فوائد من سورة الهمزة
فوائد من سورة الهمزة
من الفوائد العظيمة لهذه السورة التي يجدر ذكرها ما يأتي:
- صون أموال وأعراض الناس
فقد افتتحت سورة الهمزة بألفاظ زاجرة رادعة مثل (وَيْلٌ).
- تعد معصية الهمز واللمز كبيرة من الكبائر؛ لما فيها من إهانة وسبّ وشتم للآخرين.
- البخل والقتر بالمال يؤدي إلى قبح الأفعال.
- بينت الآيات أن الجزاء من جنس العمل
فأغلق الله -تعالى- على الأغنياء البخلاء أبواب جهنم ؛ لمّا أغلقوا صناديق أموالهم، وكانوا سبباً في حرمان الفقراء من صدقاتهم.
نبذة تعريفية عن السورة
تعد سورة الهمزة من السور المكية، وترتيبها حسب زمن النزول يأتي بعد سورة القيامة، وروى ابن مردويه عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال إن قوله -تعالى-: (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ)، نزل بمكة، وعدد آيات سورة الهمزة تسع آيات، وعدد كلماتها أربع وثلاثون كلمة، وسميت السورة بالهمزة بهذا الاسم؛ لورود كلمة الهمزة في بدايتها.
وسبب مجيء سورة الهمزة بعد سورة العصر؛ هو أن سورة العصر ذكرت أوصاف العصاة وأسباب هلاكهم؛ فجاءت سورة الهمزة لتبين أحوال الخاسرين، وبيّن محمد بن حزم -رحمه الله تعالى- أن سورة الهمزة جميع آياتها من القرآن المحكم ، ولا يوجد فيها أحكام النسخ.
أسباب النزول
تعددت الأقوال والروايات في أسباب نزولها، نذكر منها ما يأتي:
- أنها نزلت في رجل يدعى الأخنس بن شريق
أخبر بذلك عطاء والكلبي وآخرون، وهذا الرجل اعتاد إيذاء الناس بلسانه ويده، وخاصة إيذاء النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- أنها نزلت في الوليد بن المغيرة
روى ذلك مقاتل؛ حيث أنها نزلت في أحد سادة قريش وهو الوليد بن المغيرة؛ كان يذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسوء، ويسبه في حضرته ومن ورائه.
- أنها نزلت في رجل يدعى جميل بن عامر الجمحي، قال بذلك ابن جرير.
- أنها نزلت في أمية بن خلف
ذكر ابن المنذر رواية عن محمد بن إسحاق، قال فيها أن أمية بن خلف كان يطعن ويغتاب ويعيب على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ إذا شاهده فأنزل -جل جلاله- السورة كلها.
- أنها نزلت في أبي بن خلف
ذكر ابن أبي حاتم عن الصحابيين الجليلين؛ عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر-رضي الله عنهما- قولهم: أنهم سمعوا كثيراً بأن سورة الهمزة نزلت في أُبي بن خلف .
معاني مفردات سورة الهمزة
ذكرت التفاسير معاني مفردات سورة الهمزة، نبينها كما يأتي:
- (ويل)
وتعني الخزي والخسران والهلاك.
- (همزة)
وهو الذي يذكر الناس بسوء وينتقص منهم.
- (لمزة)
وهو من يلحق الضرر بالآخرين بالقول والفعل.
- (الذي جمع مالا وعدده)
وهو الطماع والبخيل الذي لديه رغبة شديدة في كسب الأموال وتكثيرها.
- (يحسب): يظن.
- (أخلده)
حقق له بقاء الديمومة في الحياة الدنيا.
- (لينبذن): ليُلقينّ في النار.
- (الحطمة)
من أسماء النار وتعمل على تحطيم أهلها.
- (الموقدة)
كثيفة اللهب شديدة الحرارة.
- (تطلع على الأفئدة)
تنفذ إلى القلوب التي وقرت فيها العقائد الباطلة .
- (مؤصدة): مغلقة بإحكام شديد.
- (في عمد ممددة)
قيل هي السلاسل والأغلال الثقيلة، وقيل جمع عمود التي تستخدم لإغلاق أبواب جهنم على أهلها.
فكرة ومحور سورة الهمزة
محور السورة الرئيس هو ذم التفاخر والغطرسة، والتكبر والغرور بالمال، في حين تُظهر سورة الهمزة مشهداً واقعياً من مشاهد بداية الدعوة، كما أنها صورة متكررة في كل زمان ومكان، وهو مشهد الرجل الذي يحصّل ويكسب الأموال الكثيرة؛ حتى يصيبه الغرور والكبر، وأنه سيحقق كل أمانيه وسيشبع شهواته ورغباته، وأن ماله هو الأمر الأوحد الذي تسقط أمامه كل القيم والأخلاق، ومنازل الآخرين ومكانتهم.
كما ويصور له المال أن الحقائق أكاذيب وظنون؛ ومن ذلك أنه باستطاعة ماله أن يديم حياته، ويخلده في الدنيا من غير مرض ولا موت، وأن المال هو الذي يجلب له الأمان ويبعد عنه الخوف.
وبعد ذلك يلهو ويلعب غير آبهٍ؛ فيقوم بإحصاء ماله مراراً وتكراراً ويستمتع بعدّه، مما يثير عنده الحماس في الانتقاص من مكانة وكرامة الناس؛ فيروح يغتابهم ويسخر منهم، ويستهزئ بهم ويحط من قيمتهم وأقدارهم؛ وذلك لخلو هذه النفوس من قيم المروءة ؛ التي تقدر قيمة الآدمي وتحترمها، لا سيما وقد نهى الشرع الحنيف عن الهمز واللمز في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة.
ومن أجل ذلك أظهر الحق -جل جلاله- أليم الجزاء الذي ينتظره المغتاب والهمّاز؛ بهذه الصورالرادعة والزاجرة، وما تحمله من ألوان الترهيب والتهديد والوعيد؛ لكل من تسوّل له نفسه فعلها في كل زمان ومكان.