فكرة عمل الخلايا الشمسية
الطّاقة
نظراً للتلوّث الكبير الذي يحصل في العُقود الأخيرة للبيئة في مُعظم أنحاء الأرض، وللآثار الخطيرة لهذا التلوّث على حياة الإنسان على سطح الأرض وما عليه من بيئات طبيعيّة، بدأت الدّول المُتقدّمة بالبحث منذ زمنٍ عن مصادر بديلة للطّاقة تكون نظيفة وصديقة للبيئة، بحيثُ لا تُسبّب أثراً سلبيّاً طويلَ الأمد عليها. فالآثار المُضِرّة لمصادر الوقود على البيئة أصبحت مُنتشرة جداً، والتي من مصادرها الدّيزل والبنزين والمُشتقّات النفطيّة الأُخرى، وهذا ما دعى العلماء إلى استخدام المَصادر الطبيعيّة لإنتاج الطّاقة حِفاظاً على البيئة، ومن هذه المصادر والتي تتوفر على مدار السّاعة الطّاقة الشمسيّة؛ فقد قام العلماء باختراع ما يُسمى بـ(الخلايا الشمسيّة) لإنتاج الطّاقة الكهربائيّة بالاعتماد على أشعّة الشّمس وحدها.
يميلُ البعضُ من السياسيِّين والمُناظرين إلى الحديث عن مصادر الطّاقة البديلة هذه على أنَّها شديدةُ التّكلفة وغيرَ عمليّة مُقارنة بالوقود الأحفوريّ، إلا أنَّ تكلفتَها شهدت انخفاضاً شديداً مُنذ ثمانينيات القرن العشرين بحيثُ أصبحت مُتدنيَّة جداً؛ ففي سنة 1977 كانت تكلفةُ الخليّة الواحدة أعلى ممَّا هي عليه في سنة 2013 بأكثر من مائة مرَّة، وهي إحدى التطوّرات الشَّاسعة التي جعلتها مَصدراً رائجاً جداً للطَّاقة في الفترة الأخيرة، ففي سنة 2015، بلغت اعتماديَّة سُكَّان العالم على الطّاقة الشمسيَّة 1% من جميع مَصادر إنتاج الطّاقة، ممَّا يجعُلها في مُقدّمة أنواع الطّاقة المُتجدّدة حاليّاً.
الخلايا الشمسيّة
الخليَّة الشمسيّة هي عبارةٌ عن آلةٍ وظيفتُها تحويل الطّاقة الموجودة في أشعّة الضّوء إلى طاقة كهربائية يُمكن استخدامها بإمداد المُدن والمُنشآت الصناعيّة بما تحتاجُه. وتتمُّ صناعة الغالبيّة العُظمى من الخلايا الشمسيّة في الوقت الحالي من عُنصر السّيليكون، ويتمُّ تعديلُ المواد الدّاخلة في تركيبها باستمرارٍ لزيادة كفاءتها (قُدرتها على إنتاج الطّاقة بالنّسبة لمساحتها)، وكذلك تخفيض تكاليفَ صناعتها وتوزيعها. ومن أهمِّ الميزات التي تُفرّق الخلايا الشمسيّة عن غيرِها هي مخازن الطّاقة، مثلَ البطاريّات، وخلايا الوقود الأحفوريّ ؛ أنَّها لا تجري في داخلها أيّ تفاعلاتٍ كيميائية، وهي لا تحتاجُ إلى أيّ كميّة من الوقود لتكونَ قادرةً على إنتاج الكهرباء، ممَّا يجعُلها صديقة جدّاً للبيئة، وعدا عن كلِّ ذلك فهي تتميَّزُ عن المُولّدات الكهربائية بعدمِ حاجتها لأيّ أجزاءٍ ميكانيكيّة مُتحرّكة أو لإصدار الضَّجيج.
فكرة عمل الخلايا الشمسيّة
يقوم مبدأ عمل الخلايا الشمسيّة على امتصاص أشعة الشّمس وتحويل الطّاقة الشمسيّة إلى طاقة كهربائيّة تُمكّن الاستفادة منها عبر هذه العمليّة، وفي هذه الحالة تكون الشّمس قد أدَّت دور المُولِّدات الكهربائيّة؛ ففي كل يومٍ تُشرق فيه الشّمس تُطلق طاقة كبيرة على شكل فوتونات تُغطّي كل جزءٍ من سطح الأرض، وتصلُ كميَّة هذه الطّاقة إلى أكثر من ألف واطٍ لكلِّ مترٍ مُربَّع من الأرض المَكشُوفة، وتقوم الألواح الشمسيّة باستقطاب هذه الطّاقة. ويحتوي كل لوح من ألواح الطّاقة الشمسيّة على مجموعة من الصّفوف، وكلّ صفّ يحتوي على خلايا شمسيّة، ويتمُّ تجميع هذه الألواح في مصفوفاتٍ كبيرة جدّاً لتشكيل المحطَّات الشمسيّة التي تمدُّ المُدُن والمَصانع بالطّاقة في العديد من أنحاء العالَم.
الخليَّة الشمسيّة عبارةٌ عن أداةٍ شبه مُوصلة ذات بناءٍ بسيط، وظيفتُها تحويل الفُوتونات الموجودة في أشعّة الضّوء إلى أشكالٍ من الطّاقة يستطيعُ الإنسان الاستفادة منها، والطّريقة الأساسيّة للقيام بهذا التّحويل هي السَّماحُ للخليَّة الشمسيّة بامتصاص الفُوتونات وإسقاطِها على سطحِ كريستاليّ مُكوَّنٍ من أحد العناصر الكيميائيّة . والخاصيَّةُ الكريستاليّة أو البلوريَّة تُشير إلى أنَّ ذرّات هذا العُنصر مُرتَّبة على المُستوى الجُزيئيّ بنمطٍ ثابت دقيق جدّاً، ويُعتَبر السّيليكون العُنصر الأكثر رواجاً لاستعماله في هذه الوظيفة بسبب امتلاكه خواصّاً مُشتركةً ما بين المعادن (المُوصلة للكهرباء) والعوازل (المانعة للكهرباء)، وبالتّالي يُؤدّي دوراً جوهريّاً في تكوين الخليَّة.
عندما تصطدمُ الفوتونات بالسَطحِ المُكوّن من السّيليكون فهي تُؤدّي إلى تأيينِ ذرَّاتِه (تنقلُ إليها شحنة كهربائيّة) ممَّا يُؤدّي إلى تحرُّر بعضِ الإلكترونات منها، وبالتّالي تبقى بعضُ الذرّات الكريستاليّة ذات الشّحنة الإيجابيّة ، وتستطيعُ الشّحنة الانتقالَ من ذرّة إلى الأُخرى بحُريَّة كبيرة، وتُصبح هي الأساس للطّاقة التي سوفَ تُنتجها الخلية الشمسيّة من الضَّوء. ويُمكن تبسيط هذا التّفاعلِ بأنَّه يُؤدّي إلى توليد طاقة كهربائيّة داخل السّيليكون بمُجرَّد اصطدام أشعة الشّمس به.
بعد ذلك، تبدأ الإلكترونات الموجودة داخل الخليَّة الشمسيّة في الحركة نتيجةً لاكتسابها للشّحنة الكهربائيّة ، فتقومُ بتشكيل حقلٍ كهربائيّ، وتنطلقُ الإلكترونات من كريستالة السّيليكون (أو أياً ما كان نوعُ المادة المُستعملة في صناعة الخليّة الشمسيّة) وتتجمَّع على شكل طاقة كهربائيّة تُرسلها الخليّة الشمسيّة إلى جهازٍ المُحوّل . وعندَ هذه المرحلة تنتج كهرباء في حالة التيّار المُباشر (DC)؛ وهي كهرباء يمكن إنتاجها كيميائيّاً، ومن أمثلتها كهرباءُ البطاريّات، ولكن لا يمكن الاستفادة منها وهي في شكلها الحالي في الأمور الحياتيّة اليوميّة للإنسان، ولذلك تلزم الاستعانةُ بمُحوِّل من نوع خاصّ ليقوم بتحويل هذه الكهرباء من حالة التيّار المُباشر (DC) إلى التيّار المُتردِّد (AC)، وبالتّالي تُصبح الطّاقة الكهربائيّة جاهزةً لتشغيل المنازل والمُنشآت البشريَّة.
تُعتمد كميّة الطّاقة المُنتَجة على حجم اللّوح الشمسيّ وما يحتويه من خلايا شمسيّة؛ ففي الألواح الشمسيّة العاديّة، تكون القدرة الإنتاجيّة للوح الواحد في المُتوسّط 250 واط تقريباً، ويمكن معرفةُ القدرة الإنتاجيّة للوح الواحد من ورقة البيانات (Data Sheet) التي تكون مُرفقة مع الألواح عندَ شرائها من شركةٍ تجاريَّة. وقد اتّخذ هذا النّوع من إنتاج الطّاقة النّظيفة من المصادر المُتجدِّدة مَنحىً كبيراً وحصل على أهميّة كبيرة عند المُنظَّمات والحُكومات المُهتمّة بالحفاظ على نظافة البيئة ، ويبلغ عمر الإنتاج للألواح الشمسيّة ما يُقارب الخمسة وعشرين عاماً، كما أنّ تكلفته في الآونة الأخيرة باتت مَقبولة وفي مُتناول الأيدي مع تطوُّر نوعيَّة صناعته وإنتاجه، ويمكن مَعرفة الجدوى الإقتصاديّة لتركيب هذا النّظام عن طريق مَعرفة مُدّة الاسترداد له التي سيُعيد خلالها تكاليفه؛ فكلما قلَّت هذه المدّة كان المشروع أجدى من النّاحية الماديّة.