عوامل ازدهار الشعر في العصر العباسي الثاني
عوامل ازدهار الشعر في العصر العباسي الثاني
لقد ازدهر الشعر العباسي في العصر الثاني ازدهارًا واسعًا وقد كان لذلك مجموعة من الأسباب التي لا بدّ من الوقوف معها وشرحها وبيانها وهي كما يأتي:
- متابعة الشعراء لتعلم اللغة العربية الفصحى تعلمًا دقيقًا وخاصة الفُرس منهم، والوقوف على قواعدها وشواذها والتمكن من ذلك جميعه.
- ملاحقة اللغويين لسقطات الشعراء وتسجيلها ولمّا يعوزهم المثال للضرورة الشعرية يلجؤون إلى شعر البحتري الذي كسر القاعدة في بعض من الأحيان.
- المنافسة بين الشعراء في المفردات والصور والبلاغة التي يأتون بها في قصائدهم.
- ازدهار نشاط الترجمة بسبب بعد الأمصار واختلاط الفرس بالعرب الأمر الذي أدى إلى العناية بالشعر بشكل أكبر.
- ازدهار الحياة العقلية في العصر العباسي بشكل أكبر من السابق.
- توسع القراءة بشكل كبير بسبب مكتبة دار الحكمة التابعة للدولة، وانتشار الوراقين ودكاكين الكتب التي يجد الإنسان فيها ما يشاء.
شعراء العصر العباسي الثاني
برز عدد كبير من شعراء العصر العباسي الثاني لعل من أبرزهم ما يأتي:
- البحتري
ولد البحتري في عام 206 للهجرة في منبج أو في قرية قريبة منها: وقد شبّ في أحضان عشيرته فاستقى الفصاحة والأدب منها، وله كثير من الشعر وكان علمًا من أعلامه في ذلك العصر، واتصل بالكثير من الخلفاء والولاة.
- ابن الرومي
هو علي بن العباس بن جريج كما ذكرت المصادر، وتعود أصوله إلى اليونان وإليها نسب نفس في شعره، وكانت أمه فارسية إلا أنّه استقى العربية من أهلها ونبغ فيها وقال الشعر حتى صار من أعلامه.
- ابن المعتز
ولد ابن المعتز في عام 24 للهجرة وذلك قبل مقتل جده المتوكل بأربعين يومًا، وكان ممن يقصد فصحاء عامة العرب ويأخذ عنهم العلم والأدب، فقال الشعر وأجاد فيه وصار علمًا من أعلامه.
نماذج من الشعر في العصر العباسي الثاني
من أشهر القصائد التي ذكرت في هذا العصر:
- قطعت أبا ليلى
قال البحتري:
قَطَعتُ أَبا لَيلى وَما كُنتُ قَبلَهُ
- قَطوعاً وَلا مُستَقصِرُ الوُدِّ جافِيا
أَغُبُّ السَلامَ حينَ تَكثيرِ مَعشَرٍ
- يَعُدّونَ تَكريرَ السَلامِ تَقاضِيا
وَحَسبي اِقتِضاءً أَن أُطيفَ بِواقِفٍ
- عَلى خَلَّتي أَو عالِمٍ بِمَكانِيا
مَتى تَسأَلِ السِجزِيَّ عَن غَيبِ حاجَتي
- يُبَيِّن لَكَ السِجزِيُّ ما كانَ خافِيا
فِداءٌ لَهُ مُستَبطَءُ النُجحِ أَخدَجَت
- مَواعيدُهُ حَتّى رَجَعنَ أَمانِيا
- قصيدة قل لغصن البان الذي يتثنى
قال ابن المعتز :
قُل لِغُصنِ البانِ الَّذي يَتَثَنّى
- تَحتَ بَدرِ الدُجى وَفَوقَ النَقاء
رُمتُ كِتمانَ ما بِقَلبي فَنَمَّت
- زَفَراتٌ تَغشى حَديثَ الهَواء
وَدُموعٌ تَقولُ في الخَدِّ يا مَن
- يَتَباكى كَذا يَكونُ البُكاء
لَيسَ لِلناسِ مَوضِعٌ في فُؤادي
- زادَ فيهِ هَواكَ جَفني اِمتِلاء
- قصيدة أبو سليمان لا ترضى طريقته
قال ابن الرومي:
أبو سليمان لا تُرضَى طريقتُهُ
- لا في غناء ولا تعليم صبيانِ
شيخٌ إذا عَلَّمَ الصِّبيان أفزعهم
- كأنه أمُّ صبيانٍ وغيلان
وإن تغنَّي فسلحٌ جاء منبثقاً
- في لونِ خلقتِه من سَلحِ سكران
له إذا جاوَب الطنبورَ محتفلاً
- صوتٌ بمصر وضربٌ في خراسان
عواء كلب على أوتارِ مندفةٍ
- في قُبحِ قردٍ وفي استكبار هامانِ
وتحسبُ العينُ فكّيه إذا اختلفا
- عند التنغم فكَّي بغلِ طحان