علاقة الرياضيات بعلم النفس
علاقة الرياضيات بعلم النفس
الاحتمالات أحد فروع الرياضيات هي من الجوانب المهمة في علم النفس ، كما أن النماذج الرياضية تصف الكيفية التي يمكن للإنسان بها المفاضلة بين الخيارات المختلفة، فما من يوم يمر إلا ويفاضل الإنسان بين أشياء مختلفة، والمفاضلة قد لا تكون دائما بين جيد وسيء، بل في كثير من الأحوال تكون المفاضلة بين جيد وجيد آخر، بل ولسوء الحظ أحيانا بين سيئ وسيئ آخر، وما يزيد الأمر صعوبة أنه حتى أحيانا يكون الإنسان غير متأكد من كون الأمر جيد أم سيئ من الأساس.
الرياضيات وعلم النفس على طريقة باسكال
باسكال هو عالم رياضي وفيزيائي وفيلسوف فرنسي عاش في القرن السابع عشر، وكان باسكال متدينا جدا وكان يعاني لأجل ذلك صراع نفسي داخلي، فقد كان يعتقد أن العلم والتدين لا يجتمعان وأن العلم الحقيقي الواجب اكتسابه هي العلوم الدينية فقط وليست الطبيعية، وفي النهاية انتصر حبه للتدين على حبه للعلم واعتزل ميدان العلوم الطبيعية بالفعل، ويعتبر باسكال أن الاحتمالات وحسابها من الطرق المهمة في علم النفس، وتعتمد طريقة باسكال في الاختيار على ما يعرف بالقيمة المتوقعة (expected value)، ولحساب القيمة المتوقعة لقرار أو حدث ما يجب اتباع الخطوات ثلاثة الآتية: تحديد كل النتائج المترتبة عن قرار أو حدث ما وكذلك تحديد نسبة احتمال كل من هذه النتائج، ثم إعطاء كل نتيجة قيمة عددية وضرب هذه القيمة في نسبة احتمالها، ثم جمع كل النتائج من الخطوة السابقة.
مثال على القيمة المتوقعة
مثلاً لو أن تاجر حديد يريد اختيار نوع الحديد الذي سيشتريه بهدف التجارة وأمامه خياران عليه أن يفاضل بينهما، إما أن يشتري الحديد من نوع (أ) أو الحديد من نوع (ب)، علماً بأن النسبة للنوع (أ) مكسبه هو بكل تأكيد 20 دولاراً، أما بالنسبة للمنتج (ب) فهو ليس متأكد قد يكسب 100 دولار وقد لا يكسب أي شيء، وذلك بنفس النسبة، فماذا سيكون قرار التاجر من نظرة باسكال؟ وأي المنتجين يجب أن يشتري؟
الحل: في ضوء حساب القيمة المتوقعة، بالنسبة للمنتج (أ) الأمر واضح، فالقيمة المتوقعة للربح هي 20 دولاراً، أما بالنسبة للمنتج (ب) هناك احتمالان لكسب 100 دولار أو صفرا من الدولارات، واحتمال كل حالة هو 50% أو 0.5 إذا القيمة المتوقعة هي: 100*0.5 0*0.5 = 50
الرياضيات وعلم النفس على طريقة برنولي
نيكولاس برنولي أحد أفراد عائلة برنولي السويسرية ذائعة السيط في ميادين العلوم والرياضيات، وقد فطن برنولي إلى أننا لا نقيم النقود بنفس الطريقة، فمثلا 10 دولارات هي بالنسبة لفقير رقم كبير جدا أما بالنسبة لإنسان ثرى فإنها قد لا تعني شيئا، وقد أدرك برنولي حقيقة بقت ثابتة إلى يومنا هذا، وهي أنه لتشجيع الأفراد ولتحفيزهم لا يتم مكافئتهم بقيمة مالية واحدة بل بنسبة واحدة، فالعلاوات تقدر بنسبة مئوية من المرتب الأصلي وليست بقيمة مطلقة، وهكذا فالوفرة من شيء تفقد البشر إحساسهم بأهميتها، وبالنسبة لمياردير لا يفرق معه كثيرا إن كانت ثروته 49 أم 50 ملياراً، إلا أن المليار الأول قد يهمه أكثر.
إذا أدرك برنولي أن العلاقة بين القيمة الأسمية للنقود والتقدير الخاص لها ليست علاقة خطية بل علاقة لوغاريتمية، والتغيير الذي أدخله برنولي على طريقة باسكال هو أنه قال إنه لا يطمح في اختيار البشر في تعظيم ثروتهم الأسمية من المال بل في تعظيم منفعتهم منها، ويطلق على هذه الطريقة اسم المنفعة المتوقعة (expected utility) على وزن اسم القيمة المتوقعة لباسكال، وهنا يتم حساب القيمة المتوقعة كما في طريقة باسكال لكن ليس بالنسبة للقيم المطلقة للمال ولكن بالنسبة للمنفعة المرتبطة به.
الرياضيات وعلم النفس على الطريقة المعاصرة
النظرية الحديثة تتحدث أن حساب القيمة النفسية أهم من الثروة الكلية، وتعبر الطريقة الحديثة عن المكسب والخسارة، بحيث تعبر عن المكسب بالإشارة الموجبة والخسارة بالإشارة السالبة، كما أن الطريقة المعاصرة تعطي الخسارة وزنا أكبر من الربح، ويمكن أن تعطي هذه النقطة عنوانا فرعيا أن السئ يطغى على الجيد، إذاً فإن الطريقة المعاصرة تعطي فقط الطريقة التي يفكر بها البشر لكنها لا تعطي الاختيار الأفضل، حيث إن الطريقة الحديثة هي مجرد محاولة لمحاكاة طريقة اختيار البشر لكنها لا تمثل الحقيقة كاملة، وهناك العديد من العمليات النفسية التي لا تغطيها مثل الشعور بالندم وخلافه.