عدد ركعات قيام الليل ووقتها
عدد ركعات قيام الليل
صلاة قيام الليل غير مختصّة بعدد مُعيّن، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خَشِيَ أحَدُكُمُ الصُّبْحَ، صَلَّى رَكْعَةً واحِدَةً تُوتِرُ له ما قدْ صَلَّى)، فلم يُحدّد قيام الليل بعدد ركعات مُعيّنة، قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبي ذر -رضي الله عنه-: (الصلاةُ خيرُ موضوعٍ استَكثِرْ أو أَقِلَّ)، وقد قال الخطيب الشربيني: إنّ النوافل المُطلقة عن الوقت أو السبب لا حصر لها أو لعددها.
وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يُصلّي قيام الليل بإحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة؛ فقد سُئلت السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن قيام النبي -عليه الصلاة والسلام- فقالت: (ما كانَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا).
وأمّا الدليل على صلاته ثلاث عشرة ركعة فهو قول ابن عبّاس -رضي الله عنه- عن صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-: (كَانَتْ صَلَاةُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يَعْنِي باللَّيْلِ)، وقد جمع العديد من العلماء بين الحديثين فقالوا إن الركعتين الأُخريان هُما سُنّة الفجر، أو سُنّة العشاء، أو الركعتان الخفيفتان التي كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يبدأ بهما قيامه.
وقت قيام الليل
اتّفق الفُقهاء على أنّ قيام الليل لا يكون إلّا بعد صلاة العشاء ، سواءً سبق ذلك نوم أو لم يسبقه، وإن كان الأفضل أن يسبقه نوم، ويكون قيام الليل مشروعاً في أيّ وقتٍ خلال الليل، ويكون على ثلاث درجات، وهي كما يأتي:
- الدرجة الأُولى: قيام الثُلث الأوّل من الليل.
- الدرجة الثانية: قيام الثُلث الأوسط من الليل.
- الدرجة الثالثة: قيام الثُلث الآخير من الليل
وهو أفضل أوقاته؛ لتنزّل رحمات الله -تعالى- في هذا الوقت، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له)، وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام- في ذلك: (أقربُ ما يكونُ الربُّ من العبدِ في جوفِ الليلِ الآخرِ، فإنِ استطعتَ أن تكونَ ممَّن يذكرُ اللهَ في تلكَ الساعةِ فكنْ).
صفة قيام الليل
الأصل في قيام الليل أن يُؤدى ركعتين ركعتين، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام- للرجل الذي سأله عن كيفيّة أداء صلاة قيام الليل؛ فقال: (مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خَشِيَ أحَدُكُمُ الصُّبْحَ، صَلَّى رَكْعَةً واحِدَةً تُوتِرُ له ما قدْ صَلَّى)، وقد جاء عن ابن عبد البر قوله: إن معنى مثنى مثنى أي التسليم بعد كُلّ ركعتين.
حكمة مشروعية قيام الليل
يُعدّ قيام الليل من النوافل المُطلقة غير المُقيّدة بوقتٍ محدّد، وهو من السُنن المؤكّد فعلها في كُل ليلة، وقيام الليل سببٌ لمغفرة ذنوب العباد، ورفع درجاتهم، وهو من أفضل الأعمال بعد الفرائض، قال -تعالى-: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)، أمّا الحكمة من مشروعية قيام الليل فتكمن فيما يأتي:
- سببٌ من أسباب زيادة الإيمان
حيث يُناجي المسلم فيه ربّه -عزّ وجلّ-، ويقف بين يديه، ويتلذّذ بالعبادة والطاعة، وقيام الليل بُرهان على صدق المُسلم، ودليل على محبّته وتعظيمه لخالقه -تبارك وتعالى-.
- أداء العبادة بنشاط وإخلاص
حيث إنّ عبادة الليل تكون في الأوقات التي يكون فيها الذهن صافياً هادئاً، ويكون المرء فيها أكثر نشاطاً، وفي هذا الوقت بركة وثواب عظيم جداً، قال -تعالى-: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا).
- دليل شكر لله -تعالى- على نعمه العظيمة
ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا صَلَّى قَامَ حتَّى تَفَطَّرَ رِجْلَاهُ، قالَتْ عَائِشَةُ: يا رَسولَ اللهِ، أَتَصْنَعُ هذا، وَقَدْ غُفِرَ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ، فَقالَ: يا عَائِشَةُ أَفلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا).
- سببٌ لبُعد صاحبه عن المعاصي والمُنكرات
قال -تعالى-: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).
فضل قيام الليل
قيام الليل عبادة عظيمة، وثبت فيها الكثير من الفضائل التي تعود على المسلم في دنياه وآخرته، ومن هذه الفضائل ما يأتي:
- علامة من علامات المتّقين، وسبب من أسباب دخول الجنة
قال الله -تعالى-: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ* كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ)، وقال -صلّى الله عليه وسلّم-: (أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ وأطعِموا الطَّعامَ وصلُّوا والنَّاسُ نيامٌ تدخلوا الجنَّةَ بسلامٍ).
- وعد الله مَن يقوم الليل بالجزاء العظيم
قال -تعالى-: (تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا* فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
- أثنى الله على مَن يقوم الليل
قال -تعالى- (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).
- قيام الليل أفضل الصلاة بعد الفريضة
قال -عليه الصلاة والسلام-: (وأَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ).