علاج التسويف في الإسلام
علاج التسويف في الإسلام
جاءت كلمة التسويف من التأجيل والكسل عن المبادرة بالبدء بالعمل، فيكثر الإنسان من سوف، سوف أبدأ غدا، سوف أتوب في رمضان القادم، وتمضي الأيام ولم يفعل شيء، وفاته الوقت الذهبي للإنجاز، وأضاع فرصاَ كثيرة، وقد جاء الإسلام يعالج هذا الكسل، ويدعوا إلى المبادرة، ويحث على العمل.
وقد قدم الإسلام طرق لعلاج التسويف، منها:
- التوكل على الله ، والدعاء بالهمة العالية، والاستعاذة من الكسل، كان من دعاء النبي- صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ والكَسَلِ).
- صحبة الصالحين الإيجابين، الذين يسارعون في الخيرات، وحياتهم مليئة بالعمل والمسؤولية، ونجد دليل هذا في قول النبي- صلى الله عليه وسلم-: (لا تصاحبْ إلا مؤمنًا ، ولا يأكلْ طعامَك إلا تقيٌّ)،فإذا كانت الصحبة من حولنا، صحبة لعب ولهو، وتضيّع الأوقات، وكانوا من أهل التسويف، كيف نتعافى من هذا الداء؟.
- تذكير النفس بأنها لا تعلم ماذا ينتظرها غداً، هل ستبتلى بالمرض فلا تتحرك، هل ستموت فتتمنى أن ترجع فتسجد ولو مرة واحدة، لا بد من التخلص من طول الأمل، والالتفات إلى التفكير بالآخرة ، قال تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
- التفكير بجانب الخوف من الله، والعقوبة، كما نتحدث عن المغفرة الواسعة والرحمة، يجب أن نحدث نفسنا بجلال الله وعزته وعذابه، فلا نؤجل العبادات ولا نستهين فيها، ونتعلم أن هناك أولويات وخطوط عريضة لا تقبل التسويف.
- اغتنام الفرص وحالات الرخاء في العمل، لا بتضيعها، وهذا واضح في الإرشاد النبوي: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ : شَبابَكَ قبلَ هِرَمِكَ ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ ، وغِناكَ قبلَ فَقْرِكَ ، وفَرَاغَكَ قبلَ شُغْلِكَ ، وحَياتَكَ قبلَ مَوْتِكَ).
- المبادرة إلى العمل، لا تقل سوف، أو غدا، ولا تنتظر حدوث معجزة، أو وقت صفاء ذهن، فالعمل الذي تراه اليوم صعب، وستعود إليه فيما بعد، قد يكون غدا أصعب وأشد على النفس.
آيات عن التسويف
جاء في القرآن الكريم آيات عن ذم ّالتسويف، وعلاجه، وسببه، ومنها:
- ذم التسويف: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً* وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً* وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً).
- علاج التسويف تذكر الموت، قال تعالى: (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ* وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
- التسويف من وساوس الشيطان ، قال تعالى: (الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ).
التسويف في التوبة
أخطر أنواع التسويف والتأجيل، هو تأجيل التوبة، والاستمرار بالمعاصي على أمل التوبة بالمستقبل قبل الموت، وكأن الإنسان يعلم متى سيموت، ويظن البعض أن التوبة سهلة، وهي فعلا سهلة وعمل خير لمن سارع بها وندم وعزم على الإقلاع عن المعاصي ، سهلة لمن كان الله في قلبه عظيم يخشاه، يستغفر كلما أذنب، ويتوب كلما وقع.
أما من يقول سهلة ويستمرّ بالمعصية ويؤجل التوبة، ويستهين بالذنب، ولا يجد في قلبه حرج من معصية الخالق، فقد يموت دون أن يوفّق لتوبة نصوحة، وقد يغرق بالمعاصي أكثر، فلا بد أن نسارع بطلب المغفرة، ولا نستمر على المعاصي، قال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ).