قصائد المدح في الشعر الجاهلي
قصائد المدح في الشعر الجاهلي
المدح من المواضيع التي عُرفت قديماً في العصر الجاهلي والعصر الحديث، ويمكن تعريف المدح على أنه: الثناء وحسن الكلام الذي يرفع من قيمة الشخص الممدوح، وقد ألّف الشعراء قصائد المدح بهدف إظهار سمات وفضائل الممدوح، وقد تزوّد الشعراء من المدح لغايات عدَّة منها كسب المال وكسب الشهرة.
وقد برز غرض المديح في الشعر الجاهلي كأحد الفنون الشعرية الذي يهتم بتمجيد المثل العليا للأخلاق والأفعال التي تعارفوا عليها وتوارثوها عن أجدادهم فكانت قصيدة المدح ميدان التعبير لديهم.
قصائد المدح في الشعر الجاهلي
ومن ضمن القصائد التي قيلت في المدح في العصر الجاهلي:
زهير بن أبي سلمى يمدح هرم بن سنان
يقول زهير بن أبي سلمى :
بَلِ اِذكُرَن خَيرَ قَيسٍ كُلِّها حَسَباً
- وَخَيرَها نائِلاً وَخَيرَها خُلُقا
القائِدَ الخَيلَ مَنكوباً دَوابِرُها
- قَد أُحكِمَت حَكَماتِ القِدِّ وَالأَبَقا
غَزَت سِماناً فَآبَت ضُمَّراً خُدُجاً
- مِن بَعدِ ما جَنَبوها بُدَّناً عُقُقا
حَتّى يَأُوبَ بِها عوجاً مُعَطَّلَةً
- تَشكو الدَوابِرَ وَالأَنساءَ وَالصُفُقا
يَطلُبُ شَأوَ اِمرِأَينِ قَدَّما حَسَناً
- نالا المُلوكَ وَبَذّا هَذِهِ السُوَقا
هُوَ الجَوادُ فَإِن يَلحَق بِشَأوِهِما
- عَلى تَكاليفِهِ فَمِثلُهُ لَحِقا.
الأعشى يمدح هوذة بن علي سيد بني حنيفة
يقول الأعشى :
إِلى هَوذَةَ الوَهّابِ أَهدَيتُ مِدحَتي
- أُرَجّي نَوالاً فاضِلاً مِن عَطائِكا
تَجانَفُ عَن جُلِّ اليَمامَةِ ناقَتي
- وَما قَصَدَت مِن أَهلِها لِسِوائِكا
أَلَمَّت بِأَقوامٍ فَعافَت حِياضَهُم
- قَلوصِي وَكانَ الشَربُ مِنها بِمائِكا
فَلَمّا أَتَت آطامَ جَوٍّ وَأَهلَهُ
- أُنيخَت وَأَلقَت رَحلَها بِفَنائِكا
وَلَم يَسعَ في الأَقوامِ سَعيَكَ واحِدٌ
- وَلَيسَ إِناءٌ لِلنَدى كَإِنائِكا
سَمِعتُ بِسَمعِ الباعِ وَالجودِ وَالنَدى
- فَأَدلَيتُ دَلوي فَاِستَقَت بِرِشائِكا
فَتىً يَحمِلُ الأَعباءَ لَو كانَ غَيرُهُ
- مِنَ الناسِ لَم يَنهَض بِها مُتَماسِكا
وَأَنتَ الَّذي عَوَّدتَني أَن تَريشَني
- وَأَنتَ الَّذي آوَيتَني في ظِلالِكا
فَإِنَّكَ فيما بَينَنا فِيَّ موزَعٌ
- بِخَيرٍ وَإِنّي مولَعٌ بِثَنائِكا.
النابغة الذبياني يمدح الملك الغساني عمرو بن الحارث وقومه بعد هربه من النعمان بن المنذر
يقول النابغة الذبياني :
كِليني لِهَمٍّ يا أُمَيمَةَ ناصِبِ
- وَلَيلٍ أُقاسيهِ بَطيءِ الكَواكِبِ
عَلَيَّ لِعَمروٍ نِعمَةٌ بَعدَ نِعمَةٍ
- لِوالِدِهِ لَيسَت بِذاتِ عَقارِبِ
وَثِقتُ لَهُ بِالنَصرِ إِذ قيلَ قَد غَزَت
- كَتائِبُ مِن غَسّانَ غَيرُ أَشائِبِ
إِذا ماغَزوا بِالجَيشِ حَلَّقَ فَوقَهُم
- عَصائِبُ طَيرٍ تَهتَدي بِعَصائِبِ
وَلا عَيبَ فيهِم غَيرَ أَنَّ سُيوفَهُم
- بِهِنَّ فُلولٌ مِن قِراعِ الكَتائِبِ.
الحطيئة يمدح آل شماس في قصيدته الدالية
يقول الحطيئة:
أَل ا طَرَقَتنا بَعدَما هَجَدوا هِندُ
- وَقَد سِرنَ خَمساً وَاِتلَأَبَّ بِنا نَجدُ
أَلا حَبَّذا هِندٌ وَأَرضٌ بِها هِندُ
- وَهِندٌ أَتى مِن دونِها النَأيُ وَالبُعدُ
وَإِنَّ الَّتي نَكَّبتُها عَن مَعاشِرٍ
- عَلَيَّ غِضابٍ أَن صَدَدتُ كَما صَدّوا
أَتَت آلُ شَمّاسِ بنِ لَأيٍ وَإِنَّما
- أَتاهُم بِها الأَحلامُ وَالحَسَبُ العِدُّ
فَإِنَّ الشَقِيَّ مَن تُعادي صُدورُهُم
- وَذو الجَدِّ مَن لانوا إِلَيهِ وَمَن وَدّوا
يَسوسونَ أَحلاماً بَعيداً أَناتُها
- وَإِن غَضِبوا جاءَ الحَفيظَةُ وَالجِدُّ
أولَئِكَ قَومٌ إِن بَنَوا أَحسَنوا البُنى
- وَإِن عاهَدوا أَوفَوا وَإِن عَقَدوا شَدّوا
وَإِن كانَتِ النُعمى عَلَيهِم جَزَوا بِها
- وَإِن أَنعَموا لا كَدَّروها وَلا كَدّوا
مَطاعينُ في الهَيجا مَكاشيفُ لِلدُجى
- بَنى لَهُمُ آبائُهُم وَبَنى الجَدُّ.
عنترة بن شداد يمدح الملك الفارسي كسرى أنوشروان
يقول عنترة بن شداد :
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي راحاتُهُ
- قامَت مَقامَ الغَيثِ في أَزمانِهِ
يا قِبلَةَ القُصّادِ يا تاجَ العُلا
- يا بَدرَ هَذا العَصرِ في كيوانِهِ
يا مُخجِلاً نَوءَ السَماءِ بِجودِهِ
- يا مُنقِذَ المَحزونِ مِن أَحزانِهِ
يا ساكِنينَ دِيارَ عَبسٍ إِنَّني
- لاقَيتُ مِن كِسرى وَمِن إِحسانِهِ
ما لَيسَ يوصَفُ أَو يُقَدَّرُ أَو يَفي
- أَوصافَهُ أَحَدٌ بِوَصفِ لِسانِهِ
مَلِكٌ حَوى رُتَبَ المَعالي كُلَّها
- بِسُمُوِّ مَجدٍ حَلَّ في إيوانِهِ
مَولىً بِهِ شَرُفَ الزَمانُ وَأَهلُهُ
- وَالدَهرُ نالَ الفَخرَ مِن تيجانِهِ
وَإِذا سَطا خافَ الأَنامَ جَميعُهُم
- مِن بَأسِهِ وَاللَيثُ عِندَ عِيانِهِ
مَلِكٌ إِذا ما جالَ في يَومِ اللِقا
- وَقَفَ العَدُوُّ مُحَيَّراً في شانِهِ.