فوائد التسبيح والاستغفار
فوائد التسبيح والاستغفار وفضلهما
فوائد التسبيح وفضله
ورد في فضائل التسبيح وأجره أنّه من أفضل الكلام، وأحبّه إلى الله -سبحانه وتعالى-؛ للحديث الوارد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (أَحَبُّ الكَلامِ إلى اللهِ أرْبَعٌ: سُبْحانَ اللهِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ)، كما أنّ التسبيح يُعَدّ نوعاً من أنواع الصدقة التي يتصدّق بها المسلم عن كلّ مفصَل من مَفاصله؛ شُكراً لله -تعالى- على هذه النِّعَم الكثيرة العظيمة، والتي لولاها لَما استطاع الإنسان أن يتحرّك، أو أن ينجزَ أعماله، ويقضي حاجاته، والشُّكر في ذلك يكون بالصدقة، إلّا أنّه يصعب إتيان المرء بثلاثمئةٍ وستّين صدقة في اليوم؛ ولهذا جعل الله -تعالى- التسبيح صدقة؛ رحمة بعباده، وقد ورد ذلك في حديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال:(يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ)، والتسبيح أحد أسباب مغفرة الذنوب؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن قالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، في يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ ولو كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ).
وتسبيح المسلم بحَمد لله -تعالى- في الصباح، والمساء مئة مرّة يُوجِب له الخير الكثير؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن قالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، مِئَةَ مَرَّةٍ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَومَ القِيَامَةِ، بأَفْضَلَ ممَّا جَاءَ به، إِلَّا أَحَدٌ قالَ مِثْلَ ما قالَ، أَوْ زَادَ عليه)، أمّا الأحاديث التي وردت في فضل التسبيح بعد الصلوات، فمنها قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن سَبَّحَ اللَّهَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ، وقالَ: تَمامَ المِئَةِ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ)، بالإضافة إلى أنّ هناك بعض الأحاديث التي وردت في بيان فَضل التسبيح المُطلَق، ومنها قوله -عليه الصلاة والسلام-: (كَلِمَتانِ خَفِيفَتانِ علَى اللِّسانِ، ثَقِيلَتانِ في المِيزانِ، حَبِيبَتانِ إلى الرَّحْمَنِ، سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ).
فوائد الاستغفار وفضله
للاستغفار فوائد وفضائل كثيرة، منها: أنّ الله -تعالى- وعَدَ عباده حال استغفارهم بنِعمتَين؛ الأولى: أن يُمدَّهم بالأموال، والثانية: أن يرزقَهم بالذرّية؛ فقد قال -تعالى- على لسان نبيّه نوح -عليه السلام-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)؛ إذ دعا قومه إلى استغفار الله -تعالى-؛ ليباركَ لهم في رزقهم، وأولادهم، ويُنزّل عليهم الغيث، فيُنبت لهم من الأرض من كلّ الثمرات، ويجعل لهم الجنّات والأنهار، وفي ذلك دليلٌ على أنّ الاستغفار شرطٌ للبركة، والكثرة.
كما أنّ كثرة الاستغفار أحد أسباب تنزُّل رحمة الله -تعالى- على عباده؛ إذ يقول -عزّ وجلّ- على لسان نبيّه صالح -عليه السلام-: (لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، والاستغفار شفاءٌ للقلوب، ومُطهِّرٌ من الذنوب، وسبب للنجاة من الهلاك، بالإضافة إلى أنّه سبيل إلى دَفْع البلايا والمِحَن؛ قال -تعالى-: (وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)، إلى جانب أنّه سبب لتحصيل الخير من الله -تعالى-، والتمتُّع بنِعَمه، ونَيل رضاه -عزّ وجلّ-، وفي الاستغفار أيضاً طاعةٌ للربّ -سبحانه-، وامتثالٌ لأوامره؛ فقد أمر -تعالى- به عباده في العديد من المَواضع في القرآن الكريم ، ومنها قوله -تعالى-: (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، ولا يمكن تجاهل أنّ في الاستغفار اقتداءٌ بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ كان -عليه الصلاة والسلام- كثير الاستغفار لله، حريصاً عليه لا يتركه في ليله ولا نهاره؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: (استغفروا ربَّكم ، إني أستغفرُ اللهَ و أتوبُ إليه كلَّ يومٍ مائةَ مرةٍ).
