أشعار عتاب
قصيدة على قدر الهوى يأتي العتاب
يقول أحمد شوقي :
على قدرِ الهوى يأتي العِتابُ
- ومَنْ عاتبتُ يَفْديِه الصِّحابُ
ألوم معذِّبي، فألومُ نفسي
- فأُغضِبها ويرضيها العذاب
ولو أنَي استطعتُ لتبتُ عنه
- ولكنْ كيف عن روحي المتاب؟
ولي قلب بأَن يهْوَى يُجَازَى
- ومالِكُه بأن يَجْنِي يُثاب
ولو وُجد العِقابُ فعلتُ، لك
- نفارُ الظَّبي ليس له عِقاب
يلوم اللائمون وما رأَوْه
- وقِدْماً ضاع في الناس الصُّواب
صَحَوْتُ، فأَنكر السُّلْوان قلبي
- عليّ، وراجع الطَّرَب الشباب
كأنّ يد الغرامَِ زمامُ قلبي
- فليس عليه دون هَوىً حِجاب
كأَنَّ روايةَ الأَشواقِ عَوْدٌ
- على بدءٍ وما كمل الكتاب
كأنّي والهوى أَخَوا مُدامٍ
- لنا عهدٌ بها، ولنا اصطحاب
إذا ما اغتَضْتُ عن عشقٍ يعشق
- أُعيدَ العهدُ، وامتد الشَّراب
قصيدة يعاتبني في الدين قومي وإنما
يقول محمد الكندي :
يُعاتِبُني في الدينِ قَومي وَإِنَّما
- دُيونيَ في أَشياءَ تُكسِبُهُم حَمدا
أَلَم يَرَ قَومي كَيفَ أوسِرَ مَرَّة
- وَأُعسِرُ حَتّى تَبلُغَ العُسرَةُ الجَهدا
فَما زادَني الإِقتارُ مِنهُم تَقَرُّباً
- وَلا زادَني فَضلُ الغِنى مِنهُم بُعدا
أَسُدُّ بِهِ ما قَد أَخَلّوا وَضَيَّعوا
- ثُغورَ حُقوقٍ ما أَطاقوا لَها سَدّا
وَفي جَفنَةٍ ما يُغلَق البابُ دونها
- مُكلَّلةٍ لَحماً مُدَفِّقةٍ ثَردا
وَفي فَرَسٍ نَهدٍ عَتيقٍ جَعَلتُهُ
- حِجاباً لِبَيتي ثُمَّ أَخدَمتُه عَبدا
وَإِن الَّذي بَيني وَبَين بَني أَبي
- وَبَينَ بَني عَمّي لَمُختَلِفُ جِدّا
أَراهُم إِلى نَصري بِطاءً وَإِن هُمُ
- دَعَوني إِلى نَصرٍ أَتيتُهُم شَدّا
فَإِن يَأكُلوا لَحمي وَفَرتُ لحومَهُم
- وَإِن يَهدِموا مَجدي بنيتُ لَهُم مَجدا
وَإِن ضَيَّعوا غيبي حَفظتُ غيوبَهُم
- وَإِن هُم هَوَوا غَييِّ هَوَيتُ لَهُم رُشدا
وَلَيسوا إِلى نَصري سِراعاً وَإِن هُمُ
- دَعوني إِلى نَصيرٍ أَتَيتُهُم شَدّا
وَإِن زَجَروا طَيراً بِنَحسٍ تَمرُّ بي
- زَجَرتُ لَهُم طَيراً تَمُرُّ بِهِم سَعدا
وَإِن هَبطوا غوراً لِأَمرٍ يَسؤني
- طَلَعتُ لَهُم ما يَسُرُّهُمُ نَجدا
فَإِن قَدحوا لي نارَ زندٍ يَشينُني
- قَدَحتُ لَهُم في نار مكرُمةٍ زَندا
قصيدة يا طاردًا بالهجر لهوي
يقول الساعاتي:
يا طارداً بالهجر لهوي
- أسرفت في صلفٍ وزهوْ
وذهبتَ لا تحنو على
- دنفٍ ولا ترثي لنضو
ملآن من شوقٍ ومن
- سهرٍ إلى وسنان خلو
وتل تضحك كلما
- أسخطتني فبكيت شجوي
ويزيد في ظمأي وما
- ء الدمع ماءٌ غير مُروي
فإذا حلفت على الوصا
- ل فنيةٌ قُرنتْ بلغْو
هي شيمة الأيام في الح
- الين من كدرٍ وصفو
أمررتَ عيشي كله
- فاسمح بيوم منه حلو
وغضبتَ إي أني بحب
- بك مذنبٌ فامنن بعفو
فالدمع للعدوان لا
- ينفكُّ من جيٍ وعدو
وإذا ونت منه السوابق
- حثَّ من نفسي بحدو
مزَّقت صبري كلَّهُ
- فمتى تلافاهُ برفو
قصيدة كل له هواك يطيب
يقول ابن زهر الإشبيلي :
كُلٌّ لَهُ هَواكَ يَطيبُ
- أَنا وَعاذِلي وَالرَقيبُ
أَما أَنا فَحَيثُ تَشاءُ
- هَجرٌ وَلَوعَةٌ وَعَناءُ
يا وَيلَتاه مِمّا أَساءُ
- قَتَلتَني وَأَنتَ الطَبيبُ
فَأَنتَ لي عَدُوٌّ حَبيبُ
- لِله عَيشي ما أَمَرّا
لَقَد شَقيتُ سِرّاً وَجَهرا
- دَمعي جَرى فَصارَ بَحرا
وَاِستَبطَنَ الضُلوعَ لَهيبُ
- ذابَت بِحرِّهِ وَتُذيبُ
ما لي بِمُقلَتَيكَ حَويلُ
- وَلا إِلى رِضاكَ سَبيلُ
يا مَن يَحولُ فيما يَقولُ
- أَشكو النَوى وَأَنتَ قَريبُ
أَمرٌ كَما تَراهُ عَجيبُ
- لَم يَدرِ عاذِلي وَرَقيبي
أَنَّ الهَوى أَخَفُّ ذُنوبي
- وَأَنتَ يا عَذابَ القُلوبِ
كَم تَشتَكي إِلَيكَ القُلوبُ
- وَأَنتَ مُعرِضٌ لا تُجِيبُ
قالَت سماكَ أَنتَ مَلولُ
- فَقُلتُ وُدّكَ المُستَحيلُ
فَأَنشَد النَصوحُ يَقولُ
- مَن خانَ حَبيب اللَه حَسيب
الله يعاقبهُ أَو يُثيب
قصيدة سعي العواذل
يقول جميل بن معمر :
أبثينَ، إنكِ ملكتِ فأسجحي
- وخُذي بحظّكِ من كريمٍ واصلِ
فلربّ عارضةٍ علينا وصلَها
- بالجدِ تخلطهُ بقولِ الهازلِ
فأجبتها بالرفقِ، بعدَ تستّرٍ
- حُبّي بُثينةَ عن وصالكِ شاغلي
لو أنّ في قلبي، كقَدْرِ قُلامَة
- فضلاً، وصلتكِ أو أتتكِ، رسائلي
ويقلنَ: إنكِ قد رضيتِ بباطل
- منها فهل لكَ في اعتزالِ الباطلِ؟
ولَبَاطِلٌ، ممن أُحِبّ حَديثَه
- أشهَى إليّ من البغِيضِ الباذِل
ليزلنَ عنكِ هوايّ، ثمَ يصلني
- وإذا هَوِيتُ، فما هوايَ بزائِل
صادت فؤادي، يا بثينَ، حِبالُكم
- يومَ الحَجونِ، وأخطأتكِ حبائلي
منّيتِني، فلوَيتِ ما منّيتِني
- وجعلتِ عاجلَ ما وعدتِ كآجلِ
وتثاقلتْ لماّ رأتْ كلفي بها
- أحببْ إليّ بذاكَ من متثاقلِ
وأطعتِ فيّ عواذلاً، فهجرتني
- وعصيتُ فيكِ، وقد جَهَدنَ، عواذلي
حاولنني لأبتَّ حبلَ وصالكم
- مني، ولستَ، وإن جهدنَ، بفاعلِ
فرددتهنّ، وقد سعينَ بهجركم
- لماّ سعينَ له، بأفوقَ ناصلِ
يَعْضَضْنَ، من غَيْظٍ عليّ، أنامِلاً
- ووددتُ لو يعضضنَ صمَّ جنادلِ
ويقلنَ إنكِ يا بثينَ، بخيلة
- نفسي فداؤكِ من ضنينٍ باخلِ
قصيدة قولي لهم
يقول جورج جريس:
- حبيبتي تقولُ عَن قلبي:
- ألا، ما أطيَبَهْ
- ويقولُ بَعضُ الناسِ
- صَلبٌ قلبُهُ،
- ما أصْلبَهْ
- لكنَّني أرثي لقلبي،
- مِن زَمانٍ أتعَبَهْ!
- تبكي الصُّخورُ الصُّمُّ مِنْ وَيلاتِهِ المُتعاقِبَةْ
- وفصُولها المتغيّراتِ
- الحاضِراتِ الغائبَة...
- قارَعْتُ كلَّ النّائباتِ،
- فلم تَفُتني نائبَةْ
- لكنَّ صبري والأناةُ
- لها أصُولٌ ضَاربَةْ
- لم أفقِدِ الأمَلَ الذي ما عِشْتُ أبقى طالبَهْ
- فإذا قَضَيْتُ،
- وما وَصَلتُ،
- وما بلَغتُ مَراتِبَهْ،
- قولي لهم حَبيبتي،
- ما لم أشا أنْ أكتُبَهْ،
- قولي لهُم:
- قد راحَ يبحَثُ
- عن قلوبٍ طيّبَةْ
قصيدة اسمعيني
يقول محمد عبده صالح:
- يا من تملكين تاريخي وأسراري
- يا من تخترقين جميع الحواجز
- وتقتسمين عقلي وأفكاري
- يا من تسكنين بصدري
- وتسبحين في أوردتي
- وتستريحين بين أحداقي
- اسمعيني حتى لا يضيع الوقت
- وتسقط كل أوراقي
- ما زلت أهواكِ
- يا من تملئين حياتي شوقاً
- ما زالت الدنيا مرسومة في عيني
- بنفس ملامحكِ الدقيقة جداً
- ما زالت عيناكِ دفئ من الإعصار يحميني
- ما زلت أنتِ الدنيا
- وغيركِ فيها لايعنيني
- هل تسمعيني؟
- يأكل أحلامي وأمنياتي
- يا من تشعرين بنبضي وأنّاتي
- يا من غيرتي مسار حياتي
- يا من تحركين مشاعري
- وتحفظين كل أتجاهاتي
- أنتِ
- يا أيتها البطلة الأسطورية
- لكل قصصي وخيالاتي
- يا من تشرق الشمس من بين كفيك
- ما زلت أحتاج إليكِ
- وما زال يدفعني إليكِ حنيني
- فهل تسمعيني
قصيدة استريحي
يقول أمل دنقل:
- استريحي
- ليس للدور بقيّة
- انتهت كلّ فصول المسرحيّة
- فامسحي زيف المساحيق
- ولا ترتدي تلك المسوح المرميّة
- واكشفي البسمة عمّا تحتها
- من حنين واشتهاء وخطيّة
- كنت يومًا فتنة قدسّتها
- كنت يومًا
- ظمأ القلب وريّه
- لم تكوني أبدًا لي
- إنّما كنت للحبّ الذي من سنتين
- قطف التفارحتين
- ثمّ ألقى
- ببقايا القشرتين
- وبكى قلبك حزنا
- فغدا دمعة حمراء
- بين الرئتين
- وأنا قلبي منديل هوى
- جففت عيناك فيه دمعتين
- ومحت فيه طلاء الشّفتين
- ولوته
- في ارتعاشات اليدين
- كان ماضيك جدار فاصلًا بيننا
- كان ضلالًا شبحيّه
- فاستريحي
- ليس للدور بقيّة
- أينما نحن جلسنا
- ارتسمت صورة الآخر في الركن القصيّ
- كنت تخشين من اللّمسة
- أن تمحي لمسته في راحتي
- وأحاديثك في الهمس معي
- إنّما كانت إليه ..
- لا إليّ
- فاستريحي
- لم يبق سوى حيرة السير على المفترق
- كيف أقصيك عن النار
- وفي صدرك الرغبة أن تحترقي
- كيف أدنيك من النهر
- وفي قلبك الخوف وذكرى الغارق
- أنا أحببتك حقّا
- إنّما لست أدري
- أنا أم أنت الضحيّة
- فاستريحي ليس للدور بقيّة
قصيدة أَقِلّي اللَومَ عاذِلَ وَالعِتابا
يقول جرير :
أَقِلّي اللَومَ عاذِلَ وَالعِتابا
- وَقولي إِن أَصَبتُ لَقَد أَصابا
أَجَدِّكَ ما تَذَكَّرُ أَهلَ نَجدٍ
- وَحَيّاً طالَ ما اِنتَظَروا الإِيابا
بَلى فَاِرفَضَّ دَمعُكَ غَيرَ نَزرٍ
- كَما عَيَّنتَ بِالسَرَبِ الطِبابا
وَهاجَ البَرقُ لَيلَةَ أَذرِعاتٍ
- هَوىً ما تَستَطيعُ لَهُ طِلابَ
فَقُلتُ بِحاجَةٍ وَطَوَيتُ أُخرى
- فَهاجَ عَلَيَّ بَينَهُما اِكتِئابا
وَوَجدٍ قَد طَوَيتُ يَكادُ مِنهُ
- ضَميرُ القَلبِ يَلتَهِبُ اِلتِهابا
سَأَلناها الشِفاءَ فَما شَفَتنا
- وَمَنَّتنا المَواعِدَ وَالخِلابا
لَشَتّانَ المُجاوِرُ دَيرَ أَروى
- وَمَن سَكَنَ السَليلَةَ وَالجِنابا
أَسيلَةُ مَعقِدِ السِمطَينِ مِنها
- وَرَيّا حَيثُ تَعتَقِدُ الحِقابا
وَلا تَمشي اللِئامُ لَها بِسِرٍّ
- وَلا تُهدي لِجارَتِها السِبابا
أَباحَت أُمُّ حَزرَةَ مِن فُؤادي
- شِعابَ الحُبِّ إِنَّ لَهُ شِعابا
مَتى أُذكَر بِخورِ بَني عِقالٍ
- تَبَيَّنَ في وُجوهِهِمِ اِكتِئابا
إِذا لاقى بَنو وَقبانَ غَمّاً
- شَدَدتُ عَلى أُنوفِهِمِ العِصابا
أَبى لي ما مَضى لي في تَميمٍ
- وَفي فَرعَي خُزَيمَةَ أَن أُعابا
سَتَعلَمُ مَن يَصيرُ أَبوهُ قَيناً
- وَمَن عُرِفَت قَصائِدُهُ اِجتِلابا
أَثَعلَبَةَ الفَوارِسِ أَو رِياحاً
- عَدَلتَ بِهِم طُهَيَّةَ وَالخِشابا
كَأَنَّ بَني طُهَيَّةَ رَهطَ سَلمى
- كَفَينا ذا الجَريرَةِ وَالمُصابا
حَمَينا يَومَ ذي نَجَبٍ حِمانا
- وَأَحرَزنا الصَنائِعَ وَالنِهابا
لَنا تَحتَ المَحامِلِ سابِغاتٌ
- كَنَسجِ الريحِ تَطرِدُ الحَبابا
وَذي تاجٍ لَهُ خَرَزاتُ مُلكٍ
- سَلَبناهُ السُرادِقَ وَالحِجابَ
أَلا قَبَحَ الإِلَهُ بَني عِقالٍ
- وَزادَهُمُ بِغَدرِهِمِ اِرتِيابا
أَجيرانَ الزُبَيرِ بَرِئتُ مِنكُم
- فَأَلقوا السَيفَ وَاِتَّخِذوا العِيابا
لَقَد غَرَّ القُيونُ دَماً كَريماً
- وَرَحلاً ضاعَ فَاِنتُهِبَ اِنتِهابا
وَقَد قَعِسَت ظُهورُهُمُ بِخَيلٍ
- تُجاذِبُهُم أَعِنَّتَها جِذابا
عَلامَ تَقاعَسونَ وَقَد دَعاكُم
- أَهانَكُمُ الَّذي وَضَعَ الكِتابا
تَعَشّوا مِن خَزيرِهِمُ فَناموا
- وَلَم تَهجَع قَرائِبُهُ اِنتِحابا
أَتَنسَونَ الزُبَيرَ وَرَهطَ عَوفٍ
- وَجِعثِنَ بَعدَ أَعيَنَ وَالرَبابا
وَخورُ مُجاشِعٍ تَرَكوا لَقيطاً
- وَقالوا حِنوَ عَينِكَ وَالغُرابَ
وَأَضبُعُ ذي مَعارِكَ قَد عَلِمتُم
- لَقينَ بِجَنبِهِ العَجَبَ العُجابا
وَلا وَأَبيكَ ما لَهُم عُقولٌ
- وَلا وُجِدَت مَكاسِرُهُم صِلابا
وَلَيلَةَ رَحرَحانِ تَرَكتَ شيباً
- وَشُعثاً في بُيوتِكُمُ سِغابا
قصيدة اطوِ الصحيفة واتئد بعتابي
يقول مصطفى وهبي التل :
اطو الصحيفة واتئد بعتابي
- ودع المشيب إليك ينع شبابي
أظننت نصف القرن لعبة لاعب
- يلهو بحصب دواحل وكعاب
أو سيجة ما انفك يعمر سوقها
- لهو الشيوخ ومتعة الشياب
يا لعنة الخمسين قدك إنني
- ما زلت رغم ذكائه المتغابي
دنياي ما تنفك منتجع الهوى
- في كل نجعة صبوة وتصابي
فعلى الذي يرضاه ضلعك فاربعي
- وإذا استطعت فمزقيه حجابي
واستوضحي وادي الشتا وتلاعه
- لم أخطأت أصمى السهام شعابي
تنبيك إني لم أشح عن خطتي
- سنتاً وأن الحب ملء إهابي
والقلب ما ينفك رغمك خافقاً
- بهوى المكحلة المطير صوابي
هي سنة الحب الذي زاولته
- زمناً وزاوله معي أصحابي
فأنا إذن ما زلت من كوخي على
- علاته سقماً ونضو شراب
أسقى وأشربها وإن لم تسقني
- حسناء مثلك لا أَسيغ شرابي
قصيدة أَعاذِلَ قَد كَبُرتُ عَنِ العِتابِ
يقول أبو نواس :
أَعاذِلَ قَد كَبُرتُ عَنِ العِتابِ
- وَبانَ الأَطيَبانِ مَعَ الشَبابِ
أَعاذِلَ عَنكِ مَعتَبَتي وَلَومي
- فَمِثلي لا يُقَرَّعُ بِالعِتابِ
أَعاذِلَ لَيسَ إِطراقي لِعَيِّن
- وَهَل مِثلي يَكِلُّ عَنِ الجَوابِ
وَلَكِنّي فَتىً أَفنَيتُ عُمري
- بِأَطيَبِ ما يَكونُ مِنَ الشَرابِ
وَمَقدودٍ كَقَدِّ السَيفِ رَخصٍ
- كَأَنَّ بِخَدِّهِ لَمعُ السَرابِ
صَفَفتُ عَلى يَدَيهِ ثُمَّ بِتنا
- جَميعاً عارِيَينِ مِنَ الثِيابِ
ثَكَلتُ الظُرفَ وَالآدابَ إِن لَم
- أُقِم لي حُجَّةً يَومَ الحِسابِ
قصيدة إلى كم عتاب دائم وعتاب
يقول ابن المقري:
إلى كم عتاب دائم وعتاب
- ورسل وما يبدو إلي جواب
على غير ذنب كان مني هجركم
- ولو كان ذنب كان منه متاب
هبوا لي لوجه الله ما في نفوسكم
- عليى ففي جبر القلوب ثواب
ولا تسمعوا قول الوشاة فإنه
- وحاشا كم أن تسمعوه كذاب
أرادوا عذابي في هواكم وفتنتي
- وما الحب إلا فتنة وعذاب
بحقكم يا هاجرين تداركوا
- عمارة جسمي اليوم فهو خراب
ولا تشمتوا بي عاذلين هجرتهم
- على كونهم ذموا الغرام وعابوا
راوا ما أقاسي فيه فاستقبحو الهوى
- لأجلي وقالوا الزهد فيه صواب
فيا من لصب لا تزال جفونه
- تصب دموعًا بالدماء تشاب
وذى لوعة لا يعرف النوم جفنه
- ولا اقتلعت للدمع منه سحاب
يسائل عنكم وهو يبدى تجلداً
- وتصرعه الأشواق حين يجاب
فيا ليت شعري كيف يملك عقله
- إذا جاءه ممن يحب كتاب
مساكين أهل الحب حتى عقولهم
- يخاف عليها ضيعة وذهاب
محبتهم في كل يوم جديدة
- وأحبابهم طول الزمان غضاب
وما حسبوه في الهوى جاء ناقصًا
- فليس يفي للعاشقين حساب
فلو ألهموا رشدًا ولا ذوا بأحمد
- لذل لهم صعب ولذ جناب
بذي الفتكات البيض والضيغم الذي
- له البيض ظفر والعواسل ناب
صلاح البرايا الناصر الحق أحمد
- إذا خذل الحق المبين صحاب
جواد إذا انهلت سحائب جوده
- بدا لك شيء من نداه عجاب
ففي كل جزء من أنامل كفه
- بحار من الاندا لهن عباب
أخو عزمة لا تتقى سطواتها
- يصيب إذا ثارت وليس يصاب
وذو سطوات لا يبالى إذا عدا
- ازمجر ليث أم أطن ذباب
خفى بذب الكيد يعمل رايه
- فيمضى وهل يخطى الرمى شهاب
له فكر بين الغيوب يديرها
- فيرفع ستر دونها وحجاب
له الراية البيضا يسير أمامها
- من النصر والفتح المبين نصاب
له هزة عند المديح وضحكة
- تباشيرها قبل الرعاب رعاب
فيا باسط المعروف يا من نواله
- مناديه من أقصى المكان يجاب
إذا سد عن راجيك باب بداله
- بفضلك باب لا يسد وباب
وعادتكم أن تجبروا من كسرتم
- فيعتاض من معروفكم ويثاب
ولي فيك عما فوتوه إعاضة
- وأنت لمثلي موئل ومآب
فكم حادث وافا دعوتكم له
- ولانت خطوب منه وهي صعاب
فعش سالما مادامت الأرض غانما
- لباسك فيها صحة وشباب
قصيدة نَسيتُ وَما أَنسى عِتاباً عَلى الصِدِّ
يقول المتنبي :
نَسيتُ وَما أَنسى عِتاباً عَلى الصِدِّ
- وَلا خَفَراً زادَت بِهِ حُمرَةُ الخَدِّ
وَلا لَيلَةً قَصَّرتُها بِقَصورَةٍ
- أَطالَت يَدي في جيدِها صُحبَةَ العِقدِ
وَمَن لي بِيَومٍ مِثلِ يَومٍ كَرِهتُهُ
- قَرُبتُ بِهِ عِندَ الوَداعِ مِنَ البُعدِ
وَأَن لا يَخُصُّ الفَقدُ شَيئاً فَإِنَّني
- فَقَدتُ فَلَم أَفقِد دُموعي وَلا وَجدي
تَمَنٍّ يَلَذُّ المُستَهامُ بِمِثلِهِ
- وَإِن كانَ لا يُغني فَتيلاً وَلا يُجدي
وَغَيظٌ عَلى الأَيّامِ كَالنارِ في الحَشا
- وَلَكِنَّهُ غَيظُ الأَسيرِ عَلى القِدِّ
فَإِمّا تَريني لا أُقيمُ بِبَلدَةٍ
- فَآفَةِ غِمدي في دُلوقي وَفي حَدّي
يَحُلُّ القَنا يَومَ الطِعانِ بِعَقوَتي
- فَأَحرِمُهُ عِرضي وَأُطعِمُهُ جِلدي
تُبَدِّلِ أَيّامي وَعَيشي وَمَنزِلي
- نَجائِبُ لا يُفكِرنَ في النَحسِ وَالسَعدِ
وَأَوجُهُ فِتيانٍ حَياءً تَلَثَّموا
- عَلَيهِنَّ لا خَوفاً مِنَ الحَرِّ وَالبَردِ
وَلَيسَ حَياءُ الوَجهِ في الذِئبِ شيمَةً
- وَلَكِنَّهُ مِن شيمَةِ الأَسَدِ الوَردِ
إِذا لَم تُجِزهُم دارَ قَومٍ مَوَدَّةٌ
- أَجازَ القَنا وَالخَوفُ خَيرٌ مِنَ الوُدِّ
يَحيدونَ عَن هَزلِ المُلوكِ إِلى الَّذي
- تَوَفَّرَ مِن بَينَ المُلوكِ عَلى الجِدِّ
وَمَن يَصحَبِ اِسمَ اِبنِ العَميدِ مُحَمَّدٍ
- يَسِر بَينَ أَنيابِ الأَساوِدِ وَالأُسدِ
يَمُرُّ مِنَ السُمِّ الوَحِيِّ بِعاجِزٍ
- وَيَعبُرُ مِن أَفواهِهِنَّ عَلى دُردِ
كَفانا الرَبيع العيسَ مِن بَرَكاتِهِ
- فَجاءَتهُ لَم تَسمَع حُداءً سِوى الرَعدِ
إِذا ما اِستَجَبنَ الماءَ يَعرِضُ نَفسَهُ
- كَرِعنَ بِسَبتٍ في إِناءٍ مِنَ الوَردِ
كَأَنّا أَرادَت شُكرَنا الأَرضُ عِندَهُ
- فَلَم يُخلِنا جَوٌّ هَبَطناهُ مِن رِفدِ