فوائد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
فوائد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسيلة الشريعة في إرشاد الناس إلى الخير، أو تذكيرهم بِحُرمة أمرٍ يقومون به، فالبشر يصدر منهم الخطأ، وأيضاً قد يُغيَّب عن الناس أبوابٌ من الخير، وهنا تظهر عبادة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي يُؤجر من يقوم بها عند الله -تعالى-، وهي عبادةٌ يَتقرَّب بها العبد إلى الله -عزَّ وجلّ-، وفيما يأتي بيانٌ لأهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
حفظ العقيدة
تُعدُّ العقيدة أهمّ ما يجب أن يُحافظ المسلم على سلامته، ويجب أن تبقى العقيدة بيضاء نقيَّة خاليةً من شوائب الشرك، وقد يقع الناس في بعض مظاهر الشرك بالله -تعالى- عندها يحتاجون إلى من يرشدهم إلى هذه العقيدة السليمة، وهذا يكون بإرشادهم إلى المعتقد الحقّ، وبيان بطلان تلك العقيدة الفاسدة.
إنَّ أهم وظيفة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هي إرشاد الناس إلى توحيد الله -تعالى-، لتكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كلُّه لله، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يدفع بالعقيدة الصحيحة جميع العقائد الفاسدة، قال -تعالى-: (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا) .
تحقيق وصف الخيرية لهذه الأمة
قال -تعالى-: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) ، تُظهر هذه الآية الكريمة منزلة أمَّة الإسلام وسبب خيريتها ، فإذا قام أبناؤها بما أكرمهم الله -تعالى- به من أمرٍ بالمعروف ونهيٍ عن المنكر، كانوا خير أمَّة أخرجت للناس.
وهذه نتيجةٌ طبيعةٌ فالأمّة الحيَّة المستيقظة تُظهر المعروف وتسعى لإزالة المنكر، وهذا بدوره ينعكس على الأمّة بأكملها، فتختفي منها الآثام، ويظهر البرَّ والتقوى، وبهذا تكون هي أفضل من غيرها من الأُمم، فميزان صلاح الأمّة وتفوقها يكون بمقدار الخير الذي فيها، وبمقدار الشرِّ الذي يختفي منها.
تحقيق الولاية بين المؤمنين
إنَّ النفس الإنسانية جُبِلت على محبَّة من يُحسن إليها، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيه إحسان للآخرين بإرشادهم إلى الخير ودفع المنكر عنهم، فهذا سببٌ في إشاعة المحبَّة والأخوَّة بين أبناء الإسلام، وهنا يُشعر المسلم بأنّه في وسطٍ من أهل الخير.
وحينئذٍ يأمن على نفسه من شرور المجتمع وفساده، ويطمئن أنَّه لن يغيب عن الخير مادام إخوته في المجتمع يرشدونه إليه ويُذكرونه به، وبهذا يُدفع العذاب، ويُحفظ صلاح المجتمعات، قال -تعالى-: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ).
الأمن من الهلاك
من أسباب وقوع العذاب من الله -تعالى- في المجتمعات أنَّهم تركوا الأمر بالمعروف والنهي المنكر، فالمجتمع الذي لا يُظهر المعروف، ويرى المنكر ولا يتأذى من وجوده هو مجتمعٌ فاسدٌ؛ يستحقُّ أن تقع عليه العقوبة من الله -تعالى- فقد أذنبوا بثلاثة أمور:
- ترك الأمر بالمعروف.
- إظهار المنكر وترك النَّهي عنه.
- الرضى بترك المعروف وظهور المنكر، لذا استحقُّوا العقوبة من الله -تعالى-.
قال -تعالى-: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)، فمن أراد النجاة من الهلاك؛عليه أن لا يترك الأمر بالمعروف في بيته، أو عمله، أو مجتمعه، وكلُّ ذلك قدر استطاعته.
تنبيه الغافلين
يمرُّ الإنسان بوقتٍ قد يغفل فيه عن الطاعة، أو تكثر عليه مشاغل الدنيا فيخفو واعظ الخير في نفسه، فيجد نفسه قد تجرأت على بعض الذنوب والآثام ، فيأتي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لإيقاظ الناس من هذه الغفلة، فيُبعدهم عن المعاصي ويُقرِّبهم إلى الطاعات.
والإنسان قد يكون في بيئة فاسدة، أو رفقةٍ سيئةٍ فيتأثر بها، فيقع في المعاصي والآثام، وقد يبقى مُقيماً على هذه المعاصي وغافلاً عن الطاعات إلى أن يُقدر الله له من يُنبِّهه من غفلته؛ فيدلَّه على الخير وينهاه عن المنكر.
توحيد صف المسلمين
إن للناس اختلافاً في الطبائع والعادات، والعقول والخبرات، وهذا يتبعه وقوع الخلافات بين أبناء المجتمع، والخلاف فُرقة وضعف، لذا يُعدُّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبباً لإزالة الخصومة وتوحيد الصفِّ، وحفظ من تشتيت الأمّة، وهو سبب للأمن والأمان، وردِّهم إلى الشرع، ونزع حظِّ النفس منهم.
يُعدُّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سببٌ لجمع الناس، لأنَّه قائمٌ على أصول الشرع التي لا أختلاف فيها، ولأنَّ مصدر هذه الأصول من الله -تعالى-، فالناس ينقادون لشرع الله، ويتركون عاداتهم وتقاليدهم المختلفة، وكذلك المعاصي والآثام؛ كلُّ ذلك انقياداً لله -عزَّوجلّ-، قال -تعالى-: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
حماية الأرض من الفساد
إنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حاجةٌ إنسانية، تحتاجها كلُّ المجتمعات على الأرض، فليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قاصرٌ على المجتمع الإسلامي، فكلُّ المجتمعات قائمةٌ على الحثّ على الخير، ومحاربة الشر والرذيلة، قال -تعالى-: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ).
تحصيل الأجر والثواب
على الرغم من أنَّ الأمر بالعروف والنهي عن المنكر يعود على صاحبه بالخير الكثير، وعلى المجتمع كذلك بتيسير الخير للفرد والمجتمع وكفِّ الشرِّ كذلك، فإنَّ للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثواباً عظيماً، ومن ذلك ما يأتي:
- إن الأمر بالمعروف يُعُّد صدقة من الصدقات
ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عن مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ).َّ
- إنَّ من مكفِّرات الذنوب، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قال -صلى الله عليه وسلم-: (فِتْنَةُ الرَّجُلِ في أهْلِهِ ومَالِهِ ووَلَدِهِ وجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ والصَّدَقَةُ، والأمْرُ بالمَعروفِ والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ).
- إنَّ ثواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أفضل من الإبل الحمر
الإبل الحمر كانت من أفضل أنواع الأموال عند العرب قال -صلى الله عليه وسلم-: (فَوَاللَّهِ لَأَنْ يُهْدَى اللَّهُ بكَ رَجُلٌ واحِدٌ، خَيْرٌ لكَ مِن أنْ يَكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ).