أشعار عن الرسول
قصيدة إلى أحمد المختار نهدي تحية للشاعر ابن الجنان
إلى أحمد المختار نُهدي تحية
- تُفاوحُ روض الحزنِ بلّله المزنُ
إذا نافحت معناه زاد تأرُّجا
- وإن لثمتْ يمناه قابله اليمن
أسيِّر أشواقي رسولاً بعَرفها
- لتسعدها منه العوارف والمن
وأرجو لديه الفضلَ فهو منيلُه
- وما خاب لي منه الرجاء ولا الظنُّ
عليه اعتمادي حين لا ليَ حيلةٌ
- إليه استنادي حين ينبو بي الركن
به وثقتْ نفسي الضعيفة بعدما
- أضرَّ بها من ضعف قوتها الوهن
إليه صلاتي قد بعثتُ مشفعا
- سلاماً به الإحسان ينساقُ والحسنُ
قصيدة بطيبة رسم للرسول ومعهد للشاعر حسان بن ثابت
بطيبـةَ رسـمٌ للرسـولِ ومعهـدُ
- منيرٌ، وقد تعفو الرسـومُ وتهمـد
ولا تنمحي الآياتُ من دارِ حرمـةٍ
- بِها منبرُ الهادي الذي كانَ يصعـدُ
وواضحُ آيـاتٍ، وباقـي معالـمٍ
- وربعٌ لهُ فيـهِ مصلـىً ومسجـدُ
بِها حجراتٌ كانَ ينـزلُ وسطهـا
- منَ اللهِ نـورٌ يستضـاءُ، ويوقـدُ
معالمُ لَم تطمسْ على العهـدِ آيُهـا
- أتاها البلـى، فالآيُ منهـا تجـددُ
عرفتُ بِها رسمَ الرسولِ وعهـدهُ
- وقبراً بهِ واراهُ فِي التـربِ ملحـدُ
ظللتُ بِها أبكي الرسولَ، فأسعدتْ
- عيونٌ، ومثلاها منَ الجفـنِ تسعـدُ
تذكـرُ آلاءَ الرسـولِ، ومـا أرى
- لَها محصياً نفسي، فنفسـي تبلـدُ
مفجعةٌ قدْ شفهـا فقـدُ أحـمدٍ
- فظلـتْ لآلاء الـرسـولِ تعـددُ
وما بلغتْ منْ كلّ أمـرٍ عشيـرهُ
- ولكنّ نفسي بعضَ ما فيـه تحمـدُ
أطالتْ وقوفاً تذرفُ العينُ جهدهـا
- على طللِ القبـرِ الذي فيهِ أحـمدُ
فبوركتَ، يا قبرَ الرسولِ، وبوركتْ
- بلادٌ ثوى فيهـا الرشيـدُ المسـددُ
وبوركَ لَحدٌ منـكَ ضمـنَ طيبـاً
- عليهِ بنـاءٌ من صفيـحٍ، منضـدُ
تُهيلُ عليهِ التـربَ أيـدٍ وأعيـنٌ
- عليهِ، وقدْ غارتْ بـذلكَ أسعـدُ
لقد غيبوا حلماً وعلمـاً ورحـمةً
- عشيةَ علـوهُ الثـرى ، لا يوسـدُ
وراحوا بِحزنٍ ليسَ فيهـمْ نبيهـمْ
- وقدْ وهنتْ منهمْ ظهورٌ، وأعضـدُ
يُبكُّونَ من تبكي السمواتُ يومـهُ
- ومن قدْ بكتهُ الأرضُ فالناس أكمـدُ
وهلْ عدلتْ يومـاً رزيـةُ هـالكٍ
- رزيـةَ يـومٍ مـاتَ فيـهِ محمـدُ
تقطعَ فيهِ منـزلُ الوحـيِ عنهـمُ
- وقد كانَ ذا نورٍ، يغـورُ وينجـدُ
يدلُّ على الرحمنِ منْ يقتـدي بـهِ
- وينقذُ منْ هولِ الخزايـا ويرشـدُ
إمامٌ لَهمْ يهديهـمُ الحـقَّ جاهـداً
- معلمُ صدقٍ، إنْ يطيعـوهُ يسعـدوا
عفوٌّ عن الزلاتِ، يقبـلُ عذرهـمْ
- وإنْ يحسنوا، فاللهُ بالخيـرِ أجـودُ
وإنْ نابَ أمرٌ لَم يقومـوا بِحمـدهِ
- فمـنْ عنـدهِ تيسيـرُ ما يتشـددُ
فبينا هـمُ فِي نعمـةِ اللهِ بينهـمْ
- دليلٌ بِهِ نَهـجُ الطريقـةِ يقصـدُ
عزيزٌ عليهِ أنْ يحيـدوا عن الهـدى
- حريصٌ على أن يستقيموا ويهتـدوا
عطوفٌ عليهمْ، لا يثنـي جناحـهُ
- إلى كنفٍ يَحنـو عليهـم ويمهـدُ
فبينا همُ فِي ذلك النـورِ، إذْ غـدا
- إلى نورهمْ سهمٌ من الموتِ مقصـدُ
فأصبحَ محمـوداً إلـى اللهِ راجعـاً
- يبكيهِ جفـنُ المرسـلاتِ ويحمـدُ
وأمستْ بلادُ الحرم وحشاً بقاعهـا
- لغيبةِ ما كانتْ من الوحـيِ تعهـدُ
قفاراً سوى معمورةِ اللحدِ ضافهـا
- فقيـدٌ، يبكيـهِ بـلاطٌ وغرقـدُ
ومسجدهُ، فالـموحشاتُ لفقـدهِ
- خـلاءٌ لـهُ فيـهِ مقـامٌ ومقعـدُ
وبالجمرةِ الكبرى لهُ ثمّ أوحشـتْ
- ديارٌ، وعرصاتٌ، وربـعٌ، ومولـدُ
فبَكِّي رسولَ اللهِ يا عيـنُ عبـرةً
- ولا أعرفنكِ الدَّهـرَ دمعكِ يجمـدُ
ومالكِ لا تبكينَ ذا النعمـةِ التـي
- على الناسِ منهـا سابـغٌ يتغمـدُ
فجودي عليهِ بالدمـوعِ وأعولـي
- لفقدِ الذي لا مثلهُ الدَّهـرِ يوجـدُ
وما فقدَ الـماضونَ مثـلَ محمـدٍ
- ولا مثلـهُ، حتّى القيامـةِ، يفقـدُ
أعـفَّ وأوفَى ذمـةً بعـدَ ذمـةٍ
- وأقـربَ منـهُ نائـلاً، لا ينكـدُ
وأبـذلَ منـهُ للطريـفِ وتالـدٍ
- إذا ضنّ معطاءٌ ، بِما كـانَ يتلـدُ
وأكرمَ حياً فِي البيوتِ، إذا انتمـى
- وأكـرمَ جـداً أبطحيـاً يسـودُ
وأمنعَ ذرواتٍ، وأثبتَ فِي العلـى
- دعائـمَ عـزٍّ شاهقـاتٍ تشيـدُ
وأثبتَ فرعاً فِي الفـروعِ ومنبتـاً
- وعوداً غداةَ المزنِ، فالعـودُ أغيـدُ
رباهُ وليـداً، فاستتـمّ تـمامـهُ
- على أكرمِ الخيراتِ، ربٌّ مُمَجّـدُ
تناهتْ وصـاةُ المسلميـنَ بكفـهِ
- فلا العلمُ محبوسٌ، ولا الرأيُ يفنـدُ
أقولُ، ولا يلفـى لقولـيَ عائـبٌ
- منَ الناسِ، إلا عازبُ العقلِ مبعـدُ
وليسَ هوائـي نازعـاً عنْ ثنائـهِ
- لعلي بهِ فِي جنـةِ الخلـدِ أخلـدُ
معَ المصطفى أرجـو بذاكَ جـوارهُ
- وفِي نيلِ ذاك اليومِ أسعى وأجهـدُ
قصيدة الرسول عليه الصلاة و السلام وأبو بكر في غار ثور
يقول عبد الرحمن العشماوي:
هجرةٌ يا رياحُ هبِّي رُخاءً
- واهتفي يا بحار للملاَّح
أيها الغار، غار ثورٍ، تلاقى
- عندك المجد وانبثاق الصَّباح
ثاني اثنين ، يا خيول قريش
- هل سيجدي فيكن كبح الجماح
ثاني اثنين، والعدو قريب
- وحفيف الأشجار صوت نواح
ثاني اثنين، والإله مجيب
- وحمى مصطفاه غير مباح
ثاني اثنين، أيها الغار بُشرى
- صرت رمزا على طريق الفلاح
رجع المشركون عنك حيارى
- لم يروا غير ظلمة الأشباح
ردَّهم " أوهن البيوت " فعادو
- في وجوم وحسرة والتياح
خسر القوم كل شيء وأمسى
- سيد الخلق وافر الأرباح
قصيدة ما بال عيني لا تنام كأنما
يقول حسّان بن ثابت:
ما بالُ عَيني لا تَنامُ كَأَنَّما
- كُحِلَت مَآقيها بِكُحلِ الأَرمَدِ
جَزَعاً عَلى المَهدِيِّ أَصبَحَ ثاوِياً
- يا خَيرَ مَن وَطِئَ الحَصى لا تَبعُدِ
جَنبي يَقيكَ التُربَ لَهفي لَيتَني
- غُيِّبتُ قَبلَكَ في بَقيعِ الغَرقَدِ
أَأُقيمُ بَعدَكَ بِالمَدينَةِ بَينَهُم
- يا لَهفَ نَفسي لَيتَني لَم أولَدِ
بِأَبي وَأُمّي مَن شَهِدتُ وَفاتَهُ
- في يَومِ الاِثنَينِ النَبِيُّ المُهتَدي
فَظَلِلتُ بَعدَ وَفاتِهِ مُتَلَدِّداً
- يا لَيتَني أُسقيتُ سَمَّ الأَسوَدِ
أَو حَلَّ أَمرُ اللَهِ فينا عاجِلاً
- من يَومِنا في رَوحَةٍ أَو في غَدِ
فَتَقومُ ساعَتُنا فَنَلقى طَيِّباً
- مَخصاً ضَرائِبُهُ كَريمَ المَحتِدِ
يا بِكرَ آمِنَةَ المُبارَكَ ذِكرُهُ
- وَلَدَتكَ مُحصَنَةٌ بِسَعدِ الأَسعَدِ
نوراً أَضاءَ عَلى البَرِيَّةِ كُلِّها
- مَن يُهدَ لِلنورِ المُبارَكِ يَهتَدِ
يا رَبِّ فَاِجمَعنا مَعاً وَنَبِيَّنا
- في جَنَّةٍ تُنبي عُيونَ الحُسَّدِ
في جَنَّةِ الفِردَوسِ وَاِكتُبها لَنا
- يا ذا الجَلالِ وَذا العُلا وَالسُؤدُدِ
وَاللَهِ أَسمَعُ ما حَيِيتُ بِهالِكٍ
- إِلّا بَكَيتُ عَلى النَبِيِّ مُحَمَّدِ
يا وَيحَ أَنصارِ النَبِيِّ وَرَهطِهِ
- بَعدَ المُغَيَّبِ في سَواءِ المُلحَدِ
ضاقَت بِالاَنصارِ البِلادُ فَأَصبَحوا
- سوداً وُجوهُهُمُ كَلَونِ الإِثمِدِ
وَلَقَد وَلَدناهُ وَفينا قَبرُهُ
- وَفُضولَ نِعمَتِهِ بِنا لَم نَجحَدِ
وَاللَهُ أَكرَمَنا بِهِ وَهَدى بِهِ
- أَنصارَهُ في كُلِّ ساعَةِ مَشهَدِ
صَلّى الإِلَهُ وَمَن يَحُفُّ بِعَرشِهِ
- وَالطَيِّبونَ عَلى المُبارَكِ أَحمَدِ
فَرِحَت نَصارى يَثرِبٍ وَيَهودُها
- لَمّا تَوارى في الضَريحِ المُلحَدِ