معنى التسبيح والاستغفار
معنى التسبيح
يُقصَد بالتسبيح في اللغة: التنزيه من أيّ نَقص، وتسبيح الله -تعالى- هو: تنزيهُه، وتبرئته من العيوب والنقائص جميعها، والشهادة له بالكَمال المُطلَق؛ فالمسلم إذا حَمِد ربّه فقد أثنى عليه، وإن سبَّحَه فقد مَجَّده، ونفى عنه أيّ نَقص، وأكملَ بذلك حَمده، والتسبيح أحد أعظم الأذكار؛ قال -تعالى-: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ)، وللذِّكر فضل عظيم في الإسلام؛ فهو أحد الأذكار التي أمر الله -تعالى- بها، وهو مِمّا يتقرّب به العبد من ربّه -جلّ وعلا-، وقد وردت في فَضل هذا الذِّكر نصوص كثيرة في القرآن والسنّة؛ حيث ذُكِر في أكثر من ثمانين مرّة في القرآن الكريم بصِيَغ مختلفة، ومنها صيغة الأمر، كما في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)، ومنها ما ورد بصيغة الماضي، كما في قوله -تعالى-: (سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ)، وقد ورد أيضاً بصيغة المضارع، كما في قوله -تعالى-: (يُسَبِّحُ للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ).
معنى الاستغفار
يعني الاستغفار في اللغة: طلب المغفرة، واستغفار العبد هو: طلبه الوقاية من شَرّ الذنوب، وسَترها، وقد كَثُر ذِكر الاستغفار في القرآن الكريم -وردت بعض الأمثلة في المقال سابقاً-، وغفران الذنب يعني: أنّ يستر الله -تعالى- ذَنب العبد عن الناس، ويَقِيه شَرّ الفضيحة التي قد يتسبّب فيها كَشف الذَّنْب، والسَّتر هنا يكون في الدُّنيا والآخرة، فإن عفا الله -تعالى- عنه، وسَتَر ذنوبَه، أسقطَ عنه المُؤاخَذة عليها، ولم يُعاقبه عليها؛ بفَضله، ورحمته، وهذا من معاني اسمَي الله الغفّار، والغفور؛ وهما صيغة مبالغة تعني: سَتر الله ذنوبَ عباده، وتَرك مُؤاخَذتهم عليها، واستغفار العبد رَبّه يعني: نَدَمه على ما كان منه، وعَزْمه على تَركه، وعَقد النيّة في قلبه على أداء ما ضَيَّعه من فرائض الله -تعالى-، ورَدّ المظالم إلى أصحابها؛ سواءً كانت مَظالم نفسيّة، أو مادّية، وتَرك المال الحرام، والبحث عن الرزق الحلال، والجهاد في الطاعة، والتألُّم حال الوقوع في المعصية.
فضل ذكر الله تعالى
يَسَّر الله -تعالى- لعباده بعض العبادات التي يرفعهم بها، ويُثيبُهم عليها، ويُعطيهم أجراً كبيراً، ومن ذلك ذِكر الله -تعالى-؛ فذِكر الله -تعالى- واحد من أَجَلّ العبادات، وأفضلها في الإسلام، ومن فَضلها أنّ الله -تعالى- وصفَ بها عباده، وأضاف الوَصف إلى نفسه؛ إذ قال: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)، ومن أعظم فضائل ذِكر الله -سبحانه- أنّ مَن يذكره في جماعة، ذَكَره الله -تعالى- عنده في ملأ أفضل، وخير من الملأ البشريّ الذي ذُكِر فيه، وذِكر الله -تعالى- يُورث العبد مَعيّة الله في كلّ وقت وحين، وقد ورد ذلك في قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يقولُ اللَّهُ تَعالَى: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ).