فقه الإمامة في الصلاة
فِقه الإمامة في الصلاة
صِفة الإمام في الصلاة
شروط الإمام
تُشترَط في الإمام عدّة شروطٍ، بيانها فيما يأتي:
- الإسلام: فلا تصحّ الإمامة إلّا من مُسلمٍ.
- العقل: اشترط العلماء أن يكون الإمام عاقلاً؛ فلا تجوز إمامة المجنون، أو السكران؛ إذ إنّ صلاتهم لأنفسهم ليست صحيحةً، فمن باب أولى أنّها لا تصحّ كذلك لغيرهم، والأَولى أيضاً عدم إمامة من يُجَنّ أحياناً، ويفيق أحياناً أخرى.
- البلوغ: وقد اختلف العلماء في اشتراط البلوغ للإمام؛ فذهب الشافعيّة إلى القَوْل بصحّة الإمامة في صلاة الفرض والنَّفْل من المُميّز بالبالغ، أمّا جمهور العلماء فقالوا بعدم جواز إمامة المُميَّز بالبالغ في صلاة الفرض، وقال المالكيّة، والحنابلة بصحّتها في صلاة النافلة دون الفرض، أمّا الحنفيّة فقالوا بعدم الجواز مُطلَقاً.
- الذكورة: إذ لا تصحّ إمامة المرأة أو الخُنثى، وقد اتّفق على ذلك أصحاب المذاهب الأربعة؛ إذ إنّ تقدُّم المرأة على الرجل مَظنّة وقوع الفِتنة، وعليه فإنّ إمامة الخُنثى بالرجال لا تصحّ، أمّا إمامة الخنثى بمِثله فلا تصحّ أيضاً؛ لاحتمال ثبوت الذكورة للمُقتدي، بينما تصحّ إمامة الخُنثى بالنساء، وتجدر الإشارة إلى أنّ الخُنثى مَن لم تثبت ذكوريّته، ولا أنوثته.
- القدرة على النُّطق: فلا بدّ للإمام من أن يكون قادراً على النُّطق، فلا تصحّ الإمامة من الأخرس الذي لا يستطيع القراءة؛ إذ لا يملك القدرة على النُّطق بسورة الفاتحة التي تُعَدّ رُكناً من أركان الصلاة، بالإضافة إلى واجبات الصلاة، مثل: التشهّد، وغيره، وتصحّ إمامة الأخرس بمثله.
- السلامة من الأعذار: وقد اختلف العلماء في هذا الأمر؛ فذهب الحنابلة، والحنفيّة، والشافعيّة إلى القَوْل باشتراط السلامة من الأعذار، كسَلَس البول، وخروج الرِّيح، وغيرهما، أمّا المالكيّة فلم يشترطوا ذلك؛ لأنّ تلك الأعذار قد أُعذِر بها صاحبها، وبذلك يُعفى عنها في حقّ الغير.
- نيّة الإمامة: إذ اشترط الحنابلة النيّة؛ باعتبارها من شروط صحّة صلاة الجماعة ؛ وذلك بأن ينوي الإمام الإمامة، وينوي المأموم الاقتداء، واعتبرها الحنفيّة شرطاً في إمامة النساء دون الرجال، أمّا الشافعيّة، والمالكيّة فقد قالوا إنّ النيّة أمرٌ مُستحَبّ، ولم يعدّوه شرطاً إلّا في صلاة الجمعة ، والصلاة المُعادةـ والمَنذورة عند الشافعيّة.
الأولى بالإمامة
اختلف العلماء في تحديد الأحقيّة بالإمامة، وذهبوا في ذلك إلى عدّة آراءٍ وأقوالٍ، بيانها فيما يأتي:
- الحنفيّة: قالوا إنّ الأولى بالإمامة من كان أعلم بالفقه وأحكامه، وليس الأقرأ لكتاب الله.
- المالكيّة: قالوا باستحباب تقديم السُّلطان للإمامة، ثمّ ربّ البيت، والمُستأجِر يُقدَّم على المالك، ثمّ الأعلم بالفقه، فالأعلم بالحديث، فالأعلم بالقراءة، ثمّ الأكثر عبادةً، ثمّ الأكبر سِنّاً، ثمّ صاحب النَّسَب، ثمّ الأفضل خُلُقاً، فلباساً، ويُلجَأ إلى القُرعة إن تَساوى اثنان في الصفات نفسها.
- الشافعيّة: الأولى بالإمامة الإمام الراتب، ثمّ الإمام الأعظم، ثمّ نائبه، وإن لم يتحقّق ذلك؛ فالأفقه في أحكام الصلاة ، ثمّ الأصحّ قراءةً، ثمّ الأكثر حِفظاً للقرآن، ثمّ الزاهد، ثمّ الأكثر وَرَعاً، فالمهاجر، ثمّ الأسبق بالإسلام، ومن ثمّ صاحب الشرف والنَّسَب، ثمّ حَسَن الذِّكر، فالأنظف، ثمّ الأجمل صوتاً، فالأحسن خُلقاً، فوجهاً، فزوجةً، فالأبيض ثوباً.
- الحنابلة: الأولى بالإمامة الأقرأ للقرآن، فالأعلم بأمور الفقه، ومن ثمّ الأكبر سنّاً، ثمّ الأشرف مكانةً، ثمّ الأقدم هجرةً.
نيّة الإمامة والائتمام
نيّة الإمام للإمامة
اختلف العلماء في اشتراط نيّة الإمامة للإمام، وبيان تفصيلهم في ذلك آتياً:
- الحنفيّة: لم يشترطوا نيّة الإمامة إلّا في حالةٍ واحدةٍ تتمثّل بإمامة النساء؛ إذ لا بدّ من نيّة الإمامة بالنساء لصحّة الاقتداء بالإمام.
- المالكيّة: قالوا بوجوب نيّة الإمامة في كلّ ما تتوجّب فيه صلاة الجماعة، مثل: صلاة الجمعة، وصلاة الخوف، والجمع بين المغرب والعشاء بسبب المطر؛ وعلّلوا ذلك بأنّ تلك الصلوات تُشترَط فيها الجماعة، فلو لم ينوِ الإمام، لكانت صلاته صلاة منفردٍ .
- الشافعيّة: قالوا بعدم اشتراط نيّة الإمامة على الإطلاق؛ استدلالاً بأنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يصلّي ذات مرّةٍ، فصلّى خلفه عددٌ من الصحابة -رضي الله عنهم-، ولم يستنكر عليهم فِعْلهم.
- الحنابلة: اشترطوا نيّة الإمام على الإطلاق؛ لأنّ صلاة الجماعة تتعلّق بها أحكام وجوب اتِّباع الإمام، وسقوط سجود السَّهو ، وبُطلان صلاة المأموم بفساد صلاة الإمام، علماً أنّ ما يميّز الإمام عن المأموم وجود النيّة.
نيّة المأموم
اتّفق العلماء على اشتراط نيّة المأموم للاقتداء بالإمام، واعتبروا ذلك شرط صحّةٍ؛ احتجاجاً بأنّ متابعة الإمام عملٌ، ولا بدّ للأعمال من نيّةٍ، أمّا فيما يتعلّق بالتلفُّظ بالنيّة؛ فقد استحبّ الحنفيّة، والشافعيّة التلفُّظ بها؛ احتجاجاً بالقياس على النيّة في الحجّ، وتجدر الإشارة إلى أنّ النيّة تتمثّل بالعمل القلبيّ المُلازم للإرادة والعزيمة.
مُتابعة المأموم للإمام
يتوجّب على المأموم البدء بالصلاة بعد شروع الإمام فيها، فيتبع الإمام في التكبير، والركوع؛ فلا يصحّ تقدُّم المأموم بالصلاة على الإمام، بل عليه أن يعمل مثل عمل الإمام، وقد اتّفق أهل العلم على اشتراط متابعة الإمام، وفصّلوا في ذلك الأمر؛ فقال الحنفيّة إنّ المتابعة هي: مشاركة الإمام في الأركان؛ أي أن يعمل المُقتدي مثل عَمَل الإمام؛ معه، أو بعده بقليلٍ، بشرط أن يأتي المُقتدي بالرُّكن قبل إتيان الإمام بالرُّكن الثاني؛ فلو ركع الإمام، وركع المُقتدي بعده بقليلٍ قبل سجود الإمام؛ فإنّه بذلك يكون قد أدرك الركوع معه، أمّا إن ركع أو سجد قبل الإمام، فلا تُحتسب له الركعة، وعليه القضاء بعد التسليم، وقال المالكيّة إنّ المتابعة تعني: مشاركة الإمام في أعمال الصلاة؛ فلا يسبقه، ولا يُساويه، ولا يتأخّر عنه المقدار الذي يُنهي فيه الإمام الإتيان بالرُّكن كاملاً، وقال الشافعيّة إنّ المتابعة تنحصر في ثلاثة أمورٍ، وهي: ألّا يبدأ المأموم بالإحرام قبل انتهاء الإمام منه، وألّا يُسلّم قبل الإمام، وألّا يسبق الإمام في رُكنَين فِعليّين من الصلاة بشكلٍ مُتتالٍ دون وجود أيّ عُذرٍ؛ حتى لا تبطل صلاته.
وقال الحنابلة بقَوْل الشافعيّة في الأمرَين؛ الأوّل، والثاني، وأضافوا ألّا يسبق المُقتدي الإمام، أو يتخلّف عنه بفِعلٍ من أفعال الصلاة، فإن تعمّد المقتدي الركوع قبل ركوع الإمام؛ فصلاته باطلةٌ، ولا تبطل الصلاة بسبب سهو المُقتدي، إلّا أنّه يُكمل ما تركه بعد التسليم؛ لتُحتسَب له الركعة، وقالوا بكراهة مساواة الإمام بأفعال الصلاة، وبناءً على ما سبق، لا يجوز للمأموم أن يسبق الإمام في فِعلٍ من أفعال الصلاة؛ فإن أحرم بالصلاة قبل إمامه؛ فإنّ صلاته لا تصحّ؛ إذ يُشترَط له أن يُتابع الإمام، ويُؤدّي الأركان بعده، وقد حَذّر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه من أن يسبقوه في الصلاة.
حالات فساد صلاة الإمام والمأموم
فساد صلاة الإمام دون المأموم
فصَّل العلماء في حالات فساد صلاة الإمام دون فساد صلاة المأموم، وبيان ما ذهبوا إليه آتياً:
- الحنفيّة: قالوا بفساد صلاة الإمام إن طرأ المُفسد أو الخلل على الشرط، أو الرُّكن؛ فصلاة الإمام تبطل حال وجود الحَدَث، أو الخلل، ولا تترتّب على المأموم إعادة الصلاة؛ فمثلاً لو صلّى الإمام الجمعة بعد أن صلّى الظُّهر جماعةً؛ فلا تبطل إلّا صلاته فقط، وكذلك إن أدّى سجود التلاوة بعد تفرُّق المُصلّين، ولو سلّم المُقتَدون قبل الإمام بعد قعوده قدر التشهُّد، ثمّ أصابه حَدَثٌ ما، فإنّ صلاته وحدها التي تبطل.
- الشافعيّة: قالوا بعدم وجوب إعادة الصلاة على المُقتدي إن تبيّن أنّ الإمام كان على جنابةٍ، أو حَدَثٍ، أو أصابته نجاسةٌ خفيّةٌ في الثوب أو البَدَن، وتُستثنى صلاة الجمعة إن كان المُقتَدون أربعين، وكان الإمام مُحدثاً، أو ذا نجاسةٍ، أمّا إن كانت النجاسة ظاهرةً، فتجب الإعادة على المُقتدي.
- المالكيّة: قالوا بفساد صلاة الإمام إن أدّاها دون وضوءٍ، أو كان على جنابةٍ؛ سواء كان عامداً، أو ساهياً.
- الحنابلة: تجب على المُقتدي إعادة الصلاة إن تبيّن له عِلم الإمام بالحَدَث، أو النجاسة، وتصحّ صلاة المأموم دون الإمام إن تبيّن الحَدَث أو النجس بعد انقضاء الصلاة، ويترتّب القضاء على الإمام وحده.
فساد صلاة الإمام والمأموم
تفسد صلاة الإمام والمأموم في حالات مُعيّنةٍ بيَّنَها علماء المذاهب، وبيان ذلك آتياً:
- الحنفيّة: قالوا بفساد صلاة الإمام والمأمومين إن كان الإمام على جنابةٍ، أو حَدثٍ، وعَلِم المأمومون بذلك بعد الصلاة.
- المالكيّة: قالوا بفساد صلاة المأمومين إن تعمّد الإمام الصلاةَ بالناس وهو على جنابةٍ، أو حَدَثٍ، وعَلِموا بعد الفراغ من الصلاة.
