طريقة سجود الشكر
سجود الشكر
من رحمة الله -عزّ وجلّ- بالمسلمين أن شرع لهم كثيراً من العبادات والأفعال التي من الممكن أن تُفعل تقرّباً إليه، ومن هذه العبادات التي شُرعت سجود الشكر ، ويشكر الإنسان الله -تعالى- إذا حدثتٌ له نعمةٌ، أو اندفع عنه شرٌّ كاد يصيبه، ودليل ذلك قول الله عزّ وجلّ: (بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ)، ففي شكر الإنسان لله -تعالى- حياةٌ لقلبه وروحه، وزيادةٌ لإيمانه، وزيادةٌ للنعم في حياته، وشكر الإنسان لله -تعالى- يتمثّل بأن يعترف الإنسان أنّ النعمة التي حصلت له، أو البلاء الذي اندفع عنه، هو من الله -تعالى- وبإرادته، ومن لم يشكر الله -تعالى- ويعترف بفضل الله عليه، فإنّ النعم تُسلب من الإنسان جزاء جحوده بها.
كيفية سجود الشكر
إنّ سجود الشكر سجودٌ وليس صلاة كما يعتقد البعض، أمّا عن كيفيّة سجود الشّكر فهي سجدةٌ واحدةٌ يؤدّيها المسلم، يحمد ويشكر الله فيها على النعمة التي وهبها الله -تعالى- له، أو البلاء الذي دفعه الله -تعالى- عنه، ويقول في السجود: (سبحان ربيّ الأعلى)، ولو مرّةً على الأقل، أمّا لو كررّها ثلاثاً، أو خمساً فذلك أفضل، ويقول أيضاً: (اللهمّ لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوّره، وشقّ سمعه وبصره، بحوله وقوّته تبارك الله أحسن الخالقين)، وسجود الشكر كسجود التلاوة؛ لا يلزم للمسلم أن يفعل فيه كما يفعل في الصلاة، ولا أن يحقّق شروط الصلاة ؛ من استقبال القبلة، والطهارة، وستر العورة، فهذه ليست شروطٌ واجبةٌ لسجود الشكر، فإذا أراد المسلم أن يسجد سجدة شكرٍ، فيسجد دون تكبيرٍ، فالتكبير ليس مشروعاً في سجود الشكر، وإذا كان المسلم جالساً ويريد أن يسجد سجدة شكرٍ، فيخرّ ساجداً دون العودة إلى القيام مرّةً أخرى ثمّ السجود، فلا يشترط القيام للإتيان بسجود الشكر، ثمّ إذا انتهى من السجود فلا يسلّم.
أسباب سجود الشكر
إنّ المسلم يسجد سجود الشكر بسبب كثيرٍ من الأمور التي قد تحصل في حياته، وتستدعيه أن يشكر الله -تعالى- ويحمده على أن يسرّ له حصول النعمة، أو دفع البلاء، وفيما يأتي بين بعض تلك الاسباب:
- أنّ الله -تعالى- يرزق العبد بالمولود ذكراً أو أنثى، بعد انتظار المسلم ذلك لفترةٍ طويلةٍ.
- أن يدفع الله -تعالى- عنه بلاءً، بأن يشفي له مريضاً ويعافيه.
- أن ينجّي الله -تعالى- العبد من مصيبةٍ كادت تحصل له؛ كانقلاب سيارةٍ، أو حادث تصادمٍ.
- أن ينصر الله -تعالى- المسلمين في الفتوحات ، وغير ذلك من أنواع النصر.
الوسائل المعينة على شكر الله
على المسلم أن يشكر الله -تعالى- في كلّ الأحوال والأوقات، لكي تزيد نعمه وتتجدّد، وينال الأجر العظيم من الله تعالى، ودليل ذلك في قول الله تعالى:( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)، وفيما يأتي بيان بعض الوسائل التي تُعين المسلم على أن يشكر الله تعالى:
- الدعاء، فقد أوصى الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين بالدعاء في كلّ الأوقات والظروف، كما كان يُوصي الصحابة رضوان الله عليهم، فالدعاء وسيلةٌ مهمّةٌ تُعين الإنسان على شكر الله -تعالى- على نعمه.
- التفكّر ، وهو عبادةٌ يُثاب عليها المسلم ، فإنّ النعم في حياة المسلم كثيرةٌ لا تعدّ ولا تحصى من كثرتها، فإذا تفكّر المسلم في يومه على مدى بسيطٍ، فإنّه يجد نعماً كثيرةً في أهله، وأولاده، ورزقه، وماله، وعمله، وعلمه، وفي كلّ نعمةٍ من هذه النعم يُوهب العبد نعمأً جديدةً، فإنّ تفكّر الإنسان في كلّ هذه النعم فإنّ ذلك يدفعه لأن يشكر الله -تعالى- ويعبده، ودليل ذلك قول الله عزّ وجلّ: (وَآتاكُم مِن كُلِّ ما سَأَلتُموهُ وَإِن تَعُدّوا نِعمَتَ اللَّهِ لا تُحصوها).
- استشعار عظمة الله، فعلى المسلم أن يستحضر في كلّ أوقاته عظمة الله تعالى، وقدرته المطلقة، وإرادته، ورحمته بعباده، ويستشعر في نفسه أنّ الله -تعالى- غنّيٌ عن عباده، وأنّ الله -تعالى- يُنعم على عباده، ويزيدهم، ويبسط لهم من النعم الوفيرة ما تسعد بها أنفسهم، وتُجبر بها خواطرهم، رغم تقصيرهم في حقّ الله -تعالى- في بعض الاوقات والأحوال، فلذلك فإنّ على المسلم أن يتذكرّ دائماً أنّ الله -تعالى- قادرٌ على كل شيءٍ، وقادرٌ على وهب النعمة، وقادرٌ على سلبها أيضاً، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ).
- التفكّر في الآخرة، فإنّ على المسلم دائماً أن يجعل محطّ تفكيره الآخرة ونعيمها، وأن يفكرّ في الأمور التي توصله إلى جنّات النعيم ، وتُبعده عن العذاب الأليم، وشكر الإنسان لله -تعالى- له جزاءٌ وثوابٌ من الله، فإذا تأمّل المسلم الجزاء الذي أعدّه الله في الآخرة من نعيمٍ وثوابٍ، وفي الدنيا من زيادةٍ للنّعم، فإنّه يزيد من شكره لله تعالى، ويستمرّ على ذلك.
- تأمّل أحوال الناس، فإنّ على الإنسان دائماً أن ينظر إلى من هو أقلّ منه؛ حتى يشعر بعظيم ما هو فيه، فإذا تأمّل الإنسان أحوال الفقراء ، والمحتاجين، والمساكين، علم أنّه في نعمةٍ كبيرةٍ، وأنّه يتمتع بنعمٍ عظيمةٍ لا يملكها كلّ الناس، فيزداد شكره لله تعالى، حيث قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (انظروا إلى من هو أسفلَ منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقَكم ، فإنه أجدَرُ أن لا تزدَروا نعمةَ اللهِ عليكم).