عبد الرحمن الأوزاعي
التعريف به
اسمه هو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الأوزاعي، كان يلقّب بإمام أهل الشام، وكنيته هي أبو عمرو، ينتمي إلى الأوزاع؛ وهي منطقة في دمشق سكنها فيما سبق العديد من القبائل، قيل أنّه كان أعلم أهل الشام، وعرف بأنّه ثقة ومن خيار الناس.
كان واحدًا لا مثيل له في زمانه، فقد كان عالم عصره، لا يخاف في الله لومة لائم؛ يقول كلمة الحقّ في كلّ حال دون أن يخاف سطوة ملك أو سلطان، وكان له من العلوم والمناقب الجمّة، وكان يبرع في الترسّل والكتابة، كما أنّه كان مجتهدًا صاحب مذهب.
علم الأوزاعي
كان الأوزاعي واسع العلم وكان أوّل ما سئل في الفقه وهو ابن خمس وعشرين سنّة، وبقي يفتي النّاس إلى أن مات، وقد ورد أنّ الأوزاعي قد أجاب عن سبعين ألف مسألة، وكان كثير المناظرة والدفاع والنصرة للإسلام، وكان أهل عصره يقولون أنّه عالم الأمّة، وإمام يقتدى به.
قال أميّة بن يزيد عن عبد الرحمن الأوزاعي: "هُوَ أرفع عندنا من مكحول، إنه قد جمع العبادة، والعلم، والقول بالحق"، ومع ما جمعه من العلم الواسع كان كثير العبادة، حتى وصف بأنّه كالأعمى من شدّة خشوعه، وكان الأوزاعي عابدًا قانتًا حليمًا عذبًا يحبّ المزاح.
وكان يقول: "كُنَّا وَالتَّابِعُونَ مُتَوَافِرُونَ نَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، وَنُؤْمِنُ بِمَا وَرَدَتِ السُّنَّةُ بِهِ مِنْ صِفَاتِهِ جَلَّ وَعَلَا".
صفات الأوزاعي
اتصّف الأوزاعي بخصال حميدة تنمّ عن شخصيّة فذة، ومن هذه الصفات ما يأتي:
- مقوال للحقّ، لا يخاف في الله لومة لائم.
- كريمًا سخيًّا، وكان له في بيت المال إقطاع.
- شديد الورع .
- كثير التصدّق والإنفاق في سبيل الله.
- محبًّا للعلم يكرّم طلبة العلم ويقدّرهم.
سير الأوزاعي في طريق الحقّ
كان الأوزاعي يقول الحقّ أمام أعظم الحكام والسلاطين، لا يخاف في الله لومة لائم، ومن القصص التي وردت عنه أنّه عندما دخل عبد الله بن عليّ طلب الأوزاعي فحضر بين يديه بعد ثلاثة أيام، وكان على سريره وبيده خيزرانة، فسلّم عليه ولم يردّ، ثم ضرب بالخيزرانة وقال: "يا أوزاعي، ما ترى فيما صنعنا من إزالة أيدي أولئك الظلمة، أرباط هو؟"
فردّ الأوزاعي بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-:(الأعْمَالُ بالنِّيَّةِ، ولِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى)، فضرب بالخيزرانة ضربة أشد، وقال: " يا أوزاعي، ما تقول في دماء بني أمية؟"، فردّ بحديث آخر: (لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللَّهِ، إلَّا بإحْدَى ثَلاثٍ: النَّفْسُ بالنَّفْسِ، والثَّيِّبُ الزَّانِي، والمارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَماعَةِ)، فضرب ضربة أشد.
وقال: "ما تقول في أموالهم؟" فبيّن له الأوزاعي أنّها إن كانت حرامًا فهي حرام عليه أيضًا، وإن كانت حلال لا تحل له إلا بطريق شرعيّ، فسأله أن يتولى القضاء، فأجاب: "إن أسلافك لم يكونوا يشقون علي في ذلك، وإني أحب أن يتم ما ابتدؤوني به من الإحسان".
ثمّ طلب الانصراف وهو يتوقّع أن يقطع رأسه، لكنّه أمره بالانصراف وأرسل رسولًا وراءه بمئتيّ دينار لينفقها، فتصدّق بها، وكان صائمًا طاويًا.
شيوخ الأوزاعي
حدّث عبد الرحمن الأوزاعي عن جمع كبير، من أهمّهم:
- عطاء بن أبي رباح .
- أبي جعفر الباقر.
- عمرو بن شعيب.
- بلال بن سعد.
- يحيى بن أبي كثير.
- عمير بن هانئ.
- محمد بن إبراهيم التيمي.
- عبد الله بن عامر اليحصبي.
- إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة.
- عبدالله بن عبيد بن عمير.
- عبدالرحمن بن القاسم.
- علقمة بن مرثد.
- ميمون بن مهران.
- نافع مولى ابن عمر.
تلاميذ الأوزاعي
كان الأوزاعي واسع العلم، فروى عنه خلق كثير، منهم ما يأتي:
- يحيى بن أبي كثير .
- الثوري.
- ابن شهاب الزهري
- يونس بن يزيد.
- الوليد بن مسلم.
- مالك بن أنس .
- ابن المبارك.
- إسماعيل بن عياش.
- محمد بن شعيب.
- عيسى بن يونس.
- محمد بن يوسف الفريابي.
مؤلفات الأوزاعي
أخبر الوليد بن مسلم أنّ كتب الأوزاعي كلّها قد احترقت في زلزلة عظيمة أصابت الشام؛ ولعلّ هذا الأمر هو السبب في ندرة كتبه، ومن المؤلفات التي ذُكرت ما يأتي:
- السنن في الفقه.
- المسائل في الفقه.
- كتاب السير.
- كتاب المسند.
من أقوال الأوزاعي
كان الأوزاعي إمامًا كثير العلم والحكمة، فحفظت عنه مجموعة من الأقوال منها ما يأتي:
- "بلغني أنه ما وعظ رجل قومًا لا يريد به وجه الله إلا زلَّت عنه القلوبُ كما زلَّ الماءُ عن الصفا".
- "كان يقال: خمس كان عليها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم والتابعون بإحسان: لزوم الجماعة، واتباع السنَّة، وعمارة المسجد، وتلاوة القرآن، والجهاد في سبيل الله".
- "ليس ساعة من ساعات الدنيا إلا وهي معروضة على العبد يوم القيامة، يومًا فيومًا، وساعةً فساعةً، ولا تمر به ساعة لم يذكر الله تعالى فيها إلا تقطَّعَتْ نفسه عليها حسرات، فكيف إذا مرت به ساعة مع ساعة ويوم مع يوم وليلة مع ليلة؟".
- "من أكثر ذكر الموت، كفاه اليسيرُ، ومَن علم أن منطقه مِن عمله، قلَّ كلامه".