أشعار عتاب قوية
أشعار العتاب
العتاب هو دليلٌ على المحبّة ، وليس الجميع يستحقّ العتاب، فلوم الشخص العزيز يعكس مصداقيّة المشاعر الطيّبة المتبادلة بين الطرفين، ويُمكن التعبير عن العتاب بمواقف أو كلمات، وفيما يأتي سنذكر بعض الأشعار الجميلة التي نسجها الشعراء عن العتاب.
وما عن قلى عاتبت بكر ابن وائل
الفرزدق شاعر أمويّ من العصر الإسلاميّ اشتُهر بشعر المدح، والفخر، والهجاء، وهو من نُبلاء قومه ومن شُعراء الطبقة الأولى وفيما يأتي إحدى قصائده في عتاب قبيلة بكر:
وَما عَن قِلىً عاتَبتُ بَكرَ اِبنَ وائِلٍ
- وَلا عَن تَجَنّي الصارِمِ المُتَجَرِّمِ
وَلَكِنَّني أَولى بِهِم مِن حَليفِهِم
- لَدى مَغرَمٍ إِن نابَ أَو عِندَ مَغنَمِ
وَهَيَّجَني ضَنّي بِبَكرٍ عَلى الَّذي
- نَطَقتُ وَما غَيبي لِبَكرٍ بِمُتهَمِ
وَقَد عَلِموا أَنّي أَنا الشاعِرُ الَّذي
- يُراعي لِبَكرٍ كُلِّها كُلَّ مَحرَمِ
وَإِنّي لِمَن عادَوا عَدُوٌّ وَإِنَّني
- لَهُم شاكِرٌ ما حالَفَت ريقَتي فَمي
هُمُ مَنَعوني إِذ زِيادٌ يَكيدُني
- بِجاحِمِ جَمرٍ ذي لَظى مُتَضَرِّمِ
وَهُم بَذَلوا دوني التِلادَ وَغَرَّروا
- بِأَنفُسِهِم إِذ كانَ فيهِم مُرَغِّمي
أَتَرضى بَنو شَيبانَ لِلَّهِ دَرُّهُم
- وَبَكرٌ جَميعاً كُلَّ مُثرٍ وَمُعدَمِ
بَأَزدِ عُمانٍ إِخوَةٌ دونَ قَومِهِم
- لَقَد زَعَموا في رَأيِهِم غَيرَ مَرغَمِ
فَإِنَّ أَخاها عَبدُ أَعلى بَنى لَها
- بِأَرضِ هِرَقلٍ وَالعُلى ذاتُ مَجشَمِ
رَفيعاً مِنَ البِنيانِ أَثبَتَ أُسَّهُ
- مَآثِرُ لَم تَخشَع وَلَم تَتَهَدَّمِ
هُمُ رَهَنوا عَنهُم أَباكَ وَما أَلَوا
- عَنِ المُصطَفى مِن قَومِهِم بِالتَكَرُّمِ
وصالك لي هجر وهجرك لي وصل
محمود سامي البارودي هو أول شاعر مصري نهض بالشعر العربي من كبوته في العصر الحديث، وفيما يأتي إحدى قصائده بالعتاب وهي:
وِصَالُكَ لِي هَجْرٌ وَهَجْرُكَ لِي وَصْلُ
- فَزِدْنِي صُدُوداً مَا اسْتَطَعْتَ وَلا تَأْلُ
إِذَا كَانَ قُرْبِي مِنْكَ بُعْدَاً عَنِ الْمُنَى
- فَلا حُمَّتِ اللُّقْيَا وَلا اجْتَمَعَ الشَّمْلُ
وَكَيْفَ أَوَدُّ الْقُرْبَ مِنْ مُتَلَوِّنٍ
- كَثِيرِ خَبَايَا الصَّدْرِ شِيمَتُهُ الْخَتْلُ
فَلَيْتَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ يَنْتَهِي
- إِلَى حَيْثُ لا طَلْحٌ يَرِفُّ وَلا أَثْلُ
خَبُثْتَ فَلَوْ طُهِّرْتَ بِالْمَاءِ لاكْتَسَى
- بِكَ الْمَاءُ خُبْثاً لا يَحِلُّ بِهِ الْغَسْلُ
فَوَجْهُكَ مَنْحُوسٌ وَكَعْبُكَ سَافِلٌ
- وَقَلْبُكَ مَدْغُولٌ وَعَقْلُكَ مُخْتَلُّ
بِكَ اسْوَدَّتِ الأَيَّامُ بَعْدَ ضِيَائِهَا
- وَأَصْبَحَ نَادِي الْفَضْلِ لَيْسَ بِهِ أَهْلُ
فَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي الدَّهْرِ مَا انْقَضَّ حَادِثٌ بِقَوْمٍ
- وَلا زَلَّتْ بِذِي أَمَلٍ نَعْلُ
فَمَا نَكْبَةٌ إِلا وَأَنْتَ رَسُولُهَا
