بحث عن الصدق والأمانة
تعريف الصدق
يرجع الصدق في اللغة إلى الجذر اللغوي (صَدَقَ) وهو أصل يدل على ما كان قويًا في قوله وعمله، وأيضا الجذر اللغوي من(الصاد والدال والقاف) يدل على الأمر الصلب، فيقال رمح صادق أي رمحٌ صلب، وبهذا يكون الصدق صلب وقوي في نفسه، بخلاف الكذب الذي يُعد ضعيفاً في نفسه ولا قوة له
أمّا الصّدق في الاصطلاح، فقد تنوعت تعريفات السلف ومنها:
- إذا كان مع الله تعالى فهو الوفاء بالعمل .
- إذا كان مع النفس هو استواء السر والعلانية.
- إذا كان في اللفظ هو القول بالحق ولو في مواطن الشدة.
- إذا كان في التعامل فهو قول الحقّ في موطن لا يُنجيك منه إلّا الكذب.
- إذا كان فى الإيمان فهو الإعتقاد فى القلب وظهور آثره على الجوارح.
أنواع الصدق
يمكن تقسيم الصدق إلى أنواع وذلك فيما يأتي:
- الصدق في القول
وهو أول الأنواع، ويكون في نقل الأخبار بين الناس، فمن كلامه بخلاف الواقع فهو كاذب وهو من علامات النفاق لقوله صلى الله عليه وسلم: (آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا وعَدَ أخْلَفَ، وإذا اؤْتُمِنَ خانَ).
- الصدق في النية
أن يكون قلبه صادقًا في إيمانه، فإن كان قلبه مُكذبًا لله تعالى فذاك الكافر أو المنافق.
- الصدق في العزم
العزم على ما عقد المرء عليه قلبه ليفعله، فإذا نوى المرء أمراً فعليه أن يمضيه ويفعله، فإن نوى أمراً ولم يفعله فهو صادقاً في عزمه.
- الصدق في العمل
أن يكون ما في قلبه مطابقاً لما يعمل، فمن كان ما في قلبه يُخالف فهذا لا يكون صادقاً في العمل.
أهمية الصدق في الإسلام
للصدق أهمية بالغة في حياتنا، بل إنّ الحياة دون صدق فيها مشقّة وتعب فى حياةِ الفرد والمجتمع، وتظهر أهمية الصدق فيما يأتي:
- إنّ الله تعالى قد أمر عباده أن يكونوا مع الصادقين، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ﴾.
- إنّ الصدق هو دعاء الأنبياء لأنفسهم، قال تعالى عن دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام لنفسه: ﴿وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ﴾.
- الصّدق طمأنينة للقلب، لقوله صلى الله عليه وسلم: (دَعْ ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك، فإنَّ الصدقَ طمأنينةٌ وإنَّ الكذبَ رِيبةٌ ).
- إنّ الصّدق من أهم الفضائل، وهو خلق أساسي في حياة الفرد، تزيده هيبته وتُعطيه وقاراً بين الخلق
تعريف الأمانة
تُعرّف الأمانة في اللغة بعدّة تعريفات، وذلك فيما يأتي:
- ضدّ الخيانة، وهي طمأنينة القلب، فالرجل الأمين صاحب قلب مطمئن فيما يعمل.
- من الأمان، وتأتي بمعنى الأمن بالنفس أو العناية والرعاية لما هو تحت حفظك مع أدائه عند الطلب.
وفي الاصطلاح تُعرّف الأمانة بعدّة تعريفات، وذلك فيما يأتي:
- هي أن يعف الإنسان عن مال غيره وعِرضه.
- هي ما افترضه الله تعالى على العبادِ من العباداتِ والمعاملات.
أنواع الأمانة
تدخل الأمانة في جميع جوانب الحياة في العبادات والمعاملات، وفي ما بين العبد وربّه، أو بين العبد وأخيه، وأنواع الأمانة كما يأتي:
- الأمانة مع الله تعالى
وتكون بصدقِ الإخلاص في القلب، وحسن أداء العبادات من صلاة وصوم وحج، وفي كلِّ ما افترضه الله تعالى عليه.
- الأمانة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتكون بحسن الاقتداء به وتطبيق سنته والدفاع عنها وتعليمها، وعدم إحداث في الدين ما يُخالف سنته.
- الأمانة مع الخلق
وتكون بإرجاع الحقوق وإعطاءِ كلِّ ذي حقٍّ حقّه، وحفظ ما تحت رعايتك من الأموالِ والأعراضِ والأقوالِ.
أهمية الأمانة في الإسلام
تدخل الأمانة في كلِّ جوانب الدّين والدنيا، لذا تظهر أهمية الأمانة في ما يأتي:
- إنّ العبادات بدون أمانة لا تقوم، مثل عبادة الصيام والصلاة، فمن ترك الأمانة ضيّع الطاعات والعبادات.
- إنّ القضاء بين الناس يحتاج إلى الأمانة من الشاهد والقاضي والخصم، وإن أخلَّ أحدهم بالأمانة ضاعت الحقوق.
- إنّ حماية الأمة من عدوّها لا يتمّ بدون وجود القائد الأمين على جنده ووطنه.
- بدون الأمانة تضيع الحقوق ويقع الناس في مشقّة شديدة.
- إنّ الأعراض والأنساب مبينة على الأمانة من الزوج والزوجة، ولولا الأمانة لضاعت الأنساب واختلطت فيما بينها.
قيمة الصدق والأمانة في القرآن
استدلّ القرآن الكريم بخلقي الأمانة والصدق عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لإثبات أنّ القرآن الكريم من عند الله تعالى، وذلك في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾.
تشير الآية إلى أخبار لم يكن عليه الصلاة والسلام يعرفها، ولولا أمانة النبي الكريم لما علّم قريشًا بتلك القصص والأخبار، فقد وصف الله تعالى هذه الأخبار بالأمانة من خلال نفي صفة الافتراء، وأنّ ما أُنزل على النبي صلى الله عليه وسلم صدق لا كذب فيه.
تداخل صفتي الصدق والأمانة
تشترك صفتا الأمانة والصدق بأن لهما تعلقٌ بحقوق الناس، فالأمين لا يمكن أن يكون أمينًا إلّا إذا كان صادقًا، والصّادق لا يمكن أن يكون صادقًا إلّا إذا صدق بأمانته، وقد عُرف النبي صلى الله عليه وسلم في مكة وقبل البعثة بصفتين متلازمتين، هما الصدق والأمانة حتى شهدت له قريش بذلك