فوائد التفكر في خلق الله
فوائد التفكر في خلق الله
التفكر لغة: مأخوذ من تردّد الفكر في الشئ، وقيل: هو من التأمل، واصطلاحًا: هو من تأمل القلب في معاني الأشياء حتى يفهم المطلوب.
تعظيم الله تعالى
إنّ تفكّر الإنسان في السموات وارتفاعها واتساعها والنجوم والقمر والشمس وما تحتويه السماء، وتفكّر الإنسان في الأشجار والثمار وأنواعها وتعدادها والحيوانات، كيف خلقها الله؟ يبعث القلب على تعظيم الخالق سبحانه وتعالى، ويعرف عظمته، وقدرته وجماله، وإبداعه في خلق كل شئ بدقةٍ وروعةٍ لا متناهية، ولا يقدر عليها إلا مالك الملكوت كله الله عز وجل.
ويزرع في قلبه خشية الله ومهابته في القلب والنفس، واليقين بقدرته على خلق أعظم الأشياء من العدم، وأنّ ما دونه لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، فلا يخاف ولا يخشى إلّا من مولاه، فيرتقى بإيمانه ويشعر بقرب مولاه منه، قال الحسن البصري: "تفكر ساعة خيرمن قيام ليلة".
التذكر وحياة القلب
التفكر هو طريق التذكر، بل هما منزلتان مرتبطان مع بعضهما، فيتقلب العقل بين التذكّر والتفكّر، حتى يبلغ غايته بإحياء القلب؛ لأن التفكُّر لا يقف عند نوعٍ بعينه بل يتعدَّد ويختلف، وتنوعه وتأمله فى شتى الآيات الكونية والقرآنية يقود المؤمن إلى حسن الأفعال، والنجاة من الشرور والفتن، والبُعد عن مواطن الهلاك.
إنّ تذكّر الآيات والاتعاظ والاستفادة من معانيها يتحقق بالتفكّر، فكلما زاد التفكر كُشف للقلب المعنى المراد من الآيات والمواعظ، فإنّ للمعاني غطاءٍ يُكشف بعمق التفكر حتى تزول غفلة القلب، فيتعلق بخالقه حبًا وطاعةً.
إذ أمر الله سبحانه بالتفكُّر والتدبر في كتابه العزيز، وأثنى على المتفكِّرين بقوله: (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار ).
قال وهبُ بنُ منبهٍ: "ما طالت فكرةُ امريءٍ إلا فَهِمَ، ولا فَهِمَ امرؤٌ قطُّ إلا عَلِمَ، ولا عَلِمَ امرؤٌ قطُّ إلا عَمِلَ"، وقال عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ: "الكلامُ بذكرِ اللهِ عز وجل حسنٌ، والفكرةُ في نعمِ اللهِ أفضلُ العبادةِ".
تثبيت العقيدة
لقد حثّ الله الإنسان على استخدام عقله والتّفكر في نفسه، وفي خلق السموات والأرض بآياتٍ كثيرة في كتابه العزيز، فقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾، كذلك الشأن في التدبُّر، قال تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾.
وذمّ الذين لا يستخدمون عقولهم، قال تعالى: ﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾.
إنّ التفكر في خلق الإنسان وخلق الكون، من أقربِ الطرق للوصول لله سبحانه وتعالى، المُستحق للعبادةِ والمتفرد بالوحدانية، فإعمال العقل والتفكر بمخلوقاته عظيمها ودقيقها، يُثبت الإيمان في القلب، ويغرس اليقين داخله، فلا يوثر فيه الشبهات، ولا تغيره تقلبات الحياة بين شدة، ورخاء.
محبة الله سبحانه
يلمس المؤمن في قلبه محبة الله سبحانه تعالى إذا أعمل فكره وعقله فيما يأتي:
- التفكّر في خلق الله من حيوانات، وجمادات، وينظر كيف ميزه عنهم بالعقل.
- التفكّر في اصطفاء الله له بأنّ منّ عليه بنور الإسلام، وبينما أهل الكفر والإلحاد يغرقون بالظلام، فيدرك كيف ميزه الله عن غيره.
- التفكّرفي أهل البلاء، والابتلاءات وما أحل بهم، فيرى كيف عافا الله.
- التفكّر في أهل المعاصي والذنوب، فيرى كيف عصمه الله من الوقوع بها.
- التفكّر بمنّة الله عليه بالطاعات والأعمال الصالحة، فيرى فضل الله بأن وفّقه لفعلها وهيّأ له الأسباب.