عمل نبي الله إدريس
مهنة نبي الله إدريس
كان لكلّ نبيٍّ من أنبياء الله -عليهم السلام- حرفةٌ أو مهنةٌ يعملون بها، ورُوي أنّ نبي الله إدريس كان خيََّاطًا، وقيل هو أوّل من خاط الثياب، وأنّه كان -عليه السلام- يسبّح الله -تعالى- ويذكره كلّما وخز الإبرة في الثوب، كما روي عن ابن إسحاق أنّ إدريس -عليه السلام- كان أوّل من خطّ بالقلم.
تعريفٌ بالنبي إدريس
نسبه وبعثته
هو نبيّ الله إدريس بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم -عليه السلام-، وهو أوّل من أُعطي النبوّة بعد آدم وشيث -عليهما السلام-؛ فهو من أجداد نبيّ الله نوح -عليه السلام-، وقيل إنّه أدرك من حياة نبي الله آدم -عليه السلام-، وقيل إنّ إدريس ذكر في التوراة باسم أخنوخ.
ولم ترد في القرآن الكريم والسنة النبويَّة أخبارٌ كثيرةٌ عن إدريس -عليه السلام- وبعثته، وممّا يذكره العلماء أنّ إدريس وشيث -عليهما السلام- بُعثا بعد آدم وقبل نوحٍ -عليهما السلام-، وتذكر الروايات أنّ الفترة بين آدم ونوحٍ -عليهما السلام- عشرة قرون، وأنّ الناس في هذه الفترة كانت على التوحيد، وبعثة إدريس -عليه السلام- كانت في هذه الفترة.
ودعوة إدريس -عليه السلام- ك دعوة سائر الأنبياء والرسل -عليهم السلام-؛ وهي الدعوة على التمسّك بالتوحيد والثبات على الإيمان؛ إذ إنّ الناس أيام إدريس -عليه السلام- كما تذكر الروايات كانوا ما زالوا على التوحيد ولم ينحرفوا إلى عبادة الأصنام حتّى بُعث نوحٌ -عليه السلام-؛ فكانت بعثة إدريس لتأكيد دعوة التوحيد التي جاء بها آدم وشيث -عليهما السلام- قبله، وتثبيت الناس عليها.
صفات إدريس عليه السلام
ورد ذكر نبي الله إدريس -عليه السلام- مرّتين في القرآن الكريم، إحداها عند ذكر الله -تعالى- له مع جملة الأنبياء -عليهم السلام- في سورة الأنبياء من قوله تعالى: (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ* وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ)؛ فقد وصفه الله -تعالى- في هذه الآيات الكريمة بالصبر والصلاح.
كما ورد ذكر إدريس -عليه السلام- ونبوّته وصفه ب الصدّيقيّة ، في قوله تعالى: (وَاذكُر فِي الكِتابِ إِدريسَ إِنَّهُ كانَ صِدّيقًا نَبِيًّا* وَرَفَعناهُ مَكانًا عَلِيًّا)؛ وأمّا عن المكانة العالية التي خصّه الله -تعالى- بها ورفعه إليها؛ فقد تعدّدت أقوال العلماء في معناها، وممّا قيل في ذلك:
- قيل إنّ المراد بالرفعة؛ تشريفه بالنبوة، وما لها من مكانةٍ ومنزلةٍ عند الله -تعالى-.
- قيل إنّ المراد بالرفعة علو الرتبة بالذكر الحسن في الدنيا، كما جاء في قول الله -تعالى- عن نبيّه محمد -عليه الصلاة والسلام-: (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ).
- قيل إنّ المراد بالرفعة؛ هو رفعته -عليه السلام- إلى السماء؛ حيث ورد في حديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه في رحلة الإسراء والمعراج وعند عروجه إلى السماء، التقى بالأنبياء -عليهم السلام- ومنهم إدريس، قال -عليه الصلاة والسلام-: (ثُمَّ عُرِجَ بنا إلى السَّماءِ الرَّابِعَةِ، فاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عليه السَّلامُ، قيلَ: مَن هذا؟ قالَ: جِبْرِيلُ، قيلَ: ومَن معكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ، قالَ: وقدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قالَ: قدْ بُعِثَ إلَيْهِ، فَفُتِحَ لنا فإذا أنا بإدْرِيسَ، فَرَحَّبَ ودَعا لي بخَيْرٍ).
مهن الأنبياء عليهم السلام
لم يبعث الله -تعالى- نبيًّا من أنبيائه إلّا وكانت له حِرفةٌ أو مهنةٍ يعمل بها، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ما بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إلَّا رَعَى الغَنَمَ، فقالَ أصْحابُهُ: وأَنْتَ؟ فقالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أرْعاها علَى قَرارِيطَ لأهْلِ مَكَّةَ)، وقد مارس الأنبياء -عليهم السلام- حرفًا ومهنًا مختلفةً؛ فكان إدريس -كما سبق الذكر- خيّاطًا، ونوحٌ نجارًا، وداود حدَّادًا، وتاجر النبيّ محمد -عليه الصلاة والسلام- بأموالٍ للسيدة خديجة قبل بعثته.