- وَلا خَيْبَةٌ إِلا وَأَنْتَ لَهَا أَصْلُ
أَذُمُّ زَمَانَاً أَنْتَ فِيهِ وَبَلْدَةً
- طَلَعْتَ عَلَيْهَا إِنَّهُ زَمَنٌ وَغْلُ
ذِمَامُكَ مَخْفُورٌ وَعَهْدُكَ ضَائِعٌ
- وَرَأْيُكَ مَأْفُونٌ وَعَقْلُكَ مُخْتَلُّ
مَخَازٍ لَوَ انَّ النَّجْمَ حُمِّلَ بَعْضَهَا
- لَعَاجَلَهُ مِنْ دُونِ إِشْرَاقِهِ أَفْلُ
فَسِرْ غَيْرَ مَأْسُوفٍ عَلَيْكَ فَإِنَّمَا
- قُصَارَى ذَمِيمِ الْعَهْدِ أَنْ يُقْطَعَ الْحَبْلُ
نفاق
نزار توفيق قبّاني من أشهر شعراء العصر الحديث، وهو شاعر وأديب دبلوماسي، ولد في دمشق من عائلة سوريّة مشهورة، وله العديد من القصائد والدواوين الشعريّة، وفيما يأتي إحدى قصائده عن العتاب وهي:
كَفَانَا نِفَاقْ
فما نَفْعُهُ كلُّ هذا العِناقْ
ونحنُ انتهَيْنَا
وكُلُّ الحكايا التي قد حكينَا
نِفَاقٌ
نِفَاقْ
إنَّ قُبْلاتِكَ الباردَهْ
على عُنُقي لا تُطَاق
وتاريخُنا جُثَّةٌ هامِدَهْ
أمام الوُجَاق
كَفَى
إنَّها الساعةُ الواحِدَهْ
فأينَ الحقيبَهْ
أَتَسْمَعُ أينَ سَرَقْتَ الحقيبَهْ
أجَلْ. إنَّها تُعْلِنُ الواحِدَهْ
ونحنُ نلُوكُ الحكايا الرتيبَهْ
بلا فائِدَهْ
لِنَعْتَرِفِ الآنَ أنَّا فَشِلْنَا
ولم يبقَ مِنَّا
سوى مُقَلٍ زائغَهْ
تَقَلَّصَ فيها الضياءْ
وتجويفِ أعْيُنِنَا الفارغَهْ
تَحَجَّر فيها الوفَاءْ
كَفَانا
نُحَمْلقُ في بعضنا في غَبَاءْ
ونحكي عن الصِدْق والأصدقاءْ
ونَزْعُم أنَّ السماءْ
تَجنَّتْ علينا
ونحنُ بكِلْتَا يدَيْنَا
دَفَنَّا الوفاءْ
وبِعْنَا ضمائرنَا للشتاءْ
وها نحنُ نجلسُ مثلَ الرفاقْ
ولسنا حبيبينِ لسنا رِفَاقْ
نُعيدُ رسَائلَنا السالِفَهْ
لهذا النِفَاقْ
أنحنُ كتبناهُ هذا النِفَاقْ
بدون تَرَوٍ ولا عاطِفَهْ
كَفَانَا هُرَاءْ
فأينَ الحقيبةُ أينَ الردَاءْ
لقد دَنَتِ اللحظةُ الفاصِلَهْ
وعمَّا قليلٍ سيطوي المساءْ
فُصولَ علاقَتِنَا الفاشِلَهْ
فيا رب حببني إليها
جميل بن معمّر وهو من أهمّ الشعراء الذين اشتهروا بالفصاحة، حيث جمع الشعر ورواه، ولمع صيته بأشعار الحب ، وذلك لحبه الشديد لمحبوبته بُثينة، وفيما يأتي قصيدة عتاب لها:
أَهاجَكَ أَم لا بِالمَداخِلِ مَربَعُ
- وَدارٌ بِأَجراعِ الغَديرَينِ بَلقَعُ
ديارٌ لِسَلمى إِذ نَحِلُّ بِها مَعاً
- وَإِذ نَحنُ مِنها بِالمَوَدَّةِ نَطمَعُ
وَإِن تَكُ قَد شَطَّت نَواها وَدارُها
- فَإِنَّ النَوى مِمّا تُشِتُّ وَتَجمَعُ
إِلى اللَهِ أَشكو لا إِلى الناسِ حُبَّها
- وَلا بُدَّ مِن شَكوى حَبيبٍ يُرَوَّعُ
أَلا تَتَّقينَ اللَهَ فيمَن قَتَلتِهِ
- فَأَمسى إِلَيكُم خاشِعاً يَتَضَرَّعُ
فَإِن يَكُ جُثماني بِأَرض سِواكُمُ
- فَإِنَّ فُؤادي عِندكِ الدَهرَ أَجمَعُ
إِذا قُلتُ هَذا حينَ أَسلو وَأَجتَري
- عَلى هَجرِها ظَلَّت لَها النَفسُ تَشفَعُ
أَلا تَتَّقينَ اللَهَ في قَتلِ عاشِقٍ
- لَهُ كَبِدٌ حَرّى عَلَيكِ تَقَطَّعُ
غَريبٌ مَشوقٌ مولَعٌ بِاِدِّكارِكُم
- وَكُلُّ غَريبِ الدارِ بِالشَوقِ مولَعُ
فَأَصبَحتُ مِمّا أَحدَثَ الدَهرُ موجِعاً
- وَكُنتُ لِرَيبِ الدَهرِ لا أَتَخَشَّعُ
فَيا رَبِّ حَبِّبني إِلَيها وَأَعطِني
- المَوَدَّةَ مِنها أَنتَ تُعطي وَتَمنَعُ
وَإِلّا فَصَبِّرني وَإِن كُنتُ كارِهاً
- فَإِنّي بِها يا ذا المَعارِجِ مولَعُ
وَإِن رمتُ نَفسي كَيفَ آتي لِصَرمِها
- وَرمتُ صدوداً ظَلَّتِ العَينُ تَدمَعُ
جَزِعتُ حِذارَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلوا
- وَمَن كانَ مِثلي يا بُثَينَةُ يَجزَعُ
تَمَتَّعتُ مِنها يَومَ بانوا بِنَظرَةٍ
- وَهَل عاشِقٌ مِن نَظرَةٍ يَتَمَتَّعُ
كَفى حَزَناً لِلمَرءِ ما عاشَ أَنَّهُ
- بِبَينِ حَبيبٍ لا يَزالُ يُرَوَّعُ
فَوا حَزَناً لَو يَنفَعُ الحزنُ أَهلَهُ
- وَواجَزَعاً لَو كانَ لِلنَفسِ مَجزَعُ
فَأَيُّ فُؤادٍ لا يَذوبُ لِما أَرى
- وَأَيُّ عُيونٍ لا تَجودُ فَتَدمَعُ
أبى الله ما للعاشقين عزاء
عبد الله ابن المعتز بالله ولد في بغداد وهو أحد الخلفاء العباسيين وكان شاعراً وأديباً، وله العديد من الأشعار في العتاب، ومنها القصيدة الآتية:
أبى الله ، ما للعاشقين عزاءُ
- وما للمِلاحِ الغانياتِ وَفاءُ
تركنَ نفوساً نحوَهنّ صَوادياً
- مسراتِ داءٍ ما لهنّ دواءُ
يردنَ حياضَ الماءِ لا يستعنها
- وهنّ إلى بردِ الشرابِ ظماءُ
و جنت بأطلالِ الدجيلِ ومائهِ ،
- و كم طللٍ من خلفهنّ وماء
إذا ما دنت من مشرع قعقعتْ لها
- عِصِيٌّ، وقامتْ زأرَة ٌ وزُقاء
خليليّ بالله الذي أنتما له
- فما الحبّ إلاّ أنة ٌوبكاءُ
كما قد أرى قالا كذاكَ، وربما
- يكونُ سرورٌ في الهوى وشقاءُ
لقد جحَدتَني حقّ دَيني مَواطلٌ
- وصلنَ عداة ً ما لهن أداءُ
يُعلّلُني بالوَعدِ أدنَينَ وقتَه
- وهيهاتَ نيلٌ بعده وعطاءُ
فدُمن على مَنعي ودمتُ مطالباً
- ولا شيءَ إلاّ موعدٌ ورجاءُ
حلفتُ: لقد لاقيتُ في الحبّ منهمُ
- أخا الموتِ من داءٍ فأينَ دواءُ
على قدر الهوى يأتي العتاب
أحمد شوقي هو شاعر وكاتب مصري يُلقّب بأمير الشعراء وله العديد من الأشعار ودواوين الشعر، وفيما يأتي قصيدة له عن العتاب:
على قدرِ الهوى يأْتي العِتابُ
- ومن عاتبتُ يَفْديِه الصِّحابُ
ألوم معذِّبي ، فألومُ نفسي
- فأُغضِبها ويرضيها العذاب
ولو أنَي استطعتُ لتبتُ عنه
- ولكنْ كيف عن روحي المتاب
ولي قلب بأَن يهْوَى يُجَازَى
- ومالِكُه بأن يَجْنِي يُثاب
ولو وُجد العِقابُ فعلتُ لكن
- نفارُ الظَّبي ليس له عِقاب
يلوم اللائمون وما رأَوْه
- وقِدْماً ضاع في الناس الصُّواب
صَحَوْتُ، فأَنكر السُّلْوان قلبي
- عليّ، وراجع الطَّرَب الشباب
كأن يد الغرام زمامُ قلبي
- فليس عليه دون هَوى ً حِجاب
كأَنَّ رواية َ الأَشواقِ عَوْدٌ
- على بدءٍ وما كمل الكتاب
كأني والهوى أَخَوا مُدامٍ
- لنا عهدٌ بها، ولنا اصطحاب
إذا ما اغتَضْتُ عن عشقٍ يعشق
- أُعيدَ العهدُ وامتد الشَّراب