عدد المشاركين في غزوة الخندق
عدد المشاركين في غزوة الخندق
بلغ عددُ المُشركين في غزوة الخندق -وتُسمّى الأحزاب- أكثر من عشرة آلاف مُقاتلٍ؛ من يهود بني النضير، وبالاتفاق مع قُريش، وغطفان، وعرب نجدٍ، ويهود بني قُريظة، وعددٍ من المُنافقين ، بقيادة أبي سُفيان بن حرب، وتمَّ الاتفاق بينهم على أن تُشارك غطفان في عسكر الحُلفاء بستةِ آلاف مُقاتلٍ، مُقابل دفع اليهود لهم كُل ثِمار النخل من خيبر لمُدةِ سنة، وشاركت قُريش بأربعة آلاف مُقاتلٍ، وأمّا المُسلمون فقد بلغ عددُهم ثلاثة آلاف مُقاتلٍ، وكان عدد الصّحابة الذين كانوا عند الخندق ألف مُقاتلٍ.
استعداد المسلمين لغزوة الخندق
لمّا سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- بما أجمع عليه الأحزاب، دعا النّاس وشاورهم في الأمر، فأشار عليه الصّحابي سلمان الفارسيّ -رضي الله عنه- بحفر الخندق، فأُعجب النبي -عليه الصلاة والسلام- بالفكرة، وبادر إلى فعلها، وبدأ بالحفر من جهة الشمال؛ باعتبارها المنفذ الوحيد للمدينة، ولأنّ جميع النّواحي الأُخرى مُحاطةٌ بالبُنيان والأشجار وبساتين النّخل، وعندما بدأ المُسلمون بحفر الخندق كان الجوُّ بارداً، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يُشاركُهم بالحفر، ويحمل التراب معهم؛ لتشجيعهم وترغيبهم في الأجر، وكان يقول -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ إنَّ العَيْشَ عَيْشُ الآخِرَهْ، فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ)، فواصل المُسلمون حفرهم بجدٍ ونشاط طوال النهار، وكانوا يرجعون إلى بيوتهم في المساء، وقد كانوا يبذلون الكثير من الجهد في حفر الخندق؛ فبلغ بهم الجوع الشديد حتى ربطوا على بُطونهم الحجارة من شدّة الجوع، وأمّا المُنافقون فكانوا يتخاذلون في الحفر، ويُثبِّطون عزائم المُسلمين.
واستمرَّ المُسلمون في حفر الخندق لِمُدة أُسبوع، وبشّرهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بفتح الشام والعراق واليمن، وذكر ابن القيم أنّ حفر الخندق استمرّ شهراً كاملاً، وبلغ طوله خمسة آلاف ذراعٍ، وعُمقُه سبعة أذرع، وعرضُهُ كذلك، وكان ثبات الصحابة الكرام في المدينة في غزوة الخندق اعتباراً ممّا حصل معهم في غزوة أُحد من قتال المُشركين خارج المدينة، فوعدهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بالنصر، وأمرهم بالطاعة، وقد أحاط بالمُسلمين أحزاب من المُشركين، ووصف الله -تعالى- حالهم بقوله: (هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا* وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إَِّلا غُرُورًا)، وذلك لأنّ أعداد المُشركين كانت كبيرةً، ولو تمكّنوا من دُخول المدينة بشكلٍ مفاجئٍ لقضوا على من فيها، لكنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- بعث عدداً من الصحابة لتتبّع أخبار الأحزاب، وقرّر النبي -عليه الصلاة والسلام- وكبار الصحابة عدم الخروج من المدينة، وولّى عليها عبد الله بن أمّ مكتوم، ولمّا وصل الأحزاب إلى المدينة تفاجؤوا بوجودِ خندقٍ يمنعهم من دُخولها.
وكانت فكرة حفر الخنادق من الخُطط الحربيّة المعروفة عند الفُرس، فقال سلمان : "يا رسول الله، إنّا كنّا بأرض فارس إذا تخوّفنا الخيل خندقنا علينا"، ولمّا وصل الأحزاب إلى المدينة وفوجئوا بالخندق، قرروا حصار المدينة، ومُراسلة يهود بني قُريظة داخل المدينة، فشارك يهود بني قريظة مع الأحزاب ونقضوا عهدهم مع النبيّ، وطالت مدة الحصار، ونزل بالمسلمين الكرب، فأرسل الله -تعالى- على الأحزاب جُنداً من عنده، لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا)، فنزل الرُّعب في الأحزاب.
نتيجة غزوة الخندق
كان لغزوة الخندق العديد من النتائج ، ومن أهمّها ما يأتي:
- استخدام النبي -عليه الصلاة والسلام- العديد من الأساليب في المعركة، كحفر الخندق؛ الذي كان من الأساليب الجديدة المُستخدمة في الحرب عند العرب، وبعث نعيم بن مسعود الأشجعيّ -رضي الله عنه-؛ للتفريق وإيقاع الفتنة بين الأحزاب وبني قُريظة، ممّا ساعد على نصر المؤمنين وهزيمة الأحزاب.
- رحيل الأحزاب بعدما أرسل الله -تعالى- عليهم ريحاً شديدة، قلعت خيامهم، وقلبت قُدورهم.
- نزول النّصر من الله -تعالى- للمؤمنين في قلب المحن والمصائب، وبعد أخذهم بالجُهد البشريّ في البناء والتخطيط.
- نُزول الرُّعب في قُلوب الأحزاب، ورُجوعهم مخذولين إلى ديارهم.
- ضيق المُسلمين بطول حصار المُشركين لهم، فخفّف النبي -عليه الصلاة والسلام- عنهم وبشّرهم بالنّصر ورفع معنويّاتهم.