فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر
فضل صيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ
يعدّ الصيام من أفضل العبادات التي فرضها الله -سبحانه- على عباده، فقد خصّ أجره وأضافه إلى نفسه، كما أخرج الإمام البخاري في صحيحه، من قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عن ربّه -عزّ وجلّ-: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به)، وقد ورد في بيان أجر فضل صيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ؛ أنّها كصيام الدّهر؛ بالنظر إلى الأجر المُضاعف المترتّب على صيامها، اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ كان يصومها، كما رُوي عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ زَوْجَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُ مِن كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؟ قالَتْ: نَعَمْ، فَقُلتُ لَهَا: مِن أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ كانَ يَصُومُ؟ قالَتْ: لَمْ يَكُنْ يُبَالِي مِن أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ يَصُومُ).
للمزيد من التفاصيل حول فضل وحكمة صيام ثلاثة أيام من كل شهر الاطّلاع على المقالات الآتية:
- (( فضل صيام الأيام البيض )).
- (( لماذا نصوم الأيام البيض )).
حكم صيام ثلاثة أيامٍ من كلّ شهرٍ
يُستحبّ للمسلم صيام ثلاثة أيامٍ من كلّ شهرٍ، سواءً كانت تلك الأيّام في أوّل الشهر، أو في أوسطه، أو في آخره، إذ أوصى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بذلك عدداً من الصحابة -رضي الله عنهم-؛ كأبي هريرة، وأبي الدرداء، وعبد الله بن عمرو -رضي الله عنهم-، ولم يحددّها بأيامٍ معيّنةٍ من الشهر، ووردت وصيّته أيضاً في أحاديث أخرى بصيام الأيام البِيض من كلّ شهرٍ؛ وهي: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، من كلّ شهرٍ؛ لِما في صيامها من أجرٍ عظيمٍ، فصيام الأيام البِيض أفضل من صيام باقي أيام الشَّهر، فإن لم يتيسّر للمسلم صيامها؛ صام غيرها من أيّام الشهر، وسُمّيت الأيام بالبِيض؛ لأنّ القمر يُنير لياليها؛ إذ يكون مُكتملاً.
للمزيد من التفاصيل حول عدد أيام الصيام المستحب من كل شهر الاطّلاع على مقالة: (( كم عدد الأيام البيض )).
الأيام البِيض
يُستحب للمسلم صيام الأيام البِيض؛ أي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، من كلّ شهرٍ، استدلالاً بقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (من صامَ من كُلّ شهرٍ ثلاثةَ أيّامٍ، فذلكَ صيامُ الدَهْرِ)، ويُستثنى من الشهور؛ شهر ذي الحِجّة؛ فلا يجوز صيام اليوم الثالث عشر منه؛ لنهي النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن صيام أيام التشريق ، وقال الشافعيّة، بخلاف الحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة؛ بصيام السادس عشر من ذي الحِجّة.
اتّفق العلماء على استحباب صيام ثلاثة أيامٍ من كلّ شهرٍ، إلّا أنّهم اختلفوا في تحديد تلك الأيام، وذهبوا في ذلك إلى قولين بيانهما فيما يأتي:
- القول الأوّل: قال جمهور العلماء؛ من الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة؛ باستحباب صيام الأيام البِيض من كلّ شهرٍ هجريٍّ؛ لِما رُوي عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (يا أبا ذَرٍّ إذا صُمْتَ من الشهرِ ثلاثةَ أيام، فصُمْ ثلاثَ عَشْرَةَ، وأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وخَمْسَ عَشْرَةَ)، وقال الشافعيّة بصيام اليوم الثاني عشر من الشهر؛ احتياطاً.
- القول الثّاني: قال المالكيّة بكراهة صيام الأيام البِيض بعينها؛ لئلا يعتقد الناس وجوبها، وحتّى لا يتمّ حصر الأيام الثلاثة بالأيّام البِيض، ويقع المسلم في الكراهة بحسب رأيهم إن قصد صيام الأيّام البِيض بعينها، أمّا إن وافق صيام الأيّام الثلاثة من الشهر صيام الأيام البِيض؛ فلا كراهةٍ.
الأيام السُّود
استحبّ الشافعية صيام الأيّام السُّود؛ وهي الأيّام: الثامن والعشرون، والتاسع والعشرون، والثلاثون من كلّ شهرٍ، ويستحبّ صيامها، فإن كان الشهر أقلّ من ثلاثين يوماً، يُعوّض يومٌ من بداية الشهر التالي، ويُستحسن صيام اليوم السابع والعشرين؛ احتياطاً، وقيل إنّ صيامها يُسنّ رجاءً وطلباً من الله -سبحانه- ذهاب الظلام الذي يكون في آخر كلّ شهرٍ، وقد ورد في صحيح البخاري قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا أبَا فُلَانٍ، أما صُمْتَ سَرَرَ هذا الشَّهْرِ؟ قالَ: - أظُنُّهُ قالَ: يَعْنِي رَمَضَانَ -، قالَ الرَّجُلُ: لا يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: فَإِذَا أفْطَرْتَ فَصُمْ يَومَيْنِ، لَمْ يَقُلِ الصَّلْتُ: أظُنُّهُ يَعْنِي رَمَضَانَ، قالَ أبو عبدِ اللَّهِ: وقالَ ثَابِتٌ: عن مُطَرِّفٍ، عن عِمْرَانَ، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مِن سَرَرِ شَعْبَانَ)، وأورد ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري قوله: "قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالْجُمْهُورُ الْمُرَادُ بِالسُّرَرِ هُنَا آخِرُ الشَّهْرِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاسْتِسْرَارِ الْقَمَرِ فِيهَا وَهِيَ لَيْلَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَتِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِينَ".
حكم صيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ متفرّقةٍ
يصحّ صيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ متفرّقةٍ؛ أي عدم صيام الثلاث متتابعةٍ، كصيام يومٍ أوّل الشهر، ويومٍ وسطه، ويومٍ آخره؛ إذ لم تُحدّد بأيامٍ معيّنةٍ في الحديث المروي عن الصحابي أبي هريرة -رضي الله عنه-، إذ قال: (وأنْ أصومَ ثلاثةَ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهرٍ).