فضل الجلوس بعد صلاة الفجر
فضل الجلوس بعد صلاة الفجر
ورد في كثير من الأحاديث النبويّة والآيات الكريمة أجر صلاة الفجر ، وكذلك الجلوس للذّكر بعدها، فَمَن صلّى الفجر في جماعة ، وجلس يَذكر الله -تعالى- حتى تُشرق الشمس؛ كان له أجر حجٍّ وعُمرةٍ، كما ورد في قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (من صلَّى الفجرَ في جماعةٍ، ثم جلس يذكرُ اللهَ حتى تطلُعَ الشمسُ، ثم صلَّى ركعتينِ، كانت له كأجرِ حجةٍ وعمرةٍ تامةً، تامةً، تامةً)، فيُضاعف المسلم أجره ببضع دقائق مباركات.
والذّكر هنا لا يتنافى مع حضور مجلس العلم أو القيام بالطّواف ما دام في ذاتِ المسجد الذي صلّى المسلم فيه صلاة الفجر، وقد ثَبُتَ عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنَّه كان لا يقوم بعد صلاة الفجر حتّى تَطلع الشّمس.
ودلّ على ذلك ما ورد عن جابر -رضيَ الله عنه-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا صَلَّى الفَجْرَ جَلَسَ في مُصَلَّاهُ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا)، فأوصى النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- بالجلوس بعد صلاة الفجر إلّا إذا حصل للمسلمِ أمرٌ طارئ، أو كان إماماً أو خليفة، فمِن آداب الإسلام ألّا يقوم المصلّين حتى يقوم إمامهم، ولهذا يُعجّل الإمام بالقيام حتى لا يَشُقَّ على النّاس، ثم يُمكنه أن يعاود الجلوس للذّكر لنيل الأجر والثّواب.
ويكون أقل مقدار لمكوث المصلّي بعد صلاته بمقدار استغفاره ثلاث مرّات، وذلك لِما رَوى ثوبان -رضيَ الله عنه- قال: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا انْصَرَفَ مِن صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا وَقالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ).
ويحصل المسلم الذي يُصلّي الفجر في جماعة ويجلس في مجلسه على دعاء الملائكة له بالرّحمة والمغفرة، لحديث علي بن أبي طالب -رضيَ الله عنه- أنَّ النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (مَنْ صلى الفجرَ ثم جلس في مُصلَّاه صلتْ عليه الملائكةُ وصلاتُهم عليه: اللهم اغفرْ له اللهم ارحمْه، ومَنْ ينتظرِ الصلاةَ صلتْ عليه الملائكةُ وصلاتُهم عليه: اللهم اغفرْ له اللهم ارحمْه)، فحثَّ النبيّ -عليه الصلاة والسّلام- على الجلوس بعد صلاة الفجر، والانشغال بالطّاعات حتّى تطلع الشّمس، وبعد ارتفاع الشمس يُصلّي المسلم ركعتي صلاة الضّحى.
العبادات المستحبة في الجلوس بعد صلاة الفجر
ذكر الله تعالى
يُستحبّ للمسلم أن يحرص على الأذكار بعد صلاة الفجر، ومن الذّكر ؛ التّسبيح والتّهليل والتّكبير، ومن الذّكر أيضاً قراءة القرآن الكريم، وتعدّدت الآراء في الأفضلية بعد صلاة الفجر، فمنهم من رجَّح أفضلية التّلاوة ومنهم من رجَّح أفضلية التّسبيح، ولا ينال المسلم أجر وفضل الجلوس بين الصّلاتين بالنّوم واللّغو والغيبة والنميمة، إنَّما ينالهُ بالذّكر والتّلاوة وأن يُعين على الخير، فيأمرُ بالمعروف وينهى عن منكر ، ويُقدّم ما لديه من علم، وكلّ ذلك في مقام الذّكر، ويؤجر عليها بإذن الله -تعالى-.
ويُعدّ العلم النّافع والأدعية والأذكار التي وردت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، كما أنّ تَعَلّم القرآن الكريم وتَعْلِيمُهُ من أشكال الذّكر، وممّا ورد عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- من الأذكار قوله: (مَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، في يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ، كانَتْ له عَدْلَ عَشْرِ رِقابٍ، وكُتِبَتْ له مِئَةُ حَسَنَةٍ، ومُحِيَتْ عنْه مِئَةُ سَيِّئَةٍ، وكانَتْ له حِرْزًا مِنَ الشَّيْطانِ يَومَهُ ذلكَ حتَّى يُمْسِيَ، ولَمْ يَأْتِ أحَدٌ بأَفْضَلَ ممَّا جاءَ به، إلَّا أحَدٌ عَمِلَ أكْثَرَ مِن ذلكَ)، ففي هذه العبادة أجر عظيم يناله المسلم الذي يحافظ عليها.
صلاة الإشراق
يكون وقت صلاة الإشراق بعد الشّروق؛ أيّ بعد ارتفاع الشّمس ارتفاعاً جيّداً حتى يتجاوز وقت النّهي، وهو ما يقارب الرّبع ساعة بعد شروق الشمس، وأصل الإشراق من شَرقَ؛ أي طَلَعَتْ، وتعدّدت الآراء في صلاة الإشراق هل هي ذاتها صلاة الضّحى أم غيرها، فقالوا صلاة الضّحى تكون بعد ارتفاع الشّمس إلى ربعها؛ أيّ بعد اشتدادها، وأمّا صلاة الإشراق فتكون أوّل النّهار، ومنهم من قال إنهما صلاة واحدة، وقال الرملي الشافعي إنَّ صلاة الإشراق هي صلاة الضحى، وأقل مقدارٍ لها ركعتان، وأكثرها اثنتا عشرة ركعة.