فضائل الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم
فضل الصلاة على النبي
طاعة الله تعالى وامتثال أوامره
لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، فينال المسلم أجر وثواب طاعة الله سبحانه، ويقتدي به في الصلاة على النبي، كما أن في الصلاة على النبي تعظيماً له صلى الله عليه وسلم، وتكميلاً للإيمان، وزيادةً في الحسنات، وتكفيراً للسيئات.
ذكر الله للذاكرين
لقوله تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)، وذكر الله يشمل الطاعات بكل أنواعها، والصلاة على النبي من أعظم أنواع الذكر والعبادة لله، ولو لم يكن للذكر إلا هذا الفضل لكفى به شرفاً.
دلالة على الجود
الصلاة على النبي تدلّ على الجود، فقد بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض الأحاديث أن الذي لا يذكر النبي عند ذكر اسمه فهو بخيل، لقول النبي: (رغِمَ أنْفُ رجلٍ ذكِرْتَ عندهُ فلم يُصِلّ عليّ)، فينبغي على المُسلم المُبادرة إلى الصلاة على النبي عند ذكره.
دلالة على توقير النبي
زيادة في محبته، لقول الله تعالى: (لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)، ومعنى توقير النبي تشريفه وتكريمه وتعظيمه، والصلاة عليه من أعظم أنواع التوقير والتشريف له.
سببٌ في استجابة الدُعاء ومغفرة الذنوب
فلا بد للمُسلم أن يأخذ بأسباب الاستجابة، ومن أعظم هذه الأسباب الابتداء بحمد الله، ثم الصلاة على النبي، وهي سببٌ لمغفرة الذنوب، والتخلُص من الهُموم، فقد قال أحد الصحابة -رضي الله عنهم- للنبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه سيجعل كُل ذكره بالصلاة والسلام عليه، فبشّره النبي بالمغفرة وإزالة الهم، فقد جمعت الصلاة على النبي بين خيري الدُنيا والآخرة.
علامةٌ من علامات الإيمان
لحديث النبي: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ)، والمحبّة المُطلقة للنبي تكون باتّباعه بِكل ما أمر، والابتعاد عن كُلّ ما نهى، والصلاة عليه من الأمور التي تُنمّي هذا الحب، وقد بينت العديد من الأحاديث عِظم الصلة بين النبي ومن يُصلّي عليه، وذلك لأن الصلاة على النبي تصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (ما من أحدٍ يسلِّمُ عليَّ إلَّا ردَّ اللَّهُ عليَّ روحي حتَّى أردَّ عليهِ السلامَ)، وهذا الحديث مما يحفّز المُسلم على الإكثار من الصلاة على النبي وخاصةً يوم الجمعة.
سببٌ في صلاة الله على من يُصلّي على النبي
ورفع الدرجات في الجنة يوم القيامة، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى اللَّهُ عليهِ عشرَ صلواتٍ، وحُطَّت عنهُ عَشرُ خطيئاتٍ، ورُفِعَت لَهُ عشرُ درجاتٍ)، فالسعيد من لازم الصلاة على النبي، فهي مصدرٌ لزيادة الحسنات التي تُثقل الميزان، وتكفير الذنوب، ورفع الدرجات في الجنة.
سببٌ في القُرب من النبي وبمثابة رد الجميل له
لقوله عليه الصلاة والسلام: (أولى النَّاسِ بي يومَ القيامةِ أَكثرُهم عليَّ صلاةً). وبمثابة رد الجميل للنبي، وحق من حقوقه على أمّته مُقابل الخير العظيم الذي قدّمه لهم، ويوافق المُسلم بصلاته على النبي صلاة الله والملائكة عليه، وسبب من أسباب إجابة الدعاء عند ختمه بالصلاة على النبي.
سببٌ في نيل شفاعة النبي يوم القيامة
خاصة إذا اقترنت بسؤال الوسيلة له، وتُزكّي النفس وتطهّرها، وينال المصلي على النبي البركة في عمله، والرحمة من الله، وتنفي الحسرة والندامة عن المجلس الذي يُصلى فيه على النبي.
إنّ فضائل الصلاة على النبي في الدنيا والآخرة كثيرة، منها أنّ الصلاة على النبي سبب في شفاعة النبي يوم القيامة، وأنّها سبب لمغفرة الذنوب واستجابة الدعاء.
فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة
إن من أفضل الأوقات للصلاة على النبي يوم الجمعة وليلة الجمعة، لحديث النبي: (من أفضلِ أيامِكم يومُ الجمُعةِ، فيه خُلِقَ آدمُ وفيه قُبضَ وفيه النَّفخةُ وفيه الصَّعقةُ، فأكثِروا عليَّ من الصلاةِ فيه فإنَّ صلاتَكم معروضةٌ عليَّ)، فعندما يُصلّي المسلم على رسول الله فإن ذلك يُعرض عليه ويصلُه كما أخبر الحبيب في الحديث السابق.
وهذا يدعو المسلم ويحثّه على الإكثار من الصلاة على النبي في جميع الأيام عموماً، وفي يوم الجمعة خصوصاً، ويعود ذلك إلى فضل هذا اليوم العظيم عند المسلمين، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فيه خُلِقَ آدَمُ، وفيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وفيهِ أُخْرِجَ مِنْها، ولا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا في يَومِ الجُمُعَةِ)، لذلك يقول الإمام السندي رحمه الله: "إن العمل الصالح يزيد فضلًا بواسطة فضل الوقت".
إنّ أفضل الأوقات للإكثار من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة؛ لأنّ هذه الصلوات معروضة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
صيغ الصلاة على النبي
وردت الكثير من الأحاديث التي تُبيّن الصيغ المُستحبة في الصلاة على النبي، ومنها:
- الصيغة الأولى: وقد وردت هذه الصيغة في حديث بشير بن سعد -رضي الله عنه- حين سأل النبي عن كيفية الصلاة عليه، فقال: (قُولوا اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ وبَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ في العَالَمِينَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، والسَّلَامُ).
- الصيغة الثانية: (قُولوا اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).
- الصيغة الثالثة: (اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وبَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).
- الصيغة الرابعة: (اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ ورَسولِكَ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وبَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ. قالَ أبو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ: علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا ابنُ أبِي حَازِمٍ والدَّرَاوَرْدِيُّ، عن يَزِيدَ، وقالَ: كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وبَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ، وآلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وآلِ إبْرَاهِيمَ).
تعددت صيغ الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- ،ومنها الصلاة الإبراهيمية.
مواطن الصلاة على النبي
تُستحب الصلاة على النبي في كُل الأوقات؛ ولكن هناك مواطن تكون فيها الصلاة أفضل من غيرها، ومنها:
- في آخر التشهد.
- بعد التكبيرة الثانية في صلاة الجنازة.
- في الخُطب؛ كخُطبة الجُمعة، والأعياد، وغيرهما.
- بعد الانتهاء من الأذان.
- عند الدُعاء؛ والصلاة على النبي في هذا الموطن يكون على ثلاث مراتب؛ الأولى: أن يُصلّى على النبي بعد حمد الله وقبل البدء بالدُعاء، والثانية: أن يُصلّى على النبي في كُل مراحل الدُعاء في أوله وأوسطه وآخره، والثالثة: أن يُصلّى على النبي في أول الدُعاء وآخره.
- عند الدخول إلى المسجد، وعند الخروج منه.
- على الصفا والمروة.
- عند اجتماع الناس وقبل تفرّقهم، لحديث النبي: (ما جلَسَ قومٌ مجلِسًا لَمْ يذكُروا اللهَ فيهِ، ولَمْ يُصلُّوا فيهِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إلَّا كانَ عليهِمْ تِرَةً * يومَ القيامةِ، إنْ شاءَ عَفَا عنهُمْ، وإنْ شاءَ أخذَهُمْ بِها).
- عند سماع ذكر واسم النبي.
- عند أول وآخر النهار، وجزاءُ ذلك إدراك شفاعة النبي.
- عند الوقوف على قبر النبي.
- عند الخروج إلى دعوة أو إلى السوق وغيرهما.
- عند ختم القرآن، وعند قراءة آية ذُكر فيها اسم النبي، ويوم الجمعة وليلتها، وفي صلاة العيد، وعند المصائب والهُموم، وفي حال طلب المغفرة من الله.
- عند خطبة الرجل للمرأة، وفي آخر دعاء القنوت، كما يُستحب الإكثار من ذكر النبي في كُل مكان.
وينبغي على المُسلم أن يُحافظ على الصلاة على النبي في الشدّة والرخاء، وليس عند الحاجة فقط، كمن يُصلي عليه عند الشدة ويترُكها عند الرخاء، وعلى المُسلم أن يعلم أنه يبقى مُقصّراً في حق نبيّه ولو أمضى كُل عُمره في الصلاة عليه، لأن الله جعله سبباً لهداية البشرية للخير والجنة، ونجاتهم من النار.
تستحب الصلاة على النبي في كافة الأوقات، خصوصاً في يوم الجمعة وبعد الأذان، وقبل الدعاء.