فوائد من حديث (من أحدث في أمرنا هذا)
فوائد من حديث (من أحدث في أمرنا هذا)
روى البخاري في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هذا ما ليسَ فِيهِ، فَهو رَدٌّ)، و في رواية لمسلم: (مَن عَمِلَ عَمَلًا ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ).
وقد أُوتي النبي -صلى الله عليه وسلم- جوامع الكلِم؛ ولذلك يمكن استنباط الكثير من الفوائد من كلمات قلائل يقولها -صلى الله عليه وسلم-، وفيما يأتي بعض تلك الفوائد المستنبطة من هذا الحديث الشريف:
- يجب أن تكون الأعمال الظاهرة موافقة للشرع.
- الشعائر التعبدية إذا كانت على خلاف الشرع فإنها مردودة
كالوضوء، والغسل، والصلاة، وغير ذلك؛ إذا كانت على خلاف الشرع، فإنها تكون مردودة على صاحبها غير معتبرة.
- من ابتدع بدعة ليس لها أصل في الشرع فهي مردودة
وصاحبها مستحق للوعيد، فليس عمله مردوداً فقط بل هو مع ذلك آثم.
- من عمل عملاً ليس عليه أمر الشرع مقلداً أو مبتدعاً بنفسه فهو ردّ
ورواية الحديث في صحيح مسلم تبين ذلك؛ بأن من عمل عملاً ليس عليه أمر الشرع؛ فهو مردود عليه سواء كان هو أول من عمل ذلك، أو كان مقلداً لغيره ممن سبق إلى ذلك الفعل.
- لا يدخل تحت حكم هذا الحديث ما كان من المصالح التي حفظها الدين
ك جمع القرآن في المصاحف، وتدوين علوم اللغة والنحو، وغير ذلك مما لم يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن تلك الأعمال مما يتفق مع أصول الدين.
- النية الحسنة لا تصلح العمل الفاسد
فهناك رواية عن رجل من الصحابة الكرام ذبح شاة قبل صلاة العيد يريد بذلك أن تطبخ وتكون أول ما يأكله الناس بعد الصلاة، فبين له النبي -صلى الله عليه وسلم- أن شاته لم تجزئه أضحية بل هي إطعام.
- العمل الصالح المقبول إذا أُتي به بطريقة تخالف الشرع لا يقبل من صاحبه.
شرح الحديث الشريف
يضع الحديث الشريف قانوناً وقاعدة عامة تمنع إدخال شيء في الدين مما لم يكن منه؛ حيث يبين أن من ابتكر شيئاً من العبادات يرى أنه يثاب على فعلها ويأثم إذا تركها، وليس لها أصل فيما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- فلن يقبل منه، بل يأثم بهذا الفعل.
والحكم على الفعل من اختصاص العلماء؛ الذين يستطيعون تأصيل العمل بأُطر الإسلام وقواعده العامة؛ فإن كان يخدمها كأن يتفق العمل مع حفظ الضروريات الخمس فلا بأس به، بل قد يكون مأموراً به في بعض الحالات.
أهمية هذا الحديث الشريف
هذا الحديث الشريف أصل عظيم من أصول الإسلام، وهو ميزان وحَكَمٌ على الأعمال الظاهرة التي يقوم بها المسلم، وهذا الحديث هو الشق الثاني لحديث: (إنما الأعمال بالنيات)، الذي يبين أن كل عمل لا يراد به وجه الله -سبحانه وتعالى- لا يُقبل، فحديثنا هذا يقضي أن كل عمل لا يوافق شرع الله -سبحانه وتعالى- لا يقبل.