحل"، ثم تساءل أمير المؤمنين عن الأمر، فأخبره أبو الأسود الدؤلي بالحوار الذي جرى مع ابنته.
وعندما علم أمير المؤمنين بالأمر بعث أبي الأسود الدؤلي لشراء صحفا بمبلغ درهم، ثم جعله يكتب فيها أن الكلام لا يخرج من اسم وفعل وحرف جاء لمعنى، ثم حدد أصول النحو.