فضل الأم
الأم
أعطى الله -سبحانه وتعالى- الوالدان مكانةً عظيمة، وأمر بطاعتهما والإحسان إليهما وبرهما؛ إذ قال -تعالى-: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا).
ولكن خُصّت الأم بالذكر في نصوص عديدة من القرآن الكريم والسنة النبوية؛ وذلك لبيان فضلها، وتقدير أتعابها، وفيما يأتي توضيح لذلك.
فضل الأم
للأم فضل كبير في الأسرة خاصة والمجتمع كافة، فهي التي تُنشأ أجيالاً تبني المجتمع، وتُساعد على عمارته، وهي التي تعطي أطفالها اللبنة الأولى في كيفية الاستمرار في الحياة، بالإضافة إلى مكانتها العظيمة في الإسلام؛ التي تتلخص بما يأتي:
- حق الأم مقدم على حق الأب
خصّ الله -سبحانه وتعالى- الأم بالذكر عن الأب في قوله -تعالى-: (حملَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا)؛ لما تتعرض له من آلام وصعوبات خلال فترة الحمل والولادة؛ ثم يكون بعد ذلك الإرضاع والعناية؛ فهي التي تحتضن أبناءها في صغرهم، وتعتني بهم وتعلمهم حتى يستطيعوا الاعتماد على أنفسهم.
ولقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- لفضلها العظيم، وتقديم حقها ضعف حق الأب ثلاث مرات؛ وذلك عندما جاءه رجل ليسأله: (يا رسولَ اللهِ، من أحقُّ الناسِ بحُسنِ صَحابتي؟ قال: أُمُّك، قال: ثم من؟ قال: ثم أُمُّك، قال: ثم من؟ قال: ثم أُمُّك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك)، وبذلك أعطاها حق الأولوية في البر والإحسان والطاعة والمعروف.
- الجنة تحت أقدام الأمهات
وقد دلّ على هذا المعنى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما جاءه رجل يريد الجهاد في سبيل الله ؛ فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ويحَكَ أحيَّةٌ أمُّكَ؟ قُال: نعَم يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: ويحَكَ الزَم رِجلَها فثمَّ الجنَّةُ).
إذ إنّ خدمة الأم خدمة خالصة، وعدم الأنفة أو التكبر على ذلك سبب من أسباب دخول الولد الجنة، حتى وإن كانت الأم غير مسلمة؛ فقد وجبت طاعتها بغير معصية الله -تعالى-.
- برّ الأم سبب من أسباب التكفير عن الذنوب
ومما دلّ على ذلك ما صحّ عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، عندما جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقال له: (إنِّي أصَبتُ ذنبًا عظيمًا فَهَل لي مِن تَوبةٍ؟ قالَ: هل لَكَ مِن أمٍّ؟ قالَ: لا، قالَ: هل لَكَ من خالةٍ؟ قالَ: نعَم، قالَ: فبِرَّها).
- الأم المطلقة أحقّ بحضانة ولدها
جاءت امرأة تشتكي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- منازعة زوجها لها في حضانة ولدها؛ وذلك بعد أن طلّقها؛ فقالت: (إنَّ ابني هذا كانَ بطني لَه وعاءً، وثَديي لَه سِقاءً، وحجري لَه حِواءً، وإنَّ أباهُ طلَّقني وأرادَ أن ينتزِعَه منِّي؛ فقالَ لَها رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-: أنتِ أحقُّ بِه ما لم تَنكِحي).
أهمية الأم في الأسرة
لقد رسم الإسلام خطوطاً واضحة في بناء الأسر والمجتمعات؛ منذ أن بيّن دور كل من الآباء والأمهات تجاه الأبناء، ومن قبل ذلك تجاه الاختيار المناسب لشريك الحياة؛ وتبرز أهمية المرأة في الأسرة على النحو الآتي:
- تنشئة الأبناء تنشئة سليمة وصحيحة
قال -صلى الله عليه وسلم-: (المَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وهي مَسْؤُولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا)؛ فهي التي تتولى أمور التربية في المنزل، وهي التي تُربي أبناءها على الخير والأخلاق الحسنة، وتعلمهم أمور الدين.
ولا بد لها أن تكون قدوةً حسنةً لأبنائها، فتحافظ على صلاتها وسائر العبادات الأخرى، وتتحلى بأحسن الأخلاق، وتبتعد عن السيئة منها؛ وذلك لأنّ الأطفال غالباً ما يقلدون أمهاتهم لا سيما البنات؛ فهنَّ أمهات المستقبل لذلك يجب الاهتمام بتربيتهنَّ وتعليمهنّ.
- المساعدة في تقويم بعض صفات الرجل
وتساهم المرأة الصالحة بشكل فعال في حياة الرجل؛ وشخصيته وبعض صفاته؛ ويوافق هذا ما جاء في الهدي النبوي: (مَنْ تَزَوَّجَ فقدِ استكْمَلَ نِصْفَ الإيمانِ، فلْيَتَّقِ اللهَ فِي النصفِ الباقِي).
- تدبير شؤون المنزل.
- شحذ الهمم وتقديم يد المساعدة.
- الحث على أفعال البرّ والخير.