علامات الساعة الصغرى بالترتيب
ترتيب علامات الساعة الصغرى
ممّا ينبغي التطرّق إلى ذِكره أنّ علامات الساعة الصغرى كثيرة جداً يضيق المجال لحصرها، ولم يرد دليل ثابت في ما يتعلّق بترتيبها، إذ إنّ كلّ ما ورد في كتب أهل العلم إنّما هو اجتهاد في ترتيبها حسب ما وجدوه أكثر وضوحاً لديهم، أو بحسب واقع الحال وما اقتضته الحوادث بتقديم إحدى العلامات على غيرها.
لا بُدّ من معرفة معنى علامات الساعة قبل الخوض في علامات الساعة الصغرى وترتيبها؛ فهي تُعرَّف في اللغة بأنّها: سِمَةٌ أو شعار أو أمارة تُعرَف بها الأشياء، وجمعها علامات، أمّا في الاصطلاح فهي: الأمارات التي تسبق قيام الساعة، وتكون من النوع الاعتيادي للناس، كشرب الخمر والجهل ونحو ذلك، ومنها ما يكون قبل علامات الساعة الكبرى، ومنها ما يكون مصاحباً لها، ومنها ما يكون بعد ظهور بعض تلك العلامات.
وتُعدّ علامات الساعة الكبرى الأقرب إلى قيام الساعة، بخِلاف علامات الساعة الصغرى فهي أبعد من العلامات الكبرى، ثمّ إنّ علامات الساعة الكبرى لها أثر كوني كبير يشعر به الناس جميعاً بلا استثناء، بخلاف علامات الساعة الصغرى التي قد تحصل في مكان دون آخر، ولأناس دون أناس، وممّا ينبغي التطرّق إلى ذِكره أنّ علامات الساعة الصغرى كثيرة جداً يضيق المجال لحصرها، ولم يرد دليل ثابت في ما يتعلّق بترتيبها، إذ إنّ كلّ ما ورد في كتب أهل العلم إنّما هو اجتهاد في ترتيبها حسب ما وجدوه أكثر وضوحاً لديهم، أو بحسب واقع الحال وما اقتضته الحوادث بتقديم إحدى العلامات على غيرها.
ويمكن تقسيم علامات الساعة الصُّغرى إلى أقسام؛ قسمٌ للعلامات التي لم تظهر بعد، وقسمٌ وقع وحصل، وقد يكون مُتكرّر الوقوع، بحيث إنّه قد يتكرّر في المستقبل، وقسم تدريجيّ الظهور؛ بمعنى أنّه وقع وما زال مستمرّاً بالظهور.
العلامات الصغرى التي ظهرت وانقضت
تُعدّ العلامات الصغرى التي ظهرت وانقضت كثيرة، ومنها ما يأتي:
بعثة النبي محمد وموته
فلما بُعث النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، دلّ ذلك على اقتراب الساعة، كما قال عليه الصلاة والسلام: (بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ، وَيَقْرُنُ بيْنَ إصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ، وَالْوُسْطَى) كما دلّ على اقتراب الساعة موته -عليه السلام- فقد قال: (اعْدُدْ سِتًّا بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي).
معجزة انشقاق القمر
في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- انشقّ القمر بمعجزة لم يشهد لها العرب مثيلاً، وقد ذُكر ذلك في القرآن في قوله -تعالى-: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ)، وفي حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: (بيْنَما نَحْنُ مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بمِنًى إذَا انْفَلَقَ القَمَرُ فِلْقَتَيْنِ، فَكَانَتْ فِلْقَةٌ وَرَاءَ الجَبَلِ، وَفِلْقَةٌ دُونَهُ، فَقالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: اشْهَدُوا)
فتح بيت المقدس
قد قال عوف بن مالك الأشجعي -رضي الله عنه-: (أَتَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ وهو في قُبَّةٍ مِن أَدَمٍ، فَقالَ: اعْدُدْ سِتًّا بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ)، وقد فُتح بيت المقدس في عهد الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، حيث ذهب بنفسه إلى هناك وبنى فيها مسجداً وصالح أهل المنطقة.
نار عظيمة تخرج من أرض الحجاز
يقول -عليه الصلاة والسلام-: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَخْرُجَ نارٌ مِن أرْضِ الحِجازِ تُضِيءُ أعْناقَ الإبِلِ ببُصْرَى)، وفي عام ستّمئة وأربعة وخمسين للهجرة، ظهرت هذه النار العظيمة، وقد أفاض أهل العلم في الكتابة عنها آنذاك، وهذه غير النار التي ستظهر آخر الزمان لتطرد الناس إلى محشرهم.
ولادة الأمَة ربّتها
قد جاء جبريل عليه السلام إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بهيئة رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر فجلس عند النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخذ يسأله إلى أن قال: (فأخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قالَ: ما المَسْؤُولُ عَنْها بأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قالَ: فأخْبِرْنِي عن أمارَتِها، قالَ: أنْ تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتَها)، وقد اختلف أهل العلم في معنى ذلك على عدّة أقوال لخّصها ابن التين في ما يأتي:
- أن تتّسع رقعة الدولة الإسلامية، وتُسبى نساء البلدان التي فتحها المسلمون، فتكثر الجواري، فإذا ولدت الجارية ولداً لمالكها، كان بمثابة ربِّها؛ لأنّه ولد سيّدها.
- أن يبيع ملّاك الجواري أمّهات أولادهم، فيكثر تداولهنّ بين المُلّاك حتى يشتريها ولدها وهو لا يشعر بذلك.
- أن تلد الجارية حرّاً من غير سيّدها، كأن تزني أو يتمّ وطؤها بشبهة أو بنكاح، ثمّ تُباع بيعاً صحيحاً، إلى أن يشتريها ولدها.
- أن يكثر عقوق الأولاد لأمّهاتهم، فيمتهنَ الولد أمّه ويَسبّها ويضربها، فأُطلِق عليه اسم ربُّها مجازاً.
العلامات الصغرى التي ظهرت ولم تنقضِ
كثرة المال والاستغناء عن الصدقة
إذ يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ، فَيَفِيضَ حتَّى يُهِمَّ رَبَّ المَالِ مَن يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وحتَّى يَعْرِضَهُ، فَيَقُولَ الذي يَعْرِضُهُ عليه: لا أَرَبَ لِي)؛ فبيّن الحديث أن الله -عز وجل- سيعطي الأمة الكثير من الكنوز حتى لا تجد رجلاً محتاجاً يقبلها، وقد حدث ذلك في زمن الصحابة -رضوان الله عز وجل- عليهم؛ إذ كَثُرت الفتوحات الإسلامية وفاضت الكنوز عليهم من اقتسام أموال الفرس والروم، وحدث ذلك أيضاً في زمن عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله- حتى أصبح الرجل يعرض الصدقة فلا يجد من يقبلها منه، وهذا -والله أعلم- سيتكرّر وقوعه في زمن المهدي وعيسى -عليه السلام-.
ظهور الفتن
المقصود بالفتن هنا ما يقع في الناس من أمور يكرهونها من كفرٍ وقتلٍ وعصيانٍ وما شابه ذلك من الأمور، وقد حذّر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته من الفتن العظيمة التي ستظهر فيهم، ووجّههم إلى الالتزام بجماعة المسلمين والإيمان بالله، قال -صلى الله عليه وسلم-: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)..
انتشار الأمن
ذلك بأن يسود الأمنُ البلادَ الإسلامية، فينتقل المسلم ويسافر من مكانٍ إلى آخر لا يخشى على نفسه ولا أهله ولا ماله ولا عقله ولا دينه شيئاً، فقد قال عدي ابن حاتم الطائي: (بيْنَا أنَا عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذْ أتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إلَيْهِ الفَاقَةَ، ثُمَّ أتَاهُ آخَرُ فَشَكَا إلَيْهِ قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَالَ: يا عَدِيُّ، هلْ رَأَيْتَ الحِيرَةَ؟ قُلتُ: لَمْ أرَهَا، وقدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا، قَالَ فإنْ طَالَتْ بكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ، حتَّى تَطُوفَ بالكَعْبَةِ لا تَخَافُ أحَدًا إلَّا اللَّهَ)، وقد حدث ذلك في زمن الصحابة -رضوان الله عليهم-، وذلك حين فتحوا البلدان وانتشر الإسلام فيها، وسيعود ذلك حين يظهر المهدي وعيسى -عليه السلام-.
ضياع الأمانة
الأمانة هي التكليف، بأن يتّبع الإنسان ما أمر الله به، ويجتنب ما نهى عنه، وهي ضدّ الخيانة، وقد بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الأمانة ستُنتزَع من القلوب، فيصير الرجل من أهل الخيانة بعد أن كان من الصالحين؛ وذلك لزوال خشية الله من قلبه، وفي تلك الفترة يضيّع الناس دينهم فيُسنَد الأمر إلى غير أهله، يقول -عليه الصلاة والسلام-: (فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ، قالَ: كيفَ إضَاعَتُهَا؟ قالَ: إذَا وُسِّدَ الأمْرُ إلى غيرِ أهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ)
انتشار الزنا
ذلك بأن يشيع الزنا بين الناس، بل إنّهم يستحلّونه، وذلك زمان تكون فيه الذمم قد فسدت حتى إنّ الرجل قد يفعل ذلك جهاراً نهاراً بين الخلائق كما أخبر -عليه الصلاة والسلام- في قوله: (مِن أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، -ذكر منها- وَيَظْهَرَ الزِّنَا)
انتشار الربا
يشيع الربا بين الناس، فلا يبالي أحدهم بالمال الذي يأخذه حلال أم حرام، ويُرى ذلك جلياً في هذا الزمان، يقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (لَيَأْتِيَنَّ علَى النَّاسِ زَمانٌ، لا يُبالِي المَرْءُ بما أخَذَ المالَ، أمِنْ حَلالٍ أمْ مِن حَرامٍ)
كثرة شرب الخمر واستحلالها
ذلك بأن تنتشر هذه الخمور بين الناس، ويظهر من يعتقد حلَّها ، وقد انتشر ذلك في الزمن الحاضر بشكل كبير، حتى أصبحت تُشرب وتُباع جهاراً، وسُمّيت بالمشروبات الروحية، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يشرَبُ ناسٌ مِن أمَّتي الخمرَ يُسمُّونَها بغيرِ اسمِها).
التطاول في البنيان
هذه الأمارة بدأت بالظهور منذ عصر النبوّة تقريباً، حين بدأت رقعة الدولة الإسلامية بالاتّساع والظهور، وأخذت الأموال تُغدَق على المسلمين، وبعد مدّة من الزمان وكثرة المال، أصبح الناس يتنافسون في الدنيا حتى وصل ذلك إلى أهل البادية، وأشباههم من أهل الفقر، فأخذ الناس بالمباهاة في بناء البيوت والمباني، حتى أنّ الشخص ليريد أن يبني ما هو أكبر وأعلى ممّا بنى غيره، إلى أن وصل بهم الحال في عصرنا إلى بناء ما يُسمّى بناطحات السحاب، وقد ذكر ذلك النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (وإذا تَطاوَلَ رِعاءُ البَهْمِ في البُنْيانِ، فَذاكَ مِن أشْراطِها).
كثرة القتل
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَكْثُرَ الهَرْجُ قالوا: وما الهَرْجُ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: القَتْلُ القَتْلُ)، وقد ظهر هذا منذ مقتل عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وما زال مُستمرّاً إلى يومنا هذا؛ فقد فسدت النفوس، وخفّت العقول، وانتشرت الأسلحة الفتّاكة، وكثرت الحروب، لا يدري القاتل فيمَ قَتل، ولا المقتول فيمَ قُتِل.
رفع العلم وانتشار الجهل
إذ يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ لَأَيّامًا، يَنْزِلُ فيها الجَهْلُ، ويُرْفَعُ فيها العِلْمُ)، والمقصود هنا ليس غياب العلم، فإنّ العلم موجود، ولكن قلَّة العلماء الصالحين الذين يُعلّمون الناس أمور شرعهم، فالجامعات حاليّاً أبوابها مفتوحة، ولكن قلَّما تجد عالماً مع تُوفّر كلّ السُّبل لذلك.
السلام للمعرفة فقط
ذلك بأن لا يسلّم المرء إلّا على من يعرفه، فيترك الناس السلام بينهم بحجّة أنّهم لا يعرفون بعضهم، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ من أشراطِ الساعةِ أن يُسلِّمَ الرجلُ على الرجلِ لا يُسلِّمُ عليهِ إلا للمعرفةِ)، وهذا الفعل مخالف لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي أمر بإفشاء السلام بين الناس، سواءً المعروفين أو غير المعروفين؛ لنشر الألفة، والمحبّة بينهم.
شهادة الزور وكتمان الحق
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ بين يدي الساعةِ تسليمَ الخاصَّةِ وفُشُوَ التجارةِ ، حتى تعينَ المرأةُ زوجَها على التجارةِ وقطعَ الأرحامِ وشهادةَ الزورِ وكتمانَ شهادةِ الحقِّ وظهورَ القلمِ)، وذلك بأن يشهد الرجل الشهادة فيكذب فيها، وهي من أكبر الكبائر عند الله -عز وجل-.
زخرفة المساجد والتباهي بذلك
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تقوم الساعة حتى يتبًاهى الناس في المساجد)، إنّ المساجد أماكن للعبادة وليست أماكن للزخرفة والتباهي والمبالغة في تزيينها.
رفض السنّة
يقول عليه الصلاة والسلام: (يوشِكُ أنْ يقعُدَ الرجلُ مُتَّكِئًا على أَرِيكَتِهِ ، يُحَدِّثُ بحديثٍ مِنْ حديثي ، فيقولُ : بينَنَا وبينَكُمْ كتابُ اللهِ ، فما وجدْنا فيه مِنْ حلالٍ اسْتَحْلَلْناهُ، وما وجدَنا فيه مِنْ حرامٍ حرَّمْناهُ، ألَا وإِنَّ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ مثلَ ما حرَّمَ اللهُ)، حيث ظهر في زماننا أناس يدّعون الأخذ من القرآن ويحثّون على ترك السنّة، يطلقون على أنفسهم مسمّى القرآنيّين؛ فالسنّة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، تأتي مُفسّرة وموضّحةً ومُبيّنةً ومُقيّدةً ومُخصّصةً ومضيفةً لما ورد في القرآن الكريم، فلا يمكن الاستغناء عنها بحال من الأحوال.
- كثرة الظالمين الذين يضربون الناس بالسياط، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنْ طالَتْ بكَ مُدَّةٌ، أوْشَكْتَ أنْ تَرَى قَوْمًا يَغْدُونَ في سَخَطِ اللهِ، ويَرُوحُونَ في لَعْنَتِهِ، في أيْدِيهِمْ مِثْلُ أذْنابِ البَقَرِ.).
ظهور الكاسات العاريات
كما ورد في الحديث الشريف: (صِنْفانِ مِن أهْلِ النَّارِ لَمْ أرَهُما، قَوْمٌ معهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بها النَّاسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، ولا يَجِدْنَ رِيحَها، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذا وكَذا.)، فهنّ نساء مائلات عن طاعة الله -عز وجل-، مُميلات لمن رافقهنّ عن صواب الطريق، يلبسن من اللباس ما لا يستر عوراتهنّ بل ويشفّ عنها، ويضعن فوق رؤوسهن ما يجعل رؤوسهن كأسنمة الإبل، وهذا يحصل في المجتمع في الوقت الحاضر.
كثرة الكذب
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ كَذَّابِينَ فَاحْذَرُوهُمْ)، فقد كثر الكذب في أزمان خلت، ولكن تجلّى هذا الأمر وزاد في الزمن الحالي، فقد يكذب الوالد على ولده، أو الزوج على زوجه، أو البائع على المشتري، وأمثلة ذلك كثيرة من صور الكذب.
انتشار التجارة
يقول -عليه الصلاة والسلام-: (بين يدَي الساعةِ تسليمُ الخاصَّةِ وفشوُ التجارةِ حتى تعينَ المرأةُ زوجَها على التجارةِ)، وذلك ظاهر جليّ في زماننا، فلا تكاد تجد مكاناً إلّا وفيه من التجّار ومَحالِّهم الكثير.
قطع الأرحام
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ بين يدي الساعةِ تسليمَ الخاصَّةِ -وذكر منها- وقطعَ الأرحامِ)، وقد ساد هذا الأمر في زماننا.
اختلال المقاييس
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (تأتي على النَّاسِ سَنواتٌ خدَّاعاتٌ يُصدَّقُ فيها الكاذبُ، ويُكَذَّبُ فيها الصَّادقُ، ويؤتَمنُ فيها الخائنُ ويخوَّنُ فيها الأمينُ، وينطِقُ الرُّوَيْبضة قيلَ: يا رسولَ اللَّهِ وما الرُّوَيْبضةُ ؟ قالَ: الرَّجلُ التَّافِهُ يتَكَلَّمُ في أمرِ العامَّةِ)، وهذا الأمر واضح حالياً.
العلامات الصغرى التي لم تظهر بعد
عودة جزيرة العرب جنات وأنهاراً
قِيل بسبب الزراعة وحفر الآبار، ودليل ذلك قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (وحتَّى تَعُودَ أرْضُ العَرَبِ مُرُوجًا وأَنْهارًا).
انحسار الفرات عن جبلٍ من ذهب
حيث يقتتل الناس عليه، فيُقتل من كل مئةٍ تسعةٌ وتسعون، وقد يكون انحسار النهر بسبب تحوّل الماء عن مجراه لسببٍ من الأسباب، أو لذهاب مائه فيكشف عن ذلك الجبل، قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَحْسِرَ الفُراتُ عن جَبَلٍ مِن ذَهَبٍ، يَقْتَتِلُ النَّاسُ عليه، فيُقْتَلُ مِن كُلِّ مِئَةٍ، تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ، ويقولُ كُلُّ رَجُلٍ منهمْ: لَعَلِّي أكُونُ أنا الذي أنْجُو).
خروج القحطاني والجهجاه
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِن قَحْطانَ، يَسُوقُ النَّاسَ بعَصاهُ)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (لا تَذْهَبُ الأيَّامُ واللَّيالِي، حتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ يُقالُ له الجَهْجاهُ)، فيظهر في آخر الزمان رجل من قحطان لم يُذكَر في الأحاديث اسمه، ويظهر آخر من المماليك يُسمّى بالجهجاه، وكلّ واحد منهما يحكم ويمسك بزمام الحُكم، وقد ضُرب المثل بعصى القحطاني؛ كنايةً عن شدّة طاعة الناس له أو خشونته عليهم.
ريح تقبض المؤمنين
في الحديث الذي تكلّم عن الدجال، يقول -عليه الصلاة والسلام-: (إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً، فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ، يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الحُمُرِ، فَعليهم تَقُومُ السَّاعَةُ)، دل الحديث على أنّ الريح تكون بعد يأجوج ومأجوج وخروج الدجال ونزول عيسى، بل وبعد خروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها، حيث إنّ الدابة تخرج لتُفرّق بين المؤمنين و الكافرين ، وطلوع الشمس مصاحب لذلك، فلو كانت الدابة قبل الريح، لما بقي مؤمن على الأرض.
هدم الكعبة
يقول -عليه الصلاة والسلام-: (يُخَرِّبُ الكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الحَبَشَةِ)، ففي آخر الزمان يسيطر الحبشة على الكعبة، ويقودهم ذو السويقتَين؛ كناية عن دقة ساقيه، فيهدمون الكعبة، ويستخرجون كنزها، ولا يتم إعمارها بعد ذلك أبداً، ويكون ذلك إيذاناً بخراب الدنيا.
كثرة الزلازل
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ)، وهذا يكون مع نزول الخلافة إلى الأرض المُقدَّسة، إذ تكثر الزلازل.
ما يتبع علامات الساعة الصغرى
ظهور المهدي
هو رجلٌ رشيد من آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، يوافق اسمه اسم النبي -صلى الله عليه وسلم-، واسم أبيه اسم والد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو رجل يخرج في آخر الزمان، حين يكون الظلم قد ملأ الأرجاء، فيخرج ناشراً للعدل، مقيماً للدين، طارداً للأهواء، يقول -عليه الصلاة والسلام-: (لو لم يَبقَ من الدنيا إلا يومٌ، لطوَّل اللهُ ذلك اليومَ، حتى يخرج فيه رجلٌ منِّي، أو من أهلِ بيتي، يواطئُ اسمُه اسمي، واسمُ أبيه اسمَ أبي، يملأُ الأرضَ قسطًا وعدلًا، كما مُلِئَتْ جَورًا وظُلمًا).
ظهور علامات الساعة الكبرى
هي علامات عِظام إذا ظهرت تكون الساعة على إثرها، وهي علامات مُتتابعات، إذا ظهر شيء منها تبعتها باقي العلامات مُتوالية متقاربة الأزمان، وهي عشر علامات كما ورد في الحديث الآتي: (قالَ: إنَّهَا لَنْ تَقُومَ حتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ، فَذَكَرَ، الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بالمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بالمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بجَزِيرَةِ العَرَبِ، وَآخِرُ ذلكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ اليَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إلى مَحْشَرِهِمْ.).
ضوابط التعامل مع علامات الساعة
تضافرت جهود أهل العلم قديماً وحديثاً في التأليف والكتابة في قيام الساعة والأمارات التي تسبقها، ولأنّ علم الساعة غيبٌ لا يعلمه إلا الله عز وجل، فإنّه لا بُدّ من نصّ صحيح يُؤخذ منه، والقول بغير علم والإخبار عن الغيب بلا قرينة ولا دليل يُجزم به قد يؤدّي إلى مفاسد عظيمة، كتكذيب الله -تعالى- ورسوله -صلّى الله عليه وسلم-؛ فالإنسان غير مطالب بتنزيل أشراط الساعة على واقعه، ويُستثنى من ذلك أهل العلم المُعتبرين -دون غيرهم-؛ إذ يُسوَّغ لهم الاجتهاد في تنزيل هذه الأشراط على واقعهم بشرط ألّا تترتّب على ذلك مفاسد أعظم.
ملخص المقال: إنّ للساعة علامات منها علامات صغري أتت وانقضت، ومنها علامات ما زالت مستمرة، ومنها علامات لم تظهر بعد، وهناك أيضاً علامات كبرى، أخبر بها النبي -صلى الله عليه وسلم-، واجتهد العلماء في ترتيبها وتوقيتها.