شرح حديث (من غشّنا فليس منا)للأطفال
شرح حديث (مَن غَشَّنا فليسَ مِنَّا) للأطفال
من الجميل أن يسعى المربون إلى غرس القيم الإسلامية في نفوس الأطفال مبكراً؛ خصيصاً التي تتعلق بحياتهم اليومية، فيحرصون على تقريب المعاني وتبسيطها بما يناسب مداركهم، ومن هذه القيم الأمانة وعدم الغش.
نص الحديث ومناسبته
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن حَمَلَ عليْنا السِّلاحَ فليسَ مِنَّا، ومَن غَشَّنا فليسَ مِنَّا)،وهذا الحديث من الأحاديث الصحيحة التي تنهانا وتحذرنا من أن نظهر الأمور على غير حقيقتها، أو أن يؤذي بعضنا بعضًا.
وفي رواية أخرى يقص علينا أبو هريرة -رضي الله عنه-؛ كيف مرّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على تاجر يبيع للناس طعامًا؛ فلما أدخل يده في الطعام وجده مبلولًا، أي أن التاجر أخفى عن الناس السيئ من الطعام وأظهر الجيد، ففهمه الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن هذا من الخداع والغش المنهي عنه، فهو ليس من أخلاقنا ونهجنا وأفعالنا؛ لأنه بذلك يتسبب بالأذى للناس حيث قال له: (لَيسَ منَّا من غشَّ) .
شرح الحديث
يعرف الغش بأنه: إظهار غير الحقيقة، أي أن المسلم ظاهره كباطنه، لا يظهر الأمور على غير حقيقتها من أجل أي كسب غير مشروع، ومن فعل ذلك فليعلم أنه قد خرج عن أخلاق المسلمين وأفعالهم ونهجهم.
و الغشّ ظاهرةٌ اجتماعيّة خطيرة، يقوم فيها الكذب مكان الصدق، والخيانة مكان الأمانة؛ وذلك لأن الغشاش إنما اتبع هوى نفسه، ولم يتبع طريق الرشد وأخلاق الدين، ومثل هذا السلوك لا يصدر إلا من قلبٍ غلب عليه وساوس الشيطان؛ فزين له الانحراف عن المنهج الرّباني، وفي الحديث دلالة على تحريم الغش، وأنه من كبائر الذنوب؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن غَشَّنا فليسَ مِنَّا).
غش الطالب في المدرسة
أحد أكثر الأمثلة تكرارًا في المدارس للأسف هو غش الطالب من زميله أثناء الاختبار، أو بواسطة ورقة، أو الكتابة على قدمه، بل وأصبح الطلاب في هذا الزمان يتفنون بأساليب شتى من أجل الحصول على علامات لا يستحقونها.
وقد يقول أحد الطلاب: لكنني لا أؤذي أحدًا وعلامتي لن تؤثر على أحد، بل على العكس؛ لأنه بذلك أخفى الحقيقة، والحقيقة تبين بأن لديه ضعفاً أو مشكلة ما في الدراسة، أو ضعفاً في إحدى المواد، وربما إن علم بها المعلم أو أحد الوالدين كان ذلك أدعى للبحث عن حلها، وبذلك يكون قد فوت على نفسه خيرًا كثيرًا.
وقد يقول طالبٌ آخر: أنا لن أحصل على شيء سوى على الانتقاد من المعلم، أو العقاب من والديّ، أو التنمر من زملائي؛ لأنني ضعيف في هذه المادة، والغش سبيلي للخروج من كل هذا، وهنا يرشدنا الله -سبحانه وتعالى-: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا)،فسيجعل الله له من كل ضيق فرجًا، ومن كل هم مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب، رضًا أو سعادة أو مال أو غير ذلك.
وكم من طالب أراد أن يحصل على علامة كاملة أو جيدة لأسباب شتىً؛ إرضاء لوالديه، أو للحصول على الثناء والتقدير أو غيرها، لكنه لم يحصل إلا على الإحراج حينما تم ضبطه واكتشافه، وكم من طالبٍ توكل على الله، ولم يغش فحصل على ما أراد وزيادة؛ لأنه رغب ب رضا الله ولم يهتم بغير ذلك.