علم نفس النمو
مفهوم علم نفس النمو
يعرف علم نفس النمو (بالإنجليزية: developmental psychology) بأنهُ أحد الفروع التطبيقية ل علم النفس الذي يبحث في التغيرات الجسدية والعقلية والمعرفية والاجتماعية التي تطرأ على الإنسان، عند الانتقال من مرحلة عمرية إلى مرحلة عمرية أخرى، ويدرس كيفية تفاعله وتأثره مع البيئة المحيطة بهِ، والتغير الذي يحدث على أفكاره وسلوكياته.
كما يمكن تعريفه بأنه دراسة علمية لظاهرة النمو رغبة في محاولة تفسيرها، وتفسير أصولها ونشأتها وطبيعتها والعوامل التي تؤثر فيها أو تعيقها، كما أنه العلم الذي يختص بتطبيق نظريات علم النفس لفهم التغيرات التي تحدث للكائنات الحية منذ بداية حياتها وحتى نهايتها.
نشأة علم نفس النمو
ظهر علم نفس النمو كمجال للدراسة لأول مرة في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، إذ ركز في البداية على نمو الأطفال والمراهقين، واهتم بعقول الأطفال وتعلمهم، وكان من أبرز الشخصيات التي اهتمت بهذا العلم؛ عالم الأحياء التطوري الشهير تشارلز داروين، الذي أجرى في عام 1877م أول دراسة لعلم النفس التطوري، وبعد فترة وجيزة في عام 1888م، نشر عالم الفسيولوجيا ويليام بريير كتابًا عن قدرات الرضيع.
وقد شهد العقد الأول من القرن العشرين اهتمامًا واسعًا من قبل العديد من الأشخاص في هذا العلم، ووضعوا العديد من النظريات التفصيلية عن التطور، ومنهم؛ سيغموند فرويد، و جان بياجيه ، وألبرت باندورا، وغيرهم العديد.
وبحلول العشرينات من القرن الماضي، توسع نطاق علم نفس النمو ليشمل تطور البالغين ومرحلة الشيخوخة، أما في السنوات الأخيرة، فقد تطور ليشمل تطور الإنسان خلال مرحلة ما قبل الولادة، وبالتالي أصبح شاملاً لجميع المراحل العمرية التي يمر بها الإنسان خلال حياته.
أهداف علم نفس النمو
تهدف دراسة علم نفس النمو إلى مجموعة من الأمور، وفيما يأتي أبرزها:
- معرفة طبيعة النفس البشرية والمراحل التي يمر بها الإنسان لمعرفة كيفية التفاعل مع الأطفال والمراهقين وكبار السن، وفهم خصائص كل من تلك المراحل.
- الوصول إلى المعرفة الكاملة حول طبيعة الأفراد، وتأثير العوامل الوراثية والبيئية في تشكيل رغباتهم وأنماط سلوكهم وشخصياتهم.
- تحديد العوامل التي تؤثر إيجابًا أو سلبًا على مراحل نمو الإنسان، وتحديد أفضل الطرق للسيطرة على التغيرات التي يمر بها بما يحقق سعادته وسلامته.
- معرفة القوانين التي تحكم طبيعة وسرعة النمو، وعلاقته بجوانب الحياة المختلفة بطريقة تؤدي إلى فهم طبيعة الأطفال وكيفية التعامل معهم خلال مراحل حياتهم المختلفة، وبالتالي إعدادهم جيدًا للمرحلة العمرية التالية.
- التعرف على الفروقات الفردية بين أفراد المجتمع والاختلافات بين الجنسين.
مراحل نمو الإنسان وفق علم نفس النمو
وفيما يأتي توضيح ل مراحل نمو الإنسان الرئيسية وفقًا لعلم نفس النمو:
- مرحلة ما قبل الولادة
يهتم علماء نفس النمو بتشخيص الإنسان قبل ولادته، كمعرفة إصابته بمتلازمة داون على سبيل المثال، والتي يمكن ملاحظتها خلال مرحلة ما قبل الولادة، كما يدرسون تأثير سلوكيات الأم خلال مرحلة الحمل على نمو الجنين.
- مرحلة الطفولة المبكرة
يهتم علماء نفس النمو بمعرفة قدرة الأطفال على المشي والتحدث وتنمية المهارات الحركية الدقيقة في تلك المرحلة، كما يدرسون حالات تعلق الطفل بوالديه.
- مرحلة الطفولة المتوسطة
وهي إحدى مراحل الطفولة التي يدرس فيها العلماء قدرة الأطفال في تلك المرحلة على التجربة والملاحظة والتساؤل، بالإضافة إلى قدرتهم على تطوير مهارات التفكير المنطقي لديهم.
- مرحلة المراهقة
مرحلة المراهقة هي الفترة التي يحدث بها تغير كبير في الأفراد من حيث تشكيل الهوية الشخصية وتنمية الشخصية والمهارات، إذ قد يسعى المراهقون خلال تلك المرحلة إلى تجربة هوايات جديدة، وتغيير مجالات اهتمامهم واختياراتهم الحياتية، لذا يدرس العلماء تلك التفاصيل الدقيقة في تلك المرحلة.
- مرحلة البلوغ
يركز معظم الأشخاص خلال تلك المرحلة على التعليم والوظيفة والاستقلال المادي، وغالبًا ما تكون بناء العلاقات والزواج وتأسيس الأسرة من المحاور الرئيسية الخاصة بتلك المرحلة.
- مرحلة منتصف العمر
يركز البالغون في تلك المرحلة على الاهتمام بأبنائهم وأسرهم وبالإرث الذين يودون أن يتركوه خلفهم.
- مرحلة الشيخوخة
يواجه كبار السن في تلك المرحلة العديد من التحديات الصحية، والمشكلات المتمثلة بالإصابة بالألزهايمر أو انخفاض القدرة على التفكير والتذكر، ويحتاجون في تلك المرحلة إلى السلام والهدوء والراحة.
نظريات علم نفس النمو
تعد نظريات علم نفس النمو الأداة العلمية التي يعتمد عليها هذا العلم في تطبيق المنهاج الدراسي النفسي على الأفراد في البيئة المحيطة بهم، وفيما يأتي أبرز النظريات الخاصة بعلم نفس النمو:
النظرية التنموية النفسية والاجتماعية
بنى عالم النفس إريك إريكسون تلك النظرية التي تتضمن مراحل التطور النفسي والاجتماعي عند الإنسان بناء على نظرية التحليل النفسي لطبيب الأعصاب النمساوي سيغموند فرويد ، إذ وجد أن كل مرحلة عمرية يمكن أن يصاحبها أزمة معينة يجب حلها قبل الانتقال إلى المرحلة العمرية التالية.
النظرية التنموية المعرفية
وضع تلك النظرية عالم النفس السويسري جان بياجيه، إذ ركزت على كيفية اكتشاف الطفل لعالمه اعتمادًا على الملاحظة والتجربة والتحليل والتفكير المنطقي، وتتضمن تلك النظرية دراسة 4 مراحل من التطور الفكري، والتي تبدأ عند الولادة، وتنتهي في سن 12 عامًا.
نظرية التعلق
طور نظرية التعلق المحلل النفسي جون بولبي، والذي أكد فيها على أهمية وجود رعاية داعمة وثابتة ومحبة خلال مرحلة نمو الرضع والأطفال، فإذا تعرض الطفل لفقدان أحد والديه أو انفصالهما، فقد يستمر في مواجهة صعوبات في حياته مع تقدمه في السن.
نظرية التنمية الاجتماعية والثقافية
وضع نظرية التنمية الاجتماعية والثقافية عالم النفس ليف فيغوتسكي، إذ وضح فيها تأثير المعتقدات الثقافية في كيفية رؤية الأفراد لهويتهم الخاصة وعلاقتهم وتفاعلهم مع الآخرين.
خصائص علم نفس النمو
توجد مجموعة من الخصائص المرتبطة بعلم نفس النمو، وهي:
التغير
التغير هو أول الخصائص التي يعتمد عليها علم نفس النمو، ويقصد بالتغير؛ مجموعة المظاهر الجديدة التي تطرأ على الإنسان في مرحلة عمرية معينة، فعندما يزداد طوله، أو تتغير نبرة صوته يطلق على هذا التغير مسمى (النضوج)، وبالتالي فإن أي تغير في حياة الإنسان مهما كان تأثيره في شخصيته، يهتم علم نفس النمو بدراسته، ومتابعته للتعرف عليه بشكل أفضل.
الفردية
الفردية هي أن كل إنسان ينمو بطريقة خاصة به، وتعتمد الفردية على العوامل الوراثية، والبيئية، والاجتماعية التي يتواجد بها، فكل فئة عمرية من فئات الأفراد في المجتمع الواحد، تتميز بأسلوب نمو محددٍ يؤثر في طريقة نمو كل فرد، لذلك لا يتم تعميم النمو البشري على كافة الناس، ف اهتم علم نفس النمو بوضع قوانين خاصة بنمو الأفراد ، تهدف إلى التعرّف على كيفية نمو كل جماعة منهم، بناءً على إعداد دراسات علمية معينة.
الاستمرارية
يظل النمو مستمراً في حياة الإنسان حتى وفاتهِ، إذ إنه لا يتوقف عند توقف النمو الجسمي، بل يرتبط بنمو الفكر، والسلوك، والثقافة، والعلم، وغيرها، لذلك يهتم علم نفس النمو بمتابعة تطور الأفراد بكافة المجالات الإنسانية، دون الاعتماد على مجال واحد، أو تصنيف معين فقط، لوضع الأبحاث الخاصة بنمو الأفراد.