أشعار حب
قصيدة أمرّ على الديار ديار ليلى
يقول قيس ابن الملوح :
أمرّ على الديار ديار ليلى
- أُقبّل ذا الجدار وذا الجدار
وما حب الديار شغفن قلبي
- ولكن حب من سكن الديار
قصيدة ولو أن ما بي في الحصى فلق الحصى
ويقول قيس ابن الملوح عن حبه لليلى :
أَرى أَهلَ لَيلى أَورَثوني صَبابَةً
- وَما لي سِوى لَيلى الغَداةَ طَبيبُ
إِذا ما رَأَوني أَظهَروا لي مَوَدَّةً
- وَمِثلُ سُيوفِ الهِندِ حينَ أَغيبُ
فَإِن يَمنَعوا عَينَيَّ مِنها فَمَن لَهُم
- بِقَلبٍ لَهُ بَينَ الضُلوعِ وَجيبُ
إِن كانَ يا لَيلى اِشتِياقي إِلَيكُمُ
- ضَلالاً وَفي بُرئي لِأَهلِكِ حوبُ
فَما تُبتُ مِن ذَنبٍ إِذا تُبتُ مِنكُمُ
- وَما الناسُ إِلّا مُخطِئٌ وَمُصيبُ
بِنَفسي وَأَهلي مَن إِذا عَرَضوا لَهُ
- بِبَعضِ الأَذى لَم يَدرِ كَيفَ يُجيبُ
وَلَم يَعتَذِر عُذرَ البَريءِ وَلَم يَزَل
- بِهِ سَكنَةٌ حَتّى يُقالَ مُريبُ
فَلا النَفسُ يُسليها البُعادُ فَتَنثَني
- وَلا هِيَ عَمّا لا تَنالُ تَطيبُ
وَكَم زَفرَةٍ لي لَو عَلى البَحرِ أَشرَقَت
- لَأَنشَفَهُ حَرٌّ لَها وَلَهيبُ
وَلَو أَنَّ ما بي بِالحَصى فُلِقَ الحَصى
- وَبِالريحِ لَم يُسمَع لَهُنَّ هُبوبُ
وَأَلقى مِنَ الحُبِّ المُبَرِّحِ لَوعَةً
- لَها بَينَ جِلدي وَالعِظامِ دَبيبُ
قصيدة ولمّا تلاقينـا علـى سفـح رامـةٍ
كما يقول قيس ابن الملوح:
ولمّا تلاقينـا علـى سفـح رامـةٍ
- وجـدت بنـان العامريّـة أحـمـرا
فقلت خضبت الكفّ بعـد فراقنـا؟
- قالت: معاذ الله ذلك ما جـرى!
ولكنّنـي لمّـا رأيـتـك راحــلاً
- بكيت دماً حتّى بلّلـت بـه الثّـرى
مسحت بأطـراف البنـان مدامعـي
- فصار خضاباً في اليدين كما ترى
قصيدة أشدّ ما لاقيت من ألم الجوى
يقول طرفة بن العبد :
أشدّ ما لاقيت من ألم الجوى
- قرب الحبيب وما إليه وصول
كالعيس في البيداء يقتلها الضّما
- والماء فوق ظهورها محمول
قصيدة نهاك عن الغواية ما نهاكا
يقول بهاء الدين زهير :
نَهاكَ عَنِ الغَوايَةَ ما نَهاكا
- وَذُقتَ مِنَ الصَبابَةِ ما كَفاكا
وَطالَ سُراكَ في لَيلِ التَصابي
- وَقَد أَصبَحتَ لَم تَحمَد سُراكا
فَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي
- وَقُل لي إِن جَزِعتَ فَما عَساكا
وَكَيفَ تَلومُ حادِثَةً وَفيها
- تَبَيَّنَ مَن أَحَبَّكَ أَو قَلاكا
بِروحي مَن تَذوبُ عَلَيهِ روحي
- وَذُق يا قَلبُ ما صَنَعَت يَداكا
لَعَمري كُنتَ عَن هَذا غَنِيّاً
- وَلَم تَعرِف ضَلالَكَ مِن هُداكا
ضَنيتُ مِنَ الهَوى وَشَقيتُ مِنهُ
- وَأَنتَ تُجيبُ كُلَّ هَوىً دَعاكا
فَدَع يا قلب ما قد كُنتَ فيهِ
- أَلَستَ تَرى حَبيبَكَ قَد جَفاكا
لَقَد بَلَغَت بِهِ روحي التَراقي
- وَقَد نَظَرَت بِهِ عَيني الهَلاكا
فَيا مَن غابَ عَنّي وَهوَ روحي
- وَكَيفَ أُطيقُ مِن روحي اِنفِكاكا
حَبيبي كَيفَ حَتّى غِبتَ عَنّي
- أَتَعلَمُ أَنَّ لي أَحَداً سِواكا
أَراكَ هَجَرتَني هَجراً طَويلاً
- وَما عَوَّدتَني مِن قَبلُ ذاكا
عَهِدتُكَ لا تُطيق الصَبرَ عَنّي
- وَتَعصي في وَدادي مَن نَهاكا
قصيدة لا تعذليه فإن العذل يولعه
يقول ابن زريق البغدادي :
لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ
- قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ
جاوَزتِ فِي لَومهُ حَداً أَضَرَّبِهِ
- مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ اللَومَ يَنفَعُهُ
فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً
- مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ
قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ
- فَضُيَّقَت بِخُطُوبِ الدهرِ أَضلُعُهُ
يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَشتِيتِ أَنَّ لَهُ
- مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ
ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ
- رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ
كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ
- مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ
إِنَّ الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً
- وَلَو إِلى السَدّ أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ
تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمه
- للرزق كداً وكم ممن يودعُهُ
وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ
- رزقَاً وَلادَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ
قَد وَزَّع اللَهُ بَينَ الخَلقِ رزقَهُمُ
- لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ
لَكِنَّهُم كُلِّفُوا حِرصاً فلَستَ تَرى
- مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ
وَالحِرصُ في الرِزاقِ وَالأَرزاقِ قَد قُسِمَت
- بَغِيُ أَلّا إِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصرَعُهُ
وَالدهرُ يُعطِي الفَتى مِن حَيثُ يَمنَعُه
- إِرثاً وَيَمنَعُهُ مِن حَيثِ يُطمِعُهُ
اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً
- بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ
وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي
- صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ
وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً
- وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ
قصيدة يقول الناس لو وصفت لنا الهوى
يقول الشاعر أحمد شوقي :
يقول الناس لو وصفت لنا الهوى
- لعل الذي لا يعرف الحب يعرف
فقلت: لقد ذقت الهوى ثم ذقته
- فوالله ما أدري الهوى كيف يوصف
قصيدة سكنَ الليلُ .. والأماني عِذاب
يقول الشاعر محمد بن عبود العمودي:
سكنَ الليلُ والأماني عِذاب
- وحنيني إلى الحبيبِ عذاب
كلما داعبَ الكرى جفنَ عيني
- هزّني الشوقُ وأضناني الغياب
يا حبيبي هواكَ أضنى فؤادي
- وكأنّ الجوى بجسمي حراب
أضرم النار بالحنايا لهيباً
- مثل ليلٍ أضاء فيه شهاب
وأنا في ذُرى الغرام غريقٌ
- ملءُ عيني دجى كساهُ الضباب
أنا والشوقُ في الغرام ضحايا
- سرق البعدُ عمرنا والغياب
قدرٌ نهدرُ السنينَ سهارى
- ليلنا غربةٌ فكيف المآب
قدرٌ نعشقُ الصِّعاب ونمشي
- في طريقٍ فيه الشجاعُ يهاب
كيف ألقاكَ والدروبُ شراكٌ
- وعلى البابِ حاجبٌ وحجاب
بيننا يا ضياءَ عيني بحورٌ
- يملأ العينَ حرُّها والسراب
ننشدُ الوصلَ قد يكونُ قريباً
- هل على العاشقين ثمّ حساب
ربما نلتقي غداً ونغنى
- لحنَ حبٍ غناؤهُ مستطاب
وغداً تنبتُ الرياضُ زهوراً
- ويعودُ الهوا لنا والشباب
كلما طالَ بعدنا زدتُ قربــاً
- يجمعُ الحرفُ بيننا والخطاب
قصيدة أجِدُّ، وَمَن أهوَاهُ، في الحُبّ، عابثُ
قال ابن زيدون :
أجِدُّ، وَمَن أهوَاهُ، في الحُبّ، عابثُ
- وأوفي له بالعهدِ، إذْ هوَ ناكثُ
حَبيبٌ نأى عني، مَعَ القُرْبِ وَالأسَى
- مقيمٌ له، في مضمرِ القلبِ، ماكثُ
جفاني بإلطافِ العِدَا، وأزالَهُ
- عنِ الوصلِ، رأيٌ في القطيعةِ حادثُ
تغيّرْتَ عن عهدي، وما زلتُ واثقاً
- بعهدكَ، لكنْ غيّرتْكَ الحوادثُ
وَما كنتِ، إذْ مَلّكتُكَ القلبَ، عالِماً
- بأنّيَ، عَنْ حَتْفي، بكَفّيَ باحثُ
فديتُكَ، إنّ الشّوقَ لي مذ هجرْتني
- مميتٌ فهلْ لي من وصالكَ باعثُ؟
ستبلَى اللّيَالي، والودادُ بحالِهِ
- جَديدٌ وتَفنى وَهْوَ للأرْضِ وَارِثُ
ولوْ أنّني أقسمتُ: أنّكَ قاتِلي
- وأنّي مقتولٌ، لمَا قيلَ: حانثُ
قصيدة لقد لامني يا هندُ في الحب لائمٌ
قال أحمد شوقي:
لقد لامني يا هندُ في الحب لائمٌ
- مُحِبٌّ إذا عُدَّ الصِّحابُ حبيبُ
فما هو بالواشي على مذهب الهوى
- ولا هو في شَرع الوداد مُريب
وصفتُ له مَن أَنتِ، ثم جرى لنا
- حديثٌ يَهُمُّ العاشقين عجيب
وقلت له: صبراً ؛ فكلُّ أَخي هَوى
- على يَدِ مَنْ يهْوى غداً سيتوب
قصيدة أيها الحب
أبو القاسم الشابيّ :
أيُّها الحُبُّ أنْتَ سِرُّ بَلاَئِي
- وَهُمُومِي، وَرَوْعَتِي، وَعَنَائي
وَنُحُولِي، وَأَدْمُعِي، وَعَذَابي
- وَسُقَامي، وَلَوْعَتِي، وَشَقائي
أيها الحب أنت سرُّ وُجودي
- وحياتي ، وعِزَّتي، وإبائي
وشُعاعي ما بَيْنَ دَيجورِ دَهري
- وأَليفي، وقُرّتي، وَرَجائي
يَا سُلافَ الفُؤَادِ ! يا سُمَّ نَفْسي
- في حَيَاتي يَا شِدَّتي! يَا رَخَائي!
ألهيبٌ يثورٌ في روْضَةِ النَّفَسِ، فيـ
- ـطغى، أم أنتَ نورُ السَّماءِ؟
أيُّها الحُبُّ قَدْ جَرَعْتُ بِكَ الحُزْ
- نَ كُؤُوساً، وَمَا اقْتَنَصْتُ ابْتِغَائي
فَبِحَقِّ الجَمَال، يَا أَيُّها الحُـ
- ـبُّ حنانَيْكَ بي! وهوِّن بَلائي
لَيْتَ شِعْري! يَا أَيُّها الحُبُّ، قُلْ لي:
- مِنْ ظَلاَمٍ خُلِقَتَ، أَمْ مِنْ ضِيَاءِ؟
قصيدة ولقد لقيت على الدُّريجة ليلة
قال كُثيّر عزّة :
وَلَقَدْ لَقِيتَ على الدُّرَيْجَةِ ليلة
- كانتْ عليكَ أيامناً وسعودا
لا تغدُرنَّ بوصلِ عزَّة بعدما
- أخذتْ عليكَ مواثقاً وعهودا
إنَّ المُحِبَّ إذا أَحَبَّ حَبِيبَهُ
- صدقَ الصَّفاءَ وأنجزَ الموعودا
الله يَعلمُ لَوْ أَرَدْتُ زيادةً
- في حبِّ عزَّةَ ما وجدتُ مزيدا
رُهبانُ مديَنَ والذينَ عهدتُهُمْ
- يبكونَ مِنْ حذرِ العذابِ قعودا
لو يسمعونَ كما سمعتُ كلامَها
- خَرُّوا لِعَزَّةَ رُكَّعاً وسُجودا
والميْتُ يُنشَرُ أَنْ تَمَسَّ عِظَامَهُ
- مَسّاً وَيَخْلُدُ أَنْ يَرَاكِ خُلودا
قصيدة هُوَيْنَاكَ مِنْ لَوْمٍ على حُبٍّ تَكَتّمَا
قال البحتري :
هُوَيْنَاكَ مِنْ لَوْمٍ على حُبٍّ تَكَتّمَا
- وَقَصْرَكَ نَسْتَخبِرْ رُبُوعاً وأرْسُمَا
تَحَمّلَ عَنها مُنجِدٌ مِنْ خَليطِهِمْ
- أطاعَ الهَوَى، حتّى تَحَوّلَ مُتْهِمَا
وَمَا في سُؤَالِ الدّارِ إدْرَاكُ حَاجَةٍ
- إذا استُعجِمَتْ آياتُهَا أنْ تَكَلّما
نَصَرْتُ لهَا الشّوْقَ اللّجوجَ بأدْمُعٍ
- تَلاَحَقْنَ في أعقابِ وَصْلٍ تَصَرّما
وَتَيّمَني أنّ الجَوَى غَيرُ مُقْصِرٍ
- وأنّ الحِمَى وَصْفٌ لمَنْ حَلّ بالحِمَى
وَكَمْ رُمتُ أنْ أسْلُو الصّبَابَةَ نازِعاً
- وَكَيفَ ارْتِجاعي فائِتاً قد تَقَدّما
أُؤلّفُ نَفْساً قَد أُعِيدَتْ على الجَوَى
- شَعاعاً، وَقَلْباً في الغَوَاني مُقَسَّما
وَقد أخَذَ الرُّكبانُ أمسِ، وَغادَرُوا
- حَديثَينِ مِنّا ظَاهِراً، وَمُكَتَّما
وَمَا كانَ بادي الحُبّ منّا وَمنكُمُ
- ليَخْفَى، وَلا سِرُّ التّلاقي ليُعْلَمَا
ألا رُبّما يَوْمٌ مِنَ الرّاحِ رَدّ لي
- شَبَابيَ مَوْفُوراً وغَيِّ مُذَّمَما
لَدُنْ غُدْوةً حتّى أرَى الأُفقَ ناشراً
- على شرْقِهِ، عُرْفاً من اللّيْلِ أسحَمَا
وَمَا لَيْلَتي في باطُرْنْجى ذمِيمَةٌ
- إذا كانَ بعضُ العيشِ رَنْقاً مُذَمَّما
طَلَعتُ على بَغدادَ أخْلَقَ طالِبٍ
- بنُجْحٍ، وأحرَى وافِدٍ أنْ يُكَرَّمَا
شَفيعي أميرُ المُؤمِنِينَ، وَعُمْدَتي
- سُلَيمانُ، أحبوهُ القَرِيضَ المُنَمْنَما
قَصَائِدُ مَنْ لمَ يَسْتَعِرْ مِنْ حلِيّها
- تُخَلّفْهُ مَحرُوماً من الحمْدِ مُحرَمَا
خَوَالِدُ في الأقْوَامِ يُبْعَثْنَ مُثَّلاً
- فَما تَدرُسُ الأيّامُ منهُنّ مَعْلَمَا
وَجَدْنَ أبا أيُّوبَ حيثُ عَهِدْنَهُ
- من الأنسِ لا جَهماً، ولا مُتَجَهَّمَا
فَتًى، لا يُحبُّ الجُودَ إلاّ تَعَجرُفاً
- وَلاَ يَتَعَاطَى الأمْرَ إلاّ تَهَجُّمَا
ثِقَافُ اللّيالي في يَدَيْهِ، فإنْ تَمِلْ
- صُرُوفُ اللَّيالي رَدّ مِنْهَا، فَقَوّما
مَليءٌ بِألاّ يَغْلِبَ الهَزْلُ جِدَّهُ
- ولو رَاحَ طَلْقاً للنّدى، مُتَبَسِّما
مُؤدٍّ إلى السّلطانِ جُهْدَ كِفَايَةٍ
- يَعُدُّ بِهَا فَرْضاً عَلَيْهِ مُقَدَّما
زَعِيمٌ لَهُمْ بالعِظْمِ مِمّا عَنَاهُمُ
- ولَوْ جَشّمُوهُ ثَْقْلَ رَضْوَى تَجَشّما
أُطيعُ، وأُضْحي، وَهوَ طَوْعُ خَلائقٍ
- كَرَائمَ، يَتبَعَنَ النّدى حَيثُ يَمّما
فَلاَ هُوَ مُرْضٍ عاتِباً في سَماحِهِ
- وَلاَ مُنصِفٌ وَفْراً، إذا ما تَظَلّما
وَلَمْ أرَ مُعْطًى كالمُخَرِّمِ تَمّمَتْ
- يَداهُ على بَذْلٍ، فأعطَى المُخَرِّما
رِبَاعٌ نَشَتْ فيها الخِلافَةُ غَضََّةً
- وخُيمِّ فَيْها المُلْكُ طْلقاً فَخَيّما
ألُومُ أجَلَّ القَوْمِ قَدْراً وَهَّمَةً
- إذا هُوَ لمْ يَشْرَهْ إلَيْهَا تَغَنّما
وأحْسُدُ فيها آخَرِينَ أَلومُهمْ
- وَمَا كُنتُ للحُسّادِ من قَبلِها ابْنَمَا
ذَراكَ ، ومَنْ يَحْلُلْ ذَرَاكَ يَجِدْ بهِ
- مُجيراً عَلَى الأَيّام أَنْ يَتَهَضَّمَا
بحَسْبِكَ أنّ الشوسَ من آلِ مُصْعَبٍ
- رَضُوكَ على تِلْكَ المَكَارِمِ قَيّمَا
رَدَدْتَ عَلَيْهِمْ ذا اليَمِينَينِ نَجدَةً،
- تُحَرِّقُ في أعدائِهِمْ، وَتَكَرُّمَا
وَكَمْ لَبِسَتْ منكَ العِرَاقُ صَنيعَةً
- يُشارِفُ مِنْهَا الأفْقُ أنْ يَتَغَيّما
ثَلَثْتَ فُرَاتَيْهَا بجُودِ سَجِيّةٍ
- وَجَدْنَاكَ أوْلَى بالتّدَفّقِ مِنْهُمَا
وَمَكرُمَةٍ لمْ يَبْتَدِ القَوْمُ صَوْغَها
- وَلَمْ يَتَلاَفَوْا مُبْتغَاهَا تَعَلُّما
هَدَيْتَ لَهَا، إنّ التّكَرّمَ فِطْنَةٌ
- وَقَد يَغفُلُ الشّهْمُ الأرِيبُ ليَلؤْمَا
وَلَيسَ يَنَالُ المَرْءُ فارِعَةَ العُلاَ
- إذا لمْ يَكُنْ بالمَغْرَمِ الإدّ مُغرَمَا
وَدِدْتُ لَوْ أنّ الطّيفَ من أُمّ مالِكٍ
- على قُرْبِ عَهْدَيْنَا، ألَمّ، فسلّما
لَسَرْعَانَ ما تَاقَتْ إلَيْكَ جَوانحي
- وَما وَلِهَتْ نَفْسي إلَيكَ تَنَدُّمَا
ذكَرْتُكَ ذِكْرَى طامعٍ في تَجَمّعٍ
- رَأى اليأسَ فارْفَضّتْ مَدامِعُهُ دَمَا
وَمِثْلُكَ قَدْ أَعْطَى سُلَيْمَانَ بُلْغَةً
- إلى المَجْدِ، أوْ أعطى سُلَيْمَانَ مُنْعِمَا
قصيدة كأني أحبك
يقول الشاعر محمود درويش :
- لماذا نحاول هذا السفر
- وقد جرّدتني من البحر عيناكِ
- واشتعل الرمل فينا...
- لماذا نحاولُ؟
- والكلمات التي لم نقلها
- تشرِّدنا..
- وكل البلاد مرايا
- وكل المرايا حجرْ
- لماذا نحاول هذا السفرْ؟
- هنا قتلوك
- هنا قتلوني.
- هنا كنتِ شاهدةَ النهر والملحمة
- ولا يسأم النهرُ
- لا يتكلّمُ
- لا يتألمُ
- في كلّ يوم لنا جثّةٌ
- وفي كلّ يوم لهم أوسمةْ
- هنا وقف النهر ما بيننا
- حارساً
- يجعل الضفتينْ
- توأمين
- بعيدين، كالقرب، عنّا
- قريبين، كالبُعد، منّا
- ولا بُدَّ من حارسٍ
- آهِ، لا بدّ من حارس بيننا.
- كأنّ المياه التي تفصل الضفتين
- دمُ الجسدينْ
- وكنّا هنا ضفتين
- وكنّا هنا جسدين
- وكلّ البلاد مرايا
- وكلّ المرايا حجرْ
- لماذا نحاول هذا السفرْ؟
- كأنّ الجبال اختفتْ كلُّها
- وكأنّي أحبّكِ
- كان المطار الفرنسيُّ مزدحماً
- بالبضائع والناس.
- كُلُّ البضائع شرعيَّة
- ما عدا جسدي
- آه.. يا خلف عينيك.. يا بلدي
- كنتُ ملتحماً
- بالوراء الذي يتقدّمُ
- ضيعت سيفي الدمشقيَّ متّهماً
- بالدفاع عن الطينِ
- ليس لسيفيَ رأيٌ بأصلِ الخلافةِ
- فاتهموني...
لمن طلل بين الجدية والجبل
يقول امرئ القيس :
لِمَن طَلَلٌ بَينَ الجُدَيَّةِ والجبَل
- مَحَلٌ قَدِيمُ العَهدِ طَالَت بِهِ الطِّيَل
عَفَا غَيرَ مُرتَادٍ ومَرَّ كَسَرحَب
- ومُنخَفَضٍ طام تَنَكَّرَ واضمَحَل
وزَالَت صُرُوفُ الدَهرِ عَنهُ فَأَصبَحَت
- عَلى غَيرِ سُكَّانٍ ومَن سَكَنَ ارتَحَل
تَنَطَّحَ بِالأَطلالِ مِنه مُجَلجِلٌ
- أَحَمُّ إِذَا احمَومَت سحَائِبُهُ انسَجَل
بِرِيحٍ وبَرقٍ لَاحَ بَينَ سَحَائِبٍ
ورَعدٍ إِذَا ما هَبَّ هَاتِفهُ هَطَل
- فَأَنبَتَ فِيهِ مِن غَشَنِض وغَشنَضٍ
ورَونَقِ رَندٍ والصَّلَندَدِ والأَسل
- وفِيهِ القَطَا والبُومُ وابنُ حبَوكَلِ
وطَيرُ القَطاطِ والبَلندَدُ والحَجَل
- وعُنثُلَةٌ والخَيثَوَانُ وبُرسُلٌ
وفَرخُ فَرِيق والرِّفَلّةَ والرفَل
- وفِيلٌ وأَذيابٌ وابنُ خُوَيدرٍ
وغَنسَلَةٌ فِيهَا الخُفَيعَانُ قَد نَزَل
- وهَامٌ وهَمهَامٌ وطَالِعُ أَنجُدٍ
ومُنحَبِكُ الرَّوقَينِ في سَيرِهِ مَيَل
- فَلَمَّا عَرَفت الدَّارَ بَعدَ تَوَهُّمي
تَكَفكَفَ دَمعِي فَوقَ خَدَّي وانهمَل
- فَقُلتُ لَها يا دَارُ سَلمَى ومَا الَّذِي
تَمَتَّعتِ لَا بُدِّلتِ يا دَارُ بِالبدَل
- لَقَد طَالَ مَا أَضحَيتِ فَقراً ومَألَف
ومُنتظَراً لِلحَىِّ مَن حَلَّ أَو رحَل
- ومَأوىً لِأَبكَارٍ حِسَانٍ أَوَانسٍ