أشعار حب وعتاب
قصيدة لا تحبيني
يقول نزار قباني :
- هذا الهوى
- ما عاد يغريني
- فلتستريحي ولتريحيني
- إن كان حبك في تقلبه
- ما قد رأيت
- فلا تحبيني
- حبي
- هو الدنيا بأجمعها
- أما هواك فليس يعنيني
- أحزاني الصغرى تعانقني
- وتزورني
- إن لم تزوريني
- ما همني
- ما تشعرين به
- إن إفتكاري فيك يكفيني
- ف الحب
- وهمٌ في خواطرنا
- كالعطر في بال البساتين
- عيناك
- من حزني خلقتهما
- ما أنت
- ما عيناك من دوني
- فمك الصغير
- أدرته بيدي
- وزرعته أزهار ليمون
- حتى جمالك
- ليس يذهلني
- إن غاب من حينٍ إلى حين
- فالشوق يفتح ألف نافذةٍ
- خضراء
- عن عينيك تغنيني
- لا فرق عندي يا معذبتي
- أحببتني
- أم لم تحبيني
- أنت استريحي من هواي أنا
- لكن سألتك
- لا تريحيني
قصيدة لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي
يقول أبو الطيب المتنبي :
لعَيْنَيْكِ ما يَلقَى الفُؤادُ وَمَا لَقي
- وللحُبّ ما لم يَبقَ منّي وما بَقي
وَما كنتُ ممّنْ يَدْخُلُ العشقُ قلبَه
- وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ
وَبينَ الرّضَى وَالسُّخطِ وَالقُرْبِ وَالنَّوَى
- مَجَالٌ لِدَمْعِ المُقْلَةِ المُتَرَقرِقِ
وَأحلى الهَوَى ما شكّ في الوَصْلِ رَبُّهُ
- وَفي الهجرِ فهوَ الدّهرَ يَرْجو وَيَتّقي
وَغضْبَى من الإدلالِ سكرَى من الصّبى
- شَفَعْتُ إلَيها مِنْ شَبَابي برَيِّقِ
وَأشنَبَ مَعْسُولِ الثّنِيّاتِ وَاضِحٍ
- سَتَرْتُ فَمي عَنهُ فَقَبّلَ مَفْرِقي
وَأجيادِ غِزْلانٍ كجيدِكِ زُرْنَني
- فَلَمْ أتَبَيّنْ عاطِلاً مِنْ مُطَوَّقِ
وَما كلّ مَن يهوَى يَعِفّ إذا خَلا
- عَفَافي وَيُرْضي الحِبّ وَالخَيلُ تلتقي
سَقَى الله أيّامَ الصّبَى ما يَسُرّهَا
- وَيَفْعَلُ فِعْلَ البَابِليّ المُعَتَّقِ
إذا ما لَبِسْتَ الدّهْرَ مُستَمتِعاً بِهِ
- تَخَرّقْتَ وَالمَلْبُوسُ لم يَتَخَرّقِ
وَلم أرَ كالألحَاظِ يَوْمَ رَحِيلِهِمْ
- بَعثنَ بكلّ القتل من كلّ مُشفِقِ
أدَرْنَ عُيُوناً حائِراتٍ كأنّهَا
- مُرَكَّبَةٌ أحْداقُهَا فَوْقَ زِئْبِقِ
عَشِيّةَ يَعْدُونَا عَنِ النّظَرِ البُكَا
- وَعن لذّةِ التّوْديعِ خوْفُ التّفَرّقِ
نُوَدّعُهُمْ وَالبَيْنُ فينَا كأنّهُ
- قَنَا ابنِ أبي الهَيْجاءِ في قلبِ فَيلَقِ
قَوَاضٍ مَوَاضٍ نَسجُ داوُدَ عندَها
- إذا وَقَعَتْ فيهِ كنَسْجِ الخدَرْنَقِ
هَوَادٍ لأمْلاكِ الجُيُوشِ كأنّهَا
- تَخَيَّرُ أرْوَاحَ الكُمَاةِ وتَنْتَقي
تَقُدّ عَلَيْهِمْ كلَّ دِرْعٍ وَجَوْشنٍ
- وَتَفري إليهِمْ كلَّ سورٍ وَخَندَقِ
يُغِيرُ بهَا بَينَ اللُّقَانِ وَوَاسِطٍ
- وَيَرْكُزُهَا بَينَ الفُراتِ وَجِلّقِ
وَيَرْجِعُهَا حُمْراً كأنّ صَحيحَهَا
- يُبَكّي دَماً مِنْ رَحمَةِ المُتَدَقِّقِ
فَلا تُبْلِغَاهُ ما أقُولُ فإنّهُ
- شُجاعٌ متى يُذكَرْ لهُ الطّعنُ يَشْتَقِ
ضَرُوبٌ بأطرافِ السّيُوفِ بَنانُهُ
- لَعُوبٌ بأطْرافِ الكَلامِ المُشَقَّقِ
كسَائِلِهِ مَنْ يَسألُ الغَيثَ قَطرَةً
- كعاذِلِهِ مَنْ قالَ للفَلَكِ ارْفُقِ
لقد جُدْتَ حتى جُدْتَ في كلّ مِلّةٍ
- وحتى أتاكَ الحَمدُ من كلّ مَنطِقِ
رَأى مَلِكُ الرّومِ ارْتياحَكَ للنّدَى
- فَقامَ مَقَامَ المُجْتَدي المُتَمَلِّقِ
وخَلّى الرّماحَ السّمْهَرِيّةَ صاغِراً
- لأدْرَبَ منهُ بالطّعانِ وَأحْذَقِ
وكاتَبَ مِن أرْضٍ بَعيدٍ مَرامُهَا
- قَريبٍ على خيل ٍ حَوَالَيكَ سُبّقِ
وَقَد سارَ في مَسراكَ مِنها رَسُولُهُ
- فَمَا سارَ إلاّ فَوْقَ هامٍ مُفَلَّقِ
فَلَمّا دَنَا أخْفَى عَلَيْهِ مَكانَهُ
- شُعَاعُ الحَديدِ البارِقِ المُتَألّقِ
وَأقْبَلَ يَمشِي في البِساطِ فَما درَى
- إلى البَحرِ يَسعى أمْ إلى البَدْرِ يرْتَقي
ولَمْ يَثْنِكَ الأعْداءُ عَنْ مُهَجاتِهمْ
- بمِثْلِ خُضُوعٍ في كَلامٍ مُنَمَّقِ
وَكُنْتَ إذا كاتَبْتَهُ قَبْلَ هذِهِ
- كَتَبْتَ إليْهِ في قَذالِ الدّمُسْتُقِ
فإنْ تُعْطِهِ مِنْكَ الأمانَ فَسائِلٌ
- وَإنْ تُعْطِهِ حَدّ الحُسامِ فأخلِقِ
وَهَلْ تَرَكَ البِيضُ الصّوارِمُ منهُمُ
- حَبِيساً لِفَادٍ أوْ رَقيقاً لمُعْتِقِ
لَقَد وَرَدوا وِرْدَ القَطَا شَفَرَاتِهَا
- وَمَرّوا عَلَيْها رَزْدَقاً بعدَ رَزْدَقِ
بَلَغْتُ بسَيْفِ الدّوْلَةِ النّورِ رُتْبَةً
- أنَرْتُ بها مَا بَينَ غَرْبٍ وَمَشرِقِ
إذا شاءَ أنْ يَلْهُو بلِحيَةِ أحْمَقٍ
- أراهُ غُبَاري ثمّ قالَ لَهُ الحَقِ
وَما كمَدُ الحُسّادِ شيءٌ قَصَدْتُهُ
- وَلكِنّهُ مَن يَزْحَمِ البَحرَ يَغرَقِ
وَيَمْتَحِنُ النّاسَ الأميرُ برَأيِهِ
- وَيُغضِي على عِلْمٍ بكُلّ مُمَخْرِقِ
وَإطراقُ طَرْفِ العَينِ لَيسَ بنافعٍ
- إذا كانَ طَرْفُ القلبِ ليسَ بمطرِقِ
فيا أيّها المَطلوبُ جاوِرْهُ تَمْتَنِعْ
- وَيا أيّهَا المَحْرُومُ يَمِّمْهُ تُرْزَقِ
وَيا أجبنَ الفُرْسانِ صاحِبْهُ تجترئ
- ويا أشجَعَ الشجعانِ فارِقْهُ تَفْرَقِ
إذا سَعَتِ الأعْداءُ في كَيْدِ مجْدِهِ
- سعى جَدُّهُ في كيدهم سعيَ مُحْنَقِ
وَما ينصُرُ الفضْلُ المُبينُ على العدَى
- إذا لم يكُنْ فضْلَ السّعيدِ المُوَفَّقِ
قصيدة يعلمني الحب ألا أحب
يقول محمود درويش :
يُعلِّمُني الحُبُّ ألاَّ أحِبَّ وَأَنْ أفْتَحَ النَّافِذَةْ
- عَلَى ضِفَّة الدَّرْبِ هَل تَسْتَطيعين أنْ تَخْرُجي مِنْ نداءِ الحَبَقْ
وَأَنْ تقسمِيني إلى اثْنَيْن أَنْتِ وَمَا يَتَبِقَّى مِنَ الأُغْنِيَةْ
- وَحُبٌ هو الحُبُّ فِي كُلِّ حُبِّ أرى الحُبَّ مَوْتاً لموت سَبَقْ
وَريحاً تُعَاوِدُ دَفْعَ الخُيُول إلَى أمِّهَا الرِّيحِ بَيْنَ السَّحَابَة والأوْدِيَةْ
- أًلا تَسْتَطِيعينَ أَنْ تَخْرُجِي مِنْ طَنينِ دَمي كَيْ أْهَدْهِدَ هَذَا الشَّبقْ
وكَيْ أُسْحَبَ النَّحْلَ مِنْ وَرَق الوَرْدَةِ المُعْدِيةْ
- وَحُبٌ هو الحُبُّ يَسْأًلُنِي كَيْفَ عَادَ النَّبِيذُ إلَى أْمِّه واحْتَرقْ
وَمَا أًعْذَبَ الحُبَّ حِينَ يُعذب حِينَ يُخرِّب نَرْجسَةَ الأْغْنيةْ
- يُعَلِّمُني الحُبِّ أن لاَ أُحِبَّ وَيَتْرُكُني في مَهَبِّ الوَرَقْ
قصيدة ليس الحب بدعة
يقول جميل بن معمر :
سَقى مَنزِلَينا يا بُثَينَ بِحاجِرِ
- عَلى الهَجرِ مِنّا صَيِّفٌ وربيع ُ
وَدَورَكِ يا لَيلى وَإِن كُنَّ بَعدَنا
- بَلينَ بِلىً لَم تَبلَهُنَّ رُبوعُ
وَخَيماتِكِ اللاتي بِمُنعَرَجِ اللَوى
- لَقُمرِيِّها بِالمُشرِقينَ سَجيعُ
يُزَعزِعُ فيها الريحُ كُلَّ عَشِيَّةٍ
- هَزيمٌ بِسُلّافِ الرِياحِ رَجيعُ
وَإِنِّيَ أَن يَعلى بِكِ اللَومُ أَو تُرَي
- بِدارِ أَذىً مِن شامِتٍ لَجُزوعُ
وَإِنّي عَلى الشَيءِ الَّذي يُلتَوى بِهِ
- وَإِن زَجَرَتني زَجرَةً لَوَريعُ
فَقَدتُكِ مِن نفس ٍ شَعاعٍ فَإِنَّني
- نَهَيتُكِ عَن هَذا وَأَنتِ جَميعُ
فَقَرَّبتِ لي غَيرَ القَريبِ وَأَشرَفَت
- هُناكَ ثَنايا ما لَهُنَّ طُلوعُ
يَقولونَ صَبٌّ بِالغَواني مُوَكَّلٌ
- وَهَل ذاكَ مِن فِعلِ الرِجالِ بَديعُ
وَقالوا رَعَيتَ اللَهوَ وَالمالُ ضائِعٌ
- فَكَالناسِ فيهُم صالِحٌ وَمُضيعُ
قصيدة إلى كم عتاب
يقول ابن المقري:
إلى كم عتاب دائم وعتاب
- ورسل وما يبدو إلي جواب
على غير ذنب كان مني هجركم
- ولو كان ذنب كان منه متاب
هبوا لي لوجه الله ما في نفوسكم
- علي ففي جبر القلوب ثواب
ولا تسمعوا قول الوشاة فإنه
- وحاشا كم أن تسمعوه كذاب
أرادوا عذابي في هواكم وفتنتي
- وما الحب إلا فتنة وعذاب
بحقكم يا هاجرين تداركوا
- عمارة جسمي اليوم فهو خراب
ولا تشمتوا بي عاذلين هجرتهم
- على كونهم ذموا الغرام وعابوا
رأوا ما أقاسي فيه فاستقبحو الهوى
- لأجلي وقالوا الزهد فيه صواب
فيا من لصب لا تزال جفونه
- تصب دموعا بالدماء تشاب
وذي لوعة لا يعرف النوم جفنه
- ولا اقتلعت للدمع منه سحاب
يسائل عنكم وهو يبدى تجلداً
- وتصرعه الأشواق حين يجاب
فيا ليت شعري كيف يملك عقله
- إذا جاءه ممن يحب كتاب
مساكين أهل الحب حتى عقولهم
- يخاف عليها ضيعة وذهاب
محبتهم في كل يوم جديدة
- وأحبابهم طول الزمان غضاب
وما حسبوه في الهوى جاء ناقصا
- فليس يفي للعاشقين حساب
فلو ألهموا رشدا ولا ذوا بأحمد
- لذل لهم صعب ولذ جناب
بذي الفتكات البيض والضيغم الذي
- له البيض ظفر والعواسل ناب
صلاح البرايا الناصر الحق أحمد
- إذا خذل الحق المبين صحاب
جواد إذا انهلت سحائب جوده
- بدا لك شيء من نداه عجاب
ففي كل جزء من أنامل كفه
- بحار من الاندا لهن عباب
أخو عزمة لا تتقى سطواتها
- يصيب إذا ثارت وليس يصاب
وذو سطوات لا يبالى إذا عدا
- أزمجر ليث أم أطن ذباب
خفي بذب الكيد يعمل راية
- فيمضى وهل يخطئ الرمي شهاب
له فكر بين الغيوب يديرها
- فيرفع ستر دونها وحجاب
له الراية البيضا يسير أمامها
- من النصر والفتح المبين نصاب
له هزة عند المديح وضحكة
- تباشيرها قبل الرعاب رعاب
فيا باسط المعروف يا من نواله
- مناديه من أقصى المكان يجاب
إذا سد عن راجيك باب بداله
- بفضلك باب لا يسد وباب
وعادتكم أن تجبروا من كسرتم
- فيعتاض من معروفكم ويثاب
ولي فيك عما فوتوه إعاضة
- وأنت لمثلي موئل ومآب
فكم حادث وافا دعوتكم له
- ولانت خطوب منه وهي صعاب
فعش سالما ما دامت الأرض غانما
- لباسك فيها صحة وشباب
قصيدة على قدر الهوى يأتي العتاب
يقول أحمد شوقي :
عَلى قَدرِ الهَوى يَأتي العِتابُ
- وَمَن عاتَبتُ يَفديهِ الصِحابُ
أَلومُ مُعَذِبي فَأَلومُ نَفسي
- فَأُغضِبُها وَيُرضيها العَذابُ
وَلَو أَنّي اِستَطَعتُ لَتُبتُ عَنهُ
- وَلَكِن كَيفَ عَن روحي المَتابُ
وَلي قَلبٌ بِأَن يَهوى يُجازى
- وَمالِكُهُ بِأَن يَجني يُثابُ
وَلَو وُجِدَ العِقابُ فَعَلتُ لَكِن
- نِفارُ الظَبيِ لَيسَ لَهُ عِقابُ
يَلومُ اللائِمونَ وَما رَأَوهُ
- وَقِدماً ضاعَ في الناسِ الصَوابُ
صَحَوتُ فَأَنكَرَ السُلوانَ قَلبي
- عَلَيَّ وَراجَعَ الطَرَبَ الشَبابُ
كَأَنَّ يَدَ الغَرامِ زِمامُ قَلبي
- فَلَيسَ عَلَيهِ دونَ هَوىً حِجابُ
كَأَنَّ رِوايَةَ الأَشواقِ عَودٌ
- عَلى بَدءٍ وَما كَمُلَ الكِتابُ
كَأَنِّيَ وَالهَوى أَخَوا مُدامٍ
- لَنا عَهدٌ بِها وَلَنا اِصطِحابُ
إِذا ما اِعتَضتُ عَن عِشقٍ بِعِشقِ
- أُعيدَ العَهدُ وَاِمتَدَّ الشَرابُ
قصيدة عوجي علينا واربعي ربة البغل
يقول جرير :
عوجي عَلَينا وَاِربَعي رَبَّةَ البَغلِ
- وَلا تَقتُليني لا يَحِلُّ لَكُم قَتلي
أَعاذِلُ مَهلاً بَعضَ لَومِكَ في البُطلِ
- وَعَقلُكَ لا يَذهَب فَإِنَّ مَعي عَقلي
فَإِنَّكَ لا تُرضي إِذا كُنتَ عاتِباً
- خَليلَكَ إِلّا بِالمَوَدَّةِ وَالبَذلِ
أَحَقّاً رَأَيتَ الظاعِنينَ تَحَمَّلوا
- مِنَ الغيلِ أَو وادي الوَريعَةِ ذي الأَثلِ
لَيالِيَ إِذ أَهلي وَأَهلُكِ جيرَةٌ
- وَإِذ لا نَخافُ الصَرمَ إِلّا عَلى وَصلِ
وَإِذ أَنا لا مالٌ أُريدُ اِبتِياعَهُ
- بِمالي وَلا أَهلٌ أَبيعُ بِهِم أَهلي
خَليلَيَّ هيجا عَبرَةً أَو قِفا بِنا
- عَلى مَنزِلٍ بَينَ النَقيعَةِ وَالحَبلِ
فَإِنّي لَباقي الدَمعِ إِن كُنتُ باكِياً
- عَلى كُلِّ دارٍ حَلَّها مَرَّةً أَهلي
تُريدينَ أَن نَرضى وَأَنتِ بَخيلَةٌ
- وَمَن ذا الَّذي يُرضي الأَحِبّاءَ بِ البَخلِ
لَعَمرُكِ لَولا اليَأسُ ما اِنقَطَعَ الهَوى
- وَلَولا الهَوى ما حَنَّ مِن والِهٍ قَبلي
سَقى الرَملَ جَونٌ مُستَهِلٌّ رَبابُهُ
- وَما ذاكَ إِلّا حُبُّ مَن حَلَّ بِالرَملِ
مَتى تَجمَعي مَنّاً كَثيراً وَنائِلاً
- قَليلاً تَقَطَّع مِنكِ باقِيَةُ الوَصلِ
أَلا تَبتَغي حِلماً فَتَنهى عَنِ الجَهلِ
- وَتَصرِمُ جُملاً راحَةً لَكَ مِن جُملِ
فَلا تَعجَبا مِن سَورَةِ الحُبِّ وَاِنظُرا