- الحنابلة والشافعيّة: قالوا بصحّة صلاة المُقتدين إن كان الإمام على حَدثٍ، أو جنابةٍ، إن عَلِموا بعد الصلاة، وتُستثنى صلاة الجمعة، إن بلغ عدد المصلّين أربعين.
ما يتحمّله الإمام عن المأموم
يتحمّل الإمام ويضمن عن المأموم في الصلاة بعض الأعمال، وبيان ذلك آتياً:
- الحنفيّة: قالوا إنّ الإمام ضامنٌ صلاةَ غيره؛ إمّا صحّةً، أو فساداً، فإن فسدت صلاة الإمام، فسدت صلاة المأموم.
- المالكيّة: إنّ الإمام يتحمّل ويضمن عن المأموم القراءة وسجود السَّهو؛ إذ يجوز للمأموم ألّا يسجد للسَّهو إن سها وحده، ويتحمّله عنه الإمام؛ احتجاجاً بأنّ المأموم يسجد للسَّهو مع الإمام، حتى وإن لم يكن قد سها.
- الشافعيّة: قالوا إنّ الإمام يتحمّل عن المأموم سجود السَّهو، وسجود التلاوة ، والقنوت، والقراءة، والجَهْر فيها في الصلاة الجهريّة، ويتحمّل كذلك التشهُّد الأوّل للمَسبوق بركعةٍ واحدةٍ؛ إذ تكون الركعة الثانية للمأموم هي الثالثة للإمام، ولا يجلس فيها.
- الحنابلة: يتحمّل الإمام عن المأموم السُّترة، وقراءة الفاتحة، وسجود السَّهو، ودعاء القنوت ، وسجود التلاوة، والتشهُّد الأوّل للمسبوق في الصلاة .
ويُقصَد بالسَّهو الذي يتحمّله الإمام عن المأموم: تَرْك ما ليس من أركان الصلاة ، أو الزيادة فيها؛ كأن يقوم المأموم للركعة الثالثة دون الجلوس للتشهُّد، سَهْواً، ثمّ يجلس بعد إدراكه الأمرَ، أمّا إن ترك شيئاً من الأركان، فلا يتحمّله الإمام.
آداب الإمامة والاقتداء ومكروهاتهما
آداب الإمامة والاقتداء
يجدر بالإمام التحلّي بعددٍ من الآداب، والتي منها: التخفيف في الصلاة ، وانتظار المُؤذّن إلى حين انتهائه من الإقامة للصلاة، ثمّ التكبير، ورَفْع الصوت بالتكبيرات، أمّا المأموم، فلا يرفع صوته، ويقرأ الإمام دعاء الاستفتاح والاستعاذة والبسملة سرّاً، كما لو كان يُصلّي مُنفرداً، ويجهر بقراءة سورة الفاتحة والسورة التي بعدها في صلاة الفجر، وأوّل ركعَتين من صلاة المغرب، وصلاة العشاء، وعلى المأموم أن يدخل في الصفّ قَدر المُستطاع، ولا يقف وحده، ولا يتقدّم على الإمام أو يُساويه في الأفعال.
موقف الإمام والمأموم
ثبتت كيفيّة صلاة الجماعة عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ وذلك بأن يقف الإمام ، ويقف خلفه المُصلّون؛ سواء كانوا رجالاً، أو نساءً؛ كما ثبت من فِعل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وتُصلّي المرأة وسط النساء في صلاتهنّ؛ حِرصاً على السَّتر بصورةٍ أكبر، ويُستحَبّ وقوف المُقتدي إلى يمين الإمام مع تأخُّره قليلاً إن كان رجلاً واحداً، أو صبيّاً مُميّزاً، وإن كانا رجلاً، وامرأةً، فإنّ الرجل يقف إلى يمين الإمام، وتقف المرأة خلف الرجل، أمّا إن كانا رجلَين، أو رجلاً وصبيّاً، فإنّهما يقفان خلف الإمام، وكذلك إن كُنّ نِسوة أو امرأة، وإن كانوا من الرجال، والصبيان، والخُناثى، والإناث؛ فإنّ الرجال يقفون أوّلاً خلف الإمام، ثمّ الصبيان، ثمّ الخُناثى، ثمّ النساء، وفي ذلك كلّه فإنّ الإمام يقف في الوسط؛ فلا يميل يميناً، ولا يساراً.
موضع بداية صفّ الصلاة
يبدأ صفّ الصلاة خلف الإمام؛ بحيث يكون إزاء الإمام من الخلف، أمّا الإمام فيكون وقوفه في منتصف الصفّ؛ أي أنّه يتوسّط جهة الصفّ، وقد تكون بداية الصفّ من جهة اليمين؛ لِما ورد في بيان فَضْل ميامين الصفوف.
مكروهات الإمامة
تُكرَه في الإمامة عدّة أمورٍ، منها: فِسْق الإمام، إلّا إن كان إماماً لمثله، وقد اتّفق على ذلك الشافعيّة والحنفيّة، أمّا المالكيّة فكرهوا إمامة الفاسق ولو بمثله، وقال الحنابلة بعدم صحّة إمامة الفاسق ولو بمثله، وتُستثنى صلاة الجمعة، وصلاة العيد؛ للضرورة، وتُكرَه إمامة مَن ابتدع بِدعةً غير مُكفِّرةٍ باتِّفاق العلماء، كما تُكرَه للإمام الإطالة في الصلاة؛ تنزيهاً.
حُكم إمامة المرأة في الصلاة
اتّفق علماء الشافعيّة، والمالكيّة، والحنفيّة، والحنابلة على عدم صحّة إمامة المرأة للرَّجل في الصلاة؛ استدلالاً بأنّ الإمامة من الولاية، والولاية لا تصحّ للنساء، وكذلك الصلاة، أمّا فيما يتعلّق بإمامة المرأة للنساء ، فقد اختلف العلماء فيها، وذهبوا في خِلافهم إلى ثلاثة أقوالٍ، بيانها آتياً:
- القول الأوّل: قال الشافعيّة بجواز إمامة المرأة للنساء؛ سواء في الفرض، أو النَّفْل، كما قالت بذلك أيضاً عائشة أمّ المؤمنين، وابن عباس، وابن عمر، والأوزاعيّ، والثوريّ، وأمّ سلمة، وغيرهم.
- القول الثاني: قال الحنفيّة، والمالكيّة بكراهة إمامة المرأة بالنساء مُطلَقاً، وهو قول أنس بن مالك -رضي الله عنه- أيضاً.
- القول الثالث: جواز إمامة المرأة بالنساء في النافلة فقط، وقال بذلك: قتادة، والنخعيّ، والشعبيّ في روايةٍ عنهما، وورد في روايةٍ أخرى الجوازُ في رمضان فقط.
فَضْل الإمامة في الصلاة
تترتّب العديد من الفضائل على الإمامة، وممّا يدلّ على أهميّتها تولّي النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لها، وكذلك الخلفاء من بعده؛ فالإمامة مسؤوليةٌ كبيرةٌ، كما أنّ الإمام ضامنٌ غيرَه، وقد أعدّ الله له الأجر الكبير؛ إذ ينال مثل أجر كلّ من أدّى الصلاة معه، وقد اختلف العلماء في التفضيل بين الأذان والإمامة؛ فقال الحنفيّة، والمالكيّة، وبعض أصحاب الشافعيّ بأفضليّة الإمامة، وتقديمها على الأذان؛ لأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- تولّاها بنفسه، وقال الحنابلة، والشافعيّة بأفضليّة الأذان؛ استدلالاً بقَوْل الله -تعالى-: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّـهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
دور الإمام في المجتمع
تُوجّه الإمامة المسلمين بشكلٍّ عمليٍّ إلى تحقيق الأهداف السامية؛ من طاعة وليّ الأمر، واتِّباعه، وتنفيذ أوامره، وقد عُرِف منذ زمن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وزمن الخلفاء الراشدين، ثمّ زمن الدولتَين: الأمويّة، والعباسيّة، وما تلاهما من الأزمنة، أنّ الأمير يتولّى الإمامة في الصلاة؛ إذ إنّ للإمام دورٌ مهمٌّ في المجتمع؛ فهو كالقائد الذي يتولّى مهمّة الإرشاد والتوجيه؛ بما يُلقيه في المسجد من دروسٍ، كما كان من فِعْل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وصحابته -رضي الله عنهم-؛ إذ عقدوا المؤتمرات في المساجد التي كانت مركزاً للأمر بالمعروف، والنَّهي عن المُنكَر، وتعليم الناس أمور الدِّين، ومكارم الأخلاق ، والمسائل الفقهيّة.