فوائد سورة الحجرات
فوائد سورة الحجرات
تجلّت آداب الإسلام و مكارم الأخلاق في هذه السورة العظيمة، سورة الحجرات التي أنبتت في قلوب المسلمين بذرة الخير، وحاربت بذرة الشر التي تدعو الناس إلى محاربة بعضهم البعض، والسخرية والاستهزاء بالآخرين، وحثّتهم على التآلف فيما بينهم والتوادد والتحابب، من خلال بعض الآداب والأخلاق المؤدية لذلك.
وقد ذكرت سورة الحجرات مجموعة من الآداب على النحو التالي:
- القول الأول للقرآن الكريم ثمَّ السنة النبوية الشريفة، ولا يُقدّم قول أحد، أو فعله عليهما.
- الحرص على الكلام بصوت هادئ عند رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.
- الالتزام بحدود الأدب أثناء الكلام مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وعدم تعدّي هذا الحدّ، أو رفع الكلفة عنده.
- عدم نداء الرسول الكريم، حين يكون متواجداً في بيته وانتظاره للخروج.
- عدم اعتماد ما ينقله الفاسق من الأخبار الفاسقة، وعدم تصديقه والاستمرار في نشر ما ينشره.
- الرأي للرسول الكريم في القول، وعدم فرض أحد من المسلمين رأيه على الرسول الأمين.
- السعي في الإصلاح بين المسلمين، والحرص على التزام العدل في ذلك.
- منع الظالم عن ظلمه، واستخدام القتال إن امتنع عن الإجابة.
- المؤاخاة بين المسلمين.
- الابتعاد عن السخرية بالآخرين، وخاصة المسلمين منهم، وعدم ذكر الآخرين بالألقاب إلّا ما كانت محببة لهم.
- ترك الافتراء على الآخرين.
- الحرص على عدم الظنّ السوء بالآخرين دون وجود الدافع الحقيقي لذلك.
- ترك التجسس، وخاصة إن كان على أهل الحق لنقل الأخبار لأهل الباطل.
- ترك ذكر الناس في غيبتهم بما يكرهون.
- الابتعاد عن التفاخر بما يتفاخر به الناس في القبيلة والعائلة والحسب والنسب وغيرها.
- النهي عن ادعاء الإيمان وإخفاء الكفر.
- إقامة الإيمان بأركانه والصدق فيه، والجهاد في سبيل الله.
- عدم المنّ في الدخول في الإسلام.
وقد شملت هذه الآداب في السورة الكريمة على مجموعة من المجالات في نطاق التعامل مع البشرية، ومن هذه المجالات ما يأتي:
- ذكرت السورة أهمية تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، أو بين العاميّ من الشعب ومن هم أعلى منه، وتمثّلت هذه الصورة في الآيات في التوجيه للمسلمين في تعاملهم مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.
- ذكرت السورة أساسيات التعامل مع أبناء المسلمين، والتعامل مع البشرية جمعاء.
- نصّت الآيات على الآداب التي يلتزمها الحاكم في التعامل مع الرعيّة.
تعريف سورة الحجرات
نزلت سورة الحجرات بعد سورة المجادلة، التي نزلت بعد سورة المنافقون، وقد نزلت سورة المنافقون في غزوة بني المصطلق التي وقعت في السنة الخامسة من هجرة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة المنورة، وعليه فإنّ السور الثلاث تُعدّ من السور المدنية، ويأتي نزول سورة الحجرات بالتحديد في الفترة الواقعة بين صلح الحديبية وغزوة تبوك.
ويبلغ عدد آيات سورة الحجرات ثماني عشرة آية، ويعود سبب تسميتها؛ إلى ما ورد فيها من قول الله -تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)، وقد جاءت السورة في الحثّ على مجموعة من الآداب التي يلتزم بها المسلم مع الله ومع الرسول الأمين.
وإنّ ما ورد في سورة الفتح الواقعة قبل سورة الحجرات من عدم امتثال المسلمين في صلح الحديبية لأمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حين أمرهم بالتحلل من الإحرام للعودة من غير أداء العمرة، فجاءت هذه الآداب في سورة الحجرات لئلّا يقع المسلمون فيما وقعوا فيه من قبل.
أسباب نزول بعض الآيات من سورة الحجرات
روى الضاحك بن أبي جبيرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (كانت لهم ألقابٌ في الجاهليَّةِ فدعا رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- رجُلًا بلَقَبِه فقيل: يا رسولَ اللهِ إنَّه يكرَهُه فأنزَل اللهُ: (وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ).
وفي سبب نزول قول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ) ، إنّ وفداً قدم إلى الرسول الكريم وفيهم الأقرع بن حابس، وتحدث أبو بكر الصديق و عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- فيمن يجعل رسول الله أميراً عليهم، وارتفع صوتهما وهما بين يدي الرسول الكريم، وإن كانت الآية قد نزلت في أبي بكر وعمر فالأمر أمرٌ لجميع المسلمين.