- أَتَنفَعُ ذا الوَجدِ المَلامَةُ أَو تُسلي
أَلا رُبَّ يَومٍ قَد شَرِبتُ بِمَشرَبٍ
- سَقى الغَيمَ لَم يَشرَب بِهِ أَحَدٌ قَبلي
وَهِزَّةِ أَظعانٍ كَأَنَّ حُمولَها
- غَداةَ اِستَقَلَّت بِالفَروقِ ذُرى النَخلِ
طَلَبتُ وَرَيعانُ الشَبابِ يَقودُني
- وَقَد فُتنَ عَيني أَو تَوارَينَ بِالهَجلِ
فَلَمّا لَحَقناهُنَّ أَبدَينَ صَبوَةً
- وَهُنَّ يُحاذِرنَ الغَيورَ مِنَ الأَهلِ
عَلى ساعَةٍ لَيسَت بِساعَةِ مَنظِرٍ
- رَمَينَ قُلوبَ القَومِ بِالحَدَقِ النُجلِ
وَما زِلنَ حَتّى كادَ يَفطِنُ كاشِحٌ
- يَزيدُ عَلَينا في الحَديثِ الَّذي يُبلي
فَلَم أَرَ يَوماً مِثلَ يَومٍ بِذي الغَضا
- أَصَبنا بِهِ صَيداً غَزيراً عَلى رِجلِ
أَلَذَّ وَأَشفى لِلفُؤادِ مِنَ الجَوى
- وَأَغيَظَ لِلواشينَ مِنهُ ذَوي المَحلِ
وَهاجِدِ مَوماةٍ بَعَثتُ إِلى السُرى
- وَلَلنَومُ أَحلى عِندَهُ مِن جَنى النَحلِ
يَكونُ نُزولُ الرَكبِ فيها كَلا وَلا
- غِشاشاً وَلا يَدنونَ رَحلاً إِلى رَحلِ
لِيَومٍ أَتَت دونَ الظِلالِ سَمومُهُ
- وَظَلَّ المَها صوراً جَماجِمُها تَغلي
تَمَنّى رِجالٌ مِن تَميمٍ لِيَ الرَدى
- وَما ذادَ عَن أَحسابِهِم ذائِدٌ مِثلي
كَأَنَّهُمُ لا يَعلَمونَ مَواطِني
- وَقَد عَلِموا أَنّي أَنا السابِقُ المُبلي
فَلَو شاءَ قَومي كانَ حِلمِيَ فيهِمُ
- وَكانَ عَلى جُهّالِ أَعدائِهِم جَهلي
وَأَوقَدتُ ناري بِالحَديدِ فَأَصبَحَت
- لَها لَهَبٌ يُصلي بِهِ اللَهُ مَن يُصلي
لَعَمري لَقَد أَخزى البَعيثُ مُجاشِعاً
- وَقالَ ذَوُو أَحسابِهِم ساءَ ما يُبلي
لَعَمري لَئِن كانَ القُيونُ تَواكَلوا
- نَوارَ لَقَد آبَت نَوارُ إِلى بَعلِ
لِيَ الفَضلُ في أَفناءِ عَمروٍ وَمالِكٍ
- وَما زِلتُ مُذ جارَيتُ أَجري عَلى مَهلِ
وَتُرهَبُ يَربوعٌ وَرائِيَ بِالقَنا
- وَذاكَ مَقامٌ لَيسَ يُزري بِهِ فِعلي
لَنِعمَ حُماةُ الحَيِّ يُخشى وَرائَهُم
- قَديماً وَجيرانُ المَخافَةِ وَالأَزلِ
لَقَد قَوَّسَت أُمُّ البَعيثِ وَلَم تَزَل
- تُزاحِمُ عِلجاً صادِرَينِ عَلى كِفلِ
تَرى العَبَسَ الحَولِيِّ جَوناً بِكوعِها
- لَها مَسَكاً في غَيرِ عاجٍ وَلا ذَبلِ
لَيالِيَ تَنتابُ النِباجَ وَتَبتَغي
- مَراعِيَها بَينَ الجَداوِلِ وَالنَخلِ