أشعار حزينة عن الحياة
قصيدة أمتي
يقول كريم معتوق:
أمةٌ من رأسها منكسرة
- وأمانيها عليها قَتَرة
يا أخيّا الحرفِ لا تكتبْ على
- قبرها.. تخجلُ منها المقبرة
تأنفُ الأوراقُ من سيرته
- ويعاديها مدادُ المحبرة
ما كتبنا الشعر إلا كي نرى
- مارداً ينفضُ عنها الغَبَرَة
أمةٌ يُغتالُ فيها مُقعدٌ
- فبدتْ سوءتها المستترة
كان فيها قائماً وهي التي
- أقعدتها نخوةٌ منبترة
ما سألنا الله نصراً وبه
- ألفُ سجانٍ نفته المأثرة
ورأتْ تاريخهُ مبتكَراً
- ومتى تجدي الرؤى المبتكرة
يدهُ شلتْ وكم من عنقٍ
- شامخَ الرأي عظيم المفخرة
ليس من جرمٍ سوى في رأيه
- يدهُ أهدتهُ ظلم المعصرة
أمةٌ أقصى مناها أن ترى
- وَهَمَ أيامٍ لها مندثرة
هرب الحسون من غاباته
- وشدا البومُ بها والقبرة
أمةٌ تأكل من أبنائه
- عظْمةَ الفكرِ ولحمَ التذكرة
لا أرها الله من سوأته
- قصةً مسهبةً مختصرة
هي من قرنٍ وقرنين ومن
- ألف قرنٍ للسنا منتظرة
ما أرتنا من رؤاها عجباً
- وارتنا الغصَّةَ المعتبرة
إنها أعجبُ مهزومٍ مضى
- يرسمُ النصرَ بعطر المغفرة
إنها مهزومةٌ في عمقه
- إنما ألحانها منتصرة
آيةٌ للعُجْبِ ما تبدعهُ
- من تلاوين لها مُستنكرة
تهدأ الأحزانُ من خيبته
- وبها أفراحها مستعرة
هذه أمةُ لا حولَ ولا
- قوةٍ ندركُ حتى الآخرة
إنها أمتنا يا صاحبي
- إنها أمتنا المحتضَرة
قصيدة قد أعرب الدمع عن وجدي وكتماني
يقول ابن دنينير:
قد أعرب الدمع عن وجدي وكتماني
- وأعجم القلب في صبري وسلواني
وقابلت أدمُعي فبمن كفت به
- يوم التفرّق والتوديع نيراني
اشكو الهوى و فؤادي يستلذّ به
- وغير شاني الذي أبدى لكم شاني
بنتم فما زلت مع وجد أكابده
- مستوحشًا لكم سرّي وإعلاني
والبعد في النار أكفاني وموقدها
- من بعد وشك نواكم دمعي القاني
لا كان سهم نوى أصمى فؤادي من
- عوجا وتين بمرنان ومذعان
لو زارني الطيف سلّيت الهموم به
- ولو تغشى رقادي كان يغشاني
لم يطرق النوم أجفاني ولا عجب
- من بعد فرقتكم أنى تجافاني
ما صحّ كتمان سرّي إذ جفيت وقد
- أصبحت ما بين أحشاء وأجفان
فدمع عيني طليق بعد بعدكم
- لكن فوادي المعنّى فيكم دعان
ما استعذبت عذبات الرند بعدكم
- روحي ولا بان منّى رغبة البان
تحمّلت منكم ريح الصبا أرجا
- أزرى على نشر يبرين ونعمان
ما خلت أني وإن ساء الزمان بنا
- فعلًا أفارق أحبابي وخلان
ولا علمت بأن الدهر يبدلني
- من بعد تشتيت إخواني بخوّان
يا ظاعنين وقلبي نحوهم أبداً
- يحدى من الشوق فيما بين أظعان
بنتم فما لذّ لي عيش لبعدكم
- ولا فرحت بأوطارى وأوطاني
أورثتموني شبحا باق تردّدهُ
- لبعدكم ي سويد القلب أشجاني
أنّى ذكرتكم فالشوق من وله
- جمر الفضا بفنا الأوطان أوطاني
إن خانني زمني فيكم فليس له
- بدع إذا ما رمى حرّا بحرمان
أو كان بغيته خفضى فقد رفعت
- يد الفضائل بين الناس بنياني
جلّيت عند فتاء السن من أدبي
- أوفى شيوخ بني الدنيا وشبّان
قصيدة لقد أسرى بيَ الأجلُ
يقول محمد مهدي الجواهري:
لقد أسرى بيَ الأجلُ
- وطولُ مسيرةٍ مَللُ
وطولُ مسيرةٍ من دونِ
- غايٍ مطمعٌ خَجِلُ
على أن يَطْوي غدٌ
- طُولَ السُرى وجلُ
تماهلَ خطوهُ صدداً
- وعُقبى مهلِهِ عجَلُ
وخُولِط سيرهُ جنفاً
- كما يتقاصرُ الحَجلُ
أشاع اليأسَ بي عُمُرٌ
- وكنتُ وكلُهُ أملُ
وعُمرُ المرءِ فضلُ منىً
- بها ما شَقَّ يُحَتَملُ
فإن ولّت فلا ثقةٌ
- ولا حَوْلٌ ولا قِبَلُ
أقول وربما قولٍ
- يُدَلُّ بهِ ويُبتَهَلُ
ألّا هل تُرجِعُ الأحلامُ
- ما كُحْلِت به المُقلُ
وهل ينجابُ عن عَينيَّ
- لليلٌ مُطبقٌ أزلُ
كأنّ نجوَمه الأحجارُ
- في الشطرنج تنتَقَلُ
يُسَاقِطُ بعضُها بعضاً
- فما تنفكُ تقتتِلُ
ألّا هل قاطعٌ يصلُ
- لما عيَّت به الرُسُلُ
ويا أحبابيَ الأغنينَ
- من قطعوا ومَن وصَلوا
ومن هُمُ نُخبةُ اللذَّاتِ
- عِندي حِينَ تُنتَخَلُ
هُمُ إذ كلُ من صافيت
- مدخولٌ ومُنتَحَلُ
سلامٌ كلُهُ قُبَلُ
- كأنّ صَمِيمَها شُعَلُ
وشوقٌ من غريب الدارِ
- أعيَتْ دونهُ السُبُلُ
مقيمٌ حيثُ يَضْطربُ المنى
- والسعيُ و الفشلُ
وحيثُ يُعاركُ البلوى
- فتلويهِ ويعتدلُ
وحيثُ جَبينُهُ يَبَسٌ
- وحيثُ جَنانُه خَضِلُ
وإذْ نَضّبَتْ أفاويقُ الصِّبا
- فهِباتُها وشَلُ
سلامٌ من أخي دَنَفٍ
- تَناهتْ عندهُ العِللُ
وحيدٍ غيرَ ما شَجَنٍ
- بلوحِ الصدرِ يعتملُ
وذكرى مُرّةٍ حَلِيت
- بها أيامُنا الأُوْلُ
تُعاودُه كفيءِ الظلِّ
- رؤياها وتنتقلُ
وحيدٍ بالذي غنّى
- وساقى يُضربُ المثلُ
وفيما قال من حَسَنٍ
- وَسْيءٍ يَكثُرُ الجْدَلُ
سلاماً أيُّها الذاوونَ
- إنّي مُزمعٌ عجلُ
سلاماً أيُّها الخالونَ
- إنَّ هواكُمُ شُغلُ
سلاماً أيُّها الندمانُ
- إني شاربٌ ثَمِلُ
سلاماً أيُّها الأحبابُ
- إنَّ مَحبةً أملُ
سلاماً كُلُهُ قبلُ
- كأنَّ صَمِيمَها شُعَلُ
قصيدة بريد الغربة
ويقول محمد مهدي الجواهري:
- هبَّ النسيم فهبتِ الأشواقُ
- وهفا إليكمْ قلبه الخّفاقُ
- وتوافَقا فتحالفا هو والأسى
- وحَمامُ هذا الأيكِ والأطواق
- عارٌ على أهل الهوى ان تُزدرى
- هذي النفوسُ وتُشترى الأعلاق
- ذَم الفراقَ معاشرٌ جهلوكُمُ
- من أجلكم حتى الفراقُ يُطاق
- ما شوقُ أهل الشوق في عُرفِ الهوى
- نُكرٌ فقد خُلِقوا لكي يشتاقوا
- أما الرفاقُ فلم يَسُؤْني هجرهمْ
- إذ ليس في شرع الغرام رفاق
- لو أُبرم الميثاقُ ما كَمَلَ الهوى
- شرطُ الهوى ان يُنقَض الميثاق
- كُتُبُ الاله تشّرفت في ذكره
- وبذكركمْ تتشرفُ الأوراق
- هذا القريض تكبَّرت بُرُآتهُ
- إذ ضاق من ألم الفراق خناق
- عَمَرت بذكركمُ اللذيذِ مجالسٌ
- وازَّيَّنَتْ بهواكُمُ أسواق
- ماذا أذُم من الهوى وبفضله
- قد رق لي طبعٌ وصحَّ مَذاق
- هي " فارسٌ " وهواؤها ريح الصَّبا
- وسماؤها الأغصانُ والأوراق
قصيدة أمي
يقول عبد الله البردوني :
تـركـتني هـا هـنا بـين الـعذاب
- ومـضت، يا طول حزني واكتئابي
تـركـتني لـلـشقا وحــدي هـنا
- واسـتراحت وحـدها بـين الـتراب
حـيـث لا جــور ولا بـغي ولا
- تـنـبي وتـنـبي بـالـخراب
حــيـث لا سـيـف ولا قـنـبل
- حـيث لا حـرب ولا لـمع حـراب
حـيـث لا قـيـد ولا ســوط ولا
- ألم يـطـغى ومـظلوم يـحابي
خـلّـفتني أذكــر الـصـفو كـما
- يـذكـر الـشـيخ خـيالات الـشباب
ونأت عـنّـي وشـوقي حـولها
- الماضي وبي – أوّاه – ما بي
ودعـاهـا حـاصـد الـعمر إلـى
- حـيث أدعـوها فـتعيا عـن جوابي
حـيـث أدعـوهـا فــلا يـسمعني
- غـير صـمت الـقبر والقفر اليباب
مـوتـها كــان مـصـابي كـلّـه
- وحـيـاتي بـعدها فـوق مـصابي
أيــن مـنّي ظـلّها الـحاني وقـد
- ذهـبـت عـنّي إلـى غـير إيـاب
سـحـبت أيّـامـها الـجرحى عـلى
- لـفـحة الـبيد وأشـواك الـهضاب
ومـضت فـي طـرق الـعمر فـمن
- مـسلك صـعب إلـى دنـيا صـعاب
وانـتهت حـيث انـتهى الـشوط بها
- فـاطـمأنّت تـحت أسـتار الـغياب
آه " يــا أمّـي " وأشـواك الأسـى
- تـلهب الأوجـاع فـي قـلبي المذاب
فـيـك ودّعــت شـبابي والـصبا
- وانـطوت خـلفي حـلاوات التصابي
كـيـف أنـسـاك وذكـراك عـلى
- سـفـر أيّـامي كـتاب فـي كـتاب
إنّ ذكـــراك ورائــي وعـلـى
- وجـهتي حـيث مـجيئي وذهابي
كــم تـذكّـرت يـديـك وهـمـا
- فـي يـدي أو فـي طعامي وشرابي
كـــان يـضـنيك نـحـولي وإذا
- مـسّـني الـبـرد فـزنـداك ثـيابي
وإذا أبـكـانـي الـجـوع ولــم
- تـملكي شـيئًا سـوى الـوعد الكذّاب
هـدهـدت كـفـاك رأســي مـثلما
- هـدهـد الـفجر ريـاحين الـرّوابي
كــم هـدتـني يـدم الـسمرا إلـى
- حقلنا في (الغول) في (قاع الرحاب)
وإلــى الـوادي إلـى الـظلّ إلـى
- حـيث يـلقي الـروض أنفاس الملاب
وسـواقـي الـنـهر تـلقي لـحنها
- ذائـبا كـاللطف فـي حـلو الـعتاب
كـــم تـمـنّينا وكــم دلّـلـتني
- تـحت صمت اللّيل والشهب الخوابي
كــم بـكـت عـيـناك لـمّا رأتـا
- بـصري يـطفا ويطوي في الحجاب
وتذكّرت مـصـيري والـجوى
- بـين جـنبيك جـراح فـي الـتهاب
هــا أنــا يـا أمّـي الـيوم فـتى
- طـائـر الـصـيت بـعيد الـشهاب
أمــلأ الـتـاريخ لـحـنا وصـدى
- وتغني فـي ربـا الـخلد ربـابي
فـاسمعي يـا أمّ صـوتي وارقـصي
- مـن وراء الـقبر كـالحورا الـكعاب
هــا أنــا يـا أمّ أرثـيك وفـي
- شـجو هـذا الشعر شجوي و انتحابي