إرسال هود إلى قوم عاد
التعريف بهود عليه السلام وقومه
اصطفى الله -عزّ وجلّ- نبيّه هود -عليه السّلام- ليكون من أنبيائه، قال -تعالى-: (اللَّـهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)، وقد ذكرت الآيات القرآنية سيّدنا هود -عليه السّلام- سبع مرّات.
ولم تذكر أيّة آية من هذه الآيات نسب هود إلّا أنّها بيّنت أنّ الله أرسله إلى قوم عاد الذي هو منهم، فقال -تعالى-: (وَإِلى عادٍ أَخاهُم هودًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ أَفَلا تَتَّقونَ) .
أمّا عاد وهم القوم الذين أرسل الله نبيّه هود إليهم، فقد ذكرهم الله في ثلاثة عشر موضعاً من القرآن الكريم، دون التعرّض لذكر نسبهم، فقال -تعالى-: (وَتِلكَ عادٌ جَحَدوا بِآياتِ رَبِّهِم وَعَصَوا رُسُلَهُ وَاتَّبَعوا أَمرَ كُلِّ جَبّارٍ عَنيدٍ) .
وقد ذكر سيد قطب أنّ قوم عاد سكنوا الأحقاف ، وهي المنطقة الواقعة على المرتفعات في جنوب الجزيرة، ويقال إنّها حضرموت.
دعوة هود عليه السلام لقومه
أرسل الله نبيّه هوداً -عليه السّلام- إلى قومه برسالة التوحيد، فقد دعا قومه إلى ترك عبادة الأوثان والأصنام والتوجّه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، فبدأ هود بتذكيرهم بما أنعم الله عليهم من النعم، فقال: (وَاذكُروا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ مِن بَعدِ قَومِ نوحٍ وَزادَكُم فِي الخَلقِ بَسطَةً فَاذكُروا آلاءَ اللَّـهِ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ) .
وكان من صفات قوم عاد أن الله تعالى قد زادهم قوةً في أجسامهم، وجعلهم خلفاء في الأرض، وأعطاهم القوة، واستخلفهم في الأرض، وما ينبغي عليهم سوى التوجّه إلى مَن أنعم عليهم بهذه النّعم، وترك عبادة الأصنام التي لا تقدّم لهم نفعاً ولا تدفع عنهم ضراً.
موقف عاد من دعوة هود عليه السلام
كان كلام هود -عليه السّلام- مع قومه ودعوته مبنياً على اللّين، والصبر، والهدوء في الخطاب، فقد بيّن لهم أنّه إنّما يريد منفعتهم خوفاً عليهم من أن تحلّ بهم عقوبة الله.
فما كان منهم إلّا أن استكبروا، وكذّبوا، وتمسّكوا بكفرهم وضلالهم، قال -تعالى-: (قالوا أَجِئتَنا لِنَعبُدَ اللَّـهَ وَحدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعبُدُ آباؤُنا فَأتِنا بِما تَعِدُنا إِن كُنتَ مِنَ الصّادِقينَ) .
وبعد ذلك اتّهموه بالجهل، وبعدم تقديم الدليل الكافي لإقناعهم، وبدأوا بسبّه، وشتمه، وتسفيهه، قال -تعالى-: (قالَ المَلَأُ الَّذينَ كَفَروا مِن قَومِهِ إِنّا لَنَراكَ في سَفاهَةٍ وَإِنّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكاذِبينَ) .
عذاب قوم عاد
أصرّ قوم هود على موقفهم من عدم الاستجابة لدعوة نبيّهم، فأعلن هود -عليه السّلام- البراءة منهم وتوعّدهم بحلول العذاب عليهم، وتحقَّق وعد الله بعذاب قوم عاد ، فقد أرسل عليهم ريحاً سلّطها الله عليهم سبعة ليالٍ وثمانية أيّام.
وكانت الرياح شديدةً في قوّتها وسرعتها حتّى جعلت كلّا منهم ثابتاً في مكانه كالنخلة، فلم تُبق منهم شيئاً إلّا وجعلته كالرميم، قال -تعالى-: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ* سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ* فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ) .