فضل حسن الخلق
فضل حُسن الخُلق
الفضائل الدينية لحسن الخلق
من الفضائل الأخروية لحسن الخلق والتي تعود على الفرد والمجتمع، ما يأتي:
- امتثال العبد لما أمر الله -تعالى- به في القرآن الكريم، ومنه قوله -تعالى-: (خُذِ العَفوَ وَأمُر بِالعُرفِ وَأَعرِض عَنِ الجاهِلينَ)،التي جمعت مكارم الأخلاق، وأمر الله بالالتزام بها، والتخلّق بأخلاقها.
- طاعة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فقد قال: (وخالقِ النَّاسَ بخلقٍ حسنٍ).
- التشبُّه بأخلاق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد كان أعظم من تحلَّى بمكارم الأخلاق وتزكية النَّفس، قال -تعالى-: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ).
- عبادة لله -تعالى- في جميع الأحوال، ذلك أنَّ الله أمر بها، فمن تحلّى بها وجعلها أساساً في حياته فقد التزم أمر الله، وصار عابداً له، كما أنَّ الأخلاق الحسنة تتضمَّن عباداتٍ كثيرةٍ؛ كالصَّبر، والحِلم، والإحسان، والكرم، وغيرها، وهو من أعظم ما يُدخِل صاحبه الجنَّة، قال رسول الله: (ما شيءٌ أثقلُ في ميزانِ المؤمِنِ يومَ القيامةِ مِن خُلُقٍ حسَنٍ، فإنَّ اللَّهَ تعالى ليُبغِضُ الفاحشَ البَذيءَ).
- بلوغ الدَّرجة العالية والمقام الرَّفيع عند الله، قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (وإنَّ صاحِبَ حُسنِ الخلُقِ ليَبلُغُ بهِ درَجةَ صاحِبِ الصَّومِ والصلاةِ).
- الخلق الحسن أعظم ما يُدخل صاحبه الجنَّة، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- فقال أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (سُئِلَ عن أكثرِ ما يُدخِلُ الناسَ الجنةَ ؟ تقوى اللهِ وحسنُ الخُلقِ).
- المقام القريب من مقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة، ونيل محبَّة الله -تعالى-، فقد قال -عليه الصلاة والسَّلام-: (إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسِنُكم أخلاقًا).
- رابط عظيم من روابط الإيمان، ومن أعالي درجاته، لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلُقًا).
- حصول الخيريَّة بين النَّاس، لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ مِن خِيَارِكُمْ أحْسَنَكُمْ أخْلَاقًا)، كما أنَّ الخلق الحسن خيرٌ من الدُّنيا وما فيها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أربعٌ إذا كنَّ فيك فلا عليكَ ما فاتك من الدنيا حفظُ أمانةٍ وصدقُ حديثٍ وحسنُ خليقةٍ وعفةٌ في طعمةٍ).
- وعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمن حسن خلقه ببيتٍ في أعلى الجنَّة، فقال: (أَنا زعيمٌ ببيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لمن ترَكَ المراءَ وإن كانَ محقًّا وببيتٍ في وسطِ الجنَّةِ لمن ترَكَ الكذبَ وإن كانَ مازحًا وببيتٍ في أعلى الجنَّةِ لمن حسَّنَ خلقَهُ).
الفضائل الدنيوية لحسن الخلق
لحسن الخُلُق الكثير من الفضائل الدنيويَّة، نورد بعضها فيما يأتي:
- محبَّة النَّاس وكسب قلوبهم، وتأليف قلوب البعيدين والحاقدين، فالإنسان المتَّصف بحسن الخلق يقبل النَّاس، ويتماشى مع اختلاف طبائعهم وأساليبهم، وانجذب إليه كلُّ مَن رآه وسمعه.
- تيسير الأُمور؛ لأنَّ حسن الخلق أساسه تقوى الله -تعالى-، وقد قال: (وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا).
- السمعة الطيِّبة بين النَّاس، والذِّكر الحسن فيما بينهم.
- التخلُّص من أذيَّة النَّاس؛ لأنَّ صاحب الخلق الحسن يقابل الإساءة بالإحسان، ويعفو عن النَّاس ويصفح عنهم.
- الزِّيادة في الأعمار، وعمارة الدِّيار.
- زيادة في الإحسان إلى النَّاس، وهو أعظم من الإحسان إليهم بالمال بسبب ما يكون فيه من التَّواضع إلى الخلق، وسعة القلب معهم.
- إظهار الحقِّ، والتَّوصُّل إليه بالحسنى من خلال النِّقاش وإبداء كلٍّ من الأطراف رأيه دون تعصُّبٍ أو مراءٍ.
- طلب العلم والاستزادة منه، ذلك أنَّ حسن الخلق يجعل القلب سليماً فيدفعه إلى الانفتاح على العلوم والمعارف، والتأدُّب في مجالس العلم.
- حصول الخيريَّة، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخير النَّاس وأحسنهم أخلاقاً.
- التمهُّل واجتناب ما يحصل نتيجة العجلة والطيش.
- أداء الحقوق والواجبات المستحبَّة لأصحابها من الأهل، والأولاد، والأقارب، والجيران، والمعارف.
- الإنصاف والابتعاد عن ظلم النَّاس، وعدم التَّعدِّي على الآخرين.
- اطمئنان القلب وراحة النَّفس، والسَّعادة الدَّائمة.
- تماسك المجتمع، وحصول الألفة والمودَّة والمحبَّة بين أفراده؛ لأنَّ كلًّا من أفراده يعرف ما عليه من الحقوق وما له من الواجبات، فتتماسك الأمَّة ويسود التَّعاون بين أفرادها على البرِّ والتَّقوى.
- التصدِّي لأيِّ اعتداءٍ خارجيٍّ من قبل الأعداء، ومنع السُّموم المبثوثة من العدوِّ من الانتشار والتَّسلُّل ما بين الأفراد.
- التمكُّن من الإصلاح بين النَّاس وحلِّ خلافاتهم.
- ستر العيوب؛ ذلك أنَّ الاتِّصاف بمكارم الأخلاق يمنع صاحبه من التعدِّي على الآخرين وفضح عيوبهم.
- النَّجاح والفوز في جميع مناحي الحياة، وهو ما يتمنَّاه كل مسلم.
- صلاح الأُمَّة وهدايتها.
صور حُسن الخُلق
يشمل حسن الخلق العديد من الجوانب؛ كالعلم، والصَّبر، والتَّواضع، والأناة، والوفاء، والرَّحمة، والبر، والشَّجاعة، والأمانة، واليقين، والتَّوكل، والزُّهد، والإخلاص، والنَّشاط، والثَّبات، والعدل، والصِّدق، و صلة الرَّحم ، وبرُّ الوالدين، والبذل، والعطاء، وبشاشة الوجه، ومنع الأذى، وتجنُّب الغضب، وكظم الغيظ، ولين الجانب، وقد روت عائشة -رضي الله عنها- فقالت: (ما خُيِّرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ أمْرَيْنِ إلَّا أخَذَ أيْسَرَهُمَا، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا، فإنْ كانَ إثْمًا كانَ أبْعَدَ النَّاسِ منه، وما انْتَقَمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِنَفْسِهِ إلَّا أنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بهَا).
كيفيّة التخلّق بالخُلق الحسن
يستطيع الإنسان من خلال مجموعةٍ من الوسائل أن يتَّصف بالأخلاق الحسنة ، وذلك من خلال ما يأتي:
- العقيدة الصَّحيحة ؛ ذلك أنَّ العقيدة هي التي تقوِّم الأخلاق، وما يصدر عن الجوارح من الأفعال ما هي إلَّا تعبيرٌ عمَّا في قلبه من الاعتقاد والإيمان.
- الدُّعاء؛ وهو التَّوجه إلى الله بالتَّعظيم والابتهال طلباً لما عنده من الخير وصرفاً للشرِّ، فالمسلم يدعو الله أن يرزقه الأخلاق الحسنة، كما كان رسول الله يقول: (اللهم اغفِرْ لي ذنوبي و خطايايَ كلَّها، اللهم أَنعِشْني و اجبُرْني، و اهدِني لصالحِ الأعمالِ والأخلاقِ؛ فإنه لا يهدي لصالحها و لا يصرفُ سيِّئَها إلا أنت).
- مجاهدة النَّفس ، وبذل الوسع والطَّاقة في سبيل السَّير على طريق الله وجلب المنفعة.
- محاسبة النَّفس على ما يصدر منها من الأخطاء والأخلاق السَّيئة، واستخدام أسلوب الشدِّ والرَّاحة، والمنع والعطاء، والثَّواب والعقاب كلٌّ بحسب موقعه وما يناسبه.
- معرفة ما يترتَّب على الأخلاق الحسنة من المنفعة على صاحبها، ممَّا يدفعه إلى التَّخلُّق بها والالتزام بما جاء فيها، وما يعود من الضَّرر على تاركها، وما يصيبه من النَّدم والحسرة.
- العزيمة والهمَّة العالية؛ فالهمة هي ما يملكه العبد في قلبه ممَّا يدفعه إلى القيام بما يريد والوصول إلى غايته، فإن كانت الهمَّة عالية دفعت صاحبها إلى الالتزام بما أمر الله -تعالى- به للحصول على رضاه.
- الصَّبر والامتناع عن الشَّخط والشَّكوى والتَّذمُّر، وينقسم إلى صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على ابتلاءات الله.
- التواصي بالاتلزام بالأخلاق الحسنة والابتعاد عن الأخلاق السَّيئة، قال -تعالى-: (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ).
- العفَّة؛ لأنَّها تمنع صاحبها من الوقوع في المعاصي والفواحش.
- الشَّجاعة؛ لأنَّها تدفع صاحبها إلى التَّمسُّك بمكارم الأخلاق، وكظم الغيظ ومنع النَّفس من التَّصرف بطيش.
- العدل والتوسط دون إفراط أو تفريط، فيتخلَّق المسلم بكلِّ خلقٌ متوازنٍ متعدلٍ، كأن يتصف بالتَّواضع الذي ما بين الذُّل والكبر، وهكذا.
- البشاشة وطلاقة الوجه، وكما قال ابن حبان: البشاشة إدام العلماء.
- التَّغافل والتَّجاهل عن أخطاء الآخرين، ممَّا يجب الألفة والمودَّة والمحبة.
- التدريب على الأخلاق الحسنة وممارستها، حتى لو كان الأمر في بدايته عسيراً.
- التواجد في البيئة الصَّالحة ما أمكن؛ لأنَّ الإنسان يتخلَّق بأخلاق أهل المكان الذي يعيش فيه ويعاشر أهله.
خلاصة المقال
تعود الأخلاق بالنَّفع على صاحبها والمتمسِّك بها بالآثار الإيجابيَّة في دينه ودُنياه، ممَّا يجعله سعيداً ملتزماً أوامر الله في الدُّنيا، ثمَّ جزاؤه الجنَّة خالداً فيها في الآخرة، وللخلق الحسن العديد من الوجوه والجوانب والصُّور التي تتوسَّع لتشمل حياة الإنسان كافَّة في جميع المجالات التي يعيشها طوال حياته اقتداءً برسول الله -صلَّى الله عليه وسلّم-، وهناك العديد من الوسائل التي يلتزم المسلم بها ويحرص عليها ليكون خلقه حسناً، أهمها العقيدة الصَّحيحة السَّليمة والخالية من الشَّوائب، والدُّعاء، وبشاشة الوجه، والصَّبر، ومجاهدة النَّفس على الالتزام بهذه الأخلاق، إلى غيرها من الوسائل العديدة.