ما أسباب ضيق الرزق
الرّزق
في حياة كل إنسانٍ عددٌ من الأمور الّتي تشكلّ له قلقاً من كثرة التّفكير فيها، ومن هذه الأمور الّتي يفكرّ فيها الإنسان ليل نهار وتشغل باله وتفكيره وتأخذ جُلّ اهتمامه موضوع الرّزق، وذلك من حيث إيجاد عمل أو من خلال التّفكير في كيفيّة توفير حياةٍ كريمة، ولا أحد ينكر أنّ موضوع الرّزق هو موضوعٌ ذو أهميّةٍ بالغة، لكن على الإنسان أن يأخذ بالأسباب المشروعة التّي شرعها لنا الله تعالى، والّتي تيسرّ له جلب الرّزق، وأن يكون دائم الانتباه إلى الهدف الّذي خلق من أجله وهو عبادة الله تعالى، حيث قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ). وعبادة الله تعالى يتحقّق مفهومها وأداؤها بطلب الرّزق عندما يطلبه الإنسان بتقوى الله تعالى وبالوسائل الّتي بينّها الله تعالى لنا، وعلى الإنسان أن يحسن التّوكل على الله تعالى بعد أن يأخذ بالأسباب المشروعة الجالبة للرّزق، لأنّ الله تعالى هو العالم بالعباد كلّهم وبأحوالهم، وهو الّذي كفل لهم الرّزق وقدرّه لهم كلّهم بلا استثناء ولم ينسَ منهم أحداً، إذ قال تعالى: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ*فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ)، فعلى الإنسان أن يطمئنّ ويريح قلبه ويحمد الله على ما رزقه سواء كان الرّزق كثيراً أم قليلاً، ولو كان كثيراً فلا يباهي بنفسه ويشعر بالكبر والغرور أنّه لولا سعيه وعمله وذكاؤه لما حصل هذا الرّزق؛ لأنّ الله تعالى هو رازقه وكلّ ما يملك من الوسائل والحكمة والذّكاء والعمل والسّعي هو بفضل الله تعالى ورزقه له.
أسباب ضيق الرّزق
هنالك الكثير من الأسباب الّتي تمنع الرّزق عن الإنسان ومن هذه الأسباب الّتي تضيّق رزق الإنسان ما يأتي:
- الغفلة عن ذكر الله تعالى: حيث إنّ الإنسان الّذي تلهيه شهوات الدّنيا وتأخذه متع الحياة وتبعده عن الهدف الحقيقيّ الّذي خلق لأجله وهو عبادة الله تعالى فهو في غفلة، فالعبد الّذي ينشغل بتحصيل قوت يومه ورزقه والبحث عن لقمة العيش عن ذكر الله تعالى وأداء العبادات والفرائض الّتي أمرنا بها الله تعالى يضيق عليه رزقه، حيث قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)
- الرّبا: إذ إنّ الرّبا خطرٌ عظيمٌ يهددّ المجتمع ويفسد أمنه، وهو معصيةٌ عظيمةٌ كبيرةٌ تؤدي إلى قطع الرّزق عن الإنسان بسبب تعامله بأمرٍ حرّمه الله تعالى، لذلك فإنّ تعامل البعض من الأفراد بالرّبا في معاملاتهم وبيوعهم يؤدي إلى تفككّ الرّوابط بينهم وقطعها لما له من آثارٍ سلبيّة على الفرد بصفةٍ خاصّة وعلى المجتمع بصفةٍ عامّة. قال تعالى: (يَمْحَقُ اللَّـهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ).
- عدم شكر الله تعالى على نعمه: فعلى الإنسان دائماً أن يكون على يقينٍ أنّ الله تعالى هو الواهب والمعطي لا أحد سواه، وأنّه هو الرّازق عباده بقوّته وإرادته لا بقوّتهم وإرادتهم وأنّ كل الأسباب الّتي يهيؤها الله تعالى لعباده هي رزقٌ منه، فالإنسان الّذي يتعالى على النّاس بكثرة رزقه ويتباهى بنفسه أمامهم أنّه بفطنته وقوّته أتاه الرّزق لا بفضل الله، ثمّ لا يشكر الله تعالى على نعمه فهو بذلك جاحدٌ للنّعم ، ومن لا يشكر الله تعالى على نعمه يسلب الله تعالى الرّزق منه ولا يبارك له فيه.
- المعاصي والذنوب: حيث إنّ المعاصي والذّنوب بنوعيها سواء كانت في حقّ الله تعالى أو كانت في حقّ العباد هي من أعظم الأساب الّتي تمنع الرّزق وتحجبه عن الإنسان، وتورث في قلبه الهمّ والغمّ والكدر والضّيق، فكلّما زاد الإنسان في معاصيه واستمرّ في عصيان الله تعالى واتبّاع سبل الانحراف والضّلال كان ذلك سبباً رئيساً في ضيق رزقه وعدم اطمئنان قلبه وانتزاع البركة من كلّ ما يأتيه.
الأسباب الجالبة للرّزق
لكلّ شيءٍ وجهان فكما توجد أسبابٌ تمنع الرّزق عن الإنسان ففي المقابل هنالك أسبابٌ تجلب وتزيد الرّزق له، ومن هذه الأسباب الّتي توجد بركةً في الرّزق ما يأتي:
- التقوى: فتقوى الله تعالى من الأسباب الّتي تجلب الرّزق للعبد، فالمسلم الّذي يسعى لرضا الله تعالى، ويؤدي ما عليه من العبادات والفرائض التي أمره بها فيرزقه الله من حيث لا يحتسب ويضاعف له رزقه وأجره.
- الاستغفار: وذلك بكثرة ذكر الله تعالى والاستغفار في كلّ الأوقات من أجل التوّفيق في الدّنيا وغفران الّذنوب في الآخرة مع حضور القلب واستشعار ذلك، فإنّ ذلك يؤدي إلى البركة في الرّزق فكم هنالك من أمورٍ فتحت وتيسرّت للعبد من كثرة استغفاره ، مع الحرص على التوبة من الذنوب والمعاصي، والندم عليها، والعزم على عدم الرجوع إليها.
- صلة الرّحم: ومما يدل على أن صلة الرحم من أسباب زيادة الرزق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (تعلَّموا من أنسابِكم ما تَصِلون به أرحامَكم، فإنَّ صلةَ الرحمِ محبَّةٌ في الأهلِ مثراةٌ في المالِ منسأةٌ في الأثرِ)، والمقصود من الحديث الزيادة في بركة العمر أي الزيادة في الذكر الطيّب بعد الموت.
- الإنفاق في سبيل الله: فالإنفاق في سبيل الله تعالى يخرج النفس من البخل والشحّ، فالنفس الإنسانية أمّارة بالبخل وعدم الإنفاق، ومن الجدير بالذكر أن الله تعالى أنعم على عباده بالرزق بمختلف أنواعه، كما أنه أمر العباد بالإنفاق، وذلك للحصول على العديد من الأجور والحسنات.