أسباب ضعف الإيمان وعلاجه
أسباب ضعف الإيمان وعلاجه
أسباب ضعف الإيمان
لضعف الإيمان العديد من الأسباب التي يحرص المُسلم على الابتعاد عنها، وهي كما يأتي:
- الابتعاد عن الأجواء الإيمانيّة والصُحبة الصالحة والقُدوة الحسنة لفترةً طويلةً، قال -تعالى-: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ)؛ لما في ذلك من الابتعاد عن الأجواء الإيمانيّة التي يُمكن للإنسان أن ينعم فيها بقوة الإيمان ولين القلب، والابتعاد عنها يؤدي إلى قسوته.
- التواجد في بيئة تعلوها المعاصي؛ كالاختلاط وسماع الأغاني، وذكر الدُنيا ونسيان الآخرة .
- كثرة التعلّق والانشغال بالدُنيا؛ كالمال، والزوجة، والأولاد، ونسيان طاعة الله -تعالى-، مما يؤدي بالإنسان إلى انشغال قلبه، وقد حذّر الله -تعالى- ورسوله -عليه الصلاة والسلام- من ذلك، قال -تعالى-: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّـهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ).
- الإفراط في الأكل والنوم والسهر والضحك والكلام؛ لما في ذلك من زيادة قسوة القلب وموته.
- الابتعاد عن القُرآن، وعن ذكر الله -تعالى-، ومُصاحبة رفاق السوء المعرضين عن طاعة الله -تعالى-؛ مما يؤدي بالإنسان إلى الوقوع في المعاصي بسبب ضعف الإيمان.
- الابتعاد عن طاعة الله -تعالى-، والتكاسل عن القيام بالعبادات ، وأدائها بحركاتٍ دون تدبُّر، وعدم الاهتمام بمواسم الخير التي تتضاعف فيها الأُجور، وضيق الصدر وتقلّب المزاج، وسرعة التضجّر والتأفّف من الأشياء البسيطة.
- الابتعاد عن عُلوم الشريعة التي تُحيي القلب، وتستثير الإيمان، وعدم التأثّر بالقُرآن وآياته.
علاج ضعف الايمان
توجد العديد من النقاط التي يُمكن من خلالها مُعالجة ضعف الإيمان، ومنها ما يأتي:
- التفكّر والتدبّر للقُرآن وآياته، قال -تعالى-: (وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ)، وقد ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان يقوم الليل أحياناً بآية واحدة، ومن أعظم آيات التدبُّر أمثال القُرآن، قال -تعالى-: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).
- التدبُّر في أسماء الله -تعالى-، وفهم معانيها، مع استشعار العبد لعظمة خالقه، وظُهور ذلك على جوارحه.
- السعي في طلب العلم الشرعيّ؛ وذلك لزيادة الإيمان والخشية من الله -تعالى-؛ لقوله: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).
- الالتزام بحلقات الذكر التي تزيد الإيمان؛ لما فيها من ذكر الله -تعالى- ونُزول السكينة، وحفّ الملائكة، ومغفرة الذُنوب؛ لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ).
- الإكثار من العمل الصالح وملء الوقت به؛ بالمُسارعة والمُسابقة إليه مع المُداومة على ذلك والتنويع في الأعمال؛ فيقوم المؤمن بعبادات تختص بالبدن كالصلاة، وأحياناً بعبادات تختصّ بالمال كالصدقة والزكاة، وعبادات تختصّ باللسان كالذكر والدُعاء وهكذا؛ لما في ذلك من البُعد عن الملل في أدائها.
- الخوف من سوء الخاتمة؛ ممّا يؤدي بالإنسان إلى تكثيف عبادته، وتجديد الإيمان في قلبه.
- الإكثار من ذكر الموت؛ لما في ذلك من ردع للنفس عن المعاصي وفيه لين للقلب، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَادِمِ اللَّذَّاتِ يَعْنِي الموْتَ)، ومما يُساعد على ذلك الصلاة على الموتى ، وحملهم على الأعناق وزيارة القبور.
- تذكّر منازل الآخرة، وأهوال يوم القيامة ؛ ممّا يُجدّد الإيمان في القلب.
- التأثّر بالآيات الكونيّة؛ كالغيوم والريح والخسوف، والمرور بمواقع العذاب وقُبور الظالمين؛ لفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، قال أبو موسى الأشعريّ -رضي الله عنه- في ذلك: (خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَزِعًا، يَخْشَى أنْ تَكُونَ السَّاعَةُ).
- الإكثار من ذكر الله -تعالى-؛ لما فيه من شفاء للقلب، وطرد للشيطان ، وإزالة الهُموم والغُموم، وفتح أبواب الرزق، والبُعد عن آفات اللسان، قال -تعالى-: (الَّذينَ آمَنوا وَتَطمَئِنُّ قُلوبُهُم بِذِكرِ اللَّـهِ أَلا بِذِكرِ اللَّـهِ تَطمَئِنُّ القُلوبُ).
- الإنكسار لله -تعالى-، والذلّة والخُضوع له، وأكثر المواضع خُضوعاً هي السجود ، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ).
- قُصر الأمل، والتفكّر في حقارة الدُنيا؛ مما يُساعد في خُروجها من قلب المسلم، قال -تعالى-: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ).
- تعظيم حُرمات الله -تعالى- وأوامره؛ لقوله: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)، وهذه الحُرمات قد تكون على مُستوى الأشخاص؛ كحقّ النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو الأزمنة؛ كشهر رمضان ، أو الأماكن كالحرم.
- الولاء والبراء؛ بموالاة المؤمنين، ومُعاداة غير المؤمنين.
- التواضع؛ لما فيه من جلاء القلب من الكبر، وكذلك محبّة الله -تعالى- والخوف منه والتوكّل عليه، وحُسن الظنّ به، والرضا بقضائه وقدره، والثقة به، والتوبة إليه، مع الاستقامة والإنابة والاعتصام بكتابه.
- مُحاسبة الإنسان لنفسه، قال -تعالى-: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ)، مع الإكثار من دُعاء الله -تعالى- بزيادة الإيمان؛ لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ الإيمانَ لَيَخْلَقُ في جَوْفِ أحدِكُمْ كَما يَخلَقُ الثّوبُ، فاسْألُوا اللهَ تعالَى: أنْ يُجَدِّدَ الإيمانَ في قُلوبِكمْ).
مظاهر ضعف الإيمان
لضعف الإيمان العديد من المظاهر، وهي كما يأتي:
- ارتكاب المعاصي واستصغارها والإصرار عليها، ممّا يؤدي إلى قسوة القلب وعدم الخوف من الله -تعالى-، وبالتالي إلى ضعف الإيمان، وقد قرن النبي -عليه الصلاة والسلام- بين المعصية وضعف الإيمان بقوله: (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهو مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهو مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهو مُؤْمِنٌ).
- التثاقل عن الطاعات والتقاعس عنها؛ كتأخير الصلوات، وهجران القُرآن، والغفلة عن ذكر الله -تعالى- وغير ذلك، والميل إلى الراحة والشهوات، وقد ذكرها الله -تعالى- أنّها من صفات المُنافقين بقوله: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّـهَ إِلَّا قَلِيلًا).
- التنافس في الدُنيا، والانشغال بها، والانخداع بزخرفها؛ ممّا يؤدّي إلى تعلّق القلب بها.
- ظُهور الأخلاق السيئة؛ كالكبر والحسد وغيرها، وقد بيّن النبي -عليه السلام- أنّها من علامات نقص الإيمان، بقوله: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ).
- الاستئناس بالمعاصي ومُجالسة أصحابها؛ وذلك يؤثّر على الإيمان وعلى القلب فيمرضه.
- الشعور بقسوة القلب بحيث لا يتأثّر بشيء، وعدم إتقان العبادات؛ كشرود الذهن في الصلاة وعند تلاوة القُرآن، والفزع عند المصائب، وعدم الاهتمام بقضايا المُسلمين، أو التفاعل معها سواءً بالدعاء أو بالصدقة، والشحّ والبخل.
المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف
المؤمن القويّ هو الذي يعمل للآخرة، وتكون عزيمته للأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر قويّة، ويتحمّل مشاقّ الدعوة إلى الله -تعالى-، ويكون شديد الرغبة والنشاط في القيام بالطاعات؛ كالصلاة والزكاة ، ولا يتكاسل عنها، ويطلب العون من خالقه، وإن أصابه شيءٌ مما يكرهه ينسبه إلى قدر الله -تعالى- وإرادته، وهذا المؤمن خيرٌ عند الله -تعالى- من المؤمن الضعيف، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ، وإنْ أَصَابَكَ شيءٌ، فلا تَقُلْ لو أَنِّي فَعَلْتُ كانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَما شَاءَ فَعَلَ، فإنَّ لو تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ)، وقد وصف النبيّ -عليه السلام كليهما بالخيريّة؛ لاشتراكهما في الإيمان، وهذا الحديث من الأحاديث النبويّة العظيمة التي تُخبر عن خيريّة المؤمن القوي الذي يحرص على ما ينفعه في دُنياه وآخرته مستعيناً بخالقه، كما أنّ فيه توجيهات واضحة بصدق التوكل على الله -تعالى- مع الأخذ بالأسباب، والابتعاد عن كُلّ ما يفتح لعمل الشيطان مجالاً ككلمة "لو".