أشعار الوداع والفراق
قصيدة أوصيك بالحزن لا أوصيك بالجلد
يقول أبو فراس الحمداني :
أوصيكَ بالحزنِ لا أوصيكَ بالجلدِ
- جلَّ المصابُ عن التعنيفِ والفندِ
إني أجلكَ أن تكفى بتعزية
- عَنْ خَيرِ مُفْتَقَدٍ يا خَيرَ مُفتقِدِ
هيَ الرّزِيّةُ إنْ ضَنّتْ بِمَا مَلَكَتْ
- منها الجفونُ فما تسخو على أحدِ
بي مثلُ ما بكَ منْ حزن ومنْ جزعٍ
- وَقَدْ لجَأتُ إلى صَبرٍ فَلَمُ أجِدِ
لمْ يَنْتَقِصْنيَ بُعدي عَنْكَ من حُزُنٍ
- هيَ المواساةُ في قربٍ وفي بعدِ
لأشرِكَنكَ في اللأواءِ إنْ طرقتْ
- كما شركتكَ في النعماءِ والرغدِ
أبكي بدَمعٍ لَهُ من حسرَتي مَدَدٌ
- وَأسْتَرِيحُ إلى صبرٍ بِلا مَدَدِ
وَلا أُسَوِّغُ نَفْسي فرحةً أبَداً
- وقدْ عرفتُ الذي تلقاهُ منْ كمدِ
وأمنعُ النومَ عيني أنْ يلمَّ بها
- عِلْمَاً بأنّكَ مَوْقُوفٌ عَلى السُّهُدِ
يا مُفْرَداً بَاتَ يَبكي لا مُعِينَ لَهُ
- أعانَكَ اللَّهُ بِالتّسْلِيمِ والجَلَدِ
هَذا الأسِيرُ المُبَقّى لا فِدَاءَ لَهُ
- يَفديكَ بالنّفسِ والأَهْلينَ وَالوَلَدِ
قصيدة صحا القلب من ذكرى قتيلة بعدما
يقول أعشى قيس :
صَحا القَلبُ من ذِكْرَى قُتَيلَة بعدما
- يَكُونُ لهَا مِثْلَ الأسِيرِ المُكَبَّلِ
لها قدمٌ ريّا، سباطٌ بنانها
- قدِ اعتَدَلَتْ في حُسنِ خَلقٍ مُبَتَّلِ
وَسَاقانِ مارَ اللّحمُ مَوْراً عَلَيْهِمَا
- إلى منتهى خلخالها المتصلصلِ
إذا التمستْ أربيّتاها تساندتْ
- لها الكَفُّ في رَابٍ من الخَلقِ مُفضِلِ
إلى هَدَفٍ فيهِ ارْتِفَاعٌ تَرَى لَهُ
- من الحسنِ ظلاًّ فوقَ خلقٍِ مكمَّلِ
إذا انبطحتْ جافى عن الأرض جنبها
- وَخَوّى بهَا رَابٍ كَهَامة ِ جُنْبُلِ
إذَا مَا عَلاهَا فَارِسٌ مُتَبَذِّلٌ
- فَنِعْمَ فِرَاشُ الفارس المُتَبَذِّلِ
ينوءُ بها بوصٌ إذا ما تفضلتْ
- تَوَعّبَ عَرْض الشّرْعبيّ المُغَيَّلِ
روادفهُ تثني الرّداءَ تساندتْ
- إلى مثلِ دعصِ الرملةِ المتهيِّلِ
نِيَافٌ كَغُصْنِ البَانِ تَرْتَجُّ إنْ مَشتْ
- دبيبَ قطا البطحاءِ في كلّ منهلِ
وَثَدْيَانِ كَالرّمّانَتَينِ وَجِيدُهَا
- كجيدِ غزالٍ غيرَ أنْ لمْ يعطَّلِ
وَتَضْحكُ عَنْ غُرّ الثّنَايا كَأنّهُ
- ذُرَى أُقْحُوَانٍ نَبْتُه لمْ يُفَلَّلِ
تَلألُؤهَا مِثْلُ اللّجَيْنِ، كَأنّمَا
- ترى مقلتيْ رئمٍ ولوْ لمْ تكحّلِ
سجوّينِ برجاوينِ في حسنِ حاجبٍ
- وَخَدٍّ أسِيلٍ وَاضِحٍ مُتَهَلِّلِ
لها كبدٌ ملساءُ ذاتُ أسرّة
- وَنَحْرٌ كَفَاثُورِ الصّرِيفِ المُمَثَّلِ
يجولُ وشاحاها على أخمصيهما
- إذا انْفَتَلَتْ جالاً عَلَيها يُجَلْجِلُ
فقدْ كملتْ حسناً فلا شيءَ فوقها
- وإني لذو قولٍ بها متنخَّلِ
وقدْ علمتْ بالغيبِ أني أحبها
- وأنّي لنفسي مالكٌ في تجملِ
وما كنتُ أشكي قبلَ قتلةَ بالصّبى
- وقدْ ختلتني بالصبى كلَّ مختلِ
وَإني إذا مَا قُلْتُ قَوْلاً فَعَلْتُهُ
- ولستُ بمخلافٍ لقولي مبدِّلِ
تَهَالَكُ حَتى تُبْطِرَ المَرْءَ عَقْلَهُ
- وَتُصْبي الحَليمَ ذا الحِجى بالتّقَتّلِ
إذا لبستْ شيدارةً ثمّ أبرقتْ
- بمِعْصَمِهَا وَالشّمْسُ لمّا تَرَجّلِ
وألوتْ بكفٍّ في سوارٍ يزينها
- بنانٌ كهدّابِ الدِّمقسِ المفتَّلِ
رَأيْتَ الكَرِيمَ ذا الجلالةِ رَانِياً
- وقدْ طارَ قلبُ المستخفّ المعدَّلِ
فدعها وسلِّ الهمَّ عنكَ بجسرة
- تزيّدُ في فضلِ الزّمامِ وتعتلي
فأيةَ أرضٍ لا أتيتُ سراتها
- وَأيّةُ أرْضٍ لمْ أجُبْهَا بمَرْحَلِ
ويومِ حمامٍ قدْ نزلناهُ نزلة
- فَنِعْمَ مُنَاخُ الضّيْفِ وَالمُتَحَوِّلِ
فَأبْلِغْ بَني عِجْلٍ رَسُولاً وَأنتمُ
- ذَوُو نَسَبٍ دانٍ وَمَجْدٍ مُؤثَّلِ
فنحنُ عقلنا الألفَ عنكم لأهلهِ
- وَنَحنُ وَرَدْنا بالغَبُوقِ المُعَجَّلِ
وَنَحْنُ رَدَدْنا الفَارِسِيّينَ عَنْوَة
- ونحنُ كسرنا فيهمُ رمحَ عبدلِ
فأيَّ فلاحِ الدّهرِ يرجو سراتنا
- إذا نحنُ فيما نابَ لمْ نتفضّلِ
وَأيَّ بَلاءِ الصدق لا قَدْ بَلَوْتُمُ
- فَما فُقِدَتْ كانَتْ بَلِيّةُ مُبْتَليْ
قصيدة عبث الحبيب وكان منه صدود
يقول أبو الفضل العباس بن الأحنف :
عَبِثَ الحبيبُ وكانَ مِنهُ صُدودُ
- ونأى ولمْ أكُ ذاكَ مِنْهُ أريدُ
يُمسي ويُصبِحُ مُعرِضاً متَغضبِّاً
- وإذا قصَدتُ إليهِ فَهوَ يَحِيدُ
ويَضِنُّ عَنّي بالكَلامِ مُصارماً
- وبمُهجتي وبما يُريدُ أجودُ
إني أحاذِرُ صَدّه وفراقه
- إنّ الفِراقَ على المحبّ شديدُ
يا من دعاني ثمّ أدبرَ ظالماً
- ارجع وأنْتَ مُواصِلٌ مَحمودُ
إني لأكثرُ ذكركمْ فكأنّما
- بعُرى لساني ذِكركمْ مَعقودُ
أبكي لسُخْطِكِ حينَ أذكرُ ما مضَى
- يا ليتَ ما قد فاتَ لي مَردودُ
لا تَقْتُليني بالجَفَاء تَمادِياً
- واعنَيْ بأمري إنّني مَجهودُ
ما زالَ حُبّكِ في فؤادي ساكناً
- وَلهُ بِزَيدِ تنفُّسي تَردِيدُ
فَيَلِينُ طوراً للرّجاء وتارة ً
- يَشتدّ بينَ جوانحي ويزيدُ
حَتى برَى جِسمي هواك فما تُرى
- إلاّ عِظامٌ يُبّسٌ وجلودُ
لا الحبُّ يَصرِفُهُ فُؤادي ساعةً
- عنَه ولا هو ما بقِيتُ يَبيدُ
وكأنّ حبّ النّاسِ عنديَ ساكنٌ
- وكأنّهُ بجوانحي مشدودُ
أمسى فُؤادي عندَكمْ ومحلّهُ
- عندي فأينَ فُؤادي المفقودُ
ذهَبَ الفُؤادُ فما أحسّ حسيسه
- وأظنُّه بوصالكمْ سَيعُودُ
والله لا أبغي سوِاكِ حبيبةً
- ما اخضرّ في الشّجرِ المُورّقِ عودُ
لله دَرُّ الغانِياتِ جَفَونَني
- وأنا لَهُنّ على الجَفاء ودودُ
يَرعينَ عهدي ما شَهِدتُ فإن أغبْ
- يوماً فما لي عندَهنْ عهود
قصيدة رأيت الوداع الأخير
يقول محمود درويش :
- رَأَيْتُ الوَدَاعَ الأخِيرَ: سَأْودعُ قَافِيَةً مِنْ خَشَبْ
- سَأْرْفَعُ فَوْقَ أَكُفّ الرِّجَال، سَأُرْفَعُ فَوْقَ عُيُونِ النِّسَاءْ
- سَأُرْزَمُ في عَلَمٍ، ثُمَّ يُحْفَظُ صَوْتِيَ فِي علَبِ الأَشْرِطَةْ
- سَتُغْفَرُ كُلُّ خَطَايَايَ فِي سَاعَةٍ، ثُمَّ يَشْتُمُنِي الشُّعَرَاءْ.
- سَيَذْكُرُ أَكْثَرُ مِنْ قَارِئٍ أَنّنَي كُنْتُ أَسْهَرُ فِي بَيْتِهِ كُلَّ لَيْلَةْ.
- سَتَأتي فَتَاةُ وتَزْعُمُ أَنِّي تَزَوَّجْتُهَا مُنْذُ عِشْرِينَ عَاماً.. وأكثر.
- سَتُرْوَى أَسَاطِيرُ عَنِّي، وَعَنْ صَدَفٍ كُنْتُ أَجْمَعُهُ مِنْ بِحَارٍ بَعِيدَةْ.
- سَتَبْحَثُ صَاحِبَتِي عَنْ عَشِيقٍ جَديدٍ تُخَبِّئُهُ فِي ثِيَابِ الحِدَادْ.
- سَأَبْصِرُ خَطَّ الجَنَازَةِ، وَالمَارَّة المُتْعبِينَ مِنَ الانْتِظَارْ.
- وَلَكِنِّنِي لاَ أَرَى القَبْرَ بَعْدُ. أَلاَ قَبْرَ لِي بَعْدَ هَذَا التَّعَبْ؟
قصيدة أذاكرةٌ يومَ الوَداع نَوارُ
يقول ناصر الدين الأرجاني:
أذاكرةٌ يومَ الوَداع نَوارُ
- وقد لَمَعتْ منها يَدٌ وسِوارُ
عَشِيّةَ ضَنّوا أن يَجودوا فعلَّلُوا
- وخافوا العِدا أن يَنْطِقوا فأشاروا
حدَوْا سُفْنَ عِيسٍ لم تزَلْ بصُدورِها
- تُخاضُ من اللّيلِ البهيم غِمار
فَحلُّوا قِفاراً مَرّتِ الظُّعْنُ فوقَها
- وخَلَّوا ديارَ الحَيِّ وهْيَ قِفار
غدَوا دُرَراً أصدافُهنّ هوادِجٌ
- وليس لها إلاّ السّرابَ بِحار
وأثمانُها الأرواحُ تُبذَلُ والوغى
- لَهُنّ عُكاظٌ والرِّماحُ تِجار
أعِدْ نظَراً يا رائدَ الحَيِّ قاصداً
- إلى أينَ من حُزْوَى المَطِيُّ تُثار
أما همْ إلى قلبي من العينِ غُدْوةً
- يَسيرون أن زَمُّوا الجِمالَ وساروا
إلى كَبِدٍ تَشكو الغرامَ جديبةٍ
- سَروْا من جفونٍ سُحْبُهنّ غِزار
وما رَحلوا إلاّ انتجاعاً فلو دَرَوْا
- بِما بي لَحاروا في المَسيرِ وجاروا
بنَفْسي غزالٌ أَعرضَ البُعدُ دونَه
- فعادَ رَبيبُ الوَصْلِ وَهْوَ نَوار
تُعاتَبُ عيني حين يَعلَقُ خاطري
- ولَومُ المَشوقِ المُستهامِ ضِرار
ويَقْلَقُ قلبي حين يَطْرُقُ ناظري
- فَبعْضِيَ من بَعْضي عليه يَغار
فهل نَهْلةٌ تَشْفي الغليلَ لمُدْنَفٍ
- ففي الصّدْرِ من نارِ الفراقِ أُوار
يُواصِلُ قلبي وهْو للعين هاجِرٌ
- لَصيقُ فؤادٍ شَطَّ منه مَزار
فليت ديارَ النّازحاتِ قلوبُنا
- لِتسلُوَ أم ليت القلوبَ دِيار
أبى القلبُ إلاّ ذِكْرَهُنّ وقد بَدا
- معَ الصّبحِ أشْباهاً لَهنَّ صُوار
وليلةَ أهْدَيْنَ الخيالَ لناظري
- وبالنّومِ لولا الطّيفُ عنه نِفار
تَقنَّصْتُه والأُفْقُ يجتابُ حُلّةً
- من الوَشْيِ يُسدَى نَسْجُها ويُنار
فلا يَحسَبِ الجوزاءَ طَرْفُك أنّها
- هَدِيٌّ لها شُهْبُ الظّلامِ نِثار
وأنّ الثُريّا باتَ فِضّيُّ كأسِها
- بأيدي نَدامَى الزَّنْجِ وهْو يُدار
فليس الدُّجَى إلاّ لنارِ تَنَفُّسي
- دُخانٌ تَراقَى والنُّجومُ شَرار
رُوَيْداً لقَلْبي بالهوَى يا ابنَ حامدٍ
- وإلاّ فلَيْلِي ما بَقيِت نَهار
إذا طَلَعتْ في بلدةٍ لكَ رايةٌ
- فللظُّلْمِ منها والظّلامِ فِرار
فِدىً لعزيزِ الدّينِ في الدّهرِ عُصبةٌ
- أجارَ من الخَطْبِ الجسيمِ وجاروا
منَ البِيضِ أمّا بَحرُه لعُفاتِه
- فَطامٍ وأمّا دُرُّه فكِبار
فتَى الدّهرِ ما ثار امْرؤٌ لِيَؤمَّه
- فَيْبقَى له عند المطالِبِ ثار
يُلِمُّ بمَغْشِيِّ الرِّواقَيْنِ للِنّدَى
- وللبأسِ يوماً إن أظَلَّ حِذار
إذا سار وَفْدٌ زائرون فَودَّعوا
- تَناهَى إليها آخَرونَ فَزاروا
هُمامٌ إذا ما شاء صَبَّحَ مارِقاً
- بأرْعَنَ عينُ الشّمسِ منه تَحار
وكُلُّ فتىً للعينِ والسّيفِ إنْ غَزا
- يَعِزُّ بجَفْنٍ أنْ يُلِمَّ غِرار
مشيحٌ إذا الجَبّار صَعّرَ خَدّه
- أعاد دَمَ الجَبّار وهْو جُبار
ورَدَّ طِوالَ السّمهريّ قصيرةً
- غداةَ لجَيْن المَشْرفيَ نُضار
بحيثُ دنانير الوجوهِ مَشوفة
- بنَقْرِ بنانِ المرهَفاتِ تُطار
وحيث وَقور الطَّودِ من هَوْلِ يَومِه
- يَرَى وهْو نَفْع في السّماء مُثار
وإن شاء نابَتْ عن رماحٍ بكَفّهِ
- أنابيبُ حتّى لا يُشَنّ غِرار
حديداتُ خَرْقِ السَمْعِ إنْ صَمّتِ القنا
- تَغلغلَ فيه للقَضاء سِرار
إذا غرسَتْها كَفّه في صحيفةٍ
- غدَتْ ولها غُرّ الفتوح ثِمار
أيا مَن تَفوقُ النّجمَ غُرّةُ طِرْفِه
- إذا انشَقَّ عنه للعيونِ غُبار
تَخيَّركَ السّلطانُ للنُّصحِ صاحياً
- فشابهَ سِرّاً من هَواكَ جِهار
غدا كاشتقاقِ اسمَيْكُما مَعْنَياكُما
- صفاءً فحَبْلُ الائتِلافِ مُغار
وهل يَتّقي رَيْبَ الزّمانِ ابنُ حُرّةٍ
- وأنت له مِمّا يُحاذِرُ جار
وما كان يَغشَى البدْرَ لو كنتَ جارَهُ
- خُسوفٌ يُغَطّي وَجهَهُ وسِرار
ولكنّه من نورِ غَيرِك قابسٌ
- فلا غَرو إن لَوَّى خُطاهُ عِثار
حَسودُك تُمسي طارقاتُ همومِه
- وهنّ له دون الشِّعارِ شِعار
كتطْبيقِ سَيْفٍ فيه إطباقُ جَفْنِه
- فأشفارُ عينَيْهِ عليه شِفار
إذا ضافَهُ هَمٌّ يصافِحُ قَلّبَه
- ورَتْ منه ما بين الأضالعِ نار
وجاءتْ لأدْنَى مِسحةٍ فكأنّما
- له الصَدْر مَرْخٌ والبَنانُ عَفار
قصيدة ليل الوداع
يقول جورج جريس فرح:
- هذه الليلة نادَتْ
- للفراقْ
- والتقينا لـِوَداعٍ في عِناقٍ
- كانَ للروحِ احتراقْ..
- كيف نادَتنا
- فلبّيَنا النداءْ
- وتجرَّعنا
- خمورَ الحُبِّ في وَجْدٍ
- فأفرَغْنا الإناءْ..
- أيها النّادلُ
- ناولْنا المزيدا
- رُدَّها كأسًا
- عيونًا أو شفاهًا
- أو نهودا..
- واسْقِنا مِنها اسْقِنا
- حتّى الصَّباحْ
- علّنا ننسى
- تباريحَ الجِراح!!
- فإذا لاحَتْ خُيوطُ الفجْرِ
- تدعو للمَسير
- أو سمِعتَ هديلَ هاتيكَ الحمائمِ
- تستجيرْ
- أغلقِ الأبوابَ دونَ الضَّوءِِ
- دونَ الصَّوت
- دونَ الوقتِ
- إنَّ الوقتَ وَغدٌ لا يُطاقْ
- عند ساعاتِ الفراقْ!
قصيدة أعيذك بالرحمن
يقول جميل بثينة :
أَلا نادِ عيراً مِن بُثَينَةَ تَرتَعي
- نُوَدِّع عَلى شَحطِ النَوى وَتُوَدِّعِ
وَحُثّوا عَلى جَمعِ الرِكابِ وَقَرِّبوا
- جِمالاً وَنوقاً جِلَّةً لَم تَضَعضَعِ
أُعيذُكِ بِالرَحمَنِ مِن عَيشِ شِقوَةٍ
- وَأَن تَطمَعي يَوماً إِلى غَيرِ مَطمَعِ
إِذا ما اِبنُ مَلعونٍ تَحَدَّرَ رَشحُهُ
- عَلَيكِ فَموتي بَعدَ ذَلِكَ أَو دَعي
مَلِلنَ وَلَم أَملَل وَما كُنتُ سائِماً
- لِأَجمالِ سُعدى ما أَنَخنَ بِجَعجَعِ
أَلا قَد أَرى إِلّا بُثَينَةَ هَهُنا
- لَنا بَعدَ ذا المُصطافِ وَالمُتَرَبَّعِ
قصيدة حروف النار
يقول قاسم حداد:
- لأن حروفنا نار
- لأن جميع من وقفوا ومن ساروا
- ومن قتلوا بعين الشمس
- أحسوا النبض طوفانًا وإعصارا
- لأن حروفنا الخضراء والحمراء ملء مخاضها ثورة
- فتخرج في دم المسلول والمصدور
- تصبغ دربنا ثورة
- لأن حروفنا صخرة
- تدق الباب
- تطلب، يا ربيع الأرض يا شمسا ويا زهرة
- وتقتل كلمة الكذاب بالصخرة
- لأن حروفنا يا صاح تأبى ذل من خسروا
- ومن داروا
- على بوابة الدنيا
- فما دخلوا وما ساروا
- رفاقي في طريق الشمس
- جيرانـي أحبائي
- لأن حروفنا نار
- ستحرق في أصابعنا
- وتأكل من كواهلنا
- إلى أن ينتهي العار
- لأن جميع من صرخوا ومن ثاروا
- ومن حملوا شعار الحب للإنسان
- أحسوا ضيعة الإنسان
- ما انخذلوا وما انهاروا
- سنبقى عاشقين الحرف
- سنبقى لا يكل العزف
- فإن ماتت قصائدهم
- وإن ماتوا
- تظل حروفنا نارا