علاقة الأمن الاقتصادي بالتنمية المستدامة
علاقة الأمن الاقتصادي بالتنمية المستدامة
يشكل مفهومي الأمن والتنمية المستدامة، مفاهيم متكاملة، تعضد بعضها بعضاً، في خدمة تطلعات الأفراد والشعوب حول العالم، لذا فهما مفهومان مترابطان في عدة أوجه من وجوههما كما سنتعرف في هذا المقال.
تعرف اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأمن الاقتصادي على أنه الحالة التي تمكن الأفراد والجماعات من تلبية احتياجاتهم الأساسية وتغطية المصاريف اللازمة بشكل مُستدام، كالطعام والماء والمأوى واللباس، بالإضافة إلى الرعاية الصحية والتعليم.
ويشكل مفهوم التنمية المستدامة ، ترجمةً لسعي العالم بما يتضمنه من حكومات ومنظمات، للمحافظة على مكتسبات التنمية، لتوفر الموارد لأكبر قدر ممكن من الأجيال البشرية على مر السنوات القادمة.
التنمية المُستدامة كمُعزز للأمن الاقتصادي
تستهدف خطط التنمية المُستدامة، سواءً تلك التي تقوم بإنفاذها الحكومات أو المنظمات الدولية ، إلى تعزيز الأمن الاقتصادي للمُجتمعات المحلية، خدمةً للناس، وتعزيزاً للثقة بينهم وبين الحكومات المحلية.
وتواجه الحكومات الجرائم كونها مُهددة لخطط التنمية، خاصةً تلك الجرائم التي قد تستهدف الأشخاص أو المنظمات والمؤسسات القائمة بجهود التنمية، كحوادث السرقة والقتل وإشاعة الشعور بعدم الأمان.
وفي المُقابل تسهم جهود التنمية المُستدامة في استئصال الدوافع التي قد تقف وراء حدوث الجريمة في المجتمعات المحلية عبر مواجهتها لتحديات الفقر و البطالة ، واللذان يكونان غالباً أحد أبرز أسباب تقويض الأمن الاقتصادي.
الإطار التاريخي للعلاقة بينهما
ترجع العلاقة بيّن الأمن الاقتصادي والتنمية المستدامة إلى الحرب العالمية الثانية، حيث ابتكر الليبراليين أسلوباً لمواجهة الصراعات، وتحفيز التنمية بهدف:
- منع اندلاع الصراعات عبر تعميق التعاون الدولي.
- تأمين الرفاه الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للأفراد.
فيما ساهم المفكر باري بوزان، في تعزيز العلاقة بين الأمن والتنمية، من خلال نقل مفهوم الأمن من الناحية العسكرية، إلى الأمن المبني على التنمية المستدامة.
مقاربات العلاقة بين التنمية المستدامة والأمن الاقتصادي
تتعدد المقاربات التي تتناول العلاقة بين التنمية والأمن الاقتصادي، على النحو التالي:
- المتغير المستقل والتابع
تنطلق هذه المقاربة، من أن التنمية متغير مستقل، والأمن متغير تابع، الأمر الذي يعني أن الأمن لا يتحقق إلا بتحقق التنمية، وبتوفر شروط اقتصادية وصحية وبيئية، إلى جانب الغذاء، وهذا ما تبناه برنامج الأمم المتحدة العام 1994م.
- المتغير التابع والمستقل
وينطلق هذا المنطلق من أن الأمن متغير مستقل، والتنمية هو التابع، إذ ان الأمن مُتطلب أساسي لتحقيق التنمية المستدامة.
- التداخل والتشابك
فيما ترى المقاربة الثالثة، أن العلاقة بين الأمن والتنمية علاقة تداخل وتشابك، والعلاقة السببية بينهما متبادلة، ففي حين ينظر للتنمية كمتطلب للأمن، فإنه من الممكن عكس النظرة، حيث يصبح الأمن مُتطلباً للتنمية.
- العلاقة المركبة
أخيراً، يُنظر للأمن والتنمية كعلاقة مركبة، فالدولة عند الدفاع عن نفسها، توجه مواردها المدنية لخدمة المجهود الحربي، فيما قد تُفضي النزاعات لنشوب الثورات الداخلية، كما حدث في ألمانيا وروسيا، الأمر الذي يعني أن الأمن يقود إلى التنمية، والعكس صحيحٌ أيضاً.