عدد مرات مسح الرأس في الوضوء
عدد مرَّات مسح الرَّأس عند الوضوء
ذهب الفُقهاء إلى أنّ السنّة في مسح الرّأس هي: مسح الرَّأس مرّةً واحدةً بِماءٍ واحِدٍ، ويجوزُ ثلاث مرّاتٍ، وقال الشّافعيّ: ثلاث مرّاتٍ بثلاث مياه، وممّن ذهب إلى القول بجواز المسح مرّةً واحِدةً: مالك، والثّوريّ، والحسن، والأوزاعيّ، وذهب جُمهور الفقهاء كذلك ما عدا الشّافعيّ إلى المسح مرّةً واحِدةً؛ لأن الرّأس لا يتشرّب الماء، فلو مُسح ثلاث مرّات لكان ذلك كغسله.
وجاء في حديثِ عُثمان عن وضوء النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- أنّه: (توضأَ ثُمَّ مسحَ رأسَهُ)، من غير بيانٍ للعدد، فقال الشافعيّة باستحباب المسح ثلاث مرّات؛ قياساً على بقيّة الأعضاء، وأمّا الجُمهور فيرون أنّ الرّأس والأُذُنان من الأعضاء التي لا يتكرّر مسحُها، واستدلّ الشّافعيّة ببعض الأحاديث والأقوال الضّعيفة، كحديث ابن البيلماني وحديثِ عثمان اللذان يقولان فيه عن النبيّ: "مسح رأسهُ ثلاثاً"، وحمل الحنفيّة الرّوايات التي تقولُ بمسح الرّأس ثلاث مرّاتٍ على أنّ الأمر بالتّثليث محمولٌ على مسحهِ بِماءٍ واحدٍ.
حكم مسح الرّأس عند الوضوء
اتّفق الفُقهاء على أنّ مسح الرّأس من فرائض الوضوء ، واستدلّوا بِقول الله -تعالى-: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ)، ولكن تعدّدت آراؤهم في القدر المُجزئ في مسحه، فذهب بعضُ أهلُ التّفسير في تفسير قوله -تعالى-: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ)، إلى أنّ المقصود بها: وامسحوا بما بدا لكم من الرّأس عند القيامِ للصّلاة، وقد ثبت وُجوب المسح وفرضيّتهُ في الكتاب، والسُّنة، والإجماع، فمن الكِتاب قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ)، ومن السُّنة فِعلُ النّبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (أنه مسَح بيديه فأقبلَ بهما وأدبَر بدَأ بمقدَّمِ رأسِه ثم ذهَب بهما إلى قفاهُ ثم ردَّهما إلى المكانِ الذي بدَأ منه)، وأمّا الإجماع فقد أجمعت الأُمّة على أنّ مسح الرّأس من فرائض الوضوء.
صفة مسح الرّأس عند الوضوء
ذهب المالكيّة والحنابلة إلى القولِ بِوجوبِ مسح جميع الرّأس، وأمّا الحنفيّة والشّافعيّة فقالوا بِمسح بعض الرّأس، واعتبروا مسحهُ كله من سُنن الوضوء، واستدلّ الحنفيّة على قولهم بِفعل النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-، حيث توضّأ ومسح جميعَ رأسه، وجاء عنه مسحه على ناصيته، فلم يمسح جميع رأسه؛ فيُحمل على مسح بعض رأسه، ولكنّ الشّافعيّة استحبّوا مسح جميع الرّأس؛ اتّباعاً وخُروجاً من الخِلاف عند من يوجبه، ولكنّ الحنفيّة قالوا إن من داوَم قصداً على ترك مسح جميع الرّأس بلا عُذرٍ يأثم، واستدلّ من قال بمسح بعض الرّأس بِفعل النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بناصِيَتِهِ، وعلَى العِمامَةِ وعلَى الخُفَّيْنِ)، كما أنّ الباء في (بِرُءُوسِكُمْ) تدلُ على التّبعيض، ولا تدلُّ على مسح جميع الرّأس، وكان النبيّ إذا مسح رأسه أقبل وأدبر، وهي أفضلُ هيئاتِ المسح.