فضل الإنفاق على الوالدين
فضل الإنفاق على الوالدين
يعتبر الإنفاق على الوالدين وجهاً من وجوه البرّ بهما، ثمّ إنّ البرّ بالوالدين من أعظم ما يتقرب به الولد إلى الله -تعالى-، ويقدّم الولد لوالديه من البرّ ما يمكنه وما يستطيع لينال بذلك رضى الله -تعالى- ورضى الوالدين، وقد أوجب الإسلام على الولد الإنفاق على الوالدين فهذا وجه من وجوه الإحسان التي أمر الله بها في قوله -تعالى-: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا) .
ومن الإحسان للوالدين الإنفاق عليهما، قال -تعالى-: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) ، وسدّ حاجاتهما وكفايتهما، لقول لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ أطيبَ ما أَكلتُم من كسبِكم وإنَّ أولادَكم من كسبِكم).
وقد اعتبر العلماء قول الله -تعالى-: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّـهَ بِهِ عَلِيمٌ) ، دليلاً على أنّ الإنفاق على الوالدين وجه من وجوه الصدقة.
واعتبر رسول الله الإحسان إلى الوالدين أعظم من الجهاد في سبيل الله، لما روى عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- فقال: (أَقْبَلَ رَجُلٌ إلى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقالَ: أُبَايِعُكَ علَى الهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، أَبْتَغِي الأجْرَ مِنَ اللهِ، قالَ: فَهلْ مِن وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟ قالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا، قالَ: فَتَبْتَغِي الأجْرَ مِنَ اللهِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَارْجِعْ إلى وَالِدَيْكَ فأحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا)، كما أنّه مقدم على الإنفاق على الفقراء والمساكين.
حكم الإنفاق على الوالدين
اتفق الفقهاء على وجوب النفقة من قبل الأبناء على والديهم إن كان الوالدين معسرين، أمّا غير الوالدين فقد تعددت أقوال الفقهاء فيهم، لكن الراجح أنّ النفقة تجب في كل قريب وارث، فقد روى جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (إذا كان أحدُكم فقيرًا، فلْيبدأ بنفسه، فإن كان فضلًا فعلى عياله، فإن كان فضلًا فعلى قرابتِه، أو على ذي رحمِه، فإن كان فضلًا فههنا وههنا).
ويشترط للإنفاق على الوالدين ليكون واجباً على الأبناء ثلاثة شروط؛ أولها أن يكون الوالدين فقراء لا يملكون مالاً، ولا يملكون مصدراً يتكسّبون منه المال، وثانيها أن يكون المال الذي ينفقه الولد على والديه فاضلاً عن نفقته لنفسه، وثالثها أن يكون المنفق ممن يرث الأبوين بعد الوفاة.
فضل برّ الوالدين
عدّ الإسلام برّ الوالدين أعظم مكانة من الجهاد في سبيل الله ومقاتلة الأعداء، فإنّ البر بالوالدين وما يحصّل العبد به أجراً في الدنيا والآخرة هو أعظم الجهاد عند الله، ولقد ذمّ رسول الله من كبُر عنده والديه أو أحدهما ولم يكونا سبباً في دخوله الجنّة بما يكون فيه باراً بهما محسناً إليهما، فقال: (رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ والِدَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ).