عوامل قيام الثورة الروسية
تغيُّر المجتمع
كانت روسيا متخلفة نسبيًّا خلال معظم القرن التاسع عشر، ولم يكن لديها إلا القليل من الطرق والمصانع المحدودة، كما كان صراع الطبقات فيها واسعاً، ومع قرب نهاية القرن شهدت روسيا زيادة سكانية كبيرة، وانتقالًا كبيرًا من الريف إلى المناطق الحضرية، لكنّ الاكتظاظ وسوء ظروف العمل وقلة الحقوق زادت الاضطرابات في طبقة البروليتاريا الجديدة بسرعة، ولم يعُد القيصر بطلً في نظرهم.
فقر الفلاحين
في عام 1916 كان ثلاثة أرباع الروس من الفلاحين، يعيشون ويزرعون في قراهم الصغيرة، إلا أنه منذ عام 1861 كان على الفلاحين دفع مبالغ للحكومة مقابل العمل في مزارعهم، وبعد ذلك أثقلوا بالديون، وازداد فقرهم شيئًا فشيئًا، كما أنه لم يكن لديهم أمل في تغيير شيء؛ لأن الأمية كانت منتشرة ورأس المال غير موجود.
عدم كفاءة القيصر
كان القيصر نيكولاس الثاني يعتقد أنه مُنِح السلطة بالحق الإلهي، وافترض أن شعبه سيمنحه ولاءً مُطلقًا، لكنّ المشاكل تضاعفت، في المقابل رفض القيصر السماح بإصلاحات تقدّميّة، أو قبول أي تخفيض في السلطة، بل استخدم العقيدة الدينية وسيلةً لفرض السلطة السياسية، لكنّه في النهاية أُجبِر على تقديم تنازلات بسيطة.
الحرب العالمية الأولى
أدت الحرب العالمية الأولى إلى مقتل حوالي مليوني جندي روسي، وألحقت بهم هزائم عسكرية متعددة؛ لأنه روسيا أقل تصنيعًا من حلفائها، والقوات البحرية ضعيفة، ومع تقدم الحرب قُتل العديد من الضباط الموالين للقيصر واستبدِلوا بالمجندين الساخطين على القيصر، كما أنّ تجهيزهم كان سيّئًا، ومع الوقت عزّزت هذه الخسارة التمردات والثورات.
الرغبة في الحكم الذاتي
عاشت أغلب العائلات الروسية بأقل ما يمكن، والحياة الباذخة تمتّع بها عدد قليل من العائلات، وبحلول عام 1917 قامت كتلة من الفلاحين الساخطين بمحاولات عديدة للسيطرة على مزارع الأغنياء، وعارضوا أيضًا التطورات التي لم يستفيدوا منها أبدًا، وظهرت حركات تُطالب بالحكم الذاتي.
المشاكل الاقتصادية
أدى الطلب الهائل على إنتاج المصانع للوازم الحرب إلى أعمال شغب وإضرابات عمالية، ومثل التجنيد الإلزامي أُخِذ العمّال المهرة من المدن واستبدلوهم بفلاحين غير مهرة، كما أنّ الفلاحين جزء كبير من الجيش الروسي ، وذهابهم للحرب قلّل عدد المزارعين كثيرًا؛ ممّا أثر بشكل كبير على الإنتاج، وبحلول عام 1915م بدأ الاقتصاد بالانهيار، وقامت الحكومة بطباعة النقود لتخفيف الأزمة لكنها سبّب تضخّمًا.
تهميش السياسة
لم يكن القيصر نيكولاس مهتمًا بالسياسة، وعندما توفي الإسكندر الثالث عام 1894م، تولّى نيكولاس الحكم، وبعد فترة أدّى انخفاض المخزون الغذائي إلى موت جماعي، لكنّه لم يأبه بذلك، وواجهت النُّخَبُ القيصر باستياء، لكنّه اتّخذ قرارات ضعيفة، وكان الوزراء يفتقرون للقدرة والفاعلية، فازدادت المطالبة بإنهاء حكم القيصر.