قصائد إيليا أبو ماضي عن الأم

قصيدة: هم ألم به مع الظلماء
يقول الشاعر في قصيدة هم ألم به مع الظلماء :
هَمٌّ أَلَمَّ بِهِ مَعَ الظَلماءِ
- فَنَأى بِمُقلَتِهِ عَنِ الإِغفاءِ
 
نَفسٌ أَقامَ الحُزنُ بَينَ ضُلوعِهِ
- وَالحُزنُ نارٌ غَيرَ ذاتِ ضِياءِ
 
يَرعى نُجومَ اللَيلِ لَيسَ بِهِ هَوى
- وَيَخالُهُ كَلِفاً بِهِنَّ الرائي
 
في قَلبِهِ نارُ الخَليلِ وَإِنَّما
- في وَجنَتَيهِ أَدمُعُ الخَنساءِ
 
قَد عَضَّهُ اليَأسُ الشَديدُ بِنابِهِ
- في نَفسِهِ وَالجوعُ في الأَحشاءِ
 
يَبكي بُكاءَ الطِفلِ فارَقَ أُمِّهِ
- ما حيلَةُ المَحزونِ غَيرُ بُكاءِ
 
فَأَقامَ حِلسَ الدارِ وَهوَ كَأَنَّهُ
- لِخُلُوِّ تِلكَ الدارِ في بَيداءِ
 
حَيرانُ لا يَدري أَيَقتُلُ نَفسَهُ
- عَمداً فَيَخلُصَ مِن أَذى الدُنياءِ
 
أَم يَستَمِرَّ عَلى الغَضاضَةِ وَالقَذى
- وَالعَيشُ لا يَحلو مَعَ الضَرّاءِ
 
طَرَدَ الكَرى وَأَقامَ يَشكو لَيلَهُ
- يا لَيلُ طُلتَ وَطالَ فيكَ عَنائي
 
يا لَيلُ قَد أَغرَيتَ جِسمي بِالضَنا
- حَتّى لَيُؤلِمَ فَقدُهُ أَعضائي
 
وَرَمَيتَني يا لَيلُ بِالهَمِّ الَّذي
- يَفري الحَشا وَالهَمُّ أَعسَرُ داءِ
 
يا لَيلُ ما لَكَ لا تَرِقُّ لِحالَتي
- أَتُراكَ وَالأَيّامُ مِن أَعدائي
 
يا لَيلُ حَسبِيَ ما لَقيتُ مِنَ الشَقا
- رُحماكَ لَستُ بِصَخرَةٍ صَمّاءِ
 
بِن يا ظَلامُ عَنِ العُيونِ فَرُبَّما
- طَلَعَ الصَباحُ وَكانَ فيهِ عَزائي
 
وارَحمَتا لِلبائِسينَ فَإِنَّهُم
- مَوتى وَتَحسَبُهُم مِنَ الأَحياءِ
 
إِنّي وَجَدتُ حُظوظَهُم مُسوَدَّةٌ
- فَكَأَنَّما قُدَّت مِنَ الظَلماءِ
 
أَبَداً يُسَرُّ بَنو الزَمانِ وَما لَهُم
- حَظٌّ كَغَيرِهِم مِنَ السَرّاءِ
 
ما في أَكُفِّهِم مِنَ الدُنيا سِوى
- أَن يُكثِروا الأَحلامَ بِالنَعماءِ
 
تَدنو بِهِم آمالُهُم نَحوَ الهَنا
- هَيهاتَ يَدنو بِالخَيالِ النائي
 
بَطَرُ الأَنامِ مِنَ السُرورِ وَعِندَهُم
- إِنَّ السُرورَ مُرادِفُ العَنقاءِ
 
إِنّي لَأَحزَنُ أَن تَكونَ نُفوسُهُم
- غَرَضَ الخُطوبِ وَعُرضَةَ الأَرزاءِ
 
أَنا ما وَقَفتُ لِكَي أُشَبِّبَ بِالطَلا
- ما لي وَلِلتَشبيبِ بِالصَهباءِ
 
لا تَسأَلوني المَدحَ أَو وَصفَ الدُمى
- إِنّي نَبَذتُ سَفاسِفَ الشُعَراءِ
 
باعوا لِأَجلِ المالِ ماءَ حَيائِهِم
- مَدحاً وَبِتُّ أَصونُ ماءَ حَيائي
 
لَم يَفهَموا ما الشِعرُ إِلّا أَنَّهُ
- قَد باتَ واسِطَةً إِلى الإِثراءِ
 
فَلِذاكَ ما لاقَيتُ غَيرَ مُشَبِّبٍ
- بِالغانِياتِ وَطالِبٍ لِعَطاءِ
 
ضاقَت بِهِ الدُنيا الرَحيبَةُ فَاِنثَنى
- بِالشِعرِ يَستَجدي بَني حَوّاءِ
 
شَقِيَ القَريضُ بِهِم وَما سَعِدوا بِهِ
- لَولاهُمُ أَضحى مِنَ السُعَداءِ
 
نادوا عَلَينا بِالمَحَبَّةِ وَالهَوى
- وَصُدورُهُم طُبِعَت عَلى البَغضاءِ
 
أَلِفوا الرِياءَ فَصارَ مِن عاداتِهِم
- لَعَنَ المُهَيمِنُ شَخصَ كُلِّ مُرائي
 
إِن يَغضَبوا مِمّا أَقولُ فَطالَما
- كَرِهَ الأَديبَ جَماعَةُ الغَوغاءِ
 
أَو يُنكِروا أَدَبي فَلا تَتَعَجَّبوا
- فَالرَمدُ يُؤلِمُهُم طُلوعُ ذَكاءِ
 
أَو كُلَّما نَصَرَ الحَقيقَةَ فاضِلٌ
- قامَت عَلَيهِ قِيامَةُ السُفَهاءِ
 
أَنا ما وَقَفتُ اليَومَ فيكُم مَوقِفي
- إِلّا لِأَندُبَ حالَةَ التُعَساءِ
 
عَلّي أُحَرِّكُ بِالقَريضِ قُلوبَكُم
- إِنَّ القُلوبَ مَواطِنُ الأَهواءِ
 
لَهَفي عَلى المُحتاجِ بَينَ رُبوعِكُم
- يُمسي وَيُصبِحُ وَهوَ قَيدُ شَقاءِ
 
أَمسى سَواءً لَيلُهُ وَصَباحُهُ
- شَتّانَ بَينَ الصُبحِ وَالإِمساءِ
 
قَطَعَ القُنوطُ عَلَيهِ خَيطَ رَجائِهِ
- وَالمَرءُ لا يَحيا بِغَيرِ رَجاءِ
 
لَهفي وَلَو أَجدى التَعيسُ تَلَهُّفي
- لَسَفَكتُ دَمعي عِندَهُ وَدِمائي
 
قُل لِلغَنِيِّ المُستَعِزِّ بِمالِهِ
- مَهلاً لَقَد أَسرَفتَ في الخُيَلاءِ
 
جُبِلَ الفَقيرُ أَخوكَ مِن طينٍ وَمِن
- ماءٍ وَمِن طينٍ جُبِلتَ وَماءِ
 
فَمِنَ القَساوَةِ أَن تَكونَ مُنَعَّماً
- وَيَكونُ رَهنَ مَصائِبٍ وَبَلاءِ
 
وَتَظَلُّ تَرفُلُ بِالحَريرِ أَمامَهُ
- في حينِ قَد أَمسى بِغَيرِ كِساءِ
 
أَتَضِنُّ بِالدينارِ في إِسعافِهِ
- وَتَجودُ بِالآلافِ في الفَحشاءِ
 
اُنصُر أَخاكَ فَإِن فَعَلتَ كَفَيتَهُ
- ذُلَّ السُؤالِ وَمِنَّةَ البُخَلاءِ
 
أَذوي اليَسارَ وَما اليَسارُ بِنافِعٍ
- إِن لَم يَكُن أَهلوهُ أَهلُ سَخاءِ
 
كَم ذا الجُحودِ وَمالُكُم رَهنُ البَلا
- وَبِمَ الغُرورُ وَكُلُّكُم لِفَناءِ
 
إِنَّ الضَعيفَ بِحاجَةٍ لِنُضارِكُم
- لا تَقعُدوا عَن نُصرَةِ الضُعَفاءِ
 
أَنا لا أُذَكِّرُ مِنكُمُ أَهلَ النَدى
- لَيسَ الصَحيحُ بِحاجَةٍ لِدَواءِ
 
إِن كانَتِ الفُقَراءُ لا تُجزيكُم
- فَاللَهُ يُجزيكُم عَنِ الفُقَراءِ
 
قصيدة: أي شيء في العيد أهدي إليك
يقول الشاعر إيليا أبو ماضي في هذه القصيدة:
أَيُّ شَيءٍ في العيدِ أُهدي إِلَيكِ
- يا مَلاكي وَكُلُّ شَيءٍ لَدَيكِ
 
أَسِواراً أَم دُمُلجاً مِن نُضارٍ
- لا أُحِبُّ القُيودَ في مِعصَمَيكِ
 
أَمخُموراً وَلَيسَ في الأَرضِ خَمرٌ
- كَالَّتي تَسكُبينَ مِن لَحظَيكِ
 
أَم وُروداً وَالوَردُ أَجمَلُهُ عِندي
- الَّذي قَد نَشَقتُ مِن خَدَّيكِ
 
أَم عَقيقاً كَمُهجَتي يَتَلَظّى
- وَالعَقيقُ الثَمينُ في شَفَتَيكِ
 
لَيسَ عِندي شَيءٌ أَعَزُّ مِنَ الروحِ
- وَروحي مَرحونَةٌ في يَدَيكِ
 
قصيدة: نسي الطين ساعة أنه طين
نَسِيَ الطينُ ساعَةً أَنَّهُ طينٌ
- حَقيرٌ فَصالَ تيها وَعَربَد
 
وَكَسى الخَزُّ جِسمَهُ فَتَباهى
- وَحَوى المالَ كيسُهُ فَتَمَرَّد
 
يا أَخي لا تَمِل بِوَجهِكَ عَنّي
- ما أَنا فَحمَة وَلا أَنتَ فَرقَد
 
أَنتَ لَم تَصنَعِ الحَريرَ الَّذي
- تَلبَس وَاللُؤلُؤَ الَّذي تَتَقَلَّد
 
أَنتَ لا تَأكُلُ النُضارَ إِذا جِع
- ت وَلا تَشرَبُ الجُمانَ المُنَضَّد
 
أَنتَ في البُردَةِ المُوَشّاةِ مِثلي
- في كِسائي الرَديمِ تَشقى وَتُسعَد